مفهوم التقدم العلمي في العالم الإسلامي

1444/8/14 ۱۲:۴۲

 مفهوم التقدم العلمي في العالم الإسلامي

یتطرق معصومي همداني في کلمته هذه إلی نقاط جدیرة بالتأمل حول أصل فکرة التقدم و تطورها من فکرة إلی أیدیولوجیة. و قد ألقیت هذه الکلمة في مدرسة "فکرة التقدم: بحوث في الفلسفة و العلم و التأریخ" بإدارة معهد بحوث الحکمة و الفلسفة الإیرانیتین.

الحقائق تعوم في أمواج الشبهات

محسن آزموده: أحد الإطارات الفکریة السائدة بین المولعین بالمواضیع الفکریة و الثقافیة في عصرنا یتمثل في القول بأن فکرة التقدم أو الرقيّ (progress) هي من الأفکار و الاتجاهات الفکریة الحدیثة المحوریة و الأساسیة. و أن أحدا في مرحلة ماقبل الحداثة لم یکن یفکر بالتقدم.

الباحث الإیراني المعروف في مجال فلسفة العلم و تأریخه/ حسین معصومي همداني یعارض هذا الرأي خلال کلمته الحاضرة. فهو بالاستناد إلی آثار و مؤلفات أصیلة لعلماء کبار کزکریا الرازي و ابن الهیثم و أبي ریحان البیروني یبرهن علی وجود فهم و انطباع واضحین لدی هؤلاء عن التطور، بل عن التقدم الکمّي و النوعي، في العلم. کما یأتي حسین معصومي همداني خلال کلمته هذه بنقاط جذابة حول أصل فکرة التقدم و تطورها من الفکرة إلی أیدیولوجیا. و هذا جدیر بالانتباه لکونه یضيء الطریق إلی حد کبیر. ألقیَت هذه الکلمة في مدرسة "فکرة التقدم: بحوث في الفلسفة و العلم و التأریخ" بإدارة معهد بحوث الحکمة و الفلسفة الإیرانیتین. و ها هو تقریر عنها نقدمه لکم:

*******

 من الأفضل أن نستعین بعبارة "الفکرة" بدلا عن عبارة "المفهوم". لأن المفاهیم (concepts) حسب التعریف الذي یقدَّم لها  عادة یتم طرحها في إطار النظریات. فمصطلح "التقدم" [="پیشرفت" بالفارسیة] یُستعمَل مقابل progress . حیث کنا في إیران نستعمل سابقا مصطلح "الرقّي" [ = ترقّي بالفارسیة]. کما أن الکتاب المشهور الذي ألفه "فریدون آدمیّت" حول عهد "سبهسالار"، کان عنوانه " فکرة الترقي و حکومة القانون". إذن، "ترقي" [بالفارسیة] تعادل في المعنی مصطلح "التقدم" نفسه في الوقت الحاضر.

الفکرة بدلا عن المفهوم

کل إنسان ذي نزعة مثالیة من ذوي التفکیر الفلسفي عنده تعریفه المحدد لنفسه. بینما أن الإنسان التقدماني [بروغریسیست] لایستطیع أن یقدم تعریفا محددا لنفسه. و علی العموم یمکن القول بأنه إنسان یعتبر ما هو الخیر خیرا و ما هو الشرّ شرا. و هو مستعد للتضحیة بنفسه و التدخل في شؤون المجتمع من أجل تحقیق ما هو الخیر و التوقي مما هو الشرّ. کما أنه بالصعوبة یتم الاتفاق علی  مفهوم و معنی التقدم و ممیزاته . إذن، من الأفضل أن نتحدث عن فکرة التقدم بدلا عن مفهومه. هذه الأفکار الخاصة بالتقدم لیست مرتبطة بعلم خاص أو بتخصص محدد. فنطاق امتدادها رحب جدا. الجمیع یستعملون عبارة التقدم سواء الفلاسفة أو علماء الاجتماع أو غیرهم. فهي لیست عبارة خاصة لجماعة معینة في الاجتماع دون غیرها. و بسبب الغموض الموجود في مصطلح التقدم، یستعمله مختلف الجماعات لأغراض و معانٍ متفاوتة، عندما نحاول التدقیق فیها تفقد شمولیتها فتتحول إلی مفاهیم تندمج في نظریة خاصة. علی سبیل المثال، لو تحدثنا عن "التقدم الاقتصادي" بدلا من عبارة "التقدم" بشکلها العام، نکون قد دخلنا في علم الاقتصاد، حیث نواجه  معاییر محددة و حتی معاییر کمّیّة لهذه العبارة. لذلک، فإن مصطلح التقدم الذي کان یمثل مصطلحا مفتاحیا في القرن الثامن عشر، حل محله تدریجیا مصطلح "التنمیة" (development) في مجالات کالاقتصاد و السیاسة. لأن عبارة "التقدم" یکتنفها الغموض و لیس مدلولها الحقیقي واضحا، و هي بوجه خاص یشیر إلی أمور غیرقابلة للتقدیر و القیاس. و المیزة الأخری التي تتمتع بها الفکرة دون المفهوم، هي أن الفکرة تنطوي علی الحفز و التحریک، أي من شأنها أن تحفز الناس علی العمل و الإقدام و تکوّن عقیدة راسخة. فعلی سبیل المثال، مجرد القناعة بفکرة التقدم، تجعلنا نعمل علی تحقیقه و نقول بأنه یجب أن نحقق التقدم. و لهذا السبب، تکون الفکرة مستعدة لتتحول إلی الأیدیولوجیا بمعناها المذموم. کما أننا فیما یخص فکرة التقدم ، قد نتجاوز حد القول بـ "وجوب تحقیق التقدم" إلی القول بـ "نحن نحقق التقدم حتما"! إن التقدم في ساحة العمل نوع من الشعور یعتري بعضا من الناشطین الاجتماعیین نتیجة المقارنة. علی سبیل المثال، یقارنون بین مجتمعین لکل منهما ظروفه، ثم یعبّرون عن ذلک بالتقدم. لکن عندما لایکون المقصود نطاقا معینا أو أمورا قابلة للقیاس و المقارنة، عندئد لو سألناهم ماذا تقصدون من ذلک بالتحدید؟ نجدهم یستعینون بتعابیر عامة. فمن هذا المنطلق، تعریف التقدم شأنه تعریف الوجود في الفلسفة. لاشک أن من یعتقد بالتقدم و یوجد لدیه الشعور بذلک، یحاول تقدیم شواهد موضوعیة للدلالة علیه، لکن لیس من المعلوم أن تکون الشواهد التي یقدمها إثنان في هذا المجال هي نفس الشيء.

فکرة التقدم العلمي

إذا اعتبرنا التقدم ـ علی أقل تقدیر في مرحلة البدایة ـ من مقولة الإحساس و الشعور، یمکننا أن نضع جانبا تلک النظریات التي لاتؤمن أصلا بالتقدم أو تتحدث عن  کون النظریات العلمیة غیرقابلة للقَیس المشترک (incommensurable). إنني علی قناعة بأن ما عنوانه التقدم العلمي موجود ـ أو کان موجودا علی أقل تقدیر ـ و أن استخدامه جائز. و الدلیل علی ذلک ـ تأریخیا ـ هو أن المجال العلمي قد شهد في فترات زمنیة وجود الشعور بالتفاوت، و أن ظهور هذا الشعور بالتفاوت لم یکن مقتصرا علی عصر الحداثة. و هو مازال موجودا رغم آراء المتأخرین من الفلاسفة. أي قبل أن یبدي فلاسفة العلم الشک في أصل التقدم، ظل العلماء یعتقدون بوجود هذا المفهوم و کان لدیهم هذا الشعور لعدة قرون، سواء أکان ذلک بسبب سذاجتهم أو لأي سبب آخر. و لهذه العقیدة أو الشعور وجهان. حیث صنّفتهما فلسفات العلم المقتنعة بالتقدم تصنیفا نظریا: 1 ـ إن العلماء ـ و ربما الناس العادیین بتأثیر من إلقاءات العلماء ـ یعتقدون أنهم یعلمون أکثر ممن کانوا قبلهم و أن تفاصیل علمهم أکثر منهم (knowing what). 2 ـ هؤلاء کانوا علی اعتقاد بأنهم یعلمون أکثر ممن کانوا قبلهم و أنهم یملکون نظریات أفضل (knowing why). و هذا الشعور ظهر في الساحة العلمیة قبل ظهوره في السیاسة و الاقتصاد، أي قبل أن تتحول فکرة التقدم إلی أیدیولوجیا أو حافز علی العمل، و تجتاح کل المجتمع و الحضارة. فعلی سبیل المثال، نجد أن الفیلسوف الفرنسي/ کندورسيه عندما کان في سجن الثورة الفرنسیة ینتظر عقوبة الإعدام، طرح نظریته القائلة بأن کل المجتمعات البشریة تمر علی مراحل مختلفة. فقدم لوحة تأریخیة عن تقدم المجتمعات البشریة عبر مراحل متلاحقة کل منها أکثر تقدما من المرحلة السابقة. و اتخذ هذا المفهوم فیما بعد معنیً أعمق و أهم في فلسفة هیغل. ثم حاول أوغوست کونت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر تحدید مراحل التقدم وفقا لوجوه التقدم المعرفي. إإذن، لیس فقط فکرة التقدم، و إنما أیدیولوجیا التقدم أیضا، صارت مطروحة علی أساس التطورات العلمیة.

یمکن التحدث عن التقدم علی وجهین: 1 ـ التقدم کأمر واقع أو کشعور أو قناعة لدی مجموعات من الناس؛ 2 ـ التقدم علی أساس البحث و الدراسة بعد مرور مرحلة زمنیة، وفقا للمعاییر أو المؤشرات المستقاة من العلوم الإنسانیة. فعلی سبیل المثال، قد یری الباحثون بأن نسبة استهلاک البروتین هي المعیار للتقدم في أمر التغذیة، فیقولون  أن طوال القرن الثامن عشر ـ کمثال ـ ازداد استهلاک البروتین لدی الألمان بنسبة 12 في المائة. لکن هذا لیس أمرا محسوسا بالنسبة لمن عاشوا في ذلک الوقت، بسبب صعوبة تقدیره و قیاسه و لأنه بطيء جدا و تدریجي في نفس الوقت.

مواجهة التقدم و العودة إلی الوراء

نحن عادة نعزو فکرة التقدم إلی بدایة عصر الحداثة، و نعتبر هذه البدایة متزامنة مع عصر النهضة [الأوروبیة]. بینما أن الازدواجیة في فکرة التقدم کانت مشهودة منذ عصر النهضة نفسه. حیث کان من المفروض أن یشهد ذلک العصر ـ و کما یوحي به عنوانه ـ نوعا من إعادة الولادة. بمعنی أنه في الوقت الذي کان رواد النهضة یفکرون في تحسین الظروف القائمة سیما في مجال العلم و الأدب و سلوک الناس، یدعون في نفس الوقت إلی العودة للمُثُل و النماذج الماضیة. فعلی سبیل المثال، کانوا یتحدثون عن إحیاء/ أو العودة إلی/ النماذج المعماریة الإغریقیة و الرومانیة. أي أن فکرة التقدم في کثیر من الحالات ترافقت مع العودة إلی ما کان موجودا في الماضي. علی سبیل المثال، تقول حنة أرندت بأن جماعة الثورة الفرنسیة کانوا علی الاعتقاد بأنهم یجب ألایسیروا فقط مع القوی التي تدفع التأریخ إلی الأمام، و أنما یجب أن یعودوا [إلی ما کان في الماضي]. لأن ما حدث علی مر التأریخ دفع بالمجتمع إلی الفساد و التردّي. فعلینا أن نعود إلی الوضع الذي کان سائدا قبل هذا الفساد و التردّي. و هذه العودة یمکن أن تتحقق عبر الثورة. إذن، هناک نوع من الجدلیة بین فکرتي التقدم و العودة إلی الوراء، و هذا ما لایفکر به عادة التقدمیون تفکیرا جدّیا. حتی هذه العلاقة الجدلیة في مجال العلم کانت موجودة إلی زمن نیوتن. حیث کان أرخمیدس ـ علی سبیل المثال ـ نموذجا یُقتدی به عند نیوتن. [فقالوا] علینا أن نعود ألی الماضي. أو خلال عصر النهظة نری کثیرا من المؤمنین بالفلسفة الإنسانیة أنهم کانوا متحمسین لنشر اللغة اللاتینیة انطلاقا من قناعتهم بضرورة العودة إلی لغة فیرجیل و سیزار و ... باعتبارها اللغة التي لم تکن اللاتینیة الکنسیة قد أفسدتها حسب رأیهم.

بین النهضة [الأوروبیة] و الثورة العلمیة: بین الأکثر و الأفضل

إن ما ظهر في النهضة الأوروبیة، و جاء أفضل تعبیر له في آراء فرنسس بیکون، هو مفهوم تقدم متکامل. أي أن التقدم في وجهه الأول یعني نحن نعلم أکثر. و لم یکن هناک جهد لإیضاح أن [هذا "الأکثر"] کیف یتحول إلی الأفضل. و هذا ترافق مع سلسلة من الأحداث. علی سبیل المثال، خلال فترة تجوال الأوروبیین في البحار و الاکتشافات الجغرافیة الکبری، یقول العالم الریاضي الإیطالي/ تارتالیا (1500 ـ 1557م) في مسرد سیرته الذاتیة: عندما وُلدتُ کان العالم نصف ما هو الآن. فخلال سني حیاته تم اکتشاف جزء کبیر من أمریکا و جنوب القارة الأفریقیة. و منذ ذلک الوقت ازدادت و تنامت الرغبة في البحث و التحقیق حول أنواع و أصناف الکائنات و الحیوانات و النباتات التي کانت غیرمعروفة من قبل. إذن لایجوز اعتبار عصر النهضة معادلا للعصر المسمی (بحق أو بلاحق).بـ "الثورة العلمیة". إن عصر التقدم النوعي یأتي في نهایة عصر النهضة. أي یبدأ عصر تُطرح فیه إطارات جدیدة لتفسیر الأمور. فیتخذ "المزید من العلم" أهمیته في ظل "العلم بوجه أفضل". فإذا علمنا بشکل أفضل، تلقائیا یمهَّد سبیلُنا إلی المزید من العلم أکثر من ذي قبل و نزداد قدرة علی تقدیر الأمور.

القناعة بفکرة التقدم لدی المفکرین المسلمین

هل شهد العصر الإسلامي مثل هذا الشعور أو هذه الفکرة؟ نحن أمام طریقین: أولا یجب أن نری هل نحن الیوم نجد تقدما في ذلک العصر بما یتفق مع معاییر تدوین التأریخ العلمي أم لا؟ شأن ذلک شأن موضوع ارتفاع نسبة البروتین في ألمانیا القرن الثامن عشر. خلال مقدمة علی کتاب بعنوان " الطریق و الکلمة: العلم و الطب في الصین و الإغریق خلال العصور الأولی" (The Way and the Word: Snience and Medicine in Early China and Greece) یقول عالم الدراسات الأرسطاطالیسیة/ جفري لوید و متخصص تأریخ العلم في الصین/ وناتان سیوین ما یلي: "العلم الطبیعي الحدیث لیس وریثا مباشرا للفلسفة الطبیعیة الإغریقیة. فقد انکشف بطلان هذه الأسطورة منذ وقت طویل، منذ انتبه المؤرخون إلی موضوع أرضیة الاکتشاف context of discovery)) . و بدلا من تلک الأسطورة، أصبح المؤرخون یبحثون الیوم عن منشأ التخصصات الحدیثة أو الفروع العلمیة الحدیثة في ترکیبة تکونت في العالم الإسلامي علی رکیزة من التقالید السریانیة و الإیرانیة و الهندیة و الإغریقیة و الرومانیة و کذلک التقالید المتعلقة بالشرق الأوسط و شرق آسیا. و هذه الترکیبة دخلت أوروبا منذ حوالي عام 1000 م فجلبت معها ما لم یحلم به العلم الإغریقي. و هذا الأمر أسفر عن تغییرات أصبحت تزداد سرعة حتی زماننا المعاصر". و یمکن تقدیم أمثلة محددة لهذه الرؤیة. و علی أي حال، شهدت تلک الحقبة أحداثا و مستجدات لم یکن عهدٌ بها من قبل، کظهور علم الجبر في تلک الحقبة. حیث إن ظهور هذا الفرع العلمي الجدید ترک تأثیرا کبیرا للغایة سواء في الفلسفة الریاضیة أو في علم الریاضیات نفسه. لکن، هل الشعور بالتقدم کان موجودا فعلا لدی العلماء المسلمین؟ لقد أکد الدکتور حسین نصر أکثر من غیره علی عدم وجود التقدم بمعناه الجدید في العلم السائد خلال العهد الإسلامي. فکان السید/ نصر یبحث عن النموذج العلمي في العلوم الخفیة و في مجالات کالکیمیا و أحکام علم الفلک. و کان قد ظهر نوع مقدس من کتابة التأریخ في سیاق هذه العلوم، سواء أن کانت منتسبة إلی کبار الرجال الباغانیین أو کبار شخصیات الدیانات الإبراهیمیة أو کبار الشخصیات الإیرانیة. و بما أن هناک حکمة خالدة واحدة  حسب هذه الرؤیة، فإن الغایة من العلم و مفعول العلم تقتصر علی بیان حقیقة خالدة. و هذا ما یعارض فکرة تقدم العلم.

و في مقابل هذا الموقف، یتّضح من خلال الاستناد إلی آثار علماء العالم الإسلامي أن هذا الشعور بالتقدم و نشدان التطور کان موجودا لدیهم. 

 فعلی سبیل المثال، کتب أبوریحان البیروني (362 ـ 442 هـ ق) في مقدمة کتاب "مقالید علم الهیئة" ما یلي: "مرّ علینا الزمان حتی وصلنا إلی عصرنا الذي هو عصر العجائب و الغرائب، الذي جمع فیه الأضدادَ کلها مع البعض. فمن جهة، فقد تفجرت ینابیع العلم في هذا العصر، و طبیعة الناس فیه مستعدة لقبول ما لایُستبعَد أن یکون غایة کل علم و کماله.کذلک (من ممیزات هذا العصر) أنه قد عم الفضل بین الناس مع القدرة علی استنباط ما کان القدماء عموما عاجزین عن استنباطه".

کما کتب ابن الهیثم (354 ـ 430 هـ ق) في "الشکوک علی بطلمیوس": "إن الحق بذاته مرغوب فیه و مطلوب، و الباحث عن أي مطلوب یحاول الوصول إلیه. إلا أن الوصول إلی الحقیقة صعب و في طریقه الکثیر من التعاریج و اللف و الدوران. لأن الحقائق تعوم في أمواج الشبهات. و أبناء الإنسان بطبیعتهم یظنون في العلماء حسنا. فکل من ینظر بدافع طبیعته في کتابات العلماء سعیا منه لفهم ما کتبوه، إنما تتجلی له الحقیقة علی شکل تلک الأفکار التي أراد العلماء التعبیر عنها. بینما أن الله لم یعصم العلماء من الخطأ و الزلل، و لم یجعل علمهم خالیا من النقص و الخلل. فلو کان الأمر کذلک لمااختلف العلماء في أي من المسائل العلمیة و مااختلفت کلمتهم في أي من حقائق الأشیاء. إذن، من یترک زمام طبیعته لحسن ظنه بعلماء الماضي حینما ینظر في کتبهم، فهو لیس بطالب الحقیقة. إن طالب الحقیقة هو من ینظر بعین الشک إلی ما یظنه في هؤلاء، و یتأمل في ما یجد من کلامهم، و هو یتّبع الحجة و البرهان و لایتّبع قول قائل هو أیضا إنسان و بالتالي لایخلو من أنواع الخلل و النقص".

و ملخص القول أن الشعور بالتقدم کان موجودا لدی أسلافنا و بین علماء المسلمین من أمثال أبي ریحان و ابن الهیثم و سموئیل. و الواقع أنه کان هناک تقدم فعلا. کما أن الدور الاخر الذي یؤدیه التقدم کحافز علی التحدیث في المجال العلمي کان موجودا. لکن الذي کان غائبا هو أیدیولوجیا التقدم و التي تنبني علی ضرورة تحقق التقدم الذي یحدث بأي حال و لایمکن له أن یتوقف.

المصدر: صحیفة اعتماد

أکتب رأیك
تعليقات المستخدم

عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.

تقرير

الأخبار المرتبطة

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: