الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الکلام و الفرق / الأباحیة /

فهرس الموضوعات

الأباحیة


المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/22 ۱۳:۵۷:۴۰ تاریخ تألیف المقالة

اَلإباحیَّة، فرق تبیح بعض الأعمال المخالفة للشرع. والإِباحة في اللغة بمعنی الإجازة، وفي الاصطلاح جواز المحرّمات ‌الدینیة، وبناء علی هذا یمکن ظهور الإباحة بین أتباع الأدیان جمیعاً (ERE، مادة نقض الأحکام). ویری بعض مؤلفي کتب الملل و النحل في الإسلام کالبغدادي في الفرق بین الفرق (ص 172) والفخر الرازي في اعتقادات فرق المسلمین والمشرکین (ص 74) أن المسلمین الإباحیین علی دین المجوس و مزدک. وتعود نسبتهم إلی دین مزدک لأنهم یبیحون ما کان یجیزه هذا ‌‌الدین من المحرّمات. ولایمکن اعتبار الإباحیة في الاسلام فرقة مستقلة تقوم علی مبادئ اعتقادیة خاصة. وإنما ظهرت بین فرق المسلمین المختلفة طوائف أسقطت بعض الفرائض وأباحت بعض الأعمال المنافیة للشرع بتأویل ظواهر القرآن والحدیث أو علی أساس معاذیر أخری. ولذلک فقد ظهرت في الفرقة الإسماعیلیة مثلاً طائفة عرفت بالنزاریة تقول بالإباحة، بینما ظلّت فرقة أخری باسم المستعلیة متمسّکة بالأحکام الشرعیة رغم اشتراکهما في الأسس العقائدیة. والأختلاف بین هاتین الفرقتین لایقوم علی کون إحداهما إباحیة والأخری متمسّکة بالفرائض وإنّما لاختلافهما بصورة رئیسة في تعیین الإمام. کما أن ظهور الإباحة بین بعض غلاة الشیعة لم یکن عاملاً لاعتبارها فرقة مستقلة. وإنّما جَعَلهم فرقاً مختلفة اختلافهم في أصول العقائد.
وبدراسة عامة لفرق المسلمین المختلفة یتبیّن أن أکثر الطوائف الإباحیة تری أن للقرآن الکریم معاني باطنیة بالإضافة إلی الظواهر، وقد أهملت رعایة بعض الفرائض تحت ستار الاهتمام بالمعنی الباطني للقرآن و تأویل أیاته. وإلباس آرائها وأغراضها لباس‌الدین.
وقد ورد في «دائرة المعارف الإسلامیة» ودانشنامه تحت عنوان الإباحة، أن الاعتقاد بالإباحة بین الشیعة یرجع لأملهم بآخر الزمان وظهور المهدي (ع)، وبین الصوفیة نیجة للتجربة العرفانیة والمکاشفة. بینما لاتجد في کتب الملل والنحل أي فرقة شیعیة وحتی بین غلاة الشیعة من یقول بالإباحة لأمله بظهور المهدي (ع)، وإن کانت بعض فرق الإسماعیلیة کالنزاریة قد جعلت في اعتقادها تحقّق ظهور الإمام القائم (محمد بن إسماعیل) وسیلة للإباحة، إلا أن هذا النوع من الإباحة لایقوم علی الأمل بظهور الإمام القائم. کما أن التجربة العرفانیة والمکاشفة بین الصوفیة، لاتوجب بروز الإباحة بل کان بعض المتصوّفة یترکون بعض التکالیف الشرعیة بحجة عدم ضرورة التمسک بالسیلة، أي الشریعة بعد الوصول إلی الحقیقة. و یمکن العثور علی الجنوح إلی الإباحیة بین طوائف من غلاة الشیعة والخوارج والإسماعیلیة والکیسانیة والراوندیة ووالصوفیة وبعض الفرق الأخری.

غُلاة الشیعة

إن المیزة الأساسیة لغُلاة الشیعة هي الاعتقاد بحلول الذات الإلهیة في علي (ع) و بعض الأئمة (ع) و سائر زعمائهم. فقد استغل بعض غلاة الشیعة أهمیة معرفة مقام الإمام المعصوم (ع) لدی الشیعة استغلالاً سیئاً، وأشاعوا بین أتباعهم أن من عرف الإمام استغنی عن العمل بالواجبات و ترک المحرّمات، وقد وردت في کتب الشیعة الاثني عشریة روایات عدیدة تبرّأ فیها أئمة الشیعة من القائلین بمثل هذه العقیدة، واعتبروهم لیسوا منهم (الطوسي، 802-806). وکان من غلاة الشیعة أفراد لم یستطیعوا تأسیس فرقة مستقلة رغم کثرة أتباعهم کعلي بن مسعود حسکة والقاسم بن یقطین (م.ن، 802-803).
ومن فرق غلاة الشیعة الإِباحیة، الخطّابیة، و یتبع أفرادها أبالخطاب محمد بن أبي زینب الأجدی الأسدي (تـ 138هـ/755م) ویعتقدون بألوهیة الإمام الصادق (ع)، و رسالة أبي الخطاب، ویحلّون بعض المحرّمات، ویتسامحون في القیام ببعض الفرائض کالصلاة والصیام والحج والزکاة، ویعتقدون بأن من سأل صدیقه لیشهد له علی مخالفیه فلیصدقه، ویؤوّلون المحرمات والفرائض رجالاً یجب الابتعاد عنهم أو الإقتراب منهمٍ. ویقولون في الآیة «یُرِیدُ الله أن یخفَّف عَنکُم، وخُلِقَ الإنسانُ ضعیفاً» (النساء/ 4/28)، خفّف الله عنّا بأبي الخطّاب واجبات الشریعة الثقیلة (الأشعري، سعد، 63؛ النوبختي، 70). ویورد محمد بن عمر بن عبدالعزیز الکشيّ في کتابه رجال، رسالة من الإمام الصادق (ع) لأبي الخطّاب، یستنکر فیها قول أبي الخطاب بأن الزنا والخمر والصلاة والصیام والمعاصي رجال (الطوسي، 577، 578).
وکانت طائفة أخری من الخطّابیة تدعی المعمّریة، تعتقد بألوهیة معمّر بن عباد السلمي (تـ 215هـ/ 830م)، وکان معمر یعتقد بأن الله لم یخلق النعم إلا لخلقه فکیف تکون محرّمة. ولذلک لیس من طعام محرّم أو عمل ممنوع. فأباح الزنا والسرقة و شرب الخمر وأکل لحم الخنزیر ونکاح المحارم واللواط، ووضع عن أصحابه غسل الجنابة لأن النطفة طاهرة ومنها الخلق، و یری کأکثر الغُلاة الإباحیین أنّ محرّمات الشرع وواجباته رجال ویجب اجتنابها أو التقرّب منها (الأشعري، علي، 15؛ النوبختي، 71-72).
وکان من فرق غُلاة الشیعة الإباحیة الأخری، البشیریّة أو البشریة (الأشعري، سعد، 19، الهامش). وهي تتبع محمد بن بشیر الکوفي (ح 180هـ/796م) أحد موالي بني أسد، وتعتقد البشیریّة أو (الممطوریّة) بإقامة الصلوات الخمس وصوم شهر رمضان فقط من واجبات الشریعة الإسلامیة، وتنکر بقیة الأحکام، وکان أفرادها یقولون بإباحة المحارم واللواط واعتلّوا في ذلک بقول الله عزّوجلّ «أو یُزَوُجُهُم ذُکراناً وإناثاً» (الشوری/ 42/50). وکانت البشیریّة اشتراکیة في الأموال و الأزواج، وتری ضرورة رعایة المساواة في المال و الزوجة (النوبختي، 122-123؛ الأشعري، سعد، 60). وکان من غُلاة الشیعة أیضاً أتباع محمد بن نصیر النمیري، وقد ظهرت هذه الفرقة في زمان الإمام الحسن العسکري (ع) (232-260هـ/ 846-874م)، وعرفت بالنصیریّة أو النمیریّة. ویبیح محمد بن نصیر ارتکاب المحرّمات ومنها نکاح المحارم و یری أن اللواط دلیل علی التواضع (النوبختي، 136).
ویمکن أن نذکر من الطوائف الإباحیة الأخری فرقتي المخمّسة والعلیائیة (ظهرت: ح 140هـ) و کانتا من أتباع أبي الخطّاب و بشّار الشعیري، ومن الممیّزات المشترکة بین هاتین الفرقتین تعطیل الفرائض والسنن الإسلامیة (الأشعري، سعد، 59، 63).

الخوارج

کان من الخوارج طوائف یبیحون بعض المحرّمات‌الدینیة. کالمیمونیّة (ظهرت: النصف الأول من القرن 2 هـ) و تبیح نکاح بنت الابن و بنت البنت و بنت الأخ و بنت الأخت (مرتضی بن داعي العلوي، 40؛ البغدادي، 168)، والبَیهَسیّة (ظهرت: ح 90هـ)، وتبیح ترک الصلاة، وشتم الأنبیاء في حال السکر (مرتضی بن داعي العلوي، 42).
ویوجود بالإضافة إلی الفرقتین المذکورتین فرقة أخری بین الخوارج تعرف بالیزیدیة تبیح أکثر المحرّمات (البغدادي، 167).

الإسماعیلیة

تهتم الإسماعیلیة باعتمادها علی تعالیم أئمة الشیعة (ع) اهتماماً خاصاً بالمعاني الباطنیة لآیات القرآن الکریم. إلا أن رؤساء بعض الفرق الإسماعیلیة توسّعوا في التأویل بشکل ظنّوا معه أن المعاني الباطنیة للآیات في باب الأحکام یمکن أن تکون مغایرة تماماً لظواهر الألفاظ، وحتی مناقضة لها. حتی قال بعضهم إن ظواهر أحکام الشرع تشبه سلسلة وقیداً یقیّد أیدي وأرجل الذین حرموا من درک المعاني الباطنیة، وهذا أقل عقاب لهم (النوبختي، 110). ولم یمنع الاهتمام بالباطن هذا من أن تراعي بعض فرق الإسماعیلیة أحکام الشریعة وتعالیمها أیضاً، ففرقة البُهرة التي تقیم غربي الهند تتمسّک بأحکام الشریعة ولفقیهها الشهیر القاضي أبي حنیفة النعمان بن محمد المنصور کتابان هما دعائم الإسلام في ذکر الحلال والحرام و القضایا و الأحکام و مختصر الآثار في ماروي عن الأئمة الأطهار (مشکور، 231).
کما أن الفاطمیین في مصر کانوا یتمسکون بأحکام الشریعة ویمتنعون عن الإباحة. فبعد انتهاء فترة إمامة «الأئمة المستورین»، وظهور‌الدولة الفاطمیة في مصر (297هـ/910م)، ظهر عدد من الفرق المختلفة بین هذه الطائفة للاختلافات العقائدیة بین الدعاة الإسماعیلیین، وکان هذا سبباً لإضعاف ‌الدولة الفاطمیة و اندثارها في مصر. وکانت بعض هذه الفرق إباحیة المذهب رسمیاً، یمکن أن نذکر منها الفرقة النزارّیة (أتباع المصطفی لدین الله، الشهیر بـ «نزار» تـ 488هـ/1095م ابن الخلیفة الفاطمي المستنصر). وأکبر دعاة هذه الفرقة، حسن الصبّاح الذي ادعی الإمامة فیما بعد، وأعلن عن بدء تورته في قلعة ألموت، وادعی أنه الإمام المنتظر. ثم أسقط عن أتباعه حق الله أو أحکاماً من الشریعة التي تربط بین الخالق والمخلوق. ولذلک دعیت هذه الفرقة بالمُسقِطیة أیضاً (مشکور، 234). وتعتقد هذه الفرقة بالمراتب السبع بین المؤمنین: المستجیب والمأذون والداعي و الحجة والإمام و الأساس والناطق کما تعتقد أن للناطق أعلی مرتبة بین الخلق و هو واضع الشریعة الجدیدة و ناسخ الشریعة القدیمة، و علی هذا فإن الحلال والحرام في الشریعة تتبع في کل زمان أمر الناطق و رأیه. وللنزاریة تأویلات خاصة للأحکام الشرعیة والفرائض العبادیة کالصلاة والصیام وازکاة والحج، فهي تری أن المراد من واجبات الشرع قوم صحبتهم واجبة، والمحرّمات عبارة عن قوم یجب اعتبارهم أعداء والتبرؤ منهم (مرتضی بن داعي العلوي، 181-182؛ مشکور، 227، 228).
وکان من الفرق الإسماعیلیة التي تجنح إلی الإباحة القرامطة، وزعیم القرامطة الذي انفصل عن فرقة المبارکیّة هو قرمطویه أو حمدان قرمط، وکانوا یعتقدون بأن محمد بن إسماعیل هو الإمام القائم، وأن له مقام النبوة أیضاً، ولذلک فإن شریعته نسخت سریعة رسول الإسلام (ص). واعتلّوا في نسخ الإمام القائم للشریعة القدیمة بروایات منها: «لوقام قائمنا علمتم القرآن جدیداً» و «الإسلام بدأ غریباً وسیعود غریباً کما بدأ، فطوبی للغرباء». «وإن الله تبارک و تعالی جعل لمحمدبن إسماعیل جنة آدم (ع)» و معناها عندهم إباحة جمیع المحارم لمحمدبن إسماعیل وأصحابه، وهو تأویل الآیة: التي یخاطب فیها الله آدم و حواء: «وَکُلا منُها رَغَداً حیثُ شِئتُما، ولا تَقرَبا هذِه الشَّجرة» (البقرة/ 2/35)، أي یا أصحاب محمدبن إسماعیل افعلا ماشئتم وکُلوا ما رغبتم، ولکن لاتقربوا موسی بن جعفر (ع) وولده بعده من ادّعی منهم الإمامة، وزعموا أن لجمیع الأحکام الإلهیة ظاهراً وباطناً، وفي العلمل بالباطن النجاة وفي التمسّک بالظاهر الهلاک والشقاء، وهو جزء من العقاب الأنی الذي عذّب به أهل الظاهر. ویعتقدون بأن الصلاة هي العلم بالأسرار والصیام إخفاؤها والحج ملاقات أصحاب محمد بن إسماعیل (النوبختي، 108-119؛ الأشعري، سعد، 83-85).
وحینما یتحدّث ناصرخسرو في سفرنامه (ص 147، 148، 151) عن مشاهدته في الأحساء – مرکز حکم القرامطة – عام 443هـ، یقول: کان أهالي هذه المدینة لایصّون ولا یصومون رغم إقرارهم بنبوّة الرسول (ص)، ویذکرون أن أبا سعید قال: وضعت عنکم الصلاة والصیام. وتباع في هذه المدینة لحوم جمیع الحیوانات کالقطط والکلاب والبقر والحمیر والخراف، ویسمنون الکلاب کالخرفان لذبحها وأکلها.
وکان من الإسماعیلیة طائفة أخری هي الغیاثیّة من أصحاب رجل أدیب و شاعر یدعی غیاث، یعتقدون بناء علی ما جاء في کتاب البیان لغیات أن الفهم الظاهري للأحکام الشرعیة فهم باطل و خطأ. و من الإسماعیلیة أیضاً الخلطیّة، وهم طائفة یقولون بالإباحة (مشکور، 232، 233).

الکیسانیة

ویقولون بإمامة محمد بن الحنفیة وأحیاناً ألوهیته و منها ثلاث فرق إباحیة هي الحمزیّة والجناحیّة أو الحارثیّة والبیانیّة. وکان الحمزیّة أصحاب حمزة بن عمارة البربري، ویعتقد بأن من عرف الإمام سقطت عنه الواجبات، وقیل إنه نکح ابنته (الأشعري، سعد، 56؛ النوبختي، 49-50). والفرقة الثانیة من الکیسانیّة، من أصحاب عبدالله بن الحارث، ولذلک عرفت بالحارثیّة أو الجناحیّة. ویعتقدن بأن من عرف الإمام فلیصنع ماشاء ولاجناح علیه، وتأوّلوا العبادات علی أنها کنایات عن رجال من أهل بیت علي (ع) یجب موالاتهم، وأن المحرّمات کنایات عن أعداء أهل بیت علي (ع) ویجب بغضهم (النوبختي، 56؛ البغدادي، 150). ومن الکیسانیّة طائفة من أتباع بیان ابن سمعان و تعرف بالبیانیّة، ومنهم من یعتقد بأن بیاناً نسخ بعض شریعة الإسلام، ولذلک أحلّوا بعض الفرائض (البغدادي، 145).

الراوندیة

ومن الإباحیة فرقة من الشیعة العبّاسیة تعرف بالراوندیّة (ح 150 هـ/ 767م). ومنهم یسمّون الأبامسلمیّة، ویقولون بإمامة أبي مسلم الخراساني، وأنه لم یمت، ویرون أن معرفة الإمام کافیة للنجاة وأباحوا لأنفسهم ترک الفرائض واقتراف المحرمات (النوبختي، 75).

الصوفیّة

ویشاهد بین فرق من الصوفیة جنوح إلی الإباحة ومخالفة الموازین الشرعیة أیضاً. و من الرسائل المهمّة التي ألفّت في الرد علی الصوفیّة الإباحیة رسالة بعنوان «کتاب یذکرفیه حماقة أهل الإباحة» لمحمد بن محمد الغزالي. وقد أورد في هذه الرسالة (ص 98-118) ثماني شبهات من شبهات أهل الإباحة بین المتصّوفة وأجاب عنها. والشبهات المذکورة التي هي في الحقیقة ملخص تبریرات الصوفیة الإباحیة هي: 1. لیس الله بحاجة إلی طاعة عباده؛ 2. الله کریم و رحیم و ینظر إلی جمیع عباده و حتی المذنبین منهم بعین الرحمة؛ 3. المراد من أحکام الشریعة طهارة الإنسان من الشهوات النفسانیة، وبما أن هذه الکیفیات ذاتیة و فطریة في الإنسان، فإنها لاتزول بالریاضة والزهد؛ 4. یظن البعض باطلاً لعروض بعض الحالات و حصول بعض الکیفیات الباطنیة الناتجة عن الریاضة أنه وصل إلی نهایة العمل وإلی الله، وأن القیام بالوسیلة أمر عبث وباطل بعد الوصول إلی المقصد؛ 5. ویظن بعضهم ممّن وصلوا إلی الکمال النفساني بع المجاهدة والریاضة وتطهّروا من الشهوات والرذائل الأخلاقیة أنهم یقفون علی جمیع أسرار العبادات ولایخفی عنهم شيء منها، وهو تصوّر یؤدي إلی ضلالهم؛ 6. بما أن السعادة والشقاء یرتبطان بالقدر الأزلي، فلا قائدة من سعي العبد و مجاهدته في القیام بالطاعات واجتناب المعاصي؛ 7. الإنسان کالنبات یفنی بالموت، والنار والعقاب والثواب والحساب کذب وتلبیس؛ 8. الدرویش من کان درویشاً في کل شيء و خالي الیدین حتی من ثمرات الصلاة والصیام والثواب والأمل في الوصول إلی الجنة.
ویسمي عبدالرحمن الجامي الصوفیة الإباحیة في نفحات الأنس «المتشبّهین المبطلین بالصوفیة» أو الباطنیة والمباحیّة، و یقول إنهم یتسبّهون بالصوفیة ولکنهم غرباء عنهم في عقائدهم وأحوالهم و أعمالهم. و یقولون إن التمسّک بأحکام الشرع من خواص العوام لأن نهایة فهمهم ودرکهم هي درک ظواهر الأشیاء. أما أهل الطریقة والحقیقة فهم أفضل من المقیّدین برسوم الظاهر، وکل همهم في مراعاة حضور الباطن (ص 13) و یعتقدون بأن الفرائض لتهذیب النفس والوصول إلی الله، و بما أننا وصلنا إلی الله، فلاحاجة لرعایة الأحکام والقیام بالفرائض (السهروردي، 31). وهذه هي الشبهة الخامسة التي یذکرها الغزالي. وعلی کل حال لابد من القول إن الإباحیین من الصوفیة کانوا یُذمون في کتب الصوفیة المهمّة و في أحادیث کبارهم و مشایخهم الذین یعتبرون رعایة الشریعة حتی آخر لحظة شرط التوفیق في الطریقة (الهجویري، 403؛ السهروردي، 31).

سائر الفرق الإسلامیة

و یلاحظ بین سائر الفرق الإسلامیة والتي أغلبها من السنّة، القول بالإباحة، وقد أباح بعضهم کما یقول السمعاني في الأنساب (1/85) القمار واللواط و شرب الخمر لأن الشافعي یجوّز اللعب بالشطرنج، ومالکاً یجوّز إتیان النساء في أدبارهن، وأبا حنیفة یجوّز شرب النبیذ.
ویمکن اعتبار الخُرّم دینیة (أو الخُرّمیة أو المحمّرة) والمقنّعیة (أو المبیّضة) والحلمانیّة والکرّامیة من الإباحیة أیضاً من بعض الجهات. فإنهم وإن کانوا مسلمین في الظاهر، ویبنون المساجد ویقیمون الصلاة فیها، إلا أنهم لایصومون في شهر رمضان ولا یصّلون في السر، ولایتورّعون عن الفواحش والمحرّمات ویبیحون ارتکابها (النوبختي، 36؛ البغدادي، 161).
أما المقنّعیة فمن أصحاب المقنّع (تـ 163هـ) وقد أباح لأتباعه المحرّمات، وأسقط عنهم الواجبات (البغدادي، 155)، والحلمانیّة وکانوا من أصحاب أبي حلمان الدمشقي (تـ340هـ/ 951م)، ویعتقد بحلول الإله في الوجوه الحسنة، وکان إذا رأی صورة حسنة سجدلها، وکان یقول: من عرف الإله علی الوصف الذي اعتقده زال عنه الحظر والتحریم، واستباح کل ما یستلذّه ویشتهیه (البغدادي، 156). والکرامیة وکان زعیمنها أبوعبدالله الکرّام (تـ 255هـ/ 869م). ویقولون بامکانیة ارتکاب کل الذنوب في السر ما عدا شرب النبیذ، وروي عن أبي عبدالله الکرام أنه قال: أبحتُ لکم جمیع الکبائر ماعدا الخمر، ویعتقد بأن اللواط مع الکفار و المشرکین والمجوس والنصاری عبادة، ویعتقدون بأن کل ذنب یرتکبه کرّامي حسنة له، وکل حسنة یفعلها آخر تکتب له ذنباً (البغدادي، 130-136؛ مرتضی بن داعي العلوي، 70).

المصادر

الأشعري، علي بن إسماعیل، مقالات الإسلامیین، تجـ: محسن مؤیدي، طهران، 1362ش؛ الأشعري، سعدبن عبدالله، المقالات و الفرق، تقـ: محمدجواد مشکور، طهران،1361ش؛ البغدادي، عبدالقاهر بن طاهر، الفرق بین الفرق، تقـ: عزّت العطار الحسیني، القاهرة، 1367هـ/ 1948م؛ جامي، عبدالرحمن بن أحمد، نفحات الأنس، تقـ: مهدي توحیدي‌پور، طهران، 1337 ش؛ السمعاني، عبدالکریم بن محمد، الأنساب، تقـ عبدالرحمن بن یحیی المعلمي، حیدرآباد الدکن، 1382هـ/ 1962م؛ السهروردي، عمر بن محمد، عوارف المعارف، تجـ: أبومنصور عبدالمؤمن الأصفهانی، طهران، 1364 ش؛ الطوسي، محمد بن الحسن، اختیار معرفة الرجال، تقـ: میرداماد الأسترابادي، قم، 1404 هـ؛ الغزالي، محمد بن محمد، «کتاب یذکر فیه حماقة الإباحة»، زمینۀ ایران‌شناسی، تقـ: چنگیز پهلوان و وحید نوشیرواني، طهران، 1364ش؛ الفخر الرازي، محمدبن عمر، اعتقادات فرق المسلمین و المشرکین، تقـ: علي سامي النشّار، القاهرة، 1356هـ؛ مرتضي بن داعي العلوي، تبصرة العوام، تقـ: عباس إقبال، طهران، 1312 ش؛ مشکور، محمدجواد، تاریخ شیعه و فرقه‌های إسلام تا قرن چهارم، طهران، 1355 ش؛ ناصرخسرو، سفرنامه، تقـ: محمد دبیرسیاقي، طهران، 1354ش؛ النوبختي، حسن بن موسی، فرق الشیعة، تجـ: محمدجواد مشکور، طهران، 1353 ش؛ الهجویري، علي بن عثمان، کشف المحجوب، تقـ: و. جوکوفسکي، لینینغراد، 1926م؛ وأیضاً:


EI2; ERE.
حسین لاشيء
 

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: