آبل، آرمان (1903-1973م) استاذ التاریخ و الدراسات الاسلامیة و المستشرق واللغويّ البلجیکي، له تحقیقات و آثار شتی في العلوم‌ الدینیة و التاریخیّة و الأثریة و الاجتماعیة.

حیاته

ولد آبل في مدینة «اوکل» من ضواحي «برابان» البلجیکیة، و توفي فجأة في مدینة «اَوان» في 31 أیار 1973. أتمّ دراسته الابتدائیة في مدارس «ایکسل» و «شیربیک»، ثم تابع دراسته الثانویة في مدرسة «آتِنِه» في «شیربیک» (1914-1920م). کان معلمو هذه الثانویة من اساتذة جامعة بروکسل الحرّة التي أغلقها الغزاة الألمان. و قد أتاح وجود هؤلاء الأساتذة في تلک الثانویة لآبل الفرصة کي یتلقی مبادئ العلوم علی أمثال غوستاف شارلیر و هنري‌غرغوار و هنري لیبرخت، وشجعه غرغوار علی تعلم اللغة الیونانیة. دخل آبل جامعة بروکسل عام 1920م و درس فیها فقه اللغة و الفلسفة و العلوم و نال شهادة الدکتوراه في فقه اللغة عام 1924م. بدأ بالتدریس في ثانویته القدیمة آتنه، و بعد سنتین أي في عام 1925م توجه الی مصر مع هنري غرغوار و بدأ بتدریس اللغة الیونانیة و اللاتینیة في کلیة الآداب التي کان یتولي رئاستها و بادر الی تعلم اللغة العربیة و-تابعها حتی نهایة عمره؛ و شارک في عملیات التنقیب الأثریة في الفسطاط والقاهرة القدیمة حیث عثر علی الکثیر من القطع الفخاریة العربیة التي لم تسجل في الفهارس المصریة،فأکملها ورممها و عرضها و نشر کتاباً حول الآثار الفخاریة في عصر الممالیک باشراف غاستن ویت الذي کان آنذاک رئیس المتحف الوطني للفنون العربیة، و بعد فترة قصیرة أُکمل هذا الکتاب و طبع ثانیة في بروکسل باسم آثار الفخار الاسلامي المصري. و بعد العودة من مصر واصل التدریس في ثانویة آتنه من 1928م الی 1953م.

و في عام 1939 م أسس أول فرع لتعلیم اللغة العربیة في «المعهد البلحیکي للدراسات العلیا» و کان قد بدأ أیضاً منذ عام 1934م بتدریس العلوم الاسلامیة  و أثر الحضارة الیونانیة في الفکر العربي و ألف لیلة و لیلة و علم الجمال في الآداب العربیة، و تاریخ الجدل الاسلامي المسیحي و التکامل التاریخي و الطابع الاجتماعي في القاهره و بغداد و فاس.

وفي عام 1931م و 1932م حیث کان طالباً أجنبیاً في المُعهد العالي في باریس أُتیحت له فرصة المشارکة في الندوات الخاصة بنصوص الفلسفة الیونانیة التي کانت تحت اشراف «لیون‌روبن» و کذلک الاشتراک في محاضرات «لویس ماسینیون» في جامعة السوربون و محاضرات «ویلیام مارسه» في «کالج دوفرانس» کما أُتیحت له أثناء إقامته في باریس الفرصة للمشارکة في حلقات طلاب مدرسة اللغات الشرقیة المعاصرة و   معهد الدراسات العلیا. و کان یقضی ساعات طویلة في قسم المخطوطات في المکتبة الوطنیة في باریس لدراسة النصوص الخطیة حول بحوث الجدل الاسلامي – المسیحي. و کانت حصیلة دراسته في هذا المرکز، النواة الاولی لبحوثه القادمة. و بعد فترة و جیزة دُعي آبل للاشتراک ‌في الأوساط العلمیة في داخل و خارج بلجیکا. و لدی القائه کلمة في هذه الأوساط، کان یتجنب تکرار المواضیع و یسعی الی طرح فکرة جدیدة، مستعرضاً ما استجدّ له منها و کان یزداد سعیاً و تحقیقاً و تعمقاً؛ هدفه الأول من هذه التحقیقات التعرف علی تاریخ البحث و الجدل بین المسلمین و المسیحیین و التبادل الفکري بین الغرب و العالم الاسلامي و-للوصول الی هذا الهدف وتنمیة معلوماته السیاسیة، قضی معظم وقته خلال الفترة من 1934-1945م في الشؤون السیاسیة و قد جاهد في غمار هذه النشاطات کخطیب و مناضل وصحفي بالوقوف إلی جانب أبناء الشعب في کفاحه. و کانت نتیجة جهاده السیاسيَ هذا أن اتسعت معلوماته حول عالم السیاسة وکشف حقیقة النفس البشریة و الوقوف علی التيور المعقّد في الدول العربیة بعد الحرب العالمیة الثانیة،کمِا ساعدته علی مواصلة جهوده و العمل علی تنظیم و تدوین دراساته حول العالم الاسلامي المعاصر بشکل أفضل.

نال آبل في عام 1949 م شهادة الدکتوراه من جامعة بروکسل الحرّة و  ذلک بعد انهاء رسالته التي کانت حول احدی الآثار المجهولة لأبي‌ عیسي محمد بن هارون المعروف بابي عیسی الورّاق (تـ 247ه/861 م) و في هذا العام أسس فرعاً جدیداً في کلیة الآداب بجامعة بروکسل باسم تاریخ التبادل الثقافي بین الغرب المسیحي و الشرق الاسلامي في القرون الوسطی بشکل حر، کما أسس بدعم هذه الکلیة أیضاً فرعاً في معهد اللغات باسم الدراسات الاسلامیة، و بعد فترة و جیزة تولّی تدریس تاریخ المذاهب في کلیة الآداب، و فُوِّض الیه في سنة 1958م کرسيّ الدراسات الاسلامیة و اللغة العربیة الحدیثة في جامعة «جاند» کما تسلَّم علاوة علی الوظائف المذکورة، رئاسة «مرکز الشرق الحدیث» حیث عقد فیه عام 1964م مؤتمر حول فیزیولوجیة العالم الثالث. و في عام 1961م أُنیطت به رئاسة المعهد البلجیکي للدراسات الشرقیة.

قام آبل في 1951م و 1952م و 1956م برحلات دراسیة الی جنوب سوریة، و حین عودته نشر تقریراً و افیاً حول القلعة الأیوبیة في منطقة بصری القدیمة (التي تقع في الجنوب الغربي من سوریة الحالیة). و ترأس عام 1958م و فداً الی مانیما و هي منطقة في جمهوریة زئیر الافریقیة و نشر کتاباً حین عودته یشتمل علی دراسات هذا الوفد و یعتبر من المصادر الجیدة الموجودة حول مسلمي هذه المنطقة من افریقیا المرکزیة. کان آبل عالماً انسانیاً و متواشعاً واستاذاً لامثیل له في الدراسات الاسلامیة في بلجیکا.

مؤلفاته

ذکر في رسالة طبعت تکریماً لآبل فهرس یحتوي علی أکثر من 120 مقالة وکراسة وکتاباً لهذا المحقق و قد نشرت مقالاته – و معظمها باللغة الفرنسیة – في مجلات بلجیکا المعروفة و المطبوعات العلمیة، و فیمایلي منتخبات من آثار آبل: مشاهیر العالم الاسلامي؛ المشارکة في دراسات نشاطات مصر الاسلامیة حول الفخار المصري في العصور العربیة من القرن 8 الی 16 م، «منشورات المتحف العربي في القاهره 1930 م»؛ «رؤی بحیرا ومفهوم المهدي في الاسلام»؛ «أثر المسیحیة في تطور الشریعة الاسلامیة»؛ دور البحوث الاسلامیة المسیحیة في تطور تفسیر القرآن؛ وصف القمر لابن الهیثم وعلاقته بالعلم الیوناني؛ «تعالیم الف لیلة و لیلة»؛ «ارسطو، الاسطورة والتاریخ».

کتاب في الرد علی النصاری في الاتحاد و الولاد، تألیف أبي عیسی الوّراق، رسالة جدلیة في الرد علی النصاری منذ القرن التاسع المیلادي (رسالة آبل في الدکتوراه)؛ «ذوالقرنین الرسول العالمي»؛ الطابع الاجتماعي لأصل تکریم محمد في الاسلام فیما بعد؛ التبدلات السیاسیة و آدب الاخرة في الاسلام؛ اسبانیا التقسیم العالمي؛ تفرد الاندلس عن البلاد التي فتحها الاسلام؛ قاعده الاجانب في الاسلام؛ الخلیفة، وجود مقدس؛ «بحیرا»، تاریخ العلاقات بین الشرق والغرب في العصر الوسیط؛ الجزیة: الخراج؛ نفوذ الایرانیین في سوریة ومصر؛ تاریخ الأدیان.

المصادر

London University, Catalogue of the School of Oriental and African Studies, 1963 p. 94; Pearson, J.D., Index Islamicus, 1906-1955, pp. 55, 65, 99, 153, 359, 705, 749, 1961-1965, p. 22, 1966-1970, pp. 1,2,34, 74, 76, 110, 198, 300, 313, 1971-1975, pp. 22,38, 40, 69, 77, 114, 132, 140, 153, 327, 339; Salmon, Pierre (ed.), Mélanges D’Islamologie, dé dié à la memoire d’Armand Abel, Leiden, Brill, 1974; University of Chicago, Catalog of the Oriental Institute Library, 1970, p. 75.

مجدالدین کیوانی