الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الکلام و الفرق / الأبتریة /

فهرس الموضوعات

الأبتریة


تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/25 ۱۳:۰۱:۱۳ تاریخ تألیف المقالة

اَلأَبتَریَّة، أوالبتریة، إحدی فرق الزیدیة، لها مکانة خاصة بین سائر المجموعات الشیعیة بسبب اعتدالها في عقائدها. و کانت الزیدیة کغیرها من المذاهب قد انقسمت إلی عدة فرق، ذهب البعض إلی أنها 3 فرق (السمعاني، 2/78؛ علم الهدی، 185)، والبعض الآخر الی أنها 4 فرق (المقریزي 2/352) أو 5 فرق (الخوارزمي، 28، 29؛ أبوالمعالي، 35)، حتی إنها بلغت عند بعضهم 8 فرق (المسعودي، 3/208)، ومنها الأبتریة.
ومع أن الأبتریة تتمسّک کسائر فرق الزیدیة بالمذهب الشیعي وتعتبر محاربي الإمام علي (ع) کفاراً ومن أهلالنار (النبختي، 9)، إلا أنها أقرب فرق الشیعة إلی المذاهب السنیة (ابن حزم، 2/112؛ الذهبي، 1/496) لقبولها خلافة الخلیفتین الأول والثاني، فلم تتبرأ الأبتریة وکذلک السلیمانیة (أقرب فرق الزیدیة فکریا الی الأبتریة) من الشیخین و هم یکفّرون الجارودیة (فرقة أخری من الزیدیة) لتکفیرها الشیخین (البغدادي، 24؛ الاسفرایني، 17؛ شمس‌الدین الآملي، 2/276). لکن الأبتریة أقرب إلی أهل السنة من السلیمانیة الذین تبرؤوا من عثمان في حین توقّف أصحاب الأبتریة فیه و سکتوا، رغم تقاربهما في الکثیر من الأمور.

 

نشأة الفرقة و تسمیتها

قال الطوسي في هذا المجال أن کثیر النّواء وعدد من الرجال دخلوا یوماً علی الإِمام الباقر (ع) و کان أخوه زید بن علي عنده، فقالوا للامامإنهم یتّخذون من علي والحسن والحسین علیهم السلام أولاً و أبي بکر و عمر ثانیاً أولیاء لهم، فالتفت إلیهم زید و قال: أتتبرؤون من فاطمة (ع)؟ بَتَرتم أمرنا بَتَرَکُم الله، فیومئذ سمّوا البتریة (ص 236). ویبدو أن المخالفین للأبتریة اختلقوا هذه الحکایة، لأن أتباع هذه الفرقة کانوا کسائر فرق الزیدیة یقولون بإمامة زیدبن علي بن الحسین و بامامة ولد علي (ع) من بطن فاطمة (ع) دون غیرهم.
ویبدو أن الأبتریة و مخففها البتریة سمّوا بذلک نسبة إلی کثیر النّواء الملقّب بالأبتر، وهذا اللّقب أطلقه علیه المغیرة بن سعد مؤسس فرقة المغیریة (الحمیري، 155)، وسمّیت الأبتریة أیضاً بالصالحیة نسبة إلی الحسن بن صالح بن حي أحد أبرز وجهائها (النوبختي، 13، 57؛ الأشعري، 1/136؛ المسعودي، 3/208؛ الطوسي، 233؛ الشهرستاني، 319؛ السمعاني، 2/78). وتختلف روایات المقریزی حول اسم مؤسس الأبتریة فقد ذهب إلی أن الأبتریة هم أتباع الحسن بن صالح بن کثیر الأبتر (2/352).

 

القادة


1. کثیر النواء

غالباً ما عرف بکثیر النواء (النوبختي، 13، 57؛ الأشعري، 1/136؛ البغدادي، 24؛ الطوسي، 233، 241؛ السمعاني، 2/78)، وسمي أیضاً کثیر النوی (الشهرستاني، 319) و کثیر النوبی (الخوارزمي، 29) واختصاراً کثیر الأبتر (المسعودي، 3/208). ولابدّ أن اسمه الکامل کثیر بن اسماعیل النواء (الذهبي، 3/402) أو کثیر بن اسماعیل بن نافع النواء (ابن حجر، 8/411)، وهو علی مایبدو نفس کثیر بن کاروند (الحلّي، 496) أو کثیر بن قارَوند (ابن حبّان، 7/353؛ ابن حجر، 8/411، 425). وکنیته أبو اسماعیل (ابن حبّان؛ الحلي؛ الذهبي، ن. ص) و من موالي قبیلة بني تیم الله الکوفي (ابن حجر، 8/411). وسمي أیضاً المغیرة بن سعد أو المغیرة بن سعید (الخوارزمي، 29؛ أبوالمعالي، 35) یبدو أنها غیر صحیحة، خاصة وقد روی أبو المعالي أنه کان یدّعي الإمامة وخرج علی خالد بن عبدالله القسري في الکوفة (ص 55)، ومن الواضح أنه خلط بین کثیر النواء والمغیرة بن سعید. ولم یعرف بدقة تاریخ ولادة ووفاة کثیر النواء، إلا أنه اعتبر من المعاصرین للإمام الباقر والإمام الصادق علیهما السلام (البرقي، 15، 42؛ الطوسي، 236، 241، 242). کما لیست هناک معلومات کافیة عن حیاته وأحواله، ماعرف عنه أنه کان من أهل الحدیث. فذهب بعضهم إلی أنه ثقة والبعض الآخر الی أنه ضعیف الحدیث (ابن حجر، 8/411). وقیل إنه کان علی خلاف مع الإمام الباقر (ع) و حاول إنکار إمامته، ومن نقاط الخلاف التي کان ینفر منها قول الإمام (ع): «أن الأرض السبع تفتح بمحمد (ص) و عترته» (الطوسي، 242) وقد تبرّأ الإمام الصادق (ع) من کثیر (م. ن، 241)  قال عنه و عن بعض أصحابه إنهم «کذّابن مکذّبون کفّار علیهم لعنة الله» و قال الإمام الباقر (ع) عنه أیضاً إنه (وأنصاره) أضل الکثیرین (م.ن، 230، 240). ورغم کل ماقیل عنه، بقي کثیر لانواء متمسکاً بالتشیع حتی إن البعض اعتره غالیاً مفرطاً فیه (ابن الجوزي، 2/22؛ الذهبي، 3/402؛ ابن حجر، ن.ص)، إلّا أن هذه المقولة لاتتفق و عقائد الفرقة المنسوبة إلیه. وقیل عنه إنه خرج علی التشیع قبل وفاته (ابن حجر، ن.ص)، وهذا مایبدو مستبعداً.
ورغم أن الأبتریة نسبوا إلی کثیر النواء الأبتر وهو مؤسس هذه الفرقة إلّا أنهم اشتهروا و عرفت أهمیتهم من خلال رجل ثائر و مفکر في تلک الحقبة من الزمن هو الحسن بن صالح.

 

2. الحسن بن صالح

سبق أن ذکرنا أن الحسن بن صالح کان من قادة الأبتریة. وورد اسمه الحسن بن صالح بن حي في معظم المصادر والمراجع. إلا أن ابن سعد أورد اسمه الحسن بن حي (6/375)، وأسماء المسعودي الحسن بن صالح بن یحیی (3/208، 223) ویبدو أنه خطأ، ولابد أن کنیته أبو عبدالله (ابن سعد، 6/375؛ ابن قتیبة، 509؛ الذهبي، 1/496). و کان من أهل الکوفة (ابن سعد، ن. ص؛ ابن قتیبة، ن. ص؛ ابن الأثیر، 2/46) ولقب بالهمداني الثوري (الذهبي، 1/496). وکان الحسن بن صالح الذي عاصر عیسی بن زید بن علي ولد سنة 100/718 (ابن الندیم، 227؛ الذهبي، 1/498؛ ابن حجر، 2/288) وتوفّي متخفّیاً سنة 167/783 (ابن سعد، 6/375) أو 168/784 (ابن الندیم، ن. ص) أو 169/785 (الذهبي؛ ابن حجر، ن. ص). لکن ابن سعد روی أنه توفّي وعمره یتراوح بین 62 و 63 عاماً (ن. ص)، وعلی هذا لابد أن تکون ولادته في سنة 104 أو 105 هـ.
وکان رجلاً فقیهاً وزاهداً ویعتبر من أئمة الکوفة ومن کبار علماء الزیدیة المتکلمین، وقیل إنه جمیع بین الفقه والعبادة والزهد (ابن سعد، 6/375؛ ابن الندیم، 227؛ ابن حزم، 4/92، 172؛ السمعاني، 8/258؛ ابن الأثیر، 2/46)، قدعاش فقیراً حتی إنه قال في وصف حاله: ربّما أصبحت ومامعي درهم، في حین کأن الدنیا قد حیزت لي (الذهبي، 1/499). وکان الحسن بن صالح من أهل الحدیث أیضاً، إلا أن البعض اعتبره ضعیفاً والبعض الآخر اعتبره ثقة و صحیح الخبر. وقیل عنه إنه کان أکثر فضلاً بین 800 من أهل الحدیث (ابن سعد، 6/375؛ الذهبي، 1/497؛ ابن حجر، 2/286-289). ومن الکتب المنسوبة إلیه: کتاب التوحید؛ کتاب إمامة ولد علي من فاطمة وکتاب الجامع في الفقه (ابن الندیم، 227). وکان الحسن بن صالح رجلاً ثوریاً ومن المخالفین للخلفاء العباسیین. وقد سعی المهدي لاعتقاله لکنه لم یعثر علیه، وسرّ کثیراً لدی سماعه نبأ وفاته (ابن سعد، 6/375؛ ابن قتیبة، 509؛ أبوالفرج، 424). ورغم کل ذلک لم یقم بالسیف (ابن حجر، 2/288). وکانت تربطه بعیسی بن زید بن علي الذي کان في صراع مع دار الخلافة علاقة صداقة وصلة قرابة، إذ قیل إن عیسی تزوّج من ابنة الحسن (ابن سعد،6/375؛ ابن قتیبة، 509) أو زوج ابنه من ابنة الحسن (أبوالفرج، ن. ص) و عندما ضاق الوضع بعیسی صار إلی الحسن فتواری عنده (م. ن، 423) أو صارا معاً إلی شقیق الحسن، علي ابن صالح بن حي للاختباء في منزله (م. ن، 408). علی أیة حال کان الاثنان مختبئین في مکان واحد حتی توفي عیسی، وکان المهدي قد طلبه وجد في طلبه فلم یقدر علیها. وروی أن الحسن عاش 7 أعواماً متخفّیاً (ابن سعد، ن. ص) و توفّي بعد شهرین من وفاة عیسی بن زید (أبو الفرج، 420) أو بعده بستة شهور (ابن قتیبة، 509؛ لمزید من الإیضاحات، ظ: أبو الفرج، 408-424). إن معاناة الحسن بن صالح في حیاته وسعي الخلیفة لاعتقاله کانا بسبب أفکاره وآرائه و دعوته التي حظیت باهتمام آل علي بن أبي طالب (ع) من جهة وأقلقت وأربکت دار الخلافة من جهة ثانیة.

 

عقائد الأبتریة


1. إمامة علي (ع) والخلافة

کان أصحاب الأبتریة یقولون بأن علیاً (ع) هو أفضل الناس بعد الرسول الأکرم (ص) وأولاهم بالإمامة والخلافة لفضله ووسابقته و علمه و قربه من الرسول الأکرم (ص)، وکان أولی الناس بخلافة الرسول (ص) لأنه کان أسخی الناس و أزهدهم وأورعهم وأعلمهم بعد رسول الله (النوبختي، 9، 13، 20؛ الأشعري، 1/136؛ ابن حزم، 2/112؛ الشهرستاني، 320). إن موالاة الأبتریة لعي (ع) بلغ حداً جعل کل من یحارب علیاً (ع) عندهم کافراً (الحمیري، 155). ومع ذلک أجاز أصحاب الأبتریة خلافة أبي بکر وعمر لأن علیاً (ع) ترک حقه ورضي بخلافتهما (ن ص؛ قا: ابن حزم، 4/92). وقد صارت خلافة أبي بکر رشداً وهدی لتسلیم علي (ع) ورضاه، لولا رضاه لکان أبوبکر مخطئاً ضالاً هالکاً (النوبختي، 20؛ الشهرستاني، 320) ولهذا السبب کان الأبتریة بحترمون الشیخین ولم یجیزوا تکفیرهما بل کفّروا من یکفّرهما (السمعاني، 2/78). ویمکن لمس إخلاص أتباع هذه الفرقة للشیخین من أن سالم بن أبي حفصة (من کبار وجوه الأبتریة) کان یبدأ الحدیث بذکر فضائل أبي بکر و عمر (الذهبي، 2/110). وکان هذا الأمر من جملة ما اختلف علیه أصحاب الفرقتین الأبتریة والسلیمانیة، فالسلیمانیة کانوا یعتبرون مبایعة أبي بکر وعمر خطأ إلا أن الخطأ هذا لم یوجب فسقاً في نظرهم بل إنه ترک البیعة للأصلح (الأشعري، 1/135).
أما الأبتریة فقد وقفوا في عثمان والتزموا الصمت، إذا لم یقدموا علی مدحه ولاعلی ذمّه وترکوا الأمر لأحکم الحاکمین (النوبختي، 9؛ الأشعري، 1/135، 136؛ القاضي عبدالجبار، 20(2)/185؛ البغدادی، 24، 193؛ ابن حزم، 4/92؛ الاسفرایني، 17؛ السمعاني، 1/78) و هم علی عکس السلیمانیة الذین کفّروا عثمان بسبب ماجاء به من بدع (الأشعري، ن. ص)، لکن الأمر لم ینته عند هذا الحد فقد اضطر الأبتریة الی النظر والبحث في البدع والأحداث المنسوبة الی عثمان، ومنها حسب اعتقادهم استبداده في الأمور والقاء زمامها بید بني‌أمیة.
والأبتریة الذین وقفوا علی أعمال عثمان رأوا من الواجب علیهم أن یحکموا بکفره، لکنهم في نفس الوقت کانوا یرون وجوب تزکیة إیمانه لأنه حسبما جاء في الأحادیث أحد العشرة المبشّرة، ولهذا السبب تحیّروا في أمره وکانوا مجبرین علی التوقف في حاله (الشهرستاني، 319، 320). ولکنه قیل إن براءة الحسن بن صالح من عثمان جاءت في عهد خلافته وبالتحدید بعد البدع والأحداث التي جاء بها (الأشعري، 1/137؛ القاضي عبدالجبار، 20(2)/185؛ الذهبي، 1/449). وروی أبوالفرج الأصفهاني أن الأبتریة کانوا راضین بخلافة عثمان في السنوات الست الأولی من خلافته، لکنهم أخذوا یکفّرونه في بقیة عمره (ص 468). والدلیل علی ذلک الروایة التي تقول إن سالم بن أبي حفصة کان یظهر ارتیاحه لمقتل عثمان حتی إنه کان یمجّد قالتله (الذهبي، 2/110). ولهذا لم تکن نظرة الأبتریة للخلفاء الثلاثة متساویة، فهم تبرّؤوا من عثمان أوعل یالأقل توقّفوا عن الحکم علیه وروضوا بخلافة أبي بکر و عمر الی حد التمجید بهما، وفي الوقت ذاته کانوا یعتبرون علیاً الأفضل بین کل هؤلاء. وهنا لابد من التساؤل: کیف رضي أصحاب الأبتریة بخلافة الشیخین مع وجود إمام أفضل وأولی؟ سؤال یجب البحث عن جوابه في رأي هذه الفرقة حول جواز إمامة المفضول.

 

2. شروط الإمام

یبدو أن کل فرق الزیدیة تقول بإمامة المفضول (ظ: الزیدیة) بما فیها الأبتریة شرط أن یکون الأفضل راضیاً بإمامة المفضول (الشهرستاني، 320). علی أي حال لابد من جود عوامل وأسباب یمکن معها تجویز الإمامة للمفضول مع وجود الأفضل، فالإمامة لاتصلح إلا للفاضل المتقدّم. أما إذا کان المفضول أصلح للأمة وأجمع لکلمتها و أحقن لدمائها وأقطع لاختلافها ولطمع العدو فیها، أو إذا کان الأفضل في علة تمنعه من القیام عند اللزوم (لمرض مثلاً أو ماشابه ذلک) تجوز إمامة المفضول علی الفاضل، ولکن یجب أن یکون المفضول من أهل العلم والفقه و أن لایکون معروفاً بریبة أو سوء بل یجب أن یکون خیراً وفاضلاً وشجاعاً وعالماً. ففي مثل هذه الشروط تجوز الإمامة للمفضول وإلا فالفاضل أصلح (الحمیري، 151، 152). وکذلک إذا توفّرت شروط الإمامة في رجلین قائمین ینظر الی الأفضل والأزهد، وإن تساویا ینظر الی الأمتن رأیاً والأحزم أمراً (الشهرستاني 321). وعلی کلٍ تری الأبتریة والصالحیة أنه إذا خرج إمام في قطرٍ ما من العالم یکون واجب الطاعة في قومه، وإذا اختلف إمامان في فتواهما یکون الاثنان علی صواب حتی إذا أحل أحدهما إراقة دم الآخر (ن. ص).
و الأبتریة صبّوا جل اهتمامهم علی أمر قیادة الأمة، فهم یقولون بالشوری لانتخاب إمام للأمة. ویقولون أیضاً في أن الله تبارک و تعالی والنبي الأکرم (ص) لم ینصا علی إمام بعینه، و لهذا یجب تشکیل شوری من کبار وجوه و فضلاء القوم تختار إماماً من بینها یکون الأصلح و تعمل علی مبایعته، و قبل هذا الاختیار لیس بالضرورة اعتبار أحد إماماً، کما هو الحال مع علي (ع)، فهذه الفرقه لم تقل بامامته إلا حینما بویع (الأشعري، 1/137). و مع کل ما ذکر، یجب اختیار الأصلح، عند ذلک تثبت إمامته و تجب طاعته علی الجمیع (الحمیري، 150، 151).
و قالت الأبتریة و الصالحیة إیضاً بامکانیة أن یکون الإمام من قریش أو غیرها (المسعودي، 3/223؛ ابن حزم، 2/112)، إلا أنهم غالباً ما أعلنوا وجوب أن یکون الإمام من ولد علي (ع) شرط أن یخرج و یقوم بالسیف ضد حکام الجور، وفي الوقت نفسه یجب أن یکون عالماً و زاهداً و شجاعاً. وبعضهم اشترط أن یکون حسن المحیّا (النوبختي، 57، 61؛ الطوسي، 238؛ الشهرستاني، 321).
ولاتقبل الأبتریة التقیة من الإمام، فهم یرون أن الإمام یجب أن لایفتي إلا بما أوجبه الله سبحانه و تعالی. و روی عمر بن ریاح الأهوازي أحد أعلام هذه الفرقة أن الإمام یجب أن لایفتي باطلاً أو یلزم التقیة؛ و یجب ألا یسد باب بیته بوجه القوم، و علیه أن یخرج و یأمر بالمعروف و ینهی عن المنکر. و قیل عن عمر بن ریاح إنه لما شاهد تقیة من الإمام الباقر (ع) رجع عن إمامته و مال إلی الأبتریة (النوبختي، 59-61، 65، 66؛ الطوسي، 237، 238؛ الحلّي، 489). إذن فأصحاب الأبتریة هم کغیرهم من فرق الزیدیة یولون أهمیة خاصة للخروج والثورة ویعتبرون ذلک رکناً من أرکان القیادة، حتی إنهم من أجل ذلک کانوا یوجبون عل یجمیع أصحاب هذه الفرقة القیام قدر الإمکان ضد حکام الجور.

 

3. آراء أخری

ترک الحسن بن صالح الجهاد تحت لواء الخلیفة والمشارکة في صلاة الجمعة، لأنه کان یقول ببطلان الصلاة بإمامة فاسق (الذهبي، 1/496، 497؛ ابن حجر، 2/285، 286، 288). أما سالم بن أبي حفصة فقد عاش مختفیاً في الکوفة خشیة بني أمیة، و عندما کانوا یأخذون البیعة لأبي العباس السفّاح، غادر الکوفة سرّاً آملاً في سقوط حکومة بني أمیة. وقد سُمع یثول و هو یطوف حول الکعبة «لبیک مُهلک بني أمیة» (الطوسي، 236؛ و کذلک ظ: الذهبي، 2/110؛ ابن حجر، 3/434).
ولیس هناک مایروی عن أمور و أحوال الأبتریة سوی آرائهم وعقائدهم بالخلافة والإمامة، والأبتریة کغیرهم من فرق الزیدیة کرّسوا جلّ جهودهم للعمل والصراع السیاسي، وهم لم یوافقوا الشیعة الإمامیة ولا أئمتها و قادتها. و في النصف الدول من القرن الـ 6/12 مالت الأبتریة في الأصول الی أئمة المعزلة وفي الفروع إلی أبي حنیفة و تارة إلی الشافعي أو الشیعة (الإمامیة) (الشهرستاني، 322). ومن الأحکام الفقهیة التي نسبت إلی هذه الفرقة جواز شهادة ولد الزنا، وقد نسب ذلک الی الحکم بن عتیبة (من وجوه الفرقة) الطوسي، 209؛ الحلّي، 449)، و کذلک المسح علی الخُفین، و شرب النبیذ و أکل سمک الجرّي (النوبختي، 13؛ أبوالفرج، 468).

 

أعلام الأبتریة

و قد وردت أسماء عدد من أعلامهم بعد زعیمي هذه الطائفة الأولین، کثیر النواء والحسن بن صالح، سالم بن أبي حفصة وأبي المقدام ثابت الحداد والحکم بن عتیبة وسلمة بن کُهَیل (النوبختي، 13، 57؛ الطوسي، 230، 233، 236، 240). وذکر الحلّي أیضاً (ص 569، 570) أسماءأبي المقدام والحکم بن عتیبة و سلمة بن کُهیل إلی جانب اسم کثیر، و بذلک یکون هؤلاء من أعلام الطبقة الأولی للأبتریة.
ومما تجدر الإشارة إلیه أن علماء الرجال و الحدیث کانوا لایذکرون أعلام هذه الفرقة بخیر في غالب الأوقات و یخالفونهم لأنهم کانوا من فرق معارضة للزیدیة والأبتریة.

 

1. الطبقة الأولی من أعلام الأبتریة

لابد في البدایة من ذکر سالم بن أبي حفصة، فقد کان من أهل الکوفة و مولی بني عجل (النجاشي، 188) توفي سنة 140/757 (ابن،حجر، 3/434) أوسنة 137 هـ (النجاشي، ن.ص).
ورغم أنه کما قیل کان یمدح أبابکر و عمر و یذم عثمان و یخالفه، إلا أنه عرف بتطرفه  غلوّه في التشیع (الذهبي، 2/110؛ ابن حجر، ن. ص). وروی البرقي أنهکان من أصحاب الإمام الباقر (ع) (ص 12)، لکنه في الحقیقة کان علی خلاف مع الإمام (ع) الذي أمر بهجره والإمتناع عن مجالسته، لأنه و کما قال الإمام (ع) قد ساق الکثیرین نحو الضلال. أما الامام الصادق (ع) فکان یدعوه بالضال و الجاهل و یعتبره کذّاباً مکذّباً وکافراً (الطوسي، 230، 234-236، 240؛ الحلّي، 455). وکان سالم من أهل الحدیث، ولکن قیل إنه کان مقلاً واعتبره البعض ثقةوالبعض الآخر متروکاً (ابن حجر، 3/433، 434)، ویبدو أنه کان له کتاب (النجاشي، 188). وکان من أشد المخالفین لبني أمیة والمجاهرین بذلک (ظ: الذهبي، 2/110؛ ابن حجر، ن. ص). لکنه اضطر بالتالي إلی العیش متخخفیّاً مدة من الزمن و ترک مدینته الکوفة (الطوسي، 236).
ویمکن الحدیث بعد سالم عن سلمة بن کُهیل. فهو من أهل الکوفة، کنیته أبویحیی (ابن حجر، 4/155). وروی البرقي أنه کان من أصحاب أمیرالمؤمنین علي (ع) و الإمام زین‌العابدین (ع) (ص 4، 8) وصحبته لعلي (ع) بعیدة الاحتمال. وحدّد ابن حجر (4/156، 157) ولادته في سنة 47/667، و وفاته في سنة 121/739 أو 122 أو 123 هـ، لکن ابن حبّان (4/317) روی عنه أنه توفي في عاشوراء 121هـ. وکان سلمة أیضاً من أهل الحدیث ووصفه الکثیرون بأنه من الثقاة (ابن حجر، ن. ص).
وبعد سلمة لابد من الإشارة الی ثابت الحداد. و کنیته أبو المقدام وأبوه هرمز (النجاشي، 116؛ وکذلک ظ: الطوسي، 390؛ الذهبي، 1/368). وعرف بالعِجلي (ابن سعد، 6/328؛ الحلّي، 433) و مولی بکر بن وائل (ابن حجر، 2/16). إلا أن الحلّي (ن. ص) أسماه ثابت بن هرمز الفارسي. و کان شیعیاً متطرّفاً (ابن سعد، 6/383) و من أهل الحدیث. ووصفه البعض بأنه ثقة والبعض الآخر بأنه ضعیف (ابن حجر، 2/16، 17). ومن أعلام هذه الطبقة الحکم بن عتیبة المکنی بأبي محمد (الحلّي، 449) هو من أهل الکوفة و قیل عنه إنه کان من القضاة (الذهبي، 1/557). وقالوا عنه أیضاً إنه کان من فقهاء العامة ومن المرجئة وهو استاذ زرارة وحَمران والطیّار (الحلّي، ن. ص؛ الطوسي، 210). وروی البرقي أن أبا المقدام والحکم کانا من أصحاب الإمام زین العابدین (ع) و الإمام الباقر (ع) (ص 9).

 

2. ومن کبار وجهاء هذه الفرقة

أوّلاً، عمر بن ریاح، کنیته أبوحفص (الذهبي، 3/197؛ ابن حجر، 7/447) و عرف أیضاً بالبصري (ن. ص) والأهوازي (الحلّي، 488). ویبدو أنه کان کما ذکرنا في البدایة من أضحاب الإمام الباقر (ع)، لکنه التحق فیما بعد بالأبتریة. وکان عمر بن ریاح محدّثاً أنکره البعض معتبراً إیّاه متروک الحدیث ودجّالاً (الذهبي، 3/197؛ ابن حجر، 7/447، 448). ثانیاً، مسعدة بن صدقة العبدي، کنیته أبومحمد، وقد نسب إلیه کتاب خطب أمیر المؤمنین (النجاشي، 415؛ الحلّي،344). واعتبر متروکاً وضعیفاً في الحدیث (الحلّي، ن. ص؛ الذهبي، 4/98). والثالث، عمرو بن جُمیع الأسدي (أو لأزدي) المکنّي بأبي عثمان (النجاشي، 228؛ الذهبي، 3/251) أو بأبي المنذر (الذهبي، ن. ص) . وکان قاضي الري (النجاشي، ن. ص؛ الحلّي، 488) ضعیف الحدیث متروکاً غیر موثوق فیه (ن. م). وروی البرقي عن هؤلاءالثلاثة الذین وردت أسماؤهم أنهم کانوا من أصحاب الإمام الصادق (ع) (ص 35، 36، 38)، ومن أعلام الأبتریة أیضا قیس بن ربیع الأسدی الکوفي المکنّي بأبي محمد، وقد تضاربت الروایات حول صحة أحادیثه (ابن حجر، 8/391-395). وأورد الطوسي اسم عمرو بن قیس الماصر ضمن رجال الأبتریة (ص 390)، ولکن قیل عنه إنه کان من المرجئة حتی إنه کان یقود فرقة سمیّت باسمه (الماصریة) (النوبختي، 7). واعتبر الطوسي (ن. ص) والحلّي (ص 519) مقاتل بن سلیمان (ن. ع) من الأبتریة أیضاً، ویبدو من کتابه الأشباه والنظائر میله الواضح للزیدیة. و کان أبو الحسن مقاتل بن سلیمان بن بشیر الأزدي (ابن الجوزي، 3/136؛ ابن خلکان، 5/255؛ الذهبي، 4/173؛ ابن حجر، 10/279-283) خراسانیاً، أصله من بلخ جاءإلی مرو، وتوفي في العراق (البصرة) (ابن خلّکان، ن. ص؛ الحلّي، 519). وقد حدّد تاریخ وفاته في سنة 150/767 (ابن خلّکان، 5/257؛ الذهبي، 4/157؛ ابن حجر، 10/284) أو بعد ذلک (الذهبي، ن.ص). وکان مقاتل من المفسّرین حتی إن بعضهم أثنوا علی علمه و مقامه في التفسیر، واعتبره الشافعي رائداً في التفسیر (ابن خلّکان، 5/255، 409؛ الذهبي، 4/173-175؛ ابن حجر، 10/280-284)، إلا أن بعضهم ذکروا أنه کان یأخذ علم القرآن عن الیهود و النصاری، وجاء تفسیره موافقاً لکتبهم (ابن الجوزي، 2/136؛ المصادر المذکورة، ن. ص) .ووصفه البعض بأنه ضعیف الحدیث ومنکر ومتروک القول وحتی إنه غیر موثوق به وکذّاب و مکذّب و وضّاع، و دجّال جسور (ن.ص). وقد نسبت إلی مقاتل عدة کتب أورد ابن الندیم فهرستاً بأسمائها (ص 227) و منها الأشباه والنظائر الذي طبع. وقیل إن مقاتلاً کان من المشبّهة والمجسّمة، أي إنه کان یشبّه الباري عزوجل بالمخلوقین، و تأکیده الشدید علی الصفات جعله یجسّم الله عزّوجل بهیئة إنسان له من الأعضاء والجوارح ما لسائر المخلوقین، ولهذا اعتبر بأنه ابتدع فرقة من أهل التشبیه سمیّت «بالمقاتلیة» (الأشعري، 1/258، 259؛ المقدسي، 5/141؛ ابن الجوزي، ن. ص؛ ابن خلکان، 5/257؛ الذهبي، ن. ص). لکن هذه الآراء والنطریات تتنافی والأسس الفکریة للزیدیة. من کتبه وآثاره المتبقیة نستنتج أن ما نسب إلی مقاتل لااساس له إلی حدٍما، ولیس في کتابه الأشباه والنظائر ما یدلّل علی صحة هذه الأقوال، وربّما تشاهد میوله المعتدلة فیما ورد في کتابه هذا من بعض آراء المعتزلة.

 

المصادر

ابن الأثیر، اللّباب في تهذیب الأنساب، القاهرة، 1357/1938؛ ابن الجوزي، عبدالرحمن بن علي، کتاب الضعفاء والمتروکین، بیروت، 406هـ/1986م؛ ابن حبان، محمدبن أحمد، الثقاة، حیدرآباد الدکن، 1401/1981؛ ابن حجر العسقلاني، أحمدبن علي، تهذیب التهذیب، حیدرآباد الدکن، 1325-1327؛ ابن حزم، علي بن أحمد، الفصل في الملل والأهواء والنحل، بیروت، 1395هـ/1975م؛ ابن خلّکان، وفیات الأعیان، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1968م؛ ابن سعد، محمد، الطبقات الکبری، تقـ: إحسان عباس، بیروت دارصادر؛ ابن قتیبة، عبدالله بن مسلم، المعارف، تقـ: ثروت عکّاشة، القاهرة، 1960م؛ ابن الندیم، الفهرست؛ أبوالفرج الأصفهاني، علي بن الحسین، مقاتل الطالبیین، القاهرة، 1368هـ/1949م؛ أبوالمعالي، محمد بن عبیدالله، بیان الادیان، تقـ: هاشم رضي، طهران، 1342ش؛ الاسفرایني، شهفوربن طاهر، التبصیر في‌الدین، تقـ: محمدزاهد بن الحسن الکوثري، القاهرة، 1940م؛ الأشعري، علي بن إسماعیل، مقالات الإسلامیین، تقـ: محمدمحیي‌الدین عبدالحمید، القاهرة، 1369هـ/ 1950م؛ البرقي، أحمدبن محمد، کتاب الرجال، تقـ: جلال‌الدین حسیني «محدّث»، طهران، 1342ش؛ البغدادي، عبدالقاهر ابن طاهر، الفرق بین الفرق، تقـ: محمد زاهد الکوثري، القاهرة، 1367/1948؛ الحلّي، الحسن بن علي، الرجال، تقـ: جلال‌الدین حسیني «محدّث»، طهران، 1342ش؛ الحمیري، أبوسعید بن نشوان، الحور العین، تقـ: کمال مصطفی، القاهرة، 1948م؛ الخوارزمي، محمد بن أحمد، مفاتیح العلوم، تقـ: فان فلوتن، لیدن، 1895م؛ الذهبي، محمدبن أحمد، میزان الاعتدال، تقـ: علي محمد البجاوي، القاهرة، 1382هـ/ 1963م؛ السمعاني، عبدالکریم بن محمد، الأنساب، حیدرآباد الدکن، 1397/1977؛ شمس‌الدین آملي، محمدبن محمود، نفائس الفنون في عرائس العیون، طهران، 1379هـ؛ الشهرستاني، محمدبن عبدالکریم، الملل والنحل، تقـ: محمدبن فتح‌الله بدران، القاهرة، 1370هـ/ 1951م؛ الطوسي، محمدبن الحسن، اختیار معرفة الرجال، تقـ: حسن المصطفوي، مشهد، 1348ش؛ علم الهدی، مرتضی بن داعي، تبصرة العوام، تقـ: عباس إقبال، طهران، 1313ش؛ القاضي عبدالجبار بن أحمد، المغني في أبواب التوحید والعدل، تقـ: عبدالحلیم محمود وسلیمان دنیا، القاهرة، الدار المصریة للتألیف والترجمة؛ المسعودي، علي بن الحسین، مروج الهذب، بیروت، 1385/1965؛ مقاتل بن سلیمان، الأشباه والنظائر؛ تقـ: عبدالله محمودشحانة، القاهرة، 1395/1975؛ المقدسي، مطهر بن طاهر، البدء والتاریخ، تقـ: کلمان هوار، باریس، 1899هـ/1906م؛ المقریزي، أحمدبن علي، المواعظ والاعتبار، بولاق، 1270/1854؛ النجاشي، أحمدبن علي، رجال، قم، 1407هـ/1987م؛ النوبختي، الحسن بن موسی، فرق الشیعة، النجف، 1355هـ/1936م.

 

مسعود جلالي مقدّم
 

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: