الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الجغرافیا / آبلة /

فهرس الموضوعات

آبلة

آبلة

تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/29 ۱۹:۵۰:۴۸ تاریخ تألیف المقالة

آبِلَة، (آبِلا، آبیلا، آبولا، آڤِلا)، مدینة و قاعدة المقاطعة التي تحمل اسمها في اسبانیة الوسطی (قشتالة القدیمة) تقع بین دائرتي عرض 40° و 29´ شمالاً و خط طول 4° و 42´ غرباً علی بعد 87 کم غرب مدرید. یحدها شمالاً جبال شارات آبلة (سِبِیرّادي گِردوس) و شرقاً جبال شارات مالاغون (ییِیرّادي گُوادارّاما). یبلغ ارتفاعها عن سطح البحر 1132 م و یخترقها نهر آداجا. و هي قاسیة المناخ شتاءً لطیفة صیفاً، و من أفضل النماذج للمدینة المسورة في القرون الوسطی التي لم یطرأ علیها أي تغییر في أوروبا.

و قد امتازت آبلة بموقع خاص لاشرافها علی الممر الذي یصل قشتالة القدیمة بالجدیدة. ولعبت دوراً عسکریاً هاماً في العصور الماضیة. لهذا تنازعها المسلمون و الاسبان مدة أربعة قرون متوالیة.

 

تاریخ المدینة

کانت آبلة مدینة فینیقیة في الأصل ثم استعمرها الرومان. و منذ القرن الرابع المیلادي أصبحت مرکز أسقفیة آبولا (الاسم الروماني لهذا الموضع). و في القرن نفسه جعل منها المبتدع بریسیلیانوس مرکزاً لنشر بدعه. و في عام 92ه/711 م استولی طارق بن زیاد فاتح الأندلس علی منطقة قشتالة، و منها آبلة قبل غیرها من المناطق الوسطی و الشمالیة من اسبانیا و سکن فیها المسلمون. و بعد عدة سنوات عاد جماعة من المسیحیین الذین کانوا قد هربوا أمام الجیوش الاسلامیة الی وطنهم بالتدریج لما سمعوه من عدل المسلمین. و یبدو أن عودتهم هذه تمت أثناء حکم عُقبَة بن الحجّاج السّلُولي (116-121ه/734-739م) في الأندلس. و کان البربر المسلمون یسکنون المناطق المحیطة بآبلة، یدل علی ذلک أسماء بعض هذه المناطق (حسین مونس، 381-382). و قد غادر المسلمون مناطق واسعة من حوض نهري منهو و تاجه و منها آبلة قبل مجيء عبدالرحمن الداخل (الأموي) الی اسبانیا في عام 138ه/755 م بسبب النزاع بین العرب و البربر و الجدب و المجاعة. و ظلت هذه المناطق علی الحیاد بین الأندلس الاسلامیة (من الشرق و الجنوب و الغرب) و بین الدولة المسیحیة أشتُریس (آستوریاس، في الشمال)، مما أتاح الفرصة للمسیحیین للحلول محلهم. و استغل فُرویُلا الأول بن ألفونسو ملک جلیقیّة المسیحي (في شمال اسبانیا) انشغال عبدالرحمن الأموي بالدعاة العباسیین عام 147ه/764 م فاجتاز نهر دُویرة (دوئرو) و استطاع بارتکابه أعمال القتل و التخریب أن ینتزع قسماً کبیراً من المناطق الشمالیة و  الغربیة و منها قشتالة و آبلة من المسلمین. و رغم المشاکل الداخلیة لم یکن عبدالرحمن بغافل عن تلک الحادثة فقد أنفذ في عام 148ه/765 م أحد قُوّاده بجیش کبیر لاحتلال هذه المناطق. و منذ هذا التاریخ أصبحت هذه المدینة مع تلک المنطقة مرکزاً للنزاع بین المسلمین و المسیحیین. و تدل المصادر علی ان آبلة کانت في مطلع القرن 3ه/9م جزءاً من اسبانیا المسیحیّة، و عاد المسلمون الی هذه المدینة یوم استعاد المنصور بن أبي عامر شمال اسبانیا عام 371ه/981م. و یبدو من المصادر أن جهود المنصور الحربیة أدّت في النهایة الی استعادة هذه المنطقة کلبّاً عام 390ه/1000م بعد معارک ضاریة، و لکن الفتنة التي نشبت بعد مدة قصیرة في قرطبة ما عتمت أن قضت علی خلافة الأمویین في الأندلس (422ه/1031م)، و فقد المسلمون وحدتهم السیاسیة في الاندلس بسبب الحروب التي دارت بینهم، و استعانتهم في قضاء کل منهم علی الاخَر بالمسیحیین الذین بدأوا باستعادة المدن التي فقدوها الواحدة تلو الأخری و منها آبلة التي احتلها اخیراً ألفونسوالسادس عام 481ه/1088م. و استقرّت بید المسیحیین فأقام حولها سوراً منیعاً و جَدَّدَ فیها أبنیةٌ کثیرةً و صارت آبلة من المدن التي سکن فیها المدجّنون (ن. م) و هم المسلمون الذین عاشوا تحت حکم الاسبان و المسیحیین ثم اضطروا الی التنصر. و مع ذلک فان الالواح الحجریة (المؤرخة 801ه/1399) والتي تم العثور علیها في القسم القدیم من مدینة آبلة و نقلها لویس بروفنسال، تشیر بوضوح الی بقاء الاسلام في هذه المدینة و-اقامة المسلمین فیها قروناً طویلة بعد سقوطها بید المسیحیین، فقد جاء في هذا اللوح: «هذا قبر عبداللَّه بن یوسف السّی (؟) المقتول علی ظلم … (؟) و ملکه عام ض (1) لهجرة نبینا محمد صلی اللَّه علیه و سلم… (؟) اللَّه یجمعنا معه في الجنة النعیم لاحول و لاقوة إلا باللَّه» (شکیب أرسلان، 1/340). و بالرغم من قصر مدة حکم المسلمین في هذه المدینة و کونها مرکزاً للنزاع بین المسلمین والمسیحیین فقد نبع منها جماعة من العلماء المسلمین رحل بعضهم الی فاس أحدهم أبوعبداللَّه محمد بن ابراهیم العبدري الآبلي (تـ 757ه/1356م) تلمیذ ابن بنّا المراکشي.

یعود الفضل في ازدهار مدینة آبلة حتی القرن 17 م الی اقامة عدد کبیر من المدجّنین فیها. و  قد أمر فیلیب الثاني ملک اسبانیا باجلائهم عن جمیع المدن لأنهم بقوا علی اسلامهم قلبیاً رغم تنصرهم. و رغم احتجاج الکثیر من الأهالي و بخاصة أصحاب الأراضي علی هذا القرار، و ابلاغهم الملک بأن اخراج المدجّنین سیؤدي الی دمار أراضیهم و ضیاعهم غیر أنّ الملک أصرّ  علی تنفیذ هذا القرار الذي أصدره في 22 أیار 1610 (9 ربیع الاول 1019)  و قد أدّی اجلاؤهم عن هذه المدینة کما کان متوقعاً الی التدهور و الدمار حیث کان للمسلمین السهم الاکبر في ازدهار اقتصاد هذه المدینة، و رغم جهود البوربون الذین حاولوا النهوض بها في القرن 18م عن طریق انماء صناعة النسیج فیها، فانها لم تنهض إلا بعد انشاء الخط الحدیدي الذي یربط مدرید بمدینة سَلمَنکَة. اما الیوم فهي مدینة ریفیة بسیطة یبلغ عدد سکانها 30983 نسمة (احصاء 1970 م، بریتانیکا)، و لکنها تعد من أهم مراکز السیاحة في إسبانیا.

 

الآثار التاریخیة

ظلّت آبلة من الناحیة المعماریة کالمدن الأوروبیة في القرون الوسطی، و احتفظت بآثار و أبنیة کثیرة لم یطرأ علیها تغییر منذ القرون القدیمة وبخاصة 11 و 12م. و أقدم هذه الآثار «الثیران الایبریّة» وهي صحور کبیرة نُحتت بشکل حیوانات ذات قوائم أربع و ثّمة رُقُم و أنصاب رومانیّة و اسلامیّة ایضاً أدخلت في بعض الأبنیة العصریة.

یمکن اعتبار سور آبلة من أهم الآثار التاریخیة في هذه المدینة حیث لایدانیه في جماله و روعته سوی أسوار مدینة لَبلَة في مقاطعة اشبیلیة فقط. یعود تاریخ بناء السور الی ربیع 483ه/1090م، ولکن لم یکتمل بناؤه حتی عام 492ه/1099م. و لهذا السور الضخم عدة جوانب یبلغ طولها 2506 م و ارتفاعه 13 م وسمکه 4 م، وهو من حجر الغرانیت الأحمر و یفصل القسم القدیم من المدینة عن الأقسام الحدیثة. کما ان لهذا السور 9 أبواب (في بعض المصادر 8 أبواب) و 86 برجاً مستدیراً. و تتوسط المدینة ساحة کبری تنفرع منها شوارع رئیسیة باتجاه کل من الأبواب التسعة. و قد بنیت علی الطراز الروماني الاسلامي و تعتبر نموذجاً للحضارة الاسلامیة في آبلة.

و توجد علاوة علی ذلک کاتدرائیات و صلوات و کنائس و-أدیرة قدیمة رائعة من مختلف العصور التاریخیة و بأسالیب شتّی (رومانیة و قوطیة و اسبانیة و برنینیة). و من أهمها کاتدرائیة سان سالفادور التي بُنیت في القرن 14م علی الطراز القوطي، وکنیس سان فنسنت وسان بدرو و هما نموذجان رائعان للبناء الروماني. ولایزال في هذه المدینة آثار لفنانین أوروبیین کبار مثل رافائیل و میخائیل انجلو و غیرهما. و ساحة تنسب الی المنصور بن أبي عامر (تـ 393ه/1002م) إلّا أن مازاد من شهرة هذه المدینة هو مذکرات القدیسة تریزیة آڤیلائي (1515-1582 م). الراهبة والکاتبة لأبرز الکتابات العرفانیة المسیحیة البسیطة.

 

المصادر

آمریکانا، (مادة Avila)؛ آیتي بیرجندي، محمدإبراهیم، آندلس، دانشگاه طهران، 1340 ش، ص 182؛ ابن الأثیر، عزالدین، الکامل، بیروت، دارصادر، 1301 هـ، 4/561-564، 5/490، 500، 8/677، 9/113؛ ابن‌خلدون، عبدالرحمن، العبر، بولاق، 4/117، 122، 180؛ أرسلان، أمیرشکیب، الحلل السندسیّة، بیروت، منشورات دارمکتبة الحیاة، 1355 هـ، 1/341، 342؛ بریتانیکا؛ البستاني (فؤاد)؛ کامبرز؛ عنان، محمد عبداللَّه، دول الطوائف، القاهرة، لجنة التألیف والترجمة والنشر، 1380ه/1960م، ص 42؛ م.ن، دولة الاسلام في الأندلس (العصر الاول)، القاهرة، مؤسسة الخانجي، 1380ه/1960م، 1/ 50-51، 212، 214، 2/510؛ مونس، حسین، فجر الأندلس، القاهرة، الشرکة العربیة للطباعة والنشرِ، 1959 م، ص 78-79، 349-350، 517، 518؛ المقري التلمساني، أحمد بن محمد، نفح الطیب، تقـ : إحسان عباس، بیروت، دار صادر، 1388 هـ، 1/271، 330، 332.

 

هادي عالم‌زاده – جعفر شعار

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: