الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الجغرافیا / آبادان /

فهرس الموضوعات

آبادان

آبادان

تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/29 ۱۸:۰۳:۱۷ تاریخ تألیف المقالة

آبادان، جزیرة و مقاطعة و مدینة في الشمال الغربي من الخلیج الفارسي؛ و‌جزء من محافظة خوزستان.

سبب التسمیة

 کان اسم «آبادان» یقرأ و یکتب بشکل «عبّادان» حتی عام 1935 م، حیث تغیر الی الاسم الحالي بلفظه و‌إملائه الحدیث، و‌ذلک باقتراح المجمع اللغوي الایراني و مصادقة الحکومة. و‌قد استعمل جمیع المؤرخین و‌الجغرافیین الإسلامیین الذین ذکروا هذه الناحیة قدیماً نفس ذلک اللفظ و‌الإملاء. و‌کانوا یُطلقون اسم «عبّادان»علی قریة آبادان أو مدینة آبادان إضافة إلی الجزیرة، و‌لایُعرف هل کان استخدام هذا الاسم من باب إطلاق الجزء علی الکل أو بالعکس. و‌قد وردت عدة روایات في سبب تسمیة آبادان التي یری بطلمیوس أنها في الإقلیم الثالث (یاقوت، 4/74) (و‌بتعبیر الجغرافیین القدامی: الاقلیم الحار). فینسبها البلاذري (تـ 279/892) الی عبّاد بن الحُصین الحَبِطي من أعوان الحجاج بن یوسف الثقفي (تـ 95/714)، و‌المعاصر لعبد الملک بن مروان (تـ 86/705)، (فتوح، ص 376). و‌یعتقد البعض أن بناء عبّادان تم في القرن الثاني أو الثالث الهجري/ السابع أو الثامن المیلادي علی ید رجل من أهل الورع و‌التقوی یُدعی عبّاد و‌أن أهل البصرة، أو کما یذکر أحمد المقدسي «أن الذین کانوا في ضواحیها و‌کلهم من العجم» (أحسن التقاسیم، ص 616)، أضافوا لاحقة النسبة «آن» الی اسمه و‌استبدلوا بذلک اسمه باسم المکان. و‌یری بهرام فَرَه وَشِي – في معرض رفضه لمثل هذه التسمیات – أن الشکل القدیم لاسم هذه الناحیة من ایران هو اپاتان، و‌هو مرکب من ثلاثة أجزاء: أُ (آب [=الماء])، وپات (من اصل پاییدن [= المراقبة]) و‌ان (لاحقة نسبة)، حیث یعني مجموعها «الموضع الذي یتم فیه حراسة ماءالبحر أو‌النهر» (ص 86). و‌یبدو هذا الرأي معقولاً لسببین: الأول، إن بطلمیوس – الذي یُعتبر بمثابة الأب لعلم الجغرافیا – في القرن الثاني المیلادي، ومارسیان – العالم الجغرافي في القرن الرابع المیلادي – استعملا اسمي (آپفانا، و آپفادانا) لـ «آبادان»، حیث لایخفی الشبه بینهما و بین کلمة «آبادان»، و‌الثاني، إن الوصف الذي أورده بعض القدماء عن آبادان یتناسب و‌المعنی اللغوي لآیاتان. فقد ذکر کل من الاصطخري الکرخي (تـ 340/ 951) وابن حوقل( تـ 368/979) أنه کان في عبادان مقر لحراسة مدخل دجلة الی البحر و‌دفع غارات القراصنة (الاصطخري، 34؛ ابن حوقل، ترجمة، 5). و‌بالاضافة الی ذلک، کان قد أقیم مایُشبه المنائر الخشبیة باسم خَشبَات (خشاب) في مجری ماء یبعد فرسخین عن الجزیرة في بحر فارس و‌في المنطقة التي یصب فیها دجلة بالبحر، حیث کان المراقبون یرصدون من الغرف الموجودة في أعلاها حرکة السفن و‌تحرکات القراصنة، و‌کانوا في اللیل یشعلون في أعلی تلک المنائر ناراً أو یوقدون مصباحاً کي یمنعوا السفن من الاقتراب من المضائق المائیة (ناصرخسرو، 134، 135؛ الاصطخري، 34، 36).

جزیرة آبادان

جزیرة في الشمال الغربي من الخلیج الفارسي، حیث تقع فیها مدینة آبادان التي هي جزء من مقاطعة آبادان. یَحُدُّها من الشمال نهر کارون و من الشرق نهر بَهمَنشیر، و من الجنوب الخلیج الفارسي، و من الغرب نهر أروند؛ ویبلغ طولها 64 کم و عرضها بین 3 کم الی 20 کم و ارتفاع أعلی نقطة منها عن سطح البحر ثلاثة أمتار.
تکونت هذه الجزیرة من الرواسب الدلتاویة لأنهر کارون ودجلة والفرات. وفروعها مثل الکَرخَة و گُرگُر. وتخلو أراضي هذه الجزیرة من التلال والمرتفعات، وهي علی الأغلب مستویة سبخة.
ومن الممکن القبول باحتمال کون آبادان شبه جزیرة، أما الاعتقاد بأنها أصبحت جزیرة نتیجةً لحفر نهر «حفّار» أو «الفم العضدي» بأمر من عضدالدولة الدیلمي (324-372/936-982) ففیه نظر، لأن عدداً من علماء الجغرافیا الیونانیین و منهم فیلوس تورغیوس ذکروا آبادان بأنها کانت جزیرة محصورة بین‌نهرین و ذلک في القرن الرابعالمیلادي أي قبل عضدالدولة بعدة قرون. کما وأشار أحمد المقدسي الی أن آبادان مدینة محاطة بالبحر (1/163). و یقول ناصرخسرو (تـ 481/1088): «تقع عبادان علی شاطئ البحر حیث یصبح الشط فرعین فلایمکن الوصول الیها من أي جانب إلّا بالعبور من الماء» (ص 134). وأورد المسعودي (تـ 346/957) عند ذکره لحدود ضواحي السواد (العراق): «ومن جهة المشرق الجزیرة المتصلة بالبحر الفارسي المعروفة؛ (میان روذان) [أوسط الأنهار]» (ص 35) ویقول یاقوت الحموي (تـ 626/1229): «والعجم یسمونها میان روذان لما ذکرنا من أنها بین نهرین» (4/74). ومکان بهذه الخصائص یشیر الی جزیرة أکثر منه الی شبه جزیرة؛ ومن الممکن أن آبادان الحالیة کانت تتصل بالیابسة في الماضي البعید، ویؤید هذه النظریة قول أبي الفداء (تـ 732/1332): «وعبادان علی بحر فارس وهو یدور بها فلایبقی منها في البر الّا القلیل» (ص 309). والجدیر بالذکر أیضاً ما أورده صنیع‌الدولة (تـ 1329/1911) حیث یقول: «عندما تصل الی جزیرة عبادان ینقسم دجلة الی فرعین و تصبح الجزیرة بهذا الوضع بسبب انصباب هذین الفرعین في البحر» (ص 176، 177).

مدینة آبادان

تبلغ مساحتها 2796 کم 2، یحدها من الشمال مدینة خُرَّمشَهر، ومن الشرق خورموسی، ومن الجنوب میاء الخلیج‌الفارسي، ومن الغرب نهر أروند. تشتمل هذه المدینة علی قریة آبادان، و خمس قری أُخری؛ سَلاحي (زیناوَند) ومنیوحي (مینوبار) و نِصار والمُعَمَّرة (نوآباد) و بهمنشیر، والقسمین المرکزیین وأروند کنار. ولم تردهر الزراعة في «آبادان» بسبب أرضها السبخة ورداءة تربتها، وقد انخفضت درجة ملوحة التربة عما کانت علیه سابقاً، ولکنها لیست صالحة حتی الآن لزراعة الغلات. وتعتبر التمور أهم المنتجات الزراعیة التي تشکل القسم الأکبر مما تنتجه إیران منها. کما یجدر ذکر الحنّاء الذي یأتي في الدرجة الثانیة بعد التمور.
وقد جاء في إحصاء 1976 م أن عدد سکان محافظة آبادان یبلغ 911/376 نسمة؛ 8/81% منهم یقیمون في المدینة و 2/18% منهم في القری. وبناء علی هذا الاحصاء فان 1/99% من مجموع هؤلاء السکان هم من المسلمین، والبقیة من أتباع الأدیان الأخری؛ ویتکلم أکثر اهالي آبادان بالفارسیة وهناک أقلیة تتکلم بالعربیة واللُّریّة أیضاً.

قریة آبادان

هي قاعدة مقاطعة «آبادان» وقسم من محافة خوزستان، تقع في الشمال الغربي من جزیرة «آبادان» عند دائرة عرض 030 و 22َ شمالاً و خط طول 048 و َ15 شرقاً. تبعد عن طهران 1066 کم و تتمتع بمناخ صحراوي، حار وجاف، خال من الثلوج والصقیع وحرارتها في الصیف عالیة نسبیاً، و کمیة هطول الأمطار قلیلة جداً حیث تبلغ حوالي 150 ملم في السنة یتساقط أغلبها في الشتاء.

تأریخها

یُستنبط مما أورده المؤرخون والجغرافیون أن آبادان کانت تتمتع یوماً ما بشيء من الأهمیة من الناحیتنین السیاحیة والملاحیة. ومن الواضع أن هذه المدینة التي کانت تقع کما ورد في روایات بعض الماضین، کابن بطوطة (تـ 779/1377) «وفي أرض سبحة» (رحلة، ص 189) و کما یقول ابن جُزَيّ (بروایة ابن بطوطة) «لاتسقط فیها الأمطار، ولیست لها مزارع» لایمکن أن تکون مزدهرة من الناحیة الزراعیة. و یبدو أن ما ذکره «لسترنج» (ص 49) عن جبایة عبادان لحکومة البصرة وقدرها 441،000 دینار، وتبعه، کما یظهر، في ذلک دانشنامۀ إیران و إسلام و ایرانیکا، لیس صحیحاً لثلاثة أسباب: الأول أن ماورد في المصادر المذکورة أعلاه والتي تعتمد علی نزهة القلوب، لحمدالله المستوفی لاینطبق مع نص عبارات هذا الکتاب، فقد ذکر المستوفي في معرض حدیثه عن مدینة البصرة: «إن مدناً کثیرة تابعة لها وأهمها بَلاس وزَکیّة ومَیسان… ولیس وراء عبادان قریة، وتبلغ جبایة البصرة والمدنالتابعة لها، أربعاً و أربعین توماناً وألف دینار [441،000] بصرف زمنه» (ص 40). والحدیث في هذا التقریر عن مبلغ جبایة البصرة ولیس عن جبایة عبادان للبصرة؛ والثاني أن المستوفي یذکر عادة في نهایة وصفه لکل مدینة وقریة مقدار جبایتها أیضاً، ولهذا یبدو أنه من المستبعد ألّا یذکر جبایة مدینة البصرة الکبیرة وهو الذي یتحدث عن جبایة کل مدینة و بلدة؛ والثالث أنه بالنظر لمقدار مایُجبی من البلدان والمدن المشابهة الاخری وحتی التي هي أکبر من عبادان والتي ذکر منها في نزهة القلوب، فان تسدید مبلغ 441،000 دینار عن قریة أو «مدینة صغیرة» مثل عبادان یبدو غیرمعقول، لأن مبلغ جبایة أي مدینة أو بلدة لایصل حتی الی 100،000 دینار. وبالأضافة الی کل ذلک فان القرائن تدل علی ان آبادان لم تکن في الماضي مدینة کبیرة تشبه المدن الکبری في ذلک العصر. فمؤلف کتاب «حدود العالم» یصفها بأنها مدینة «صغیرة» وأن آبادان تقع علی ساحل البحر، حیث «إن جمیع الحصران العبادانیة والسامانیة تصنع هناک، وإن ملح مدینتي البصرة وواسط من هناک» (ص 152). وشمس‌الدین محمد الأنصاري (تـ 727/1326) یذکر آبادان بأنها «آخر قریة علی ساحل البحر» (نخبة الدهر، ص 154)، أما ابن‌بطوطه فیقول بأنها «قریة کبیرة» (رحلة، ص 189)، ویصفها ابن‌حوقل بأنها «حصن صغیر… علی شط البحر» (صورة الأرض، ص 6). وکان مؤلف و الکتب الجغرافیة القدامی بشکل عامیرون أن قریة أو مدیة آبادان تقع في أقصی شماليّ غربي الخلیج‌الفارسي وهي الموضع الذي تجتمع فیه فروع نهر دجلة و مصبها في البحر (ابن خلدون، 1/104) حیث لاتوجد بعدها قریة، والمثل «لیس وراء عبّادان قریة» یدل علی هذه الحقیقة. ولکن علی اثر رواسب الأنهار الوافرة واتساع مصب نهر أروند (شط العرب) أصبحت مدینة آبادان – التي کانت في أیام ابن بطوطة تبعد عن الساحل ثلاثة أمیال – علی بعد 50 کم من أقصی نقطة في الشمال الغربي من الخلیج حالیا. وینسب بعض القدماء بناء مدینة آبادان الی أردشیر، خلیفة اسفندیار بن گُشتاسب، حیث بناها في سواد دجلة (فخر مدبّر، ص 9)، في ولایة أو کورة «بهمن أردشیر» (المسعودي، ص 35) أو بهمنشیر الحالیة. وتعود شهرة مدینة آبادان في القرون الأولی للهجرة بشکل عام الی الخانات والخانقاهات و المساجد المتعددة فیها، وکذلک بسبب المقبرة أو التکیة المنسوبة الی الخضر والیاس التي کانت في ضواحي بهمنشیر، حیث یشرح لنا ابن بطوطة بالتفصیل لقاءَه مع عابد کبیر کان قد اعتزل في احدی تلک الخانقاهات (رحلة، ص 199، 200). ومقبرة الخضر قائمة لحد الیوم، وقد عرفت «آبادان» بین العرب حتی الفترة الأخیرة بـ «جزیرة الخضر» لوجود هذه المقبرة فیها.
ونسب «یاقوت» عدداً من الزهاد والمحدثین الی «آبادان». وقد تعرضت «آبادان» شیئاً فشیئاً منذ القرن السابع والثامن الهجري/ الثالث عشر والرابع عشر المیلادي فما بعد الی الخراب وبخاصة بعد امتداد سواحلها في عرض البحر. کما آلت الی قریة وفقدت أهمیتها التجاریة نتیجة لاتساع مدینتي البصرة والمحمَّرة (خُرَّمشَهر الحالیة).
آبادان الجدیدة: بدأ ازدهار واتساع آبادان، خاصة بعد اکتشاف النفط لأول مرة في مسجد سلیمان (1326/26 أیار 1908 م) وإنشاء مصفی کبیر للنفط في هذه الجزیرة (1909-1912 م)، وبعد ذلک تدفق الخبراء والعمال من المدن البعیدة والقریبة الی هذا 
المرکز الصناعي الجدید وتکوّن بذلک مجتمع یضم أنواع القومیات والعقائد والمستویات الثقافیة و تطور الوضع الاقتصادط وازدهر فیها بسرعة.
السکان: ازداد عدد سکان آبادان مع اتساع صناعة النفط والازدهار الاقتصادي، حیث أصبح 226،000 نسمة في سنة 1956 م بعد أن کان 100،000 نسمة في سنة 1943 م، و بلغ 296،000 نسمة في 1976 م بعد أن کان 276،000 نسمة في 1966 م، ولم یتیسر تعیین العدد الدقیق لسکان آبادان بعد هذا التاریخ لکونها من المناطق الحربیة حین کتابة هذه المقالة.
کان یقیم 8/81% من سکان مقاطعة آبادان – التي تضم 376،900 نسمة عام 1976 م – في المدینة، وبناء علی ذلک فقد ضمّت آبادان أعلی نسبة من النفوس بین مدن خوزستان و مع ذلک فقد کان عدد سکان آبادان في حالة تناقص نسبي خلال العقدین الأخیرین قبل بده الحرب بین العراق و ایران (1980 م) وبنشوب الحرب انخفض دفعة واحدة.

صناعة النفط

یعود ازدهار مدینة آبادان في الآونة الأَخیرة الی صناعة النفط. فقد ازدادت طاقة المصفی من 120،000 طن في سنة 1912/1330 الی 10 ملایین طن في سنة 1358/1939، والی 21 ملیون طن في سنة 1379/1960 والی 23 ملیون طن في سنة 1396/1976. وکان هذا المصفی الی سنة 1364/1945 یعد أکبر مصفی في العالم ومرکزاً لتصدیر أکبر کمیة من المنتجات النفطیّة في النصف الشرقي للکرة الأرضیة، وکان من أکبر مصافي النفط في العالم الی ما قبل بدایة الحرب العراقیة الإیرانیة. کما أن الصناعة البنروکیمیاویة في آبادان حققت تقدماً خلال السنوات 1379/1960 الی 1390/1970، ولکنها توقفت عند نشوب الحرب.

الوضع العمراني والاجتماعي قبل الحرب

کانت آبادان الی ما قبل الحرب العراقیة الإیرانیة من أکثر مدن ایران تقدماً في المجال المدني، من بناء البیوت وشق الشوارع وإنشاء الأرصفة النفطیة و وجود مطار دولي ومئات المراکز التجاریة والحدائق العامة و دور السینما و النوادي و محلات البیع الحدیثة وغیرها، وذلک بفضل صناعتها النفطیة؛ ویغطي المصفی مساحة واسعة من المدینة.
وکان العمال والموظفون یعیشون في بیوت خططت تخطیطاً  حمیلاً ویتمتعون بامکانیات من الرفاهیة والخدمات الاجتماعیة حیث یتناسب کل ذلک و رتبهم الإداریة. کما کانت السیاسة العامة لشرکة النفط البریطانیة – الإیرانیة السابقة في إسکان موظفیها و منح الإِمکانیات لهم تعتمد علی درجة التخصص والمرکز الإداري والالتزام الکامل بدرجاتهم الاجتماعیة. وقداستمرت هذه الطریقة بعد تأمیم شرکة النفط في سنة 1951 م و خاصة في المناطق السکنیة التي کانت تحت اشراف شرکة النفط فجعلت منها أحیاءً یتمیز بعضها عن الآخر، و فرضت النظام الطبقي علی المدینة بأکملها؛ حیث خُصص حَيّ (بریم) الأخضر  الناضر بجانب نهر أروند، ببیوته الواسعة الفخمة لکبار الموظفین، و حَيّ البوارده ببیوته الفخمة نسبیاً للمدراء من الدرجة الثانیة، وأحیاء بهمنشیر، فرح‌آباد و جمشید ببیوتها الصغیرة للعمال. أما الأحیاء التي لم تکن تحت إشراف شرکة النفط – والتي یتجلی فیها آثار الطراز الإسلامي في بناء البیوت لم تکن تتمتع بالتنسیق والتنظیم و التسهیلات التي کانت تمتاز بها الأحیاء التي کانت تحت إشراف الشرکة. وکانت آثار سیاسة التمییز الطبقي واضحةً للعیان في بعض الأحیاء مثل حي أحمدآباد في شرق المدینة حیث تعتبر بعدد سکانها الذي یبلغ 80،000 نسمة من أحیاء آبادان الفقیرة. إنّ تنفیذ سیاسة التمییز الطبقي في توزیع الإمکانیات المادیة والذي أدی الی عدم الانسجام الملحوظ، امتد الی المیدان الثقافي وسائر النواحي المعنویة في المجتمع. فکانت نسبة الأمیّة مثلا في سنة 1956 م في أحمدآباد 49% وفي الأحیاء السکنیة للعمال 35%، بینما انخفضت نسبتها الی 3% في حیّي بریم والبوارده. فکانت نسبة الأمیّة بین العمال الفنیین 45% والعمال العادیین 55%؛ وقد أدی التباین في الحصول علی الإمکانیات المادیة للمعیشة والمزایا الاجتماعیة إلی نشوء الاختلاف في الآراء والأدواق و النزعات و القیم وأنواع السلوک الاجتماعي لمختلف الفئات في آبادان. وبینما کان عمال شرکة النفط والفئات الکادحة الأخری یحتفظون بنزعاتهم‌الدینیة وطقوسهم الوطنیة، ضعفت هذه النزعات والأخلاق والطباع الایرانیة شیئاً فشیئا لدی الطبقة المرفهة (نظراً لاتصالهم الوثیق والواسع بالأجانب وسعیهم في تقلیدهم، وتلونهم بالحضارة الغربیة وقیمها). وخلاصة القول أن صناعة النفط غدت أساساً للتمییز الطبقي في المجتمع بآبادان بشکل لم یسبق له مثیل في المدن الایرانیة الأخری؛ وکان السوق هو العامل القوي الوحید الذي استطاع أن یساعد الی حد ما علی الامتزاج في الطبقات الاجتماعیة؛ وإضافة الی ذلک فإن التقالید المتبعة في السوق ولدی التجار تقف في الجهة المعاکسة تماماً لشرکة النفط والنظام الاجتماعي الناجمة عنها حیث وصفوا آبادان بأنها مدینة الأضداد أو مدینة الأبیض والأسود.
فالقسم الأبیض منها مثال للمدینة الأوروبیة، والقسم الأسود نموذج لمدینة شرقیة متخلفة.
ورغم أن آبادان کانت طیلة أکثر من 60 عاماً ترضخ لسیاسة الإِنجلیز والأمریکیین المباشرة وغیر المباشرة، فقد کانت هادئة ظاهریاً. إِلّا أن النقمة و الحرمان تبدّ لا الی جَمرٍ تحت الرماد اضطرم بأول بادرةٍ ثوریة إسلامیة في سنة 1978 م والتحق أهالي آبادان الناقمین بالصفوف الثوریة الایرانیة الأخری. وقد لعب عمال النفط – الذین کانوا یمسکون بشرایین اقتصاد البلاد – دوراً هاماً جداً، حیث عطلوا العمل في مصافي النفط تعطیلاً کاملاً تقریباً بغیة إخضاع الحکومة آنذاک؛ وواصلوا مسیرتهم – علی‌الرغم من مساعي الدولة لإعادتهم الی أعمالهم بالترغیب أو الترهیب – مع بقیة أهالي المدینة الثائرین، الی أن انتصرت الثورة في شباط 1979 م.

آبادان بعد بدء الحرب

لم تکد مدینة آبادان تستعید ازدهارها بعد الاضطرابات والخسارات التي لحقتها في أیام الثورة حتی تعرضت بعد نشوب الحرب العراقیة الإیرانیة (في 22 ایلول 1980 م) لغارات الجیش العراقي الجویة والهجمات البریة الشدیدة فأصیبت بأضرار مادیة وانسانیة کبیرة. کما ألحقت هذه الحرب أصراراً بالغة بالمصفی والمنشآت النفطیة والمرافئ والمطار والمراکز الصناعیة والاقتصادیة الأخری وشبکات الري واجهزة الطاقة الکهربائیة وبالمناطق السکنیة ایضاً وأدت الی نخفاض کبیر في عدد السکان و انتاج النفط وشل النشاط الاقتصادي أو رکوده. وقد بقیت آبادان في محاصرة العراقیین الکاملة لمدة سنة تقریباً، وبعد فک الحصار کانت هدفاً لوابل قنابل العراق المستمر علیها لفترة من الزمن فلم تبق بقعة منها سالمة في المدینة. وبناء علی ما جاء في احصاء نشرة مرکز إعادة بناء المناطق المتضررة من جراء الحرب فان ما تهدم حتی سنة 1983 م، 20% من 39،650 وحدة سکنیة في آبادان و 50% من 1280 وحدة و 100% أو أقل من 713 وحدة؛ وتبلغ نسبة الخسائر التي تعرضت لها المنشأت النفطیة والبتروکیمیاویة في آبادان الی سنة 1982 م، 113 ملیار و 280 ملیون ریال. کما أُبید قسم کبیر من الساحات الخضراء في المدینة بسبب تساقط المواد المدمرة و الحارقة علی آبادان و عدم توفر المیاه. وکان هذا خسارة بالغة لمدینة مثل آبادان تتمتع بمناخ حار جداً وظروف جویة غیر ملائمة وبالإضافة الی ذلک فإن استعمال العراقیین للأسلحة الکیمیاویة کان سبباً في تلوّث المدینة، وأدّی بالتالي الی تشرید السکان منها.

إعادة بناء آبادان

لقد خطت الدولة والمؤسسات الثوریة والجمعیات الإسلامیة والوطنیة، خطوات مؤثرة في ترمیم وإعادة بناء ما دمر من مدینة آبادان أسودة ببقیة المدن التي أصابها الهدم و التخریب حراء الحرب؛ حیث وضعت مخططات و برامج عمرانیة واسعة، من المؤمل أن یتم إنجازها بعد إخماد نار الحرب مباشرة. وقد أنیطت ادارة و تنسیق الجهود المبذولة لإعادة بناء ما أصابه الدمار الی مرکز تجدید وإعادة بناء المناطق المتضررة بالحرب، المستقر في وزارة الداخلیة للجمهوریة الإسلامیة الایرانیة.

المصادر

إبن بطوطة، محمد بن ابراهیم، رحلة، بیروت، دار صادر، 1384 هـ، ص 189 – 200؛ ابن حوقل، ابوالقاسم محمد، صورة الأرض، تجـ جعفر شعار، تهران بنیاد فرهنگ ایران، 1345 ش؛ ابن‌خلدون، عبدالرحمن، العبر، بیروت، دار الکتب، 1956 م؛ أبوالفداء، اسماعیل بن محمد، تقویم البلدان، تقـ م. رینو، باریس، 1840 م؛ ادارۀ کل انتشارات و رادیو، خلیج‌فارس، (مجموعة خطب)، تهران، 1342 ش، ص 38-48؛ الاصطحري، أبواسحق ابراهیم، المسالک والممالک،تقـ ایرج افشار، تهران، بنگاه ترجمه و نشر کتاب، 1347 ش؛ اعتمادالسلطنة، محمدحسن‌خان، مرآت البلدان، دار الطباعۀ مبارکۀ دولتي، 1294 ش، ص 689-692، 696-701؛ الأنصاري، شمس‌الدین محمد، نخبة‌الدهر، تجـ حمید طبیبیان، تهران، بنیاد فرهنگستانهای ایران، 1357 ش، ص 154-155؛ ایرانیکا؛ بکران محمد نجیب، جهان‌نامه، تقـ محمدأمین ریاحی، تهران، ابن‌سینا، 1342 ش، ص 47-48، 105؛ البلاذري، أحمد بن یحیی، فتوح‌البلدان (قسم ایران)، تجـ آذرتاش آذرنوش، تهران، سروش، 1364 ش؛ حدود العالم، نقـ منوچهر ستوده، تهران، طهوري، 1362 ش، ص 47؛ دانشنامۀ ایران و اسلام؛ دایرة‌المعارف اسلام (الثاني)؛ ستاد بازسازي و نوسازي مناطق جنگ‌زده، أهم فعالیت‌هاي بازسازي و نوسازي مناطق جنگ‌زده در سال 1361 و 1362 ش، تهران، 1363 ش، ص 16، 27، 51، 187، 188؛ شرکت ملي نفت، روابط عمومي، نفت آبادان، آبادان 1343 ش؛ شرکتهاي عامل نفت ایران ، نکاتي چند دربارۀ آبادان تهران، 1346 ش؛ فخر مدیر، محمد بن منصور، آداب الحرب والشجاعة، تقـ سهیلي خوانساري، تهران، اقبال، 1346 ش؛ فره‌وشي، بهرام،«اروند رود»، مجلۀ دانشکدۀ ادبیّات دانشگاه تهران، س 17، عد 1 (مهر 1348 ش)، ص 75-87؛ مرکز آمار ایران، فرهنگ آبادی‌هاي کشور (احصاء آبان 1355 ش)، خوزستان، 1361 ش، 16/3-6؛ المستوفي، حمداللَّه، نزهة القلوب، تقـ جي لسترنج، تهران، دنیاي کتاب، 1362 ش؛ المسعودي، علي بن الحسین، التنبیه والاشراف، تقـ عبدالله اسماعیل الصاوي، القاهرة، دار الصاوي، 1357 هـ؛ المقدسي، محمد بن أحمد، أحسن التقاسیم تجـ علینقي المنزوي، تهران، شرکت مؤلفان و مترجمان، 1361 ش؛ منوچهري، احمد بن قوص، دیوان منوچهري دامغاني، تقـ محمد دبیر سیاقي، تهران، زوار، 1362 ش، ص 112؛ المهندسون الفنیون في المنطقة، طرح ترسیمي ضربتيَ جامع تفصیلي آبادان (الموجود في مرکز اعادة وتجدید بناء المناطق المتضررة بالحرب)، آذرماه 1361 ش، ص 4-7، 13-15؛ ـــــ، طرح پیشنهادي براي بازسازي مناطق جنگ زده، آبادان، خرداد 1361 ش، (موجود في مرکز اعادة بناء المناطق المتضررة بالحرب في وزارة الداخلیة)؛ میرزامحمد، علي‌رضا، الخلیج‌الفارسي عبر القرون والأعصار، تهران، مجمع الآداب والفن الایراني، 1394 هـ، ص 15، 19، 47؛ ناصرخسرو، أبومعین، سفرنامه، تقـ محمد دبیر سیاقي، تهران، انجمن آثار ملی، 1354 ش؛ وزارة العمل والشؤون الاجتماعیة (المدیریة العامة لاحصاء القدرة البشریة)، بررسی مسائل کلی نیروي انساني واشتغال استان خوزستان، عد 12، شهریور 1362 ش، ص 6-7؛ ولسون، آرنولد، خلیج‌فارس، تجـ محمد سعیدي، تهران، بنگاه ترجمه و نشر کتاب، 1348 ش، ص 11؛ یاقوت الحموي، أبوعبداللَّه، معجم‌البلدان، تقـ فردیناند ووستنفلد، لایبزیک، 1866-1870؛ وایضاً؛ 

Le strange, Guy, The Land of the Eastern caliphate, London, 1966.
مجدالدین کیواني 
 

 

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: