آسین پلاثیوس، میغل (1871-1944م) مستشرق و باحث إسباني شهیر ذو أفکار متحررة في بیان تأثیر أفکار المسلمین المشهورین في الثقافة الأوروبیة وعالم المسیحیة.

حیاته

ولد في سرقسطة قاعدة مقاطعة أرغون الواقعة في شمال شرقي مدرید. توفي والده پابلو آسین الذي کان تاجراً متوسط الحال وهو في سن الطفولة، فعکفت أمه علی تربیته متابعة إدارة شؤون تجارة أبیه. تلقی میغل دراسته الابتدائیة والمتوسطة في نفس المدینة، وأتمّها في مدرسة الیسوعیین، وبرز في الریاضیات واللغة اللاتینیة. وقد فکر في متابعة دراسته في فرع الهندسة، لکن ظروف أسرته المادیة لم تتح له فرصة الدراسة خارج سرقسطة، فاضطر لدخول کلیة الآداب في جامعة سرقسطة. والتحق في نفس الوقت تلمیذا بمعهد دیني في نفس المدینة، حتی تخرج في 29 أیلول 1895م قسیساً. وبدأ عمله في إحدی کنائس المدینة. وقد أتیحت له إبان دراسته الجامعیة فرصة الاستفادة من وجود خولیان ریبیرا (1859-1934م) الأستاذ والمستشرق الاسباني الذي کان یعتبر میغل کأولاده علاوة علی تلمیذه. واستمرت هذه الصلة طوال حیاة الأستاذ. فدرس اللغة العربیة علیه. وبعد أن نال شهادة اللیسانس توجه إلی مدرید لمتابعة دراسته وفي 23 نیسان عام 1896م نال شهادة الدکتوراه بدرجة ممتاز وکانت أطروحته عن الغزالي. وفي سنة 1901م طبعها بعد تنقیحها، وفي 24 نیسان 1903م خلف فرانشیسکو کودیرا (1836-1917م) في کرسي اللعة العربیة بجامعة مدرید بناءاً علی طلبه. وبین عامي 1906-1909م أصدر مجلة «الثقافة الاسبانیة» بالتعاون مع ریبیرا. وبعد وفاة منندث پلایو، اختیر آسین بلاثیوس في 22 تشرین الأول 1912 م عضواً بالأکادیمیة الملکیة للعلوم الأخلاقیة والسیاسیة في إسبانیا. وکان خطابه الاستهلالي بعنوان «ابن مسرّة و مدرسته».

وفي 26 کانون الثاني 1919م اختیر عضواً في الأکادیمیة الملکیة الاسبانیة وکان خطابه بعنوان الأخرویات الاسلامیة في الکومیریا الالهیة، والذي أثار ضجة کبر. وفي 18 أیار 1924م ألقی خطاباً بمناسبة عضویته في الأکادیمیة الملکیة للتاریخ ضمّنه ثمار دراسته لکتاب الفِصَل لابن حزم. و أخیراً في 12 آب 1944م توفي آسین پلاثیوس في سان سبستیان وهو في الثالثة والسبعین و دفن في 14 آب في مقبرة بویوئه.

أفکار پلاثیوس

یعتبر آسین پلاثیوس من أفضل معرفي الحضارة الاسلامیة الزاهرة في الأندلس والمدافع القوي عن تأثیر الثقافة الاسلامیة و آراء المفکرین المسلمین في الفکر الأوروبي والمسیحیة المتأخرة. وقد أثارت خطبه و مقالاته و کتبه حول ذلک ثورة في أوساط المستشرقین. و أثبت أن دانته تأثر تأثراً شدیداً بالثقافة الاسلامیة في الکومیدیا الالهیة. وفي 1904م کتب مقالة في ذکری تکریم کودیرا کشف فیها عن أن الراهب توماس الأکویني (1225-1274م) تأثر في إلهیاته بأفکار ابن‌رشد (520-595ھ/1126-1199م). وکشف أیضاً عن أن کتاب «الجدل بین الحمار وانسیلمو دي‌تورمیدا» لیس سوی بعض رسائل إخوان الصفا التي سرقها ونسبها لنفسه. وأثبت أن یوحنا الصلیبي تأثر فيأفکاره بابن عبّاد الرُندي.

آثاره

أورد لونغاس في مجلة الأندلس (293-319) ثبتاً کاملاً لکتب پلاثیوس، وفیما یلي عدد من مؤلفاته و ما ترجمه من الکتب:

1. «ابن مسرة و مدرسته: في أصول الفلسفة الأندلسیة» (مدرید 1914م). وفي هذا الکتاب شرح لأفکار ابن مسرّة (269-319ھ/882-931م) الفیلسوف الاسماعیلي المذهب، مزج فیها بین مذهبي أفلوطین أوبلوتینوس (تـ حـ 269-270م) و أَمبِدُوکلیس (أنباذقلیس) المختلق، والتي ورد منها في مؤلفات ابن حزم (تـ 456ھ/1064م) والشهرستاني (تـ 548ھ/1153م) والشهرزوري (القرن 7ھ/13م) وابن عربي (تـ 683ھ/1284م). وأشار بالاعتماد علی آراء ابن الفرضي (مقـ 6 شوال 403/10 نیسان 1013) و غیره من متصوفة ذلک العصر سیما ذي‌النون المصري (تـ 245ھ/859م) ونَهر جُوري إلی أبرز تعالیم ابن مسرّة الصوفیة. وتابع آسین أثر مدرسة ابن مسرّة في صوفیي الأندلس، کابن العریف (تـ 536ھ/1142م) وابن عربي حتی تأثیرها في الفکر الأوروبي عند روجربیکون (حـ 1214-1294م) ورامون لُل (1316م) مؤلف الفن الکبیر وأکبر مهاجم لفلسفة ابن رشد، ودانتي آلیجیري (1265-1321م). ویری آسین پلاثیوس أن أفکار ابن مسرة أثرت تأثیراً عمیقاً في أوساط الصوفیین بالأندلس حتی انتشار آراء الغزالي. وتعد دراسة آسین عن ابن مسرة من ألمع الأبحاث في تاریخ الفکر الاسلامي. ومهما یکن فان آسین یعتبر هو المکتشف لابن مسرة ومدرسته.

2. «الغزالي: عقائد. أخلاق و زهد»، نشر في هذا الکتاب دراسات عن أبي حامد الغزالي (450-505ھ/1058-1111م) و آثاره وأفکاره. وکان یولیه اهتماماً منذ مطلع شبابه. وقد أشاد آسین پلاثیوس بالغزالي لحبه للعلم. نشر هذا الکتاب مع مقدمة لمنندث پلایو (1856-1912م) سنة 1901م. کما نشر آسین پلاثیوس سنة 1906م دراساته في هذا المجال في مجلة «الثقافة الاسبانیة» ونشر بحثا عن «فقیه صقلي هاجم الغزالي وهو أبوعبدالله الماذرائي» في المجلد التذکاري بمناسبة الذکری المئویة لمیلاد میغل أماري (1806-1889م). وفي سنة 1929م ترجم کتاب الاقتصاد في الاعتقاد للغزالي مع شرح و تعلیقات مستفیضة وتوج أعماله عن الغزالي بکتاب في أربعة مجلدات بعنوان «روحانیة الغزالي»، وبری آسین پلاثیوس أن الغزالي کان علی علم بالمسیحیة ولکن قوله هذا یفتقر للأسانید. وقد أورد بدوي في فهرس مؤلفات الغزالي کتاباً باسم القول الجمیل في الرّد علی من غیر الانجیل، نسب إلیه، یدل إن صحّ، علی علمه بالمسیحیة وصدق قول آسین پلاثیوس.

3. وکان من أبرز أعماله عن ابن حزم (384-456ھ/994-1064م) ترجمته لکتابه المشهور الفصل في الملل والأهواء والنحل الذي ترجمه ترجمة ممتازة إلی اللغة الاسبانیة، زودها بالشروح المستفیضة ونشرها في خمسة مجلدات في الفترة بین 1927 و 1932م. الأول منها دراسة عن حیاة ابن حزم حیث یعتبر فریداً بالنظر إلی المعلومات عنه و عن عصره، وقد ترجم قبل ذلک کتاب آخر لابن حزم باسم الأخلاق و السیر إلی الاسبانیة (1916م). ویبدو أن أول مالفت نظر آسین پلاثیوس لابن حزم هو کتابه طوق الحمامة، حیث کان قد قرأ مخطوطته الوحیدة الموجودة في مکتبة جامعة لیدن قبل أن ینشره بتروف (لیدن، 1914م)، ویتضمن، هذا الکتاب لمحات عن حیاة ابن حزم في فترة اعتزاله وقد ألف حـ 412ھ/1021م، وترجمه غارثیا غوتث إلی الاسبانیة (مدرید، 1952م).

4. ابن عربي الصوفي المُرسي، عنوان أربع دراسات واسعة عن محیي‌الدین ابن عربي (560-638ھ/1165-1240م) أعدها ونشرها بین سنتي 1925-1928م. وکان أول کتبه عن ابن عربي نشره ضمن «السفر التذکاري لمنندث پلایو» في 1889م. والکتاب الثاني عن ابن عربي هو «الاسلام في صورة المسیحیة» (مدرید، 1931م) الذي ترجمه ونشره عبدالرحمن بدوي بعنوان ابن عربي، حیاته و مذهبه (1965م).

5. الأخرویات الاسلامیة في الکومیدیا الالهیة، (مدرید، 1919م) وقد أثار هذا الکتاب ضجة کبری في الأوساط العلمیة. وتم طبع خلاصة له باسم «دانته والاسلام» (مدرید، 1927م). کما ترجم هارولد ساندرلند هذا الکتاب إلی اللغة الانجلیزیة باسم «الاسلام والکومیدیا الالهیة» (لندن، 1926م).

6. محاسن المجالس، عنوان الکتاب الوحید الباقي لابن العریف (481-536ھ/1088-1142م) الصوفي الشهیر، والذي نشر آسین پلاثیوس متنه العربي مع ترجمته (باریس، 1933م). وأورد في مقدمة هذا الکتاب ترجمة وافیة لابن العریف استقاها من مصادر نادرة. واعتمد ابن عربي علی هذا الکتاب في شرح آرائه في وحدة الوجود والدفاع عنها.

7. «رسالة القدس»: (مدرید، 1939م). في تراجم صوفیي الأندلس.

8. الجدل بین الحمار وأنسلمو دیتورمیدا، وهي عنوان رسالة لتورمیدا الذي سرق رسائل من إخوان الصفا و نسبها لنفسه. ونشر آسین پلاثیوس هذه الرسالة في مدرید (1914م). کما نشر لآسین بعد وفاته مجموعة من مؤلفاته المتفرقة، في مجلدین بین سنتي 1946-1948م تحت عنوان «مؤلفات مختارة».

المصادر

آسین پلاثیوس، میغل، ابن‌عربي، حیاته ومذهبه، تجـ : عبدالرحمن بدوي، الکویت، وکالة المطبوعات، ط 2، 1979م، ص 7-20؛ بدوي، عبدالرحمن، مؤلفات الغزالي، الکویت، وکالة المطبوعات، 1977م، ص 400؛ البستاني (فؤاد أفرام)؛ دائرة‌المعارف الاسبانیة (إسپاسا کالپة)؛ العقیقي، نجیب، المستشرقون، 2/595؛ وأیضاً.

Asin Palacios, Miguel, Abenmasarra Ysu Egcuela, Origenes de la Filosofia Hispano-Musulmána, Madrid, 1914. PP. 40-43, 78, id., Algazel, dogmática moral ascetica, Zaragoza, 1901, P. 132; id., Islam and the Divine comedy, traslated and abridged by Harold Sunderland, London, 1926, PP. 41, 42, Diccionario de Autores, Barcelona, 1973, I1148; Diccionario de Literatura Espanola, Madrid, 1972, P. 68; Garcia Gomez, E, “Don Miguel Asin Palacios”. Al Andalus, Madrid, 1944, Ixlpassim, Ibn al-Arif, A, Mahasin al. Majális, Texte Arabe, traduetion et commelaire. Diccionario par M. Asin Palacios, Paris 1933, PP. 1-18; Jeffery; Arthor, “Miquel Asin”. The Moslem World, Hartford, 1945, XXXV/273-280; Longas, P., “Bibliografia de Don Miquel Asin”, Al-Andalus, Madrid, 1944, IX/293-319; Pearson, J. D, (ed.) Index Islamicus (1906-1955). London, 1958.

رضا رضازاده لنگرودي