الصفحة الرئیسیة / المقالات / الأب /

فهرس الموضوعات

الأب


تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/22 ۱۰:۳۴:۴۲ تاریخ تألیف المقالة

اَلأَب، تعني في العربیة عدا الوالد معاني فرعیة أخری کالجد أو أحد الأجداد و العم أو الأعمام، والزوج و صاحب الشيء و بعض المعاني الأخری و هي لفظة سامیة قدیمة جداً و تعرف بنفس اللفظ «’b» في جمیع اللغات السامیة (ظ: المعاجم؛ وأیضاً ولفنسون، 283؛ مشکور، 1/1 و مابعدها). و کان الشکل الآرامي للکلمة «abba» یستعمل في القرن الأول المیلادي بین الیهود والنصاری في مخاطبة الإله، وقد وردت في التلمود سابقة للأعلام العبریة، حیث یحتمل إطلاقها علی کبار رجال‌‌الدین (Abba Saul; Abba Hilkiah)، کما کانت تطلق مفردة أحیاناً علی إبراهیم (ع) جودائیکا، مادة Abba).
وتعتبر هذه الکلمة من الکلمات السامیة الثنائیة الحروف الشاذة، حیث یضیفون أحیاناً إلی آخرها الحرف Ū أو W و حتی ā لتصبح ثلاثیة الحروف (أُلیري 177؛ موسکاتي، 83)، ویبدو أن الألف واللام (في حالة التعریف) و التنوین (في حالة التنکیر) یسدّان مسدّ قصر الکلمة في اللغة العربیة دون إضافة شيء لآخرها، أما إذا خلت الکلمة بحرف مدّ لتسدّ مسدّ قصر الکلمة، فتتکون نتیجة لذلک أمثال: «أبو، أبا، أبي» في حالات الإِعراب الثلاث.
ویعتقد جمیع الکتّاب المسلمین أن أصل الکلمة هو «أبو» ویستندون لإِثبات رأیهم هذا إلی تثنیة الکلمة «أبوان، أبوین» و جمعها «آباء، أبون»، ومع کل ذلک فقد ظهرت کلمة أب لکثرة الاستعمال في مختلف التراکیب بأشکال متنوّعة درسها اللغویون بالتفصیل، لاسیّما الأزهري في تهذیب اللغة والجوهري في الصحاح وابن سیدة في المحکم والفیروزآبادي في القاموس وابن منظور في لسان‌العرب والزبیدي في تاج العروس و کذلک البستاني في دائرة المعارف ولین في «معجم اللغات».
وقد أوردوا کلمة أب بتشدید الباء أحیانا «أبّ» (ابن سیدة)، وبأضافة ألف أحیاناً «أبا» (ابن‌منظور؛ الزبیدي)، حیث یحتمل أنهما من الألفاظ المحلیة أو أثر لفظ «abba» الآرامي في اللهجات العربیة (ظ: جودائیکا). کما کانت تستعمل في بعض اللهجات عند ترکیبها بالشکل الخاص لکل لهجة: فجاءت عند بعضهم بإضافة ألف في حالات الإِعراب الثلاث: أبا، أو عند الإِضافة: أباکَ (بدلاً من أبوکَ، أباکَ، أبیکَ). وعند بعضهم الآخر ثلاثیة بتشدید الباء، وأعرض آخرون عن جعل الکلمة ثلاثیة فقالوا «أَبُک» (ظ: الفیّومي).
والشکل الأکثر استعمالاً لمثنی الکلمة هو «أَبَوانِ»، وقد وردت «أَبانِ» أیضاً، کما یمکن ملاحظة العبارتین «هما أباهُ، رأیتُ أَبَیهِ» في الشعر العربي (قا: الأزهري، الجوهري). والشکل المعروف لجمع الکلمة هو «آباء»، ووردت «أَبُونَ» في الشعر أیضاً. کما قرأ البعض الآیة «نَعبُدُ إِلهَکَ وَإِلهَ آبائِکَ» (البقرة/ 2/133): «إلهَ أَبِیکَ» (ظ: الجوهري) و یرون أنها صیغة جمع في حالة الجر أصلها «أَبِینَ»، ثم حذفت نونها بسبب الإِضافة. وربّما احتفظ أحیاناً بنونها حتی في حالة الإِضافة خشیة الالتباس: «هؤلاءِ أَبُونَکُم» (ابن منظور). وورد شکلان آخران لجمعها في کتب اللغة هما «أُبوٌّ، أُبوَّةٌ» (بروایة اللِحیاني). وذکروا بالإِضافة إلی ذلک أن مفردها قد یدلّ علی الجمع فقالوا: هؤُلاء أبُوکُم (بدلاً من «آباؤُکُم»). والذین یرون أن «أَبِیک» في الآیة المذکورظ مفردة ولیست جمعاً یستندون إلی هذا القول. تصغیر الکلمه هو «أُبَيّ»، حیث یفترض اللغویون أن أصلها «أُبَیوٌ».

الفعل

صِیغ من هذه الکلمة أیضاً بعض الأفعال النادرة الاستعمال: 1- ثلاثي: أَبَوتُ وأَبَیتُ (علی التوالي من مادة أَبَوَ وأَبَيَ ومصدرهما الأُبُوَّة أي صرت أباً، کنت أباً، واستعملت هذه الصیغة متعدیة أیضاً. حیث أورد الأزهري نقلاض عن ابن السکیت: أَبَوتُ الرجل آبوهُ = صرت أباه (وعنه أیضاً عن ابن الأعرابي: یأبُوک). ثم اتسع معنی الفعل واستعمل بمعنی رعاه أو اهتم به اهتمام الأب، مثل: ماله أَبٌ یأبُوهُ، أي لیس له أب یرعاه؛ 2. من باب تفعیل: أَبَّیتُه تأبِیَةً أي قلت له «فدیتک بأبي»؛ 3. من باب تفعُّل: تَأَبّاه (أحیاناً تبدل بـ تَأَبَّ، ظ: الأزهري)، أي اتّخذه أباً له، کما یقال تَأَبّاه أَباً؛ 4. من باب استفعال: استأباهُ (اتّخذه أباً له) اِستَأَبّ أباً، استأبَبَ أباً و هو فعل شاذ الاستعمال (وأکثر مانقل عن ابن الاعرابي)؛ 5. رباعي: بَأبَأتُ الصبي إذ قلت له بأبي أنت وأمي (ابن‌منظور).

الاصطلاحات والتراکیب

1. التفدیة: بأبي، بأبي أنت، بأبي أنت وأمّي (فداک أبي أو أبي وأمي). وقد عرّفوا هذا الاصطلاح بقولهم: فُدِیتَ بأبي، أَفدیکَ بأبي، أنت مفديٌّ بأبي. و تبدل «الیاء» في أبي «ألفاً أحیاناً، وقد ورد في الشعر: و ابأَباهُما، وقال بعض العرب: واباأبا أنتَ، یریدون: یاوَیلَنا، کما أَبدل البعض الآخر همزة أب بالیاء: یابِیَبا أنتَ (ابن منظور نقلاً عن ابن السکیت؛ الزبیدي، مادة باء). وصاغوا من هذا الترکیب اسماً: البِیَت، أو بترکیب أغرب البِئَب (ظ: ابن منظور نقلاً عن ابن اسکیت؛ الجافظ؛ الفراء؛ أبوالعلاء…)؛ 2. القسم: واستعملت هذه الکلمة في القسم أیضاً: لَعمرُ أبیک، لَعمرُ أبي سِواک، وأَبیِه (في الحدیث). بِأباه (في کلام أُمّ عطیّة عن النبي [ص]). و قد خلت هذه الکلمات من معنی القسم کما قال ابن منظور وابن الأثیر (النهایه، 1/19) وغیرهما، ودلّت علی التأکید أو استعملت علی عادظ الکلام الجاري علی ألسن العرب؛ 3. الدعاء: لا أبَ لک، لاأَبالَک (وفي إحدی اللهجات: لاأَبألَک)، لاأباک، لاأَبَکَ، لاأبَ لک. ویبدو أن الترکیبین الأولین المعروفین هما الترکیبان الأصلیان اللذان اتخذا أشکالاً مختلفة بکثرة الاستعمال، وتستعمل جمیع هذه المصطلحات بالرغم من المعنی الظاهر في مقام المدح والدعاء، وربّما کانت تستعمل في الأغلب علی عادة الکلام الجاري علی الألسن، ومع کل ذلک فإنها تعود إلی معانیها الأصلیة في الهجاء (لاأب لک، لاأصل لک ولانسب) (ظ: ابن منظور 14/10: بیت شعر لجریر). وقد استعمل «لاآبا لغیرک» و «لا أبَ لشانِئِک» في المدح والدعاء فقط (الأزهري). ویمکن أن نضیف إلی هذه المصطلحات «للَّه أبوک»، حیث یستعمل عادة بمعنی التعجب (کما ورد في الحدیث: ظ: ابن الأثیر، النهایة، 1/19)؛ 4. النداء: یاأَبَتِ، یا أَبَتَ، یا أَبَتُ (الضبط الأخیر في الکشاف للزمخشري؛ ظ: لِین) وأَیضاً یا أَبَه، یا أَبَت (بدلاً من یا أَبَة، وهذا الضبط الذي لم یکن شائعاً، یرونه خاصاً بالقرآن الکریم)، یا أَبَتَاه (یقال إنها مأخوذة من یا أَبَتا) واستعملت یا أباه ویا أباتَ (بدلاً من یا أبتاه ویختص بالشعر)؛ 5. الکنیة: وربّما یکون أهم استعمالات کلمة «أب» للکنیة، وهي من التسمیات الأکثر شیوعاً في اللغة العربیة (ظ: أبو). و تشتهر الکنیة أحیاناً بشکل تعرب کلمة «أبو» فیها علی الحکایة ولایتغیر لفظها في حالات الإِعراب المختلفة، حیث ورد في حدیث وائل بین حَجر قوله: إلی المُهاجرِ بن أَبُو أُمیة. کما قیل: اِبنُ أَبُوطالبٍ (ابن الأثیر، النهایة، 1/20). ثم تعدّی استعمال الکلمة الإِنسان إلی الحیوان والنبات والجماد وحتی أسماء المعاني، وهناک باب خاص في أغلب کتب الأدب بعنوان «الآباء» دوّن لهذا الغرض. والثبت الموجود للآباء في المعاجم العربیة الکبیرة (والأزهري مصدرها الأصلي) هو عبارة عن الحیوان: أبوالحارث (للأسد) وأبو جَعدة (للذئب) وأبوالحُصین (للثعلب) وأبوجُخادب (للجراد)؛ وعن الجماد: أبوقُبَیس (لجبل بمکة) وأبوحُباحب (للنار التي لاینتفع بها)؛ وعن اسماء المعاني: أبوعَمرَة (للجوع) وأبومالک (للهرم)؛ وعن الإِنسان: أبوضَوطری (للأحمق)، أبوالمَثوی (لصاحب البیت)، أبوالأضیاف (للمضیاف)، أبوالبطحاء (لعبد مناف).
وبدراسة ابن الأثیر الموسّعة في المرصّع بلغ عدد هذا الصنف من الأسماء 400 اسم، حیث رتّب کتابه حسب حروف المعجم، و سرد تحت کل حرف من الحروف ماکنّي بالأب والأم والابن والبنت، أي الأذوارء. وقد أطلق تسعون بالمائة من هذه الکنی علی الحیوانات، وأکثرها علی الأسد والذئب، ثم الفرس والثعلب وابن آوی والضبع والغراب. کما تشتهر مأکولات کثیرة بالکنی، لاسیما أنواع من الحلوی. وغالباً ماتکون هذه الکنی وصفاً لمسمّیاتها فمثلا أبوالعباس بمعنی شدید العبوسة، کنیة للأسد. کما کان نوع من السخریة أحیاناً یوجب ارتجال هذه الکنی أیضاً فمثلاً یطلق علی الخفّ البالي أبوریاح. أما الکنی في النباتات فلا تتجاوز العشرة في هذا الکتاب.

المصادر

ابن الأثیر، المبارک بن محمد، المرصَّع، تقـ إبراهیم السامرائي، بغداد، 1391 هـ؛ م.ن، النهایة، القاهرة، 1383هـ؛ ابن سیدة، علي بن إسماعیل، المحکم والمحیط الأعظم، تقـ؛ مصطفی السقا و حسین نصّار، القاهرة، 1377هـ/ 1958م؛ ابن منظور، لسان العرب؛ الأزهري، محمد بن أحمد، تهذیب اللغة، تقـ: إبراهیم الأبیاري، القاهرة، 1967م؛ البستاني، ب؛ الجوهري، إسماعیل بن حمّاد، الصحاح، تقـ: أحمد عبدالغفور عطّار، بیروت، 1404هـ/1984م؛ الزبیدي، تاج العروس؛ الفیروزآبادي، القاموس المحیط؛ الفیّومي، أحمد بن محمد، المصباح المنیر، بیروت، 1398هـ/ 1978م؛ مشکور، فرهنگ تطبیقي؛ ولفنسون، إِسرائیل، تاریخ اللغات السامیة، القاهرة، 1348هـ؛ وأیضاً:

Judaica; Lane, E. W., Arabic-English Lexicon; Moscati, Sabatino, An Jntroduction to the Comparative Grammar of the Semitic Languages, Wiesbaden, 1969; O’Leary, De Lacy, Comparative Grammar of the Semitic Languages, Amsterdam, 1969.
آذرتاش آذرنوش
 

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: