الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفلسفة / الآفاق و الانفس /

فهرس الموضوعات

الآفاق و الانفس

الآفاق و الانفس

المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1442/10/16 ۱۶:۱۴:۴۶ تاریخ تألیف المقالة

الآقاق و الأنفس، اصطلاح في العرفان و الفلسفة الاسلامیة. والآفاق جمع اُفق و هو الناحیة من نواحي الارض و کذلک آفاق السماء نواحیها و أطرافها، والأنفس جمع نفس بمعنی الذات و الروح. وقد وردت کلمتا الآفاق و الأنفس في القرآن (فصّلت/ 41/53) بمعنی العالم و الانسان أو الظاهر و الباطن أو عالم المادیات و المجردات. و کذلک فإن عالم الآفاق کنایة عن عالم الظاهر و العالم الکبیر  عالم الأجسام. و عالم الأنفس دلالة علی عالم الباطن و العالم الصغیر و عالم الأرواح.

وقد طرق العلماء المسلمون في تألیفاتهم موضوع السیر في الآفاق والأنفس أي التفکیر في لطائف وجود الانسان و مشاهدة دفائق الوجود بصور مختلفة:

 

ألف. في تفاسیر القرآن

أورد مفسر و الشیعة و السنة أقوالاً مختلفة في معنی الآفاق و الأنفس ضمن تفسیرهم لآیة «ستریهم آیاتنا في الآفاق و في أنفسهم» منها:

. المراد بآیات الآفاق، الأفلاک و النجوم و العناصر الأربعة و الموالید الثلاثة (المعدن و النبات و الحیوان)؛ والمراد بآیات الأنفس، کیفیة تکونّن الجنین في الرحم و حدوث الأعضاء و الترکیبات العجیبة؛ 2. المراد بآیات الانفس، فتح مکة و بآیات الآفقا فتح البلاد المحیطة بها؛ 3. المراد بآیات الآفاق، الحوادث الخارقة التي اقترنت بظهور الرسول الأکرم و مَاحدث بعده خارج مکةف والمراد بآیات الأنفس ماکان بمکة من انشقاق القمر؛ 4. آیات الافاق تعنی «وقائع الله تعالی في الأمم الماضیة»، و آیات الأنفس وقعة یوم بدر؛ 5. آیات الافاق تعنی مصیر من کذّب الأنبیاء من الأمم. و آیات الأنفس تعني بالمقابل وجود الانسان نفسه، و مراحل خلقه و تکامله من انعقاد النطفة إلی مرحلة التمییز و العقل (الطبرسي، 5/33؛ فخر الرازي 27/139؛ أبوالفتوح الرازي، 4/554، 555).

 

ب. سیر الآفاق و الأنفس في رأي الفلاسفة

ذکر ابن سینا في نهایة النمط الرابع من کتاب الاشارات و التنبیهات ضمن إیضاح الحجة علی ثبوت ذات الباري و صفاته الحقیقیة قائلاً: «تأمل کیف لم یحتج بیاننا لثبوت الأول ووحدانیته و براءته عن الصمات إلی تأمل لغیر نفس الوجود، و لم یحتج الی اعتبار من خلقه و فعله و إن کان ذلک دلیلاً علیه لکن هذا الباب أوثق و أشرف … و إلی مثل هذا أشیر في الکتاب الإلهي، «سنریهم آیاتنا…» و فسّر شیخ الاشراق في الباب الثاني من رسالة یزدان شناخت، ضمن بحثه عن معرفة النفس الانسانیة و کیفیة سعادتها و شقائها، فسّر الآفاق و الأنفس بمعنی الانسان و العالم. و یریٰ أن أکمل الموجودات هو الانسان الذي یطلق علیه اسم العالم الصغیر ذلک أنه مرج حواشي العالمین الروحاني و الجسمي و أتی بهما علی شاکلته، والکلام الإِلهي ناطق بهذا المعنی «سنریهم آیاتنا» (مجموعۀ آثار، 420). و کذلک فإن کتاب الواح عمادي ذکر بعد إیراده للآیة 21 من السورة 51، (الذاریات) و الآیة 53 من السورة 41، (فصّلت) «أن عجائب العالم العلوي تتمثّل في العالم الصغیر الذي هو الانسان» (ص 190).

ویشبه بابا أفضل الکاشاني في رسالته جاودان نامه مراتب الآیات والعلائم الالهیة في عالم الوجود بکنز مفتاحه معرفة الذات. ویقول: «یمکن معرفة کل شيء بعد معرفة ذاته و لیس في المخلوقات مافي کمال الانسان» (1/267). و بعد أن یشیر إلی الآیة 53 من السورة 41 و یستشهد بالآیة 21 من السورة 51، یذکر «علم آیات الآفاق و الأنفس» ویقول: «لابد من دعوة الناس الی لقاء الله تعالی بآیات الآفاق والأنفس کیلا یظلّوا محجوبین. ولابد إذن من النظر في الایات لتعرف و تعلم و تتبرأ من الالحاد و التعطیل، و إذا عرفت و علمت وجب ترک الآیات و العلائم کیلا تکون مشرکاً» (1/28، 284) و النقطة التي یؤکد علیها أفضل‌الدین في ختام حدیثه أنه بعد معرفة بدائع الخلقة و التأمل في الموجودات الالهیّة وانفتاح عین البصیرة یسقط الانسان في ورطة الشرک و الالحاد إن لم یلتفت عن الآیات و العلائم ولم یرکّز فکره في وجود الباري ووحدانیته و قیمومته.

ویمثل صدرالدین الشیرازي في مقدمة الأسفار سلوک العارفین و سیر آفاق و أنفس أولیاءالله بأربعة أسفار معنویة: 1. السفر من الخلق إلی الحق؛ 2. السفر بالحق في الحق؛ 3. السفر من الحق إلی الخلق بالحق؛ 4. السفر بالحق في الخلق (1/13). و ذهب شارحو حدیث صدر المتألهین في توضیح هذه المراحل إلی القول: إن السفر في اصطلاح أهل الیقین عبارة عن السیر و السیاحة التي مبدأ ها عالم الطبیعة ونهایتها الفناء في الله و البقاء بالله.

المرحلة الأولی في هذا السلوک، السفر من الخلق إنی الحق، أي السیر من الکثرة إلی الوحدة و من الظاهر إلی الباطن. یعرض طي هذه المرحلة للسالک المحو في تعیّنات الموهوم و الکثرات الاعتباریة شیئاً فشیئاً حتی تتجلّی له «الوحدة الحقّة الحقیقیة» في کل شيء. فإذا أفنی السالک ذاته فیه تعالی ینتهي سفره الأول و یصیر وجوده وجوداً حقانیاً. و الحکیم الإِلهي بالتأمل في الآفاق و الأنفس و مشاهدة آیات الله و إتقان نظام الوجود یستدل بآثار قدرة الله علی وجوده و یستشهد بحکمته علی أسمائه و صفاته.

والمرحلة الثانیة في السلوک، السفر بالحق في الحق، والمرادَ من هذا السفر سیر السالک في عالم الأسماء و الصفات الالهیّة، فبخوض السالک شیئاً فشیئاً في بحار الجلال و الجمال الالهي و ترتفع الستائر و یتجلّی کلٌّ من الموجودات بشکل مظهر من مظاهر أسماء و صفات الله. و هذا السفر، سفر في الحق لأنه سفر في صفات الله و أسمائه. و کذلک سفر بالحق ذلک لأن السالک حیوئذ متحق بحقیقة الحق و یشاهد الحق بعین الحق «في صور جمیع الموجودات» (اللاهیجي، 59). والحکیم الإِلهي یقف من التأمل في وجود الحق علی وجوب وجوده، ویستدل من وجوب وجوده علی وحدانیة الواجب، ویدرک شیئاً فشیئاً علم الله و قدرته و حیاته و ارادته و سمعه و بصره و سائر أوصاف کماله و نعوت جماله و جلاله.

والمرحلة الثالثة، سیر السالک من الحق إلی الخلق بالحق. لمّا کان السالک بعد طیّه للکثرات الموهومة الصوریة والمعنویة و الفناء ‌ي الحق، لایتعیّن بذاته فسفره سفر بالحق. والسالک العارف یصبح نفسه في هذا السفر مظهر الأسماء و الصفات الإِلهیّة. حتی یتجلّی علمه في علم الحق  تصیر قدرته مظهر قدرة الحق و تنشأ إرادته من مشیئة الحق، فیه یسمع و به بیبصر و به یتکلم و به یمشي. والحکیم الإِلهي یعود في هذه المرحلة أیضاً من مقام الوحدة إلی عالم الکثرة بعد معرفة الدسماء والصفات و لوازمها، لیدرک کیفیة صدور الموجودات و وجود الکثرات و التعیّنات. ویقف علی مجالي تجلیات الحق و مراتب ظهور النور الإِلهي أي عالم الجبروت و الملکوت و الناسوت (العقول و النفوس والأجسام).

والمرحلة الرابعة، السیر في الخلق بالحق. یری السالک العارف في هذه المرحلة، الکثرات في الحدة، و الوحدة في الکثرة و یصل إلی خلافة الله. و یجد القدرة علی هدایة و تربیة الآخرین بمعرفة موجبات سعادة و شقاء الانسان. فإذا أمر الحق مثل هذا الانسان لإرشاد الخلق إلی منزل السعادة فهو نبي بنبوّة التشریع (الأسفار، 1/13-16، الحواشي).

 

ج. السیر في الآفاق و الأنفس في رأي العارفین

الآفاق و الأنفس في رأي أهل العرفان کتابان یجب قراءة رموز الوجود فیهما: کتاب الأنفس و فیه «جمیع آیات و صفات و أسماء الخالق» و کتاب الآفاق الذي هو تفصیل لکتاب الأنفس (اللاهیجي، 463). و علی العارف أن یصل من جهة بمعرفة نفسه الی معرفة الله و أن «ینظر من جهة أخری نظرة اعتبار في الأفلاک و النجوم و اختلاف السیر و أشکالها» لیشاهد کمال قدرة الله و حکمته و تدبیره في نظام العالم المتقن و هذا معنی «سبب ارتفائه في مدارج الکمال» (م.ن، 167). والمراد أحیاناً من سیر الآفاق و الأنفس، في الإِشارات الصوفیة، سفر الروح في مجال المحسوسات و عالم المجردات؛ کما بیّن سنائي في منظومه سیر العباد إلی المعاد. وقد یراد به أیضاً، المطالعة في وجوده و «السفر في الموجودات». ویمکن القول من ناحیهة إن سیر الأنفس، سفر في الذات یمر السالک طیّه بمدد العشق و هدایة الشیخ من فلاة الحرص و البخل و الغضب و الشهوة ویطوي جبال الکبر والحسد والحقد لیصل من المرحلة الحیوانیة إلی مرتبة الملائکة.

وقد یکون المراد من سیر الأنفس من ناحیة ثانیة، سیر السالک في مراتب النفس الانسانیة کما شرحها شمس‌الدین محمد الکرماني في منظومة مصباح الأرواح. فالمرحلة الأولی من هذا السفر، السیر في مدینة النفس الأمّارة، ثم زیارة مدینة النفس اللوامة. ویتابع السالک سفره حتی یصل إلی مدینة النفس المطمئنة التي هي مدینة السعادة ودیار الحکمة والعقل. وبطيّ هذه المرحلة یبدو سواد مدینة النفس الراضیة و بعد طيّ هذه المدینة یصل السالک أخیراً الی المقصد النهائي للسلوک الذي هو الفناء والبقاء، و هناک یصیر «فقیراً مطلقاً» و «قادراً بالحق».

وقد أورد الشیخ محمود الشبستري الآفاق و الأنفس مرادفة للعالم الصغیر و الکبیر أو الانسان والعالم. و في الباب السادس من رسالته «عنی بمساواة الآفاق و الأنفس، مساواة جسم الانسان بالعالم». وعادل في الباب السابع هاتین الکلمتین بالظاهر و الباطن أو عالم الظاهر والباطن حیث یقول: «المراد من الآفاق في قول الله تعالی «سنریهم آیاتنا…»، عالم الظاهر أي عالم الأجسام، والمراد من الأنفس عالم الباطن أي الأرواح» (مرآة المحققین، 35).

وقد یأتي السیر في الآفاق و الأنفس أحیاناً بمعنی المطالعة في کتاب الوجود و أحیاناً أخری بمعنی «السیاحة في البلدان» و مشاهدة الأقوام والأمم المختلفة و التعرّف علی نفسیاتهم و آدابهم و رسومهم و عقائدهم. و لذلک فإن شیوخ الطریقة کانوا یشجّعون المریدین علی السیر والسیاحة و یعتقدون بأن« الرجل یظفر بمراده في السفر و یفرّق بین أهل الظاهر و الباطن و الحق و الباطل و یمیّز الجسم من الروح و الیقین من الظن، و یسکن قلبه و یصفو خاطره و ترول منه الحیرة و التردّد» (الشیروانی، 16).

وقد وردت «الآفاق و الأنفس»، علاوة علی المعاني المذکورة، اسماً لعدد من الرسائل و الکتب أیضاً، ألفت في هذا الموضوع: منها: رسالة آفاق و أنفس للشاه نعمة الله ولي (منزوي، 4/2619)؛ و رسالة آفاق و أنفس تنسب إلی ناصر خسرو القُبادیاني (کتابخانۀ مرکزي [المکتبة المرکزیة]، 14/3695؛ کتابخانۀ مرکزي و مرکز أسناد [المکتبة المرکزیة و مرکز الوثائق]، 414)؛ رسالة آفاق و أنفس للسید اسماعیل مدرّس (شوراي ملي «سابق» [المجلس الوطني (سابقاً)]، 21/319).

 

المصادر

أبوعلی بن‌سینا، حسین بن عبدالله، الاشارات و التنبیهات، طهران، مطبعة الحیدري، 1379هـ؛ أبوالفتوح الرازي، تفسیر، قم، مکتبة آیة‌الله مرعشي، 1404هـ؛ بابا أفضل کاشاني، محمد بن حسین، مجموعۀ مصنفات، تقـ : مجتبی مینوي و یحیی مهدوي، دانشگاه تهران، 1331ش، 1/11؛ سنائي، مجدود بن آدم، سیر العباد إلی المعاد، تقـ : محمد تقي مدرّس رضوي، دانشگاه تهران، 1348ش، (مخـ)؛ السُهروردي، شهاب‌الدین، مجموعۀ آثار فارسي، تقـ : حسین نصر، طهران، اُنستیتو فرانسه، 1348ش؛ شبستري، محمد، مرآت المحققین، شیراز، 1317 ش، ص 36؛ شیرواني، زین‌العابدین، بستان السیاحة، طهران، 1315هـ، ص 16، 17؛ صدرالدین الشیرازي، محمد بن ابراهیم، الأسفار الأربعة، قم، مکتبة المصطفوي، 1404هـ؛ الطبرسي الفضل بن الحسن، مجمع البیان، بیروت، دارمکتبة الحیاة؛ الفخر الرازي، محمد بن عمر، التفسیر الکبیر، بیروت، دار إحیاء التراث العربي؛ کرماني، محمد، مصباح الأرواح، تقـ : بدیع‌الزمان فروزانفر، دانشگاه تهران، 1349 ش (مخـ)؛ لاهیجي، محمد، مفاتیح الإِعجاز في شرح گلشن راز، تقـ : کیوان سمیعی، طهران، 1337ش (مخـ).

صمد موحّد

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: