آقا بزرگ، مدرسة و مسجد واسعان و عظیمان في کاشان، ینسبان الی الملامهدي النراقي الملقب بـ آغابزرگ، واللذان بناهما محسن یدعی الحاج محمدتقي خانبان و نجله في أواسط القرن 13ھ/م 19في عهد السلطان محمدشاه القاجاري (تـ 1264ھ/1848م). و یقعان ضمن الحدود التاریخیة للمدینة و فيالقسم القدیم منها، بجوار مقبرة الخواجة تاج‌الدین و في حيّ یحمل نفس الاسم، في شارع آقابزرگ المتفرع من شارع فاضل النراقي، و لایزال بناؤ هما في حالة جیدة.

تاریخه: بدأ تشیید هذا البناء في عهد السلطان محمدشاه القاجاري، وانتهی في أوائل عهد السلطان ناصرالدین‌شاه (1264-1313ھ/1848-1895م). و ممّا یؤید هذا القول وجود ألواح تحمل تواریخ 1263، 1264، 1268ھ/1847، 1848، 1852م في حرم الجامع من الداخل و الخارج وأسفل القبة و حول المحراب و فوق مدخل المسجد علی التوالي (مشکوتي، 268-269). و یبدو أن هذه الأبنیة قد شیّدت فوق الأنقاض ة. وتوجد في الجنوب الشرقي من مبنی القبة باحة صغیرة مربعة الشکل في مستوی سطح المنخفض للحدیقة ترتبط عب یحتمل أنه بني قبل تشیید مبنی القبة علی بقایا خانقاه و مسجد و مقبرة و مدرسة الخواجه تاج‌الدین (یعود تاریخها الی أواسط القرن 9ھ/15م). و یعتبر التنسیق بین هذاالحرم و بین المسجد و المدرسة اللذین بنیا الی جواره فیما بعد من أجمل النماذج التي تربط بین بناءین متجاورین و أفضلها، أما الأعمدة الأربعون التي تقع غربي مبنی القبة و التي تعتبر أهم بناء ألحق فیما بعد بالقسم الأصلي فقد أصرّ بالریازة المعماریة لبناء المقصورة؛ ذلک لأن طریقة بناء المسجد و مبنی القبة اقتضت تشیید مبنی القبة بشکل ینتهي الی الفضاء الخارجي من أربع جهات لتتم عملیة تکییف الهواء و تبریده بصورة طبیعیة حوالي مبنی القبة في تلک المنطقة التي لاتطاق حرابتها صیفاً. إلّا أن بناء الحرم الغربي لمبنی القبة أیام الحاج الملامحمدعلي مجتهد النراقي نجل الآغابزرگ (تـ 1285ھ/1868م) حال دون الارتباط بالفناء الخارجي من هذه الناحیة. وقد أجریت في السنین التالیة تغییرات علی بعض الأجزاء سیّما أبواب و شبابیک هذه الأبنیة، منها الغرفتان العلویتان الواقعتان علی طرفي الایوان الأصلي لمبنی القبة، والغرف الأربع العلیا فوق المدخل الرئیس: کما غیّرت الأبواب و الشبابیک المنزلقة للغرف الواقعة فوق المدخل الرئیس و ذلک بجعلها تفتح علی شکل نصف دائري ممالم یعهد في الفن المعماري الایراني إلا بعد سفرة ناصرالدین شاه الثانیة الی أوروبا، ویلاخط أن السبائک الخشبیة المشبکة ذات الأبواب المنزلقة تفصل بین مبنی القبة والحرم. و بعد أن أکلت الأرضة الخشب أبدلت الأبواب الخشبیة بأبواب معدنیة، إلّا أن المؤسسة الوطنیة للحفاظ علی الآثار قامت في السنین الأخیرة بتبدیل الأبواب المعدنیة بأبواب خشبیة منزلقة. کما کانت الأبواب والشبابیک المنزلقة في حجر المدرسة السفلی قد تأکلت فتمّ إعادتها الی صورتها الأولی في السنین الأخیرة. وقد ظلت مجموعة الأبنیة هذه سالمة لم تطلها ید التغییر إلّا بما ذکر آنفاً کما أجریت بعض التعدیلات الأخری علی بعض أقسام المجموعة.

مواصفات المجموعة

بعد المسجد و المدرسة من الأبنیة النفیسة التي تتکوّن من عناصر معماریة – فنیة متناسقة الأحجام و الأشکال: تشمل المدخل الرئیس و المدخل المثمّن و الصحن الرئیس و المقصورة والحرم.

1. واجهة الباب والمدخل المثمّن

یشمل هذا القسم من البناء الذي یؤدي إلی خارج المبنی من الجهة الشمالیة علی مدخل رئیس و باب خشبیة محصورة نفیسة و منصّتین حجریتین علی الجانبین. و في الأضلاع الثلاثة لواجهة الباب و علی القسم العلوي من الخدخل الخشبي الرئیس کتیبة من القاشاني نقش علیها قصیدة لحسرة (اسم صاحب القصیدة و یعلو هذه الکتیبة لوح من الرخام المنحوت نقش علی أمر محمدشاه، القاضي باعفاء القصابین و الدباغین من الضرائب، أما القسم الأسفل من الکتیبة فعلیه زخارف من القاشاني ذي الألوان السبعة والذي یغطي الجدار حتی المنصت الحجریة. و یوجد خلف المدخل الرئیس فناء مثمّن واسع نسبیاً له سقف مزیّن طلي هیکله بالألوان المائیة. و في کل جانب من هذا المدخل ممرّ واسع و عریض له أقواس مرتفعة في الطرفین، قلیلة الانحدار. و ینتهي هذان الممرّان بالصحن الرئیس و سائر الأقسام، و یوجد في وسط کل ممرّ قسم یؤدي إلی باحة. و یشاهد مقابل المدخل و بعد المدخل المثمّن باحة واسعة تعتبر في الواقع سطح الحرم الشمالي ذي الأربعین عموداً. وللمدخل المثمن طریق یؤدي إلی کل من المستودع و غرفتي الخادم والحارس. و یوجد سُلّمان یربطان هذا المدخل بالحرم القدیم السفلي و المتوضأ الباحة.

2. الصحن المرکزي

ویتکوّن هذا الصحن من طابقین و یشتمل علی باحتین في الأعلی والأسفل (الحدیقة). والصحن العلوي (سطح صالات الدراسة والعرف) علی شکل ایوان له حداران من الشرق والغرب ویتکون من عمود وطاق یتصل من الشمال بالباحة (سطح الأربعین عموداً) و من الجنوب بایوان المسجد. و تنتهي الحدیقة المنحفضة من الشرق و الغرب بعشر غرف، و من الجنوب بحجرتین (تقعان علی الجانبین) و مَرَس (في الوسط) و عدد من الغرف والمستودعات في الزاویتین الجنوبیة الغربیة و الجنوبیة الشرقیة، کما تنتهي من الشمال بالحرم الشمالي والسرداب الواقع تحته. أماالصحن المرکزة فهو علی شکل مستطیل أقرب الی المربع وقد شیّد في الجهة الشمالیة – الجنوبیة تقریباً و فرشت أرضه بالآجر القائم [الأسکفة] مع حوض في الوسط له أضلاع کثیرة تحیط به أربع حدائق مزروعة بأشجار الرمان والتین. کما یوجد في الصحن بئر للماء و بئر للبزل، وترتفع حُجر المدرسة درجة واحدة عن مستوی الصحن المرکزي (الحدیقة المخفضة). و تتصل الغرف الاثنتا عشرة بالباحة عبرستة ممرّات جانبیة، وتحتوي کل غرفة علی مستودع صغیر و مدفأة جداریة. أما جدار الغرف الموجه للباحة فعلیه شبّکات من الآجر محصورة في إطارین مستطیلي الشکل في وسطهما شباک. و توجد أربع سلالم حجریة في الزوایا الأربع للباحة تصل بین سطح الغرف أي الباحة العلویة التي في مستوی سطح مبنی القبة. ویوجد سُلَّم آخر في وسط الضلع الشمالي ینتهي الی السرداب. ولهذا السرداب قنوات تهویة عمودیة وأفقیة تتصل بقناتین للتهویة في قسمي الحرم الشمالي لتکییف الهواء فیه. و تتراوح درجات الحرارة أحیاناً بین السرداب والباحة العلویة بین  .

3. المقصورة أو مبنی القبة

شیّد مبنی القبة علی ثمانیة أعمدة عظیمة یعلوها قبة مزدوجة قطرها 20/10م. و یحیط بمبنی القبة أروقة متصلة، سقوفها علی شکل أطواق و أقواس تشبه القلنسوة. و تصمیم بناء هذا القسم من المسجد (والذي یشمل مبنی القبة والأروقة المحیطة به والأبواب الأصلیة) علی شکل مستطیل أقرب الی المربع، وأبعاده حوالي 30×28م. أما القبة فقد بنیت علی شکل قبتین منفصلتین، ویبلغ ارتفاعها الداخلي 21م، أما الارتفاع الخارجي من قاعدة المقصورة حتی قمة القبة فیبلغ حوالي 5/26م. و توجد أقواس فوق المداخل الثمانیة علی ارتفاع 6 م عن قاعده المقصورة تتّصل ببعضها من جانب الایوان. و تحت هذا القسم توجد لوحة نقش علیها سورة «الفتح» بخط الثلث بشکل بارز علی الحص داخل القبة أرّخت بـ 1264ھ/1847م. و توجد کتیبة من القاشاني اللبني نقش علیها سورة النبأ بخط ثلثي أبیض علی أرضیة لاروردیة بین الأضلاع الثلاثة للایوان الذي یؤدي إلی المقصورة. و هو علی نفس طراز اللوحة الجصیة. وفي الحاشیة العلیا و السفلیٰ لتلک اللوحة توجد لوحة أخری تشتمل علی (أبیات سباعیة في الرثاء) لمحتشم الکاشاني، وقد کتبت بخط کحلي علی أرضیة ذهبیة تتوسّطها هذه الجملة «عمل کاتب الحروف محمد حسن 1263». و بني في مستوی هذه اللوحات و علی جانبي أعمدة الایوان الأمامي للمقصورة غرف في الزوایا لإِخفاء الأعمدة الأصلیة للایوان و إیجاد باحة یستفید منها اساتذة المدرسة و طلّابها. و من المحتمل جداً أن تکون هذه الغرف قد احتوت سابقاً علی أبواب خشبیة منزلقة [أرسي] ذات ثلاثة مصاریع حل محلها في کل غرفة ثلاثة أبواب مفتوحة مع قوس نصف دائري بلانوافذ. و توجد 24 دائرة متساویة إحداها مملوءة والأخری فارغة علی ارتفاع 11 م من قاعدة المقصورة [مبنی القبة]، و في الموضع الذي یحل فیه 24 ضلعاً بدل الـ 8 أضلاع ثم تتحوّل الی دائرة، وفوق الأسکفة الحصیة. ویدخل النور و الهواء الکافي من خلال الفتحات الاثنتي عشرة المفرغة التي بنیت علی شکل ثقوب الی داخل باحة مبنی القبة. وفوق الاطارات المستطیلة الشکل لهذا الدوائر الـ 24 یوجد رصیف آخر من الأسکفة یلیه قبة مزدوجة. والسقف الداخلي الأسفل للقبة مجصص زنّن وسطه بمظلة جمیلة بالألوان المائیة. أما السطح الخارجي فهو عبارة عن قبة من آجر بلون البرسیم الغامق خال من الزخرفة أو القاشاني. و یعلو المدخل الرئیس والایوان الواقع شمالي مبنی القبة سقف یشمل قوساً منکسراً في الواجهة و آخر نصف دائري علی الحافة یقع تحت غلاف السقف الکاذب و هو مبني من الآجر و القاشاني علی شکل حصیر معقلي مع مظلة جمیلة جداً فیه. وتتصل الأبواب بالمقصورة عبر طریق رئیس من الوسط وله طریقان آخران أحد هما عن الیمین والآخر عن الیسار یوصلاه بأروقة الجانبین. أما القسمان اللذان یعلوان المدخل الرئیس والواقعان بین الایوان و مبنی القبة فینصلان ببعضهما عن طریق ممرّ في نصف طابق. کما یوجد مدخل فسیح في الوسط یوصل خارج مبنی القبة بداخله. وقد تکرّر مثل هذا المدخل في الأطراف الثلاثة الأخری للمقصورة. وقد أضاف وجود حنیّتین مقرنصتین في زاویتي الایوان جمالاً الی هذه المجموعة. وزیّن إزار الایوان بالقاشاني ذي الألوان السبع، کما زخرفت الواجهة الخارجیة لأعمدة الجانبین مع ثلاثة صفوف من الإطارات العمودیة ذات الأقواس المقعرة، وجوانبها بالآجر والقاشاني المعقلي. کما زیّنت أطراف واجهة الایوان بالقاشاني علی الطراز المعقلي، و شیّدت علی أعمدة طرفي الایوان مئذنتان مزدانتان بالقاشاني أضفتا جمالاً علی البناء بالاضافة الی تقویتها للأعمدة و تغطیة الایوان وإمکانیة الاستفادة منها للأذات وقد کتبت بین المئذنتین کلمات «الله» و «محمد» و «علي» بخط معقلي یعلوها صفّان من الکاشي المعقلي شیّدت المئذنتان فوقهما. و یصل بین سطح المسجد وأعلی المئدنتین سُلَّمان حلزونیان یدوران حول محور عمودي في کل مئذنة. و یؤدي الضلع الجنوبي لمبنی القبة إلی الباحة التي في مستوی الباحة العلویة. وتوجد في الجنوب الشرقي من مبنی القبة باحة صغیرة مربعة الشکل في مستوی سطح المنخفض للحدیقة ترتبط عبر طریق خاص بالعرف والمنشآت الخدمیة في المسجد. کما توجد باحة صغیرة أخری خارج أروقة مبنی القبة، وفي الضلع الشرقي یتساوی ارتفاع سطحها مع ارتفاع سطح الباحة العلویة وتتصل هذه الباحة بالصحن الشرقي من المسجد عبر باب فرعي و مدخل صغیر. و کان یوجد سابقاً في خارج هذا القسم، تکیة و مدرسة و مقبرة الخواجه تاج‌الدین والتي لم یبق منها الآن إلا المقبرة التي یعود تاریخ بنائها الی القرن 9ھ/15م. وتتکون الجدران الشرقیة والغربیة لصحن الباحة الأصلیة من أعمدة آجریّة و فتحات مصفوفة علی شکل ایوانات صغیرة (ترتفع عن سطح الباحة حوالي نصف متر) وأفواس مقعّرة، زینت جوانبها بالقاشاني المعقلي. ثم شیّدت بعد ذلک مقبرة عائلة النراقي في الجانب الشرقي من عرض الصحن عَلی شکل غرفة مفتوحة تؤدي إلی صحن المسجد.

4. حرما الأربعین عموداً

یقع أحدهما في الجانب الغربي لمبنی القبة والذي شید بعد مدة قلیلة من بناء القسم الأصلي وفیه عشرون عموداً و ثلاثون طاقاً لنسویة مبنیة بالآجر. و یوجد في القسم الشمالي منه ممرّ وسلم یوصل الی السطح والمتوضأ.أما الحرم الآخر فهو شتوي یقع في الجانب الشمالي من المسجد و الصحن الأصلي. وکانت قواعده موجودة قبل بناء القسم الأصلي أو ربّما تم تشییده قبل إنشاء مبنی القبة بمدة قلیلة علی قواعد بناء کان قد تهدّم إثر زلزال أو عوامل أخری. ولهذا الحرم أعمدة من الآجر واللبن و سقف یشبه القلنسوة مع زوایا تقلیدیة البناء. وزیّن الغطاء الآجري الذي یشبه القلنسوة بنقوش هندسیة من الآجر والقاشاني. وفي وسط کل طاق نافذة رخامیة ینفذ منها النور الی داخل الحرم. ولهذاالحرم محراب مجصص یقع وسط الجدار ویرتبط بواسطة سلّم بمدخل المسجد المثمّن و ممره الأصلي خارج المسجد. کما یتصل عن طریق مدخلین آخرین بالصحن الأصلي والحدیقة. و توجد في الجهة الشمالیة الغربیة لهذا الحرم باحة صغیرة و حوض رمتوضأ ترتبط بمدخل المسجد الرئیس بواسطة ذلک السلّم. غیر أن السلّم المذکور و مدخله مغلق الآن.

مواصفات البناء

من مواصفات البناء البارزة، الطراز المعماري الخاص لمبنی القبة المشیّد علی ثمانیة قواعد عظیمة. حیث یندر في تصامیم المساجد القدیمة في ایران بناءقبة علی قواعد حرّة. والهدف من هذا التصمیم تهویة داخل مبنی القبة في مواسم الحر في المنطقة الصحراویة. ولهذا نجد في هذا المسجد، وخلافاً لبقیة المساجد التي تغلق الجهة الجنوبیة من مبنی القبة لبناء محراب و أعمدة ضحمة نسبیاً، نجد هنا أن الجانب الجنوبي والجنوب الشرقي والجنوب الغربي لهذا المبنی قدترک حرّاً، و شید المحراب في جدار الرّواق الذي یحیط بمبنی القبة. و من المیزات الأخری وجود المنخفض الذي تقع فیه الحدیقة (الباحة السفلیة). حیث یساعد الحوض الکبیر الموجود فیها والحدائق علی تکییف الهواء. و نظراً للبساطة الملحوظة في بناء هذین الحرمین؛ فلایشاهد فیهما أي إفراط في الزخرفة والتزیین، سیّما في استعمال القاشاني. و تنحصر التزیینات القلیلة في هذا المسجد و هذه المدرسة بالتجصیص والرسم والزخرفة الخشبیة (التخریم والحفر والعقد الصینیة والتلقیط) والمقر نصات و استعمال القاشاني التقلیدي والیزدي. ویوجد بابان ثمینان و نفیسان (في المدخل الرئیس للمسجد)، حفرا وریّنا بالعقد الصینیة وأوراد القرنفل.

المصادر

مشکوتي، نصرت‌الله، فهرست بناهاي تاریخي و أماکن باستاني ایران، سازمان ملي حفاظت آثار باستاني ایران، طهران، 1349ش، ص 268، 269؛ مصطفوي، محمدتقي، آثار تاریخي تهران، أنجمن آثار ملي، طهران، 1361ش، ص 418؛ نراقي، حسن، آثار تاریخي شهرستان کاشان و نطنز، أنجمن آثار ملي، طهران، ص 254-264؛ وأیضاً الدراسات المیدانیة.

علی‌رضا همایون‌فر