آل زهرة، (بنو زهرة) من أشرف الأسر الکریمة في الملأ الشیعي العلوي نسباً ومذهباً. کان الکثیر من أفرادها من رجال العلم والسیاسة ومن المؤلفن و تتلمذ علیهم علماء کبار. یعود نسبها الی زهرة بن علي ابن محمدبن محمدبن أحمَدبن محمدبن الحسین بن اسحاق بن جعفر الصادق (ع)؛ و عرفوا أحیاناً بالاسحاقي (الاسحاقیون).

وکان اسحاق الشهیر بالمؤتمن محدّثاً کبیراً، ذکره بعض من نقل الحدیث عنه بـ «الثقة الرضا»، وعلی الرغم من أن ثلة من العشیعة کانت تعتقد بإمامته إلا أنه أید إمامة أخیه موسی الکاظم (ع)، وهاجر ابنه الحسین الی حران (ابن عنبة، 249- 250). ولآل زهرة جد ثانٍ، هو أبو ابراهیم محمد بن أحمد بن محمد بن الحسین الحرّاني الحجازي وکان عالماً وشاعراً، عاصر أبا العلاء المصري (تـ 449/1057) ومدحه، وکان قد هاجر الی حلب بعد أن قویت شوکته في حرّان. ویقال إنه أول من وطئت قدماه مدینة حلب من هذه الأسرة ونشر المذهب الشیعي في حلب الحنفیة (محمد راغب، 5/373). ویعتبره السخاوي أول مَن نال نقابة الطالبیین في عهد سیف‌الدولة الحمداني (303-356ھ/915-967م) (1/220). وبقي هذا المنصب في أفراد من هذه الأسرة حتی أواخر القرن 10ھ/16م، ویستنتج من المصادر التاریخیة أن بعض النقباء المتأخرین منهم لم یکونوا من الشیعة اذا لم یکونوا قد أظهروا التقیة (محمد راغب، 5/526). ونقتصر في هذا المجال بالتعرّف علی عدد من رجالات هذه الأسرة الذین اشتهروا بالعلم والأدب بشکل خاص واهتمت بهم کتب الرجال:

1. عزالدین أبوالمکارم حمزة بن علي بن زهرة الحسیني الحلبي

الشهیر بابن زهرة والسید ابن زهرة (511-585ھ/1117-1189م). کان فقیهاً، أصولیاً، متکلماً، نحویاً ومن الثقاة ونقیب السادة في حلب. وهو أشهر أفراد هذه الأسرة الی درجة أنه کان المعنيّ عند ذکر «ابن زهرة» دون أن ترد قرینة أخری. وقد بدأ تعلمه العلوم عند والده وحصل علی إجازة الروایة من والده ومن الشیخ أبي عبدالله حسین بن طاهر الصوري ومحمد بن حسن النقّاش و من أبي علي بن الشیخ الطوسي بواسطة واحدة. قرأ النهایة للشیخ الطوسي علی الحاجب الحلبي ولهذا فانه یعدّ بمن تلامذة الشیخ محمد بن الحسن الطوسی في الفقه – الطبقة الخامسة – وأجیز منه في الروایة أخوه عبدالله بن علی بن زهرة، وابن اخیه محیي‌الدین محمدبن عبدالله، ومحمدبن جعفر المشهدي مؤلف المزار، وشادان بن جبرائیل القميّ، ومعین‌الدین سالم بن بدران المصري المازني، وعزالدین أبوالحرث محمدبن الحسن ابلغدادي. وکان الفقیه المشهور محمد بن أدریس الحلي (تـ 598ھ/1202م) مؤلف کتاب السرائر معاصراً لأبي المکارم حمزة وحصل منه علی إجازة في الروایة، فکتب یقول: «ورأیته وکاتبته وکاتبنی وعرفته ماذکره في تصنیفه من الخطأ وعرضت ذلک علیه إلا أنه اعتذر باعذار غیرواضحة وأبان بها أنه ثقل علیه ارد» (ص 265). وهذا القول لابن إدریس الذي یعدّه البعض من نوابغ الشیعة، لایقلل من مکانة أبي المکارم العلمیة، ذلک لأن ابن ادریس قد تحدّث مثل هذا الحدیث عن کبار علماء الشیعة الآخرین (الخوانساري، 2/376). وکان أبوالمکارم یدعي الاجماع في غالبیة المسائل الخلافیة وکان هذا هو السبب في وجود الوهن والوهم وعدم حصول الظن بها (التنکابني، 426). وکان فضلاً عن مکانته العلمیة المرموقة نقیب الطالبیین والامام الموثريالق لدی شیعة حلب. وفي 570ھ/1174م وعندما توجّه صلاح‌الدین الأیوبي لفتح حلب و نزل خارجها، خشي الملک الصالح زنکي صاحب حلب أن یسلّم الحلبیون المدینة إلی صلاح‌الدین، فجمعهم في میدان المدینة وخاطبهم بما استمال قلوبهم وبکی، فبذلت له الشیعة الطاعة واشترطوا علیه أن یجهر بت «حي علی خیر العمل» في الأذان وأن یعاد الیهم شرقیة الجامع، وینادی بأسماء أمتهم الاثني عشر (ع) أمام جنائزهم، وأن یکبّر علی الجنائز خمس تکبیرات، وأن یفوّض أمر العقود والأنکحة إلی أبي المکارم حمزة. وکان الشیعة في حلب قبل ذلک، قد استطاعوا مرة أخری منذ عهد سعدالدولة الحمداني (367-369ھ/978-980م) وحتی أیام نورالدین محمود زنکي (تـ 544ھ/1149م) أن یظهروا شعارهم في آلأذان (ابن العدیم، 1/172، 294).

وقد نسب إلیه تألیف مایقارب العشرین کتاباً ورسالة ومکتوب. و تنوّع هذه المؤلفات یشیر الی سعة معلوماته واطلاعه، نذکر منها: غنیة النزوع في علمي الأصول والفروع (وقد أعید طبع هذا الأثر في مجموعة الجوامع الفقهیة في 1404ھ/1984م من قبل مکتبة آیة‌اللَّه المرعشي في قم)؛ مسألة في کونه تعالی جبّاراً؛ مسألة في نفي الرؤیة واعتقاد الامامیة ومخالفیهم؛ مسألة في الرد علی من زعم أن الوجوب والقبح لایعلمان الاسمعا؛ نقض شبهة الفلاسفة؛ النکت (في النحو)؛ قبس الأنوار في نصرة العترة الأخیار، وعدد من الرسائل الأخری وأجوبة الرسائل التي کانت قد وصلته من الجبل و حمص و بغداد. توفي في 585ھ/1189م ودفن في سفح جبل جوشن. وقد وجدت بأطراف قبره الذي اکتشف في 1297ھ/1880م کتابة حسنة الخط هذا نصها: بسم‌الله الرحمن الرحیم، هذه تربة الشریف الأوحد رکن‌الدین أبي المکارم حمزة بن علي بن زهرة بن علي بن محمدبن محمدبن أحمدبن محمدبن الحسین بن اسحاق بن جعفر الصادق صلوات الله علیه وعلی آبائه و أبنائه الأئمة الطاهرین. وکانت وفاته في رجب سنة خمس وثمانین و خمسمائة رضي الله عنه».

2. جمال‌الدین أبوالقاسم عبدالله بن علي بن زهرة الحسیني الحلبي (531-580ھ/1137-1184م)

کان فقیهاً، متکلماً من ثقاة رجال الشیعة. وینسب إلیه عدد من المؤلفات في الفقه والکلام منها: التجرید في الفقه؛ الغنیة عن الحجج والأدلة؛ جواب سؤال عن العقل؛ جواب سؤال من مصر في النبوّة.

3. أبوعلي حسن بن زهرة الحسیني (تـ 620ھ/1223م)

نقیب الشیعة في حلب و إمامهم، وکان صاحب رأي في علوم القرآن والعلوم العربیة والأخبار والفقه، کان مشهوراً في السیاسة، عهدت إلیه الحکومة آنذاک مهمة السفارة في العراق وسائر البلدان عدة مرات.

4. محیي‌الدین أبوحامد محمدبن عبدالله بن زهرة الحسیني الحلبي

(564 أو 566-634 أو 636ھ/1169 أو 1171-1237 أو 1239م)، کان فقیهاً ومن ثقاة مشایخ الشیعة ورواتهم. أجازه کل من أبیه وعمه أبي المکارم حمزة وابن شهر آشوب و علماء آخرون الروایة، وکان من تلامذته علماء کبار أمثال علي بن موسی بن طاوس (تـ 664ھ/1266م)، والمحقّق الحلّي (تـ 676ھ/1277م) ویحیی بن أحمد بن سعید الحلي (تـ 690ھ/1291م). ومن آثاره الأربعون حدیثاً حول حقوق الإِخوة في‌الدین. وأحد تلک الأحادیث هي الرسالة المشهورة بـ «الأهوازیة» التي کتبها الإِمام جعفر الصادق (ع) إلی عبدالله النجاشي.

5. بدرالدین حسن بن محمدبن علي بن الحسین بن زهرة الحسیني الحلبي (مقـ 732ھ/1332م)

کان نقیباً للأشراف ومشرفاً علی مستشفی حلب.

6. علاءالدین أبوالحسن علي بن ابراهیم بن محمد بن الحسین بن زهرظ الحسیني الحلبي (تـ 755ھ/1354م)

من کبار علماء الشیعة وثقاتهم. وهو أحد خمسة من أفراد هذه العائلة الذین أجازهم العلامة حسن بن یوسف بن علي بن المطهّر الحلي (تـ 726ھ/1326م) في الروایة عام 723ھ/1323م. وتُعرف هذه بـ «الاجازة الکبیرة» وقد استنسخت في 1096ھ/1685م من النسخة التي کانت بخط العلامة والمؤرخة في 25 شعبان 723/29 آب 1323، وطبعت في الجزء 104 من بحارالأنوار ص 60-137. أما الأربعة الآخرون الذین جاءت أسماؤهم في هذه الإِجازة فهم: الف. بدرالدین أبوعبدالله محمد بن ابراهیم (تـ 733ھ/1333م)؛ ب. أمین‌الدین أبوطالب أحمد بن محمد بن ابراهیم (تـ 717 أو 718-775ھ/1317 أو 1318-1373م). وکان من مشایخ الشهید الأول محمد بن مکّي (مقـ 786ھ/1384م). وفضلاً عن هذه الإِجازة فقد حصل في 14 ربیع‌الأول 756/29 آذار 1355 علی إجازة أخری من محمدبن الحسن بن یوسف الحلّي ابن العلامة في روایة کل ما ورد في «الاجازة الکبیرة» (بحار، 104/59)؛ ج. عزّالدین (جمال‌الدین) أبومحمدالحسن بن محمد بن محمد بن ابراهیم، من علماء الشیعة؛ د. شرف‌الدین أبوعبدالله الحسین بن علي بن ابراهیم، وهو فقیه.

7. الشریف محمدبن علي بن محمد بن الحسن بن زهرة (تـ 779ھ/1377م)

قدم الی ایران واستفاد من علماء عصره آنذاک والتقی ببعض علماء خراسان وماوراء النهر ثم قفل راجعاً الی حلب. وقد سمع مشارق‌الأنوار من الفقیه المحدّث المفسّر شمس‌الدین أبي عبدالله محمد بن محمد الفیروزابادي وروی بعضاً منه في حلب.

ولایمکن ذکر شجرة نسب هذه الأسرة بصورة خالیة من الشک وذلک لأن کتب الرجال غالباً ما تحذف بعض الوسطاء عند ذکر تسلسل الأسماء، هذا من جهة ومن جهة أخری فان کثرة الأسماء المتشابهة في هذه الأسرة أوجد بعض الخلط والارتباک.

شجرة نسب آل زهرة

المصادر

آقابزرگ، الذریعة، 1/142، 426، 16/69؛ م.ن، طبقات أعلام الشیعة (القرن السادس)، بیروت، 1972م، ص 87، 88، 165؛ م.ن، ن.م، (القرن السابع)، ص 160؛ م.ن، ن.م، (القرن الثامن)، ص 9، 41، 45، 46، 48، 56، 133، 140، 149، 177، 193، 195؛ ابن ادریس، أبوعبدالله محمد، کتاب السرائر، تهران، 1390 هـ؛ ابن‌حجر العسقلاني، أحمد بن علي، الدرر الکامنة، الهند، 1393هـ، 1/289، 2/124، 142، 143، 146، 175؛ ابن شهرآشوب، محمدبن علي، معالم العلماء، 1380 هـ، ص 46؛ ابن‌العدیم، عمر بن أحمد، زبدة‌الحلب، تقـ : سامي الدّهان، دمشق، 1370هـ/ 1951م؛ ابن عنبة، أحمد بن علي، عمدة الطالب، تقـ : محمد حسن الطالقاني، النجف، 1380هـ/1961م؛ ابن‌کثیر، اسماعیل بن عمر، البدایة والنهایة، مصر، 12/289؛ أفندي اصفهاني، عبدالله، ریاض العلماء، قم، 1401 هـ، 1/59، 60، 310، 311، 321، 322، 2/138، 139، 3/227، 228؛ الأمین، محسن، أعیان الشیعة، تقـ : حسن الأمین، بیروت، 1403هـ/ 1983م، 3/75، 5/251، 259، 260، 6/101، 249، 8/59؛ الأمیني النجفي، عبدالحسین، شهداء الفضیلة، قم، ص 71-73؛ البغدادي، اسماعیل باشا، ایضاح المکنون، استانبول، 1364-1366هـ/1945-1947م، 1/225، 2/38، 150، 151، 220، 344؛ م.ن، هدیة‌العارفین، استانبول، 1951-1955م، 1/457، 2/227؛ تنکابني، محمد، قصص العلماء، تهران؛ الجوامع الفقهیة، قم، 1404 هـ، ص 461-564؛ الحر العاملي، محمدبن الحسن، أمل الآمل، تقـ السید أحمد الحسیني، قم، 1362ش، 2/22، 24، 76، 95، 105، 106، 162، 163، 171، 271؛ الخوانساري، محمد باقر، روضات الجنات، بیروت، دار الکتاب العربي، 2/374-377؛ دواني، علي، مفاخر اسلام، تهران، 1363ش، 3/481-492؛ الزرکلي، خیرالدین، الأعلام، ط: 3، بیروت، 1389هـ، 2/312، 313؛ السخاوي، محمدبن عبدالرحمن، الضوء اللامع، القاهرة، 1353هـ؛ الشوشتري القاضي نورالله، مجالس المؤمنین، تهران، 1375هـ، 1/507-508؛ القائیني النجفي، معجم مؤلفي الشیعة، تهران، 1405هـ، ص 141؛ القميّ، عباس، الفوائد الرضویة، تهران، 1327ش، ص 23، 163، 264؛ ــــــ، الکنی والألقاب، تهران، 1397هـ، 1/299؛ ـــــ، هدیة الأحباب، تهران، 1363ش، ص 70؛ کحّالة، عمررضا، معجم‌المؤلفین، بیروت، 3/79، 6/88، 9/226، 272؛ المامقاني، محمدبن عبدالله، تنقیح المقال، النجف، 1349-1350هـ، 1/76، 81، 305، 376، 2/200؛ المجلسي، محمدباقر، بحارالأنوار، بیروت، 1403هـ/ 1983م، 1/40؛ محمدراغب، أعلام النبلاء بتاریخ حلب الشهباء، حلب، 1343هـ/1925م، 2/95، 96، 4/285، 286، 343، 541، 561، 572، 5/16، 44، 70، 372؛ مدرّس، محمدعلي، ریحانة الأدب، تبریز، 1346ش، 7/549-553؛ النوري، حسین، مستدرک الوسائل، تهران، 1382هـ، 3/475، 476؛ وأیضاً:

GAL, S, I/ 710

هادي عالم‌زاده