الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / إبتداء /

فهرس الموضوعات

إبتداء


تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/25 ۱۰:۵۳:۵۹ تاریخ تألیف المقالة

إبتِداء، مصدر علی وزن افتعال من مادة بدأ، وفعل ابتدأ بمعنی افتتح الشيء و قدّمه في العمل، وقد اکتسب هذا المصدر معاني اصطلاحیة في خمسة مواضع:
1. الابتداء باعتباره «أمر عقلي ومفهوم کلي» (والذي وجوده في الخارج اعتباري لاواقعي) بحث طرقه أبوالبقاء (1/23) فقال: الابتداء ثلاثة أنواع: الأول «حقیقي» علی الاطلاق مثل «البسملة»؛ الثاني «إضافي» أو الابتداء بأمر مقصود بالذات، وهو الابتداء الذي لم یسبقه شيء من الأمر المقصود، أي یمکن أن یسبقه شيء غیر الأمر المقصود مثل «الحمدلة» (بعد البسملة)؛ والثالث «العرفي» الذي فُرض فیه نوع من الاستمرار، أي من زمن الابتداء إلی زمن الشروع في المقصود، مثل «الفاتحة» في القرآن الکریم (والأمثلة لأبي البقاء؛ وأیضاً قا: الجرجاني والبستاني ف و سجادي، مادة ابتداء).
2. الابتداء في الحروف الأبجدیة، معرفة مایقع به ابتداء کتابة الحروف، کالباء وأختیها یبتدأ بها بنقطة، والحاء وأخواتها و یبتدأ بها بخط منحن، والقاف والمیم والفاء والواو ویبتدأ بها بحلقة (وربما جلفة؟ ظ: القلقشندي، 3/35-36).
3. في النحو، هو کون الکلمة مبتدأ، ویعادل المبتدأ المسند إلیه أو الموضوع، إلّا أن عکس هذه القضیة لیس صادقاً دائماً، أي إن المسند إلیه في الجملة، یکون مبتدأ أحیاناً، و أحیاناً اسم الحروف المشبّهة بالفعل و أحیاناً أخری اسم الأفعال الناقصة وغیرها … ولذلک فإن المبتدأ مرفوع دائماً (إلّا في حالة أو حالتین). ولشرح هذا الأمر قال النحاة: «الابتداء هو تجرد الاسم من العوامل اللفظیة». وأضافوا الی اصطلاح «العوامل اللفطیة» قید «غیر الزائدة» وأمثالها لتعلیل بعض التراکیب ولیستطیعوا في جمل کـ «بِحسبک درهم» و «ربّ رجل قائم» افتراض «الباء» في الجملة الأولی زائدة و «ربّ» في الجملة الثانیة شبیهة لها، واعتبار الاسمین بعدهما مبتدأ. ثم إن اعتقاد جمیع علماء النحو، ماعدا ابن مضاء القرطبي (في الرد علی النحاة، 85 ومابعدها) بوجود العامل في النحو یدعو إلی هذا السؤال: ما ه عامل الرفع في الابتداء؟ وقد ورد في هذا عن سیبویه ومن بعده رأیان: فجمهور النحاة یقولون: الابتداء هو عامل الرفع ولذلک هو عامل معنويف والمراد من هذا الکلام، تجرد الاسم من «العوامل اللفظیة غیرالزائدة» (مع اختلاف کبیر في الآراء). ویعتقد الکوفیون بأن المبتدأ مرفوع بالخبر، ولذلک فإن عامله لفظي. وحینما یجري الکلام عن الابتداء لابد من الحدیث عن الخبر و عامل رفعه. فیری البعض أن عامل رفع الخبر هو الابتداء (العامل المعنوي). و یذهب البعض الآخر إلی أنه یرفع بالمبتدأ (العامل اللفظي)، وذهب آخرون إلی أنه یرفع بکلیهما أي إن له عاملین لفظیاً ومعنویاً (قا: الأنباري، 1/44؛ الزمخشري، 12-13؛ ابن یعیش، 1/83-84). أما ابن جنّي فیری کما یبدو أن هذا البحث لاطائل فیه ولذلک لم یکترث لکل هذه الآراء، وقال: إن العامل الواقعي هو المتکلم نفسه. وتبنّی ابن مضاء رأي ابن جنّي وهاجم نظریة «العامل» بشدة، واعتبرها غیر صحیحة «عقلاً وشرعاً» (ظ: ص 85-98 خاصة؛ ابن عقیل، 1/201).
4. في علم العروش، الابتداء اسم لکل جزء یعتل في أول البیت بعلة (تغییر) تجوز فیه، ولاتجوز في شيء من حشو البیت، کالخَرم في البحر الطویل والوافر والهزج والمتقارب (ابن منظور، مادة بدأ؛ البستاني ب، مادة ابتداء). کما تدل کلمة ابتداء علی المقطع الأول من عجز البیت الشعري (EI1؛ دائرة المعارف فارسي).
5. في علم البلاغة، تطلق کلمة الابتداء عامة علی مطلع الشعر أو النثر، ویبدو أن ابن المعتز (تـ 296هـ/909م) أول من استعمل هذه الکلمة في ترکیب «حسن الابتداءات» (ص 75)، وأذعن أکثرهم بسبقه في استعمال هذا الاصطلاح (مثلاً ظ: ابن أبي الاصبع، البدیع، 64؛ م. ن، التحریر، 168؛ النویري، 7/133). ویبدو أن مراد ابن المعتز من الابتداء، هو أول بیت في القصیدة، وهذا مایستنبط من الکتب الأخری التي تطرّقت إلی هذا الموضوع. ولذلک لیس الابتداء هو «النسیب» أو «التشبیب» في القصیدة کما یقول بنه باکر (EI1) کما لاتوجد ضرورة لأن یشمل الابتداء النسیب (قا: أبوهلال العسکري، 431-437، الذي أورد الأبیات الأولیٰ فقط من عشرات النماذج؛ ابن أبي الاصبع، التحریر، 168-172؛ النویري، 7/133-134؛ ابن حجة، 3-20). وهذا نفس الاصطلاح الذي یطلق علیه في الکتب الفارسیة «حسن المطلع»، ذلک أن أهل الفن یستشهدون بأول بیت في القصیدة ویحکمون علی حسن المطلع أو سوئه (قا: الرادویاني، 54-57؛ شمس قیس، 407-412؛ رامي التبریزي، 37-39). و أورد شمس قیس مثالاً علی الابتداءات السیئة (ص 408).
ومنذ حوالي القرن 6 هـ/ 12م انتشر اصطلاح «براعة الاستهلال» بشکل واسع، یلاحظ نموذج منه في التحریر (ابن ابي الاصبع، 172) ویقول: هذا الاصطلاح فرع من إبتداءات ابن المعتز، وخصّوا به ابتداء المتکلّم بمعنی مایرید تکمیله، وإن وقع في أصناء القصیدة (ن. م، 168)، أما هو فقد استعمل لفظ ابتداء في کل المواضع أیضاً . ویکرّر النویري (تـ 733هـ/1333م) عبارات ابن أبي الاصبح نفسها (بدون ذکر المصدر) ویتحدّث عن المتأخرین الذین فرّعوا المعنی الجدید.
 ولم یبعد معنی الابتداء عن التغیّر والتطوّر خلال القرون، فمثلا یقول أبو هلال العسکری (تـ 395هـ/1005م) في شرحه: الابتداء أول ما یقع في السمع من کلامک … فینبغي أن یکون مونقاً (کتاب الصناعتین، 435). و یقول أیضاً: یحسن بالکاتب والشاعر أن یفتتح أقواله بما لایتطیّر منه السامع فلایحسن أن یبدأ شعراً لمدح والتهنئة بذکر الأطلال والدمن، ولکنها مقبولة في المراثي ویبدو أن أبا هلال کان یهدف إلی إیجاد نوع من التناسب بین الابتداء و متن الشعر والرسالة. ویری ابن الأثیر (3/96) و النویري (7/133) أن یکون هذا التناسب أکثر قوة ومتنانة فقالاً: من الأفضل أن یأتي الناظم أو الناثر في ابتداء کلامه ببیت أو قرینة تدل علی موضوعه الأصلي في القصیدة أو الرسالة. ویتطرّق ابن الأثیر في حدیثه عن التناسب إلی نقاط أدق، فیقترح لکل من الأغراض الشعریة ابتداءً خاضاً. وقد أورد هذان المؤلفان لفظ «افتتاح» إلی جانب لفظ «ابتداء» أیضاً (مثلاً: النوع 22 في المبادئ والافتتاحات من المثل السائر)، و یبدو أن مرادهما من الافتتاح هو مقدمة القصیدة التي تشمل عدداً من الأبیات، و لیس البیت الأول، ولذلک فمن الأفضل أن نسمّي «النسیب و التشبیب» والحکم و غیرها التي ترد في ابتداء أکثر القصائد «الافتتاح».
ممّا یبحث فیه بعد الابتداء هو «التخلّص» (الانتقال من النسیب أو أمثاله إلی (الموضوع الأصلي)، ثم «الانتهاء» (طریقة إنهاء الشعر أو الرسالة).
وقد تکرّرت هذه المواضیع التي فصّلتها کتب الأدب، في کتب علوم البلاغة الدراسیة بألفاظ و أمثلة متشابهة تماماً و عبارات مختصرة، ثم شرح هذه العبارات ثانیة عدد من الشرّاح بشکل مفصّل. و من النماذج البارزة لهذا الأسلوب کتاب التلخیص تألیف الخطیب القزویني (موضوع الابتداء، ص 429 و ما بعدها) فقد شرحه التفتازاني ثم کتبت عشرات الشروح علی شرحه أو علی أصل التلخیص (مثلاً ظ: شروح التلخیص الذي یشتمل علی 4 شروح).
و لانجد القواعد التي ذکرناها حتی الآن عن الابتداء بالشکل لاذي کانت علیه في آثار القرنین 2 و 3 هـ/ 8 و 9 م. فبیان هذه المعاني في تلک الآثار أولاً یمتاز بالبساطة؛ ثانیاً: إن کتّاب هذه الفترة لم یهتموا بعدُ بالتناسب بین افتتاح الشعر (النسیب أو التشبیب) و بین الغرض الأصي (المدح، الهجاء، الرثاء…)، لذلک حینما یتحدّث ابن قتیبة عن بناء القصیدة یقول: یبدأ الشاعر قصیدته بذکر الدیار و الأطالل والبکاء… (آذرنوش، 101) و کان یهتم بالتناسب الکمّي بین أجزاء القصیدة فقط (م. ن، 102). و هو ما طبّق علی النثر العربي أیضاً، فطرحت آراء قیّمة عن الابتداء و الافتتاح. و یمکن أن یستنتج من دراسة آثار الذین عالجوا الموضوع أنه أرید في النثر القول بوجود اختلاف بین الابتداء و الافتتاح اللّذین یبدوان للوهلة الأولی مترادفین، جَعل الابتداء في الدرجة الألی و الافتتاح في الدرجة الثانیة، و هذا الاختلاف واضح إلی حدما في المثل السائر (ابن الأثیر، 3/69)، أما القلقشندي (6/474-475) فلا یری بینهما اختلافاً واضحاً.
وقد اعتبر النموذج البدیع للابتداء في النثر ما ورد في ابتداء السور في القرآن الکریم، أکان منه الحروف المقطّعة (الم، حم…) أو الحمدلله، أو النداء و غیره (أبوهلال العسکري، 437؛ ابن أبي الاصبع، التحریر، 172؛ م – ن، البدیع …، 64؛ ابن الأثیر، 3/98). و مثل هذا الابتداء بدیع لأنه یدعو إلی الاستماع لأول وهلة، أما في الرسالة و الخطبة و أمثالهما فقد وجد من الأفضل أن یدل افتتاح الکلام علی مراد المتکلم (قا: الابتداء في علم البلاغة، ما سبق ذکره). و الظاهر أن الشرط الأول في ذلک، جمال الکلمات و المعاني، و هذا ما دعا الأدباء و لاسیما ابن الأثیر (3/69 و ما بعدها) و القلقشندي (ص 274 و ما بعدها)، الی ایراد عددٍ من النماذج لیوضحا أولاً: أي الحدیث أفضل ابتداء، و ثانیاً: ما هي أسالیب مختلف الکتاب. و رغم أنهما أوردا هذا البحث الأخیر بالتفصیل في کتابیهما، غیر أن ذلک لیس کافیاً لبیان شکل الابتداءات منذ العصر الجاهل حتی القرون الأخیرة.

 

المصادر

آذرنوش، آذرتاش، مقدمۀ کتاب الشعر و الشعراي ابن قتیبة، طهران، 1363 ش؛ ابن أبي الاصبع، عبدالعظیم بن واحد بدیع القرآن، تقـ: حفني محمدشرف، القاهرة، دار نهضة مصر للطبع و النشر؛ م. ن، تحریر التحبیر، تقـ: حفني محمدشرف، القاهرة، 1383هـ/ 1963م؛ ابن الأثیر، ضیاءالدین، المثل السائر، تقـ: أحمد الحوفي و بدوي طبانة، القاهرة، 1381هـ/ 1962م؛ ابن حجة، تقي‌الدین، خزانة الأدب، بیروت، 1304 هـ/ 1887م؛ ابن عقیل، عبدالله، شرح ابن عقیل علی ألفیة ابن مالک، تقـ: محمد محیي‌الدین عبدالحمید، بیروت، دار إحیاء التراث العربي؛ ابن مضاء القرطبي، الرد علی النحاة، تقـ: شوقي ضیف، القاهرة، 1366هـ/1974م؛ ابن المعتز، عبدالله، کتاب البدیع، تقـ: کراتشکوفسکي، لندن، 1935م؛ ابن منظور، لسان؛ ابن یعیش، موفّق‌الدین علي، شرح المفصل، القاهرة، ادارة الطباعة المنیریة؛ أبو البقاء، أیوب بن موسی، الکلّیّات، تقـ: عدنان درویش و محمد المصري، دمشق، 1974م؛ أبوهلال العسکري، حسن بن عبدالله، کتاب الصناعتین، تقـ: علی محمد البجاوي و محمد أبوالفضل إبراهیم، القاهرة، 1371هـ/ 1952 م؛ الأنباري، عبدالرحمن بن محمد، الانصاف في مسائل الخلاف، القاهرة، 1380هـ/ 1961م؛ البستاني ب؛ البستاني ف؛ الجرجاني، علي بن محمد، التعریفات، القاهرة، 1306هـ؛ الخطیب القزویني؛ محمد بن عبدالرحمن، التلخیص في علوم البلاغة، تقـ: عبدالرحمن ابرقوقي، القاهرة، 1350هـ/ 1932م؛ دائرة المعارف فارسي؛ الرادویاني، محمد بن عمر، ترجمان البلاغة، تقـ: أحمد آتش، طهران، 1362ش؛ رامي تبریزی، حسن ابن محمد، حقائق الحدائق، تقـ: محمدکاظم إمام، طهران، 1341ش؛ الزمخشري، محمود ابن عمر، المفصّل في النحو، تقـ: جي. پي. بروخ، لندن، 1879م؛ سجادي، جعفر، فرهنگ معارف اسلامي، طهران، 1362ش؛ شروح التلخیص، قم، نشر أدب الحوزة؛ شمس قیس الرازي، المعجم في معاییر أشعار العجم، تقـ: محمد قزویني و محمدتقي مدرّس رضوي، طهران، 1338ش؛ القلقشندي، أحمد بن علي، صبح الأعشی، القاهرة، 1383هـ/ 1963 م؛ النویري، أحمد بن عبدالوهاب، نهایة الأرب، تقـ: أحمد الزین، القاهرة، وزارة الثقافة و الارشاد القومي و أیضا:


EI1
آذرتاش آذرنوش
 

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: