آثار البلاد و اخبار العباد، کتاب جغرافي باللغة العربیة، تألیف العلامة الشیعي الایراني عمادالدین أبی عبدالله زکریا بن محمد بن محمود القزویني (605-682ه/1208-1283م). یرجع نسب المؤلف الی انس بن مالک الأنصاري. ألف هذا الکتاب في 674ه/1275م، و هو یضم ثلاث مقدمات و سبعة عناوین حول الأقالیم السبعة. تدور المقدمة الأولی، حول الحاجة الداعیة الی إحداث المدن و القری و یشیر فیها الی أن الله قد خلق الانسان اجتماعیاً بالطبع بحیث لایمکنه أن یعیش بمعزل عن المجتمع، و من ناحیة أخری، فان الانسان یحتاج إلی صنع الادوات و الذی هو واجب عام کي یتمکن من العیش فی المجتمع و عندما تتحقق الهیئة الاجتماعیة، فان الناس لایمکنهم العیش في الصحاري ولا في الخیام و الخرقاهات ذلک انهم لایأمنون أذی الأحداث المختلفة في کل منها، کما لایسعهم بلوغ مآربهم. و من هنا ظهر البناء في حیاة الانسان، فأُقیمت المدن و أُحدثت القُری. و المقدَّمة الثانیة، تدور حول خواص البلاد و تضم فصلین: الفصل الأول، في تأثیر البلاد في سکانها. قال الحکماء إن الارض شرق و غرب و شمال و جنوب. فما تناهی في التشریق و التغریب فهو مکروه لفرط حرارته و شدة احراقه، فان الحیوان یحترق بها، و النبات لاینبت. و ما تناهی في الشمال فهو شدید البرودة، و ما تناهی في الجنوب فهو في غایة الحرارة. فالذي یصلح للسکنی من الأرض أوساط الإقلیم الثالث و الرابع و الخامس، و ما سوی ذلک فاهلها معذّبون والعذاب عادة لهم. ثم یتناول المؤلف تأثیر الأقالیم المختلفة الحارة و الباردة و الرطبة علی طبیعة الانسان و کیفیة التکوین الجسمي والنفسي للسکان. الفصل الثاني، یدور حول تأثیر البلاد في المعادن و النبات و الحیوان، یذکر المؤلف في هذا الفصل الظروف الاقلیمیة لتکون المعادن و نبت النبات و حیاة الحیوان، و ذلک علی أساس فهم علماء عصره. المقدمة الثالثة، تدور حول أقالیم الارض. و بافتراض قطع دائرة معدل النهار (الاستواء) دائرة قطبي النهار للکرة الأرضیة فانها تنقسم الی أربعة أرباع: ربعان شمالیان و ربعان جنوبیان.

یسمّی الربع الشمالي المکشوف «الربع المسکون» و یضم البحار و الجزر و الأنهار و الجبال و المفاوِر و البلدان و القری. وقد قسّموا الربع المسکون هذا سبعة أقسام یسمی کل منها «اِقلیماً». و هذه القسمة لیست قسمة طبیعیة، لکنها خطوط و همیة وضعها الأولون الذین طافوا بالربع المسکون من الأرض (مثل أفریدون النبطي و اسکندر الرومي و أردشیر الفارسي)، و اذا جاوزوا الأقالیم السبعة، فمنعهم من سلوکها البحار الزاخرة و-الجبال الشامخة و الأهویة المفرطة التغیر في الحر و البرد، و-الظلمة في ناحیة الشمال تحت مدار بنات النعش، فان البرد هناک مفرط جداً، لأن ستة اشهر هناک شتاء و لیل،‌ فلاحیوان هناک و لانبات. و في مقابلتها من ناحیة الجنوب تحت مدار سهیل، یکون ستة أشهر صیفاً نهاراً کله، فیحمي الهواء، فلانبات و لاحیوان هناک. و أما جانب المغرب فیمنع البحر المحیط السلوک فیه لتلاطم الأمواج. و أما جانب المشرق فیمنع البحر والجبال الشامخة.

یدرس المؤلف بعد ذلک، الأقالیم السبعة تحت عناوین منفصلة و یشرح «بلاد»ها مرتبة حسب حروف المعجم. و هذه البلاد تشمل النواحي و البلدان و المناطق الجغرافیة و الأقطار و المحافظات و المدن الکبیرة والصغیرة و القری و الجزر و الجبال و-القلاع و المباني والآثار التاریخیة. و من بین کل ذلک فان الأماکن الحقیقیة و التاریخیة کثیرة في حین ان بعضها ذوطابع قصصي أو أسطوري مثل «جزیرة النساء» في الصین. و عندما یشیر المؤلف الی أي مکان تاریخي، فانه یِتطرق الی ذکر مواضیع کثیرة عنه مثل: الروایات الجاهلیة والقصص الشعیبة المحلیة النبویة و القنوات و  المنتجات الصناعیة و الزراعیة و-الطیور والأحداث و ما ظهر فیه من العلماء والأدباء وشعراء المنطقة والأشعار المنظومة فیه. أما رأیه في أهالي المناطق، فقد استندالی عواطفه و أحاسیسه الشخصیة و صداقة أو عداوة عابرة أحیانا إثر انطباع جید أوسیيء له عن مکان ما فیعتبر أهالي تلک المنطقة اصدقاء له أو أعداء تبعا لذلک. والمثال علی رأي المؤلف في الأماکن المختلفة، ما یزکره عن طهران فیقول: «قریة کبیرة من قری الري کثیرة البساتین کثیرة الأشجار مؤنقة الثمار. و لهم تحت الأرض بیوت کنافقاء الیربوع، اذا جاء هم قاصد عدوّ اختبأوا فیها، فالعدو یحاصرهم یوما أو أیاماً و یمشي. فاذا خرجوا من تحت الأرض أکثروا الفساد من القتل و النهب و قطع الطریق. و في أکثر الأوقات اَهلها عصاة علی السلاطین، ولاحیلة الی ضبطهم الا  بالمداراة. و فیها اثنتا عشرة محلة کل محلة تحارب الأخری، و اذا دخُلو في طاعة السلطان یجتمع عاملها بمشایخ القریة یطالبهم بالخراج، و توافقوا علی أداء الخراج المعهود للسلطان، یأتي أحدهم بدیک و یقول: هذا بدینار! والآخر یاتي بأجّانة ویقول: هذا بدینار! و یؤدون الخراج علی هذا الوجه و إلا فلافائدة منهم أصلاً. و هم متر صدون للخلاف، و یرضی الوالي منهم بان یقال: انهم في الطاعة و أدّوا الخراج. و انهم لایزرعون علی البقر خوفاً من أنهم اذا خالفوا یؤخذ عواملهم، و إنما یزرعون بالمساحي ولایقتنون الدواب و المواشي لما ذکرنا ان اعداءهم کثیرون فیأخذون مواشیهم. و فواکههم کثیرة و حسنة جداً، سیّما رمّانهم فان مثلها غیر موجود في شيء من البلاد.

و علی کل، فالکتاب یضم معلومات جغرافیة وأدبیة و تاریخیة و علمیة کثیرة. و یحتوي آثار البلاد علی ذکر عدد من الشعراء الأیرانیین الکبار المشهورین، منهم: أوحدالدین الکرماني و-صدرالدین الخُجندي و رشیدالدین الوطواط و الأنوري و الفردوسي والحکیم عمر الخیام و ناصرخسرو و النظامي الگنجوي و الخاقاني الشرواني. تم طبع کتاب آثار البلاد في 1848م بتحقیق فردیناند وستنفلد في غوتینعن (بألمانیا) و ذلک مع الأثر الآخر للمؤلف و هو عجائب المخلوقات. و طُبع أیضاً في 1960م (1380 هـ) في بیروت (لبنان). هذا و هناک طبعات أخری للکتاب أیضاً.

المصادر

آقابزرگ، الذریعة، 1/7؛ اقبال آشتیاني، عباس، «کتاب آثار البلاد، قزویني و ترجمۀ احوال شعراي فارسي»، یادگار، س 4، عد 9-10(1327 ش)، ص 81-94؛ القزویني، زکریا، آثار البلاد و أخبار العباد، بیروت، دار صادر، 1960 م (مخـ)؛ مدرس، محمدعلي، ریحانة الأدب، تبریز، 1346 ش، 4/453.

قسم الجغرافیا