الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفقه و علوم القرآن و الحدیث / الآخرة /

فهرس الموضوعات

الآخرة

الآخرة

تاریخ آخر التحدیث : 1442/10/2 ۱۹:۴۸:۱۰ تاریخ تألیف المقالة

الآخرة، مؤنث «آخر» علی وزن فاعِلة، مشتقة من مادة «ا خ ر» بمعنی «النهایة و الأخیر أو الآخر» و هي عبارة عن العالم الذي یُبعث فیه الناس بعد الموت و یخلدون فیه. و تستعمل هذه الکلمة في القرآن الکریم و السنة و الثقافة الاسلامیة علی شکل اصطلاح یراد به «العالم الآخر» الذي یقابل الدنیا، و فیه ینال الناس ثواب و عقاب ماعملوا. و قد ورد الحدیث عنها بشکلٍ ما في کافة الادیان السماویة. وجاءت کلمة الآخرة 104 مرات في القرآن الکریم دون قید أو اضافة؛ کما ذُکرت صفة للدار أو مضافة الیها في تسعة مواضع (الدّارُ الآخِرةُ، دارُ الآخرةِ). و وردت الآخرة في القرآن مرةً واحدة صفة للنشأة: النَّشأَةُ الآخِرةُ، و في خمسة مواضع مقابل کلمة «الأُولی». و استعملت في ثمانین آیة مقابل «الدنیا» وجاءت الآخرة في موضع واحد من القرآن مقابل «هذِهِ» (هذه الدنیا) و في مواضع متعددة أُخری مقابل «الحیاة الدنیا». کما عبر عن «الآخرة في أماکن کثیرة من القرآن بـ «الیوم الآخِر». حیث تعتبر «الدنیا» في هذا التعبیر «الیوم الأول» و الآخرة «الیوم الآخر». کما وردت «دارالقرار» في القرآن الکریم بمعنی الآخرة أیضاً.

و قد تحدث القرآن عن «أجر الآخرة» و «عذاب الآخرة» و «ثواب الآخرة» و «نار الآخرة» و «اللعن في الآخرة» و «الخسران في الآخرة» و «حرث الآخرة»، وکذلک وردت في الأحادیث المأثورة عن رسول الاسلام و أئمة ‌الدین کلمة «الآخرة» و «الیوم الآخر» مقابل الدنیا، و المراد منها عالم الآخرة.

فقد قال رسول الاسلام (ص) «حُلوَةُ الدُّنیا مُرَّةُ الآخرة و مُرَّةُ الدُّنیا حُلوَةُ الآخِرَة» (ابن حنبل، 5/342). و قال علي (ع): «اِعلموا ان مانقص من الدنیا و زاد في الآخرة خیر ممّا نقص من الآخرة و زاد في الدنیا» (نهج‌البلاغة، 1/224) و یعتبر «الایمان بالآخرة» مع «الایمان بالله» و «الایمان بالنبوَّة» في القرآن المجید أحد الأرکان الثلاثة الأساسیة في‌ الدین الاسلامي. و قد ورد الایمان بالآخرة مع الایمان بالله فیما یزید عن ثلاثین آیة في مکان واحد. و تعتبر جمیع الفرق الاسلامیة الایمان بالاخرة أحد ضروریات العقائد الاسلامیة، و من ینکره لیس مسلما. وکما ورد في القرآن و-الحدیث و مصنّفات علماء الاسلام أن الاعتقاد بعالم الآخرة هو المحور الأساسي لجمیع العقائد التي ترتبط بماوراء الحیاة الدنیا و بعد الموت. و من حقائق العالم الآخر، البرزح و القیامة و الحشر و النشر و الصراط و الحساب و الشفاعة و الجنة و النّار. و الایمان بالآخرة یشمل الایمان بکل هذه الموضوعات و هو المطلوب من المسلمین في القرآن. و مُجمَلُ ما ذُکر في القرآن الکریم عن أوصاف عالم الآخرة و: أنه لاوجود في عالم الآخرة لنظام اجتماعي و تعاون و حضارة انسانیة، فکل انسان في ذلک العالم یأتي الله فرداً و یواسل حیاته: «وَکُلُّهُم آتیِه یَومَ القِیامَةِ فَرداً» (مریم/ 19/93-95).

فکل انسان في ذلک العالم مسئول فقط عن نتیجة أفکاره و-أعماله في الحیاة الدنیا: «و أَن لَیسَ لِلانسانِ الّا ما سَعیٰ و أَنَّ سَعیَه سَوفَ یُریٰ (النجم/ 53/39، 40). ولامکان في عالم الآخرة للشک و التردد اللذین یبتلی بهما الانسان في الدنیا لتمییز حقائق عالم الوجود. ففیها تنکشف الحقیقة الخالصة أمام جمیع الناس، فلامعنی للرأي أو اختلاف الرأي هناک: «لَقد کُنتَ في غَفلَةٍ مِن هذا فَکَشَفنا عَنکَ غطاءَک فَبَصَرُکَ الیوم حَدید» (ق/ 50/229). فحینما یَرد الانسان عالم الآخرة یتّضح أمامه أنه لم یکن لأي من العلل و الاسباب أثر بحد ذاته بل ان المؤثِّر الحقیقي دائماً هو الله وحدَه: «یومئذٍ یُوفیهم الله دینَهم الحَقّ وَ یعلمون أنَّ اللّهَ هُوَ الحقُّ المُبین» (النور/ 24/25). ان مایناله الانسان في عالم الآخرة اما «النعمة» أو «العذاب». ولا یمکن مقارنة النَّعَم و أنواع العذاب الأُحرویَّة، مع النِّعَم و أنواع العذاب الدُّنیَوِیَّة من حیث اللّذه و الألم و تأثیرهما علیٰ الانسان، کما لایمکن تحدیدها کمّاً و کیفاً علی وفق المقاییس المتعارفة في هذه الدنیا: «و فیها ما تَشتَهیِه الأَنفُسُ و تَلَذُّ الأَعیُنُ و أَنتُم فیها خالِدون» (الزخرف/ 43/71). «إلّا مَن تَوَلّیٰ وَکَفَر فیعذبه اللَّهُ العَذابَ الأکبر» (الغاشیة/ 88/23-24). و«الجَنّات» في القرآن الکریم التي عرضها السموات والأرض و«رضوان من الله» أکبر من الجنة، مَظهران أساسیان للنّعم الأساسیة التي أشیر الیها: «وَعَدَ اللَّه المُومنین و المُؤمِناتِ جَنّاتٍ تَجري مِن تَحتِها الأَنهارُ خالِدِینَ فیها وَ مَساکِنَ طَیِّبَةً في جَنّاتِ عَدنٍ وَ رِضوانٌ مَنَ اللَّه أکبَر ذلک هُوَ الفَوزُ العَظیم (التوبة/9/72). وتعتبر نار جهنم و«الاحتجاب» من الله مظهرین أساسیین للعذاب في الآخرة: «کَلّا اِنَّهُ عَن رَبِّهِم یَومَئِذٍ لَمَحجوبونَ، ثُمَّ إنَّهُم لَصالُوا الجَحیم» (المطفّفین/ 83/15-16). ثم لیس جمیع الناس الذّین ینالون النعمة أو العذاب في الآخرة متساوین في درجات النعمة أو درکات العذاب. فَهذه الدَّرجات و الدَّرکات التي تتناسب و-أعمال و أفکار الناس في هذا العالم لها مراتب مختلفة جدّاً: «أُنطُر کَیفَ فَضَّلنا بَعضَهُم عَلی بَعضٍ، ولَلآخِرَةُ أَکبَرُ دَرَجةً وَ أکبَرُ تَفضِیلاً (الاسراء/ 17/21).

و ربّما کان في عالم الدنیا عوامل تمنع الانسان من الوصول الی نتائج بعض المساعي الدنیویة ولکن في عالم الآخرة یکسب الانسان حصیلة افکاره و أعماله و لیس من عامل یمنع من ذلک: (في ذلک الیوم) «فمن یَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ خَیراً یَرَه، وَمَن یَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ شَرّاً یَرَه» (الزلزلة/99/7-8). ثمّ ان المغفرة و الرَّحمة الالَهیَّتَین في عالم الآخرة ستُنجیانِ الکثیرین من أبناء آدم الجدیرین بالمغفرة و الرَّحمة: «وفي الآخِرَةِ عَذاب شَدیدٌ وَ مَغفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ و رِضوانُ» (الحدید/57/20).

إن أعمال ابن آدم الصالحة في الدنیا کـ «البذر» ستنبت نتائجها کالحرث في الآخرة و ینالها صاحبها، أما اولئک الذین یبذلون جهدهم للوصول الی حظوظ الدنیا فقط لن یکون لهم نصیب في الآخرة: «مَن کان یُرید حَرث الآخرة نَزِد لَهُ في حَرِثِه وَمَن کانَ یُریدُ جَرتَ الدُّنیا نُوتِهِ مِنها وَما لَهُ في الآخرة مِن نَصیب» (الشوریٰ/ 42/20). و لیس عالم الآخرة، في القرآن محدوداً بالانسان، فجمیع الموجودات سَیحشرون بین یدي الله: إن کُلُّ مَن في السَّموات وَالأرضِ إلاً أتیٰ الرَّحمٰنَ عَبداً (مریم/19/193). و-یبدو من القرآن الکریم انّ الایمان بعالم الآخرة هو أحد الأرکان الأساسیة لدعوة جمیع الأنبیاء، سواء أنبیاء العرب مثل هود رسول قوم عاد وصالح نبي قوم ثمود، أو أنبیاء الأقوام الأخری کنوح و ابراهیم و موسی و عیسی، و الآیات القرآنیة التي تدلّ علی وحدة أصول الدعوة لدیٰ الأنبیاء خیر دلیل علی هذا الموضوع. و قد أبدیٰ المفسّرون و المتکلّمون و الفلاسفة و عارفو الاسلام حول تفاصیل عالم الآخرة آراء و عقائد مفصلة سیتم دراستها في مقال «المعاد».

 

المصادر

ابن حنبل، أحمدبن محمد، المسند، دارالفکر، بیروت؛ الراغب الأصفهاني، حسین بن محمد، مفردات القرآن (مادة «اخر»)؛ نهج‌البلاغة، تقـ : محمد عبده، مصر، مطبعة الاستقامة.

 

محمدمجتهد الشبستري

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: