المغفورله / الدکتور آذرتاش آذرنوش یودَّع تودیعا رائعا

1443/3/25 ۱۲:۲۲

المغفورله / الدکتور آذرتاش آذرنوش یودَّع تودیعا رائعا

صباح یوم الاثنین الموافق11 أکتوبر، أقیمت في مرکز دائرة المعارف الإسلامیة الکبری مراسم تشییع جثمان الدکتور/ آذرتاش آذرنوش، مع کلمات ألقاها کل من رئیس المرکز/ کاظم موسوي بجنوردي، و الدکتورة/ جاله آموزکار، و الدکتور/ أحمد باکتجي، و رضوان مسّاح.

 

دبا: أقیمت مراسم تشییع جثمان الدکتور/ آذرتاش آذرنوش في مرکز دائرة المعارف الإسلامیة الکبری صباح یوم الاثنین 11 أکتوبر مع کلمات ألقاها کل من رئیس المرکز/ کاظم موسوي بجنوردي، و الدکتورة/ جاله آموزکار، و الدکتور/ أحمد باکتجي، و رضوان مسّاح.

کما حضر مراسم تشییع جثمان الأستاذ الفقید، کل من السیدة/ أشرف بروجردي و حجة الإسلام سیدمحمود دعائي و محمدحسین سمسار و علي أشرف صادقي و محمدجواد حق شناس و علي آل داود و علي بهرامیان.

سیبقی آذرتاش آذرنوش خالدا بآثاره و مؤلفاته

في مستهل هذه المراسم، تحدث رئیس مرکز دائرة المعارف الإسلامیة الکبری/ کاظم موسوي بجنوردي فقال: الیوم یودَّع رجل عظیم کان قد التحق بقافلة دائرة المعارف الإسلامیة الکبری منذ عام 1364 هـ ش (1985م) و واصل حضوره في هذا المرکز دون انقطاع. لقد کان الدکتور/ آذرتاش آذرنوش من أصحاب دائرة المعارف الإسلامیة الکبری القدماء. و لولا رجال من أمثاله لما حقق المرکز أهدافه. فهو من الأوائل الذین عملوا مع مرکز دائرة المعارف الإسلامیة الکبری، و بقي رفیق درب وفيّ لنا طیلة الـ 36 عاما. إنه ألف خلال وجوده آثارا کل واحد منها یُعدّ بدوره صفحة ذهبیة قیمة. و هیهات أن نجد نظیرا لهذا الأستاذ الفقید.

و أضاف رئیس مرکز دائرة المعارف الإسلامیة الکبری قائلا: تلقیت نبأ وفاته بکل حزن و أسی. لأن فقدانه أمر صعب و مؤلم بالنسبة لي. ولکن إلی جانب هذه العواطف المنبثقة عن طول عهد الصداقة فیما بیننا، أخذت أفکر في ما یجب أن نفعله الآن و أنه من یمکن أن یحل محله و یملأ فراغه؟ إننا لازلنا في منتصف الطریق. لقد رحل هنا من بیننا رجال کبار من قبیل إیرج أفشار، و زرّین کوب، و زریاب خوئيّ و أحمد تفضّلي و عنایت الله رضا و محمدحسن کنجي و داریوش شایکان و غیرهم ... هؤلاء الکبار کانوا من الوجوه الدولیة البارزة الذین امتدت شهرتهم العلمیة إلی خارج نطاقنا الوطني. إنهم جاؤوا إلی هذا المرکز فدعموا هذه الحرکة الثقافیة العظیمة. و بفضل هؤلاء السادة الأفاضل نحن استطعنا أن نبلغ بمرکز دائرة المعارف الإسلامیة الکبری إلی هذا المستوی.

و استطرد قائلا: إنني لآمل أن نتجاوز ـ بعون الله تعالی ـ کل المشاکل و الصعاب التي نواجهها علی الطریق. إننا قد صممنا العزم بشکل قاطع علی أن نسلک هذا الطریق حتی النهایة و حتی النفس الأخیر. و أنا بدوري لن أتراجع عن هذا القرار. لأن سلوک هذا الدرب  فیه من الحلاوة و المفخرة ما یجعلني أواصله بکل عشق و حماس. کما أن جمیع أصحابنا في دائرة المعارف الإسلامیة الکبری أیضا کانوا و لایزالون کذلک. إننا نتمنی للأحیاء منهم طول العمر المدید، کما نجلّ و نخلّد ذکری المتوفین منهم . فهم سیبقون خالدین في آثارهم و مؤلفاتهم.

و اختتم المتحدث کلمته بالقول: إنني باسمي و باسم أصحاب دائرة المعارف الإسلامیة الکبری أعزي أولاد الفقید و أواسیهم کما أعزي و أواسي بوجه خاص السیدة عقیلته التي عکفت علی رعایته بمنتهی الجهد و التضحیة و بما کان یلیق برجل عظیم کالمغفور له/ آذرتاش آذرنوش. آملا أن نتمکن من إخلاد ذکری هذه الشخصیة العلمیة الکبیرة کما یستحقه و أن نقوم بنشر آثاره و مؤلفاته .

***

آذرتاش آذرنوش، کان ایرانیا أصیلا محبا لهذا الوطن

الکلمة الثانیة في هذه المراسم کانت للسیدة الدکتورة جاله آموزکار من أعضاء المجلس العلمي الأعلی لمرکز دائرة المعارف الإسلامیة الکبری، التي استهلت کلمته ببیت من الشعر:

واأسفاه! أننا في کل نفس من حیاتنا فقدنا واحدا من هذه المجموعة المبعثرة

ما أحزن هذه الأیام! کل یوم نسمع خبرا مؤلما، و کل لحظة یعصر قلوبنا ألم فقدان عزیز. و ها نحن نشهد رحیل عزیزنا آذرنوش للأبد.

إننا فقدنا استاذا عالما متمیزا محبوبا صاحب قلم معطاء، ظل طوال حیاته یتعلم و یعلّم، یکتب و یؤلف، و یضیف المعلومات علی المعلومات، و یحل الکثیر من العُقد، و ماانفک یخفق قلبه بحب هذا الوطن.

کما أنه لکثیر منا کان صدیقا غالیا محبوبا مشفقا طیب الخلق. و أنا بشخصي ـ کسائر الأعزة ـ في حیرة و دهشة . تری کیف یمکنني أن أضع نقطة النهایة علی صداقة استمرت حوالي خمس و خمسین سنة.

لاأدري لماذا لم استطع قط أن أنسی  ذکری أول لقاء حصل بیني و بینه منذ أکثر من نصف قرن. فعندما کنت طالبة في باریس، لقیته مع زوجته في مطعم طلابي هناک. وجدته شابا وسیما بشوشا، أنیقا في ملبسه. قدمه لي صدیقنا المشترک قائلا: إنه طالب مرحلة الدکتوراه في اللغة العربیة و آدابها و إنه ناحج جدا في دراسته.

هذا الطالب الناجح حصل علی شهادة الدکتوراه، فعاد إلی إیران، و أصبح أستاذا ناجحا في کلیة الالهیات بجامعة طهران. و نفخ روحا جدیدة في تعلیم اللغة العربیة، بشيء کثیر من التحدیث و التجدید.

بالطبع لایمکن لي هنا أن أتطرق بالتفصیل إلی سرد آثاره و مؤلفاته المتألقة واحدا واحدا، لأنه لایسمح لي الموقف المحزن الحالي و لایتحمل ذلک هذا الاجتماع المليء بالأسی. فمن أي واحد منها أتحدث؟ هل أتحدث عن ترجمته لفتوح البلدان أو عن کتاب "راهنمای منفرد فارسي در فرهنگ و زبان عرب جاهلي"؟ أأُشیر إلی ترجمته لتأریخ الأدب العربي أو أسوق الکلام في معجمه التخصصي الثلاثي اللغات؟ أو ألمح إلی ترجمته لموسیقی الکبیر التي تحولت إلی المادة الرئیسیة لکثیر من دروسنا؟ یاتری أيٌّ منّا لایقتنی المعجم العربي المعاصر لهذا الأستاذ علی جانب من منضدته؟ ثم کلنا نعلم ـ و کما سبقت الإشارة إلیه ـ أنه بقلم هذا الأستاذ الراحل تم تحریر ما یقرب من مأتین مدخل صعب و مهم في دائرة المعارف الإسلامیة. کما أننا بفضله عُدنا نتعرف علی ابن المقفع من جدید. و له رائعة أخری تتمثل في " التحدي بین الفارسیة و العربیة". و هو کتاب وضّح لنا الکثیر من المجهولات، و ألقی مزیدا من الضوء علی دیمومة ثقاقة بلادنا الصامدة. 

و أخیرا لابد من الإشارة إلی مؤلَفه حول الصولجان، و الجهد الذي بذله هو و أصحابه للتعریف بهذه اللعبة التأریخیة التي خلدت لنا "میدان نقش جهان" في أصفهان، و من ثم تسجیل هذه اللعبة باسم إیران لدی الیونیسکو. و الحدیث في هذا المجال طویل و مبعث للفخر و المباهات في نفس الوقت.

بغض النظر عن کل ذلک، کان آذرتاش آذرنوش إیرانیا أصیلا قحّا محبا لهذا الوطن. بعد إنهاء دراسته في باریس فضّل العودة إلی إیران و یبقی و یعیش في إیران، رغم أن إمکانیة الإقامة و البقاء هناک کانت متیسرة له. شکّل أسرته في إیران و أراد لأولاده أن یولدوا و یترعرعوا علی أرض إیران.

فضّل أن یعیش مع زوجته المخلصة في أجواء إیرانیة تماما. فاختار له بیتا تقلیدیا في إحدی مناطق طهران العریقة، و کوّن في بیته جوا یُشمّ من کل زاویة منه عبق أصالة إیران و الفنون الإیرانیة .

کان یعشق الحیاة، فعاش وفقا لما کان یطیب لنفسه. کان سعیدا و مسرورا بأن تطأ قدماه أرض هذا الوطن، و أن یعلّم طلاب وطنه و یخلق آثاره لشعبه. إنه قدّم خدماته بإخلاص و بذل کل ما في جهده لیؤدي دینه لهذا الوطن و شعبه.

تُری أيّ قرن کان هذا القرن الذي ترعرع فيه مثل هذه الشخصیات. لقد انقضت حیاته المفعمة بالخلق و الإبداع، و ها نحن نشعر بالحزن و الأسی لفقدانه.

لکن ....[البیت:] لماذا نأسف و نتلهّف علی أصحابنا الذین ترکوا الحیاة ؟  فهل نحن قرّرنا البقاء فیها ؟

***

من إنجازات الدکتور آذرنوش، تکریس علم یعتمد علی رکیزتین: التفکیر و التمعّن من جهة و المنهجیة من جهة أخری

الکلمة التالیة في هذه المراسم کانت لمدیر قسم العلوم القرآنیة و الفقه و الحدیث بمرکز دائرة المعارف الإسلامیة الکبری/ أحمد باکتجي الذي هو المندوب الدائم لإیران لدی الیونیسکو. حیث أشار إلی فترة تلمذه علی الأستاذ الدکتور آذرنوش قائلا: لقد تعلمت علی الأستاذ الفقید لمدة 32 عاما، فلم یکن یخلد ببالي أنه کُتب لي أن أقوم یوما و أتحدث في مثل هذا الاجتماع. إنني أتقدم بالعزاء و المواساة لعائلته المحترمة کما أعزي و أواسي أسرة دائرة المعارف الإسلامیة الکبری، و کذلک أسرة العلم و الثقافة في إیران، أعزي الجمیع علی فقدانهم لهذه الشخصیة القیّمة العزیزة. لاأنسی أننا في هذا المرکز ـ مرکز دائرة المعارف الإسلامیة الکبری ـ أتیحت لنا فرصة قیمة لننهل من علم هذا الأستاذ الفقید و نستفید من وجوده خلال السنوات التي کانت فیها غرفتنا قریبة من مقر عمله هناک.

و بصفته عضوا في المجلس العلمي الأعلی لمرکز دائرة المعارف الإسلامیة الکبری، استطرد قائلا: کما سبق القول في هذا الاجتماع و غیره، إننا نواجه شخصیات خالدة في عالم العلم یمثلون مصابیح مضیئة للأبد، حیث تظل برکات وجودهم مستمرة حتی بعد وفاتهم. لقد کانت تراودني فکرة حول سبب استمرار الإنسان المتوفی في عطائه و برکاته للمجتمع المتلقي، فیاتری أي آلیة تتدخل في هذا الأمر؟  أری أن الاهتمام بهذا الموضوع یشکل نوعا من المیثاق مع هذا العزیز الفقید و الالتزام بمواصلة دربه، سیما في مرکز دائرة المعارف الإسلامیة الکبری و هذا العمل الجبار الذي وُکّل به. حیث لاشک أن الدکتور آذرنوش کان من أهم المؤسسین الرئیسیین  لهذا المجهود العلمي الکبیر الذي نأمل أن یستمر لقرون عدیدة.

الذین یتباحثون في موضوع العلة و المعلول، یقولون أننا مرة نهتدي إلی المعلول عبر العلة و مرة بالعکس. و أنا هنا أود أن أشیر باختصار إلی معلول یدلنا إلی العلة. لقد سبق الحدیث حول مایزید علی 200 مقالة و بحث في المجال الموسوعي و عشرات من الکتب و المقالات الأخری کنتاج علمي للأستاذ الفقید/ الدکتور آذرنوش. و هذه کلها في متناول القراء و الباحثین. کما أنه ربّی کوکبة من الطلاب ممن أصبحوا یعملون بحثا و تدریسا و یواصلون نفس المسیرة. لکنه من المؤکد أننا عندما نرید مواصلة درب عالم له دوره في التطویر و التأسیس ـ کهذا الأستاذ الفقید ـ علینا أن نعلم قبل کل شيء من هو و ماذا فعل؟ و أننا ماذا نعمل إذا أردنا أن نقوم بما قام به هو و نحذو حذوه؟ فإن لم نعلم عن العالِم أنه بالضبط ماذا فعل، فلاأدري حقیقة کیف یمکن مواصلة دربه بالتحدید و ماذا سیکون معنی ذلک.

المندوب الدائم لإیران لدی الیونیسکو، تطرق إلی الشخصیة العلمیة للدکتور آذرنوش و أضاف قائلا: بناء علی ما قرأنا من رشحات قلم الأستاذ الفقید/ آذرنوش طوال سنوات تلمذنا علیه و تواصلنا معه، و ما تعلمنا منه حضوریا وجها لوجه، یمکنني القول بأنه کشخصیة علمیة کان یتمتع بخصوصیات ممیزة حوّلته إلی شخصیة فریدة صانعة للتطور و التغییر في الساحة الأکادیمیة و في الأوساط العلمیة. فهو شخصیة استطاع أن یکرّس في وسطنا العلمي التفکیر المنطوي علی التعامل بین الثقافات، بمعنی أنه کیف یمکن البحث حول التعاملات الثقافیة ـ الحضاریة بین إیران و العرب، أو التعامل الثقافي بین إیران و الغرب، کیف یمکن البحث حول التعامل الثقافي العربي ـ الغربي و کذلک کثیر من حالات التعامل بین الثقافات. و مما لاشک فیه أنه شخصیا کان أحد روّاد هذه الرؤیة في الوسط الجامعي الإیراني. إن الجانب الذي کان متألقا بوضوح تامّ في کتابات و مؤلفات آذرنوش، هو أنه لم یکن متخصصا بارزا في الأدب العربي فحسب، و إنما کان تجسیدا کاملا لشخصیة متعدد التخصصات. و هذا یعود إلی السنوات التي کان فیها التوجه المبني علی تعدد التخصصات مطروحا باعتباره توجها رائدا علی مستوی العالم کله. علی هذا الأساس، إننا کأیرانیین لنا أن نتباهی بذلک. لأنه مع ظهور التوجهات المبنیة علی تعدد التخصصات في الدول الراقیة، نحن أیضا کنا ـ و لازلنا بالطبع ـ علی درجة من التقدم بأن یکون لنا أستاذ کالدکتور آذرنوش الذي یعرّف أوساطنا العلمیة علی رؤیة تعددیة التخصصات. فهو إلی جانب کونه أستاذا في الأدب العربي، کان متخصصا بارزا في علم اللغة أیضا. إن دراسات الدکتور آذرنوش في مجال علم اللغة المقارن فیما یخص للغات السامیة، و في العلاقة بین اللغات السامیة و اللغات الإیرانیة القدیمة، و في مجال علم دلالات الألفاظ و حتی في مجال علم العلامات، و المواضیع التي کان یتابعها في هذه الحقول، کلها دراسات تدل علی جانب مهم من شخصیته کعالم متعدد التخصصات.

و استطرد الدکتور/ کتابجي قائلا: إن الجانب الآخر من شخصیة الدکتور آذرنوش (و الذي، حسب اعتقادي، نال قسطا أقل من الاهتمام و المتابعة من قبل طلابه و تلامذته، رغم أهمیته الفائقة، و أنا أعتبر هذا المنبر فرصة قیمة لتذکیر نفسي و الطلاب و الجیل القادم بذلک) هو أن هذا الأستاذ أقام جسرا للربط بین الدراسات الأدبیة و الأنثروبولوجیة. إن المقالات التي کتبها في دائرة المعارف الإسلامیة الکبری و خارجها، و الکتب التي ألفها حول التعامل بین الثقافتین الإیرانیة و العربیة، کلها یزخر بمعلومات ترتبط بهذا المجال العلمي. و هذا ما یفتح لنا مساحة في دراساتنا الأدبیة عموما ـ و لیس في الأدب العربي فقط ـ لنعرف أنه لایمکننا الخوض في الدراسات الأدبیة دون الاهتمام بالثقافة الشعبیة و الثقافة العامة. کما أن کتاب " بیئة البصرة" یبین لنا أنه لایمکننا معرفة الجاحظ بدون معرفتنا لبیئة البصرة.

و في ختام کلمته قال الدکتور باکتجي: لقد کانت الشاکلة العلمیة للدکتور آذرنوش تشتمل علی جوانب أخری في شخصیة متعددة التخصصات. لکنني أکتفي بهذا المختصر و أتمنی أن نتمکن نحن و الجیل القادم من مواصلة هذا الدرب اعتمادا علی ما کوّنه الدکتور آذرشب لنا في الساحة العلمیة، و أن نعمل علی معرفة هذا الأستاذ بشکل أفضل لیتسنی لنا الادعاء بأننا نحذو حذوه. فإن مجرد الاکتفاء بالمدیح و الثناء لشخصیة کبیرة لن یجدي شیئا إذا لم یکن لدینا علما بخصوصیاته الممیزة التي حولته إلی مثل هذه الشخصیة البارزة. إن العلم الذي أنتجه الدکتور آذرنوش کان یشتمل علی وجهین بارزین: الأول هو ضرورة کون عملیة البحث و الدراسة مقترنة بتطویر الفکر و إنماء التفکیر. حیث أن میزة التفکیر و اعتماد الفکر و التأمل تموج بکثرة في کتابات الدکتور آذرنوش. و الثاني هو أننا کنا نلاحظ فیه دوما أنه من رواد اعتماد المنهج و المنهجیة في الدراسات العلمیة. کما أن من أهم الخدمات التي قدمها سواء في مرکز دائرة المعارف الإسلامیة الکبری أو في جامعة طهران أو غیرهما، هو أنه ربی جیلا متمکنا في حقل اللغة و الأدب. هذا الحقل الذي کانوا قد اعتادوا أن یعتبروه مجالا لسوق الکلام علی عواهنه و لیتحدثوا فیه علی هواهم. لکنه کرّس أن هذا الحقل ـ علی عکس ما تصوروه ـ حقل علمي دقیق و خطیر، فیجب علی من یعمل في هذا الحقل أن یزود نفسه بالمنهجیة. و إنني لأری أن أحد إنجازات الدکتور آذرنوش لوسطنا العلمي، یتمثل في بلورة علم یعتمد علی رکیزة التفکیر من جهة و علی رکیزة المنهج من جهة أخری. و هذا ـ حسب تقییمي ـ یشکل منظومة حیة تظل تتفاعل مع العقل الجماعي للنخب و المثقفین و الجامعیین عندنا.

نحن عندما نقول بأن الدکتور آذرنوش حي یرزق، فذلک لیس من قبیل القول بالمجاز. إذ أن الدکتور آذرنوش حي یعیش فعلا. بمعنی أن المنظومة التي أشرت إلیها هي کائن حي سیستمر في الحیاة.

و إننا لندعو له بعلوّ الدرجات کما ندعو لذویه بالصبر و السلوان.

****

في ختام المراسم، وقفت السیدة/ رضوان مساح مساعدة الدکتور آذرنوش في قسم الأدب العربي  بدائرة المعارف الإسلامیة الکبری، فندبت الأستاذ الفقید  من خلال قراءة النص العاطفي الرقیق التالي:

" أتقدم إلیکم بالتحیة و الاحترام، أیها الأفاضل، أیها الزملاء الکرام لدائرة المعارف الإسلامیة الکبری و محبي أستاذي الحبیب الدکتور آذرنوش .

إنني الیوم لاأوجه کلامي إلیکم أیها الأعزة، و إنما أود أن أخاطب أستاذي العزیز الدکتور آذرنوش، ذلک الأستاذ الذي طالما عکفت علی خدمته بمنتهی العشق و المحبة خلال أکثر من 25 سنة.

أستاذي العزیز! طوال فترة خدمتي لک، اعتدت أن أبقی دوما في انتظار مجیئک لأستأنف الأعمال ککل یوم. و لنتبادل الحدیث عن أخبار الأیام و أحداثها، تفتح بعده کتابا و تقرأه، أو تأخذ قلما فتستأنف کتابة مقالة أو تنقّحها.

استمرت تجربتي مع مجیئک لي 25 سنة. جیئة ملیئة دوما بالعطف و المحبة، لیس لي لوحدي و إنما لجمیع الزملاء الأعزاء في هذا المرکز.

و الیوم أیضا ، استاذي العزیز، کنت وفیا و جئت. إلا أنه مجيء من نوع آخر، مجيء جدّ صعب لایطاق!

أستاذي! مع غیابک خلال هذه الفترة القصیرة، تلقیت أشد رسائل التعزیة مرارة.

تلامذتک کلهم في حزن و حداد ...... و لاأحد أراد أن یصدّق غیابک و رحیلک.

منضدتک مازالت في غرفتک قائمة. و کأن الکتب تنتظرک لنذهب معا و نستأنف العمل مرة أخری. فیالیت کنت هنا لتقول لي ککل مرة ماذا یجب فعله في هذه الأیام المریرة. یالیت کنت حیا استاذي العزیز.

یا للأسف، کل الأسف أن الأیام أبت إلا أن تؤذي جسمک و وجودک، فواأسفاه!

أستاذي العزیز! لم یکن في وسع أحد أن یطیق رؤیتک و أنت تعاني الأذی و الألم، فکیف بنا في غیابک؟ لاأدري ما الذي أقنعک لترحل عنا و تترکنا نعیش في غیابک؟

الوداع صعب جدا. لکن لامناص منه. فأستودعک الله و أودعک في کنف رحمته. و أنا أعلم أنک الآن تنظر إلینا. أعلم أن لک درجات رفیعة عند الله.

وداعا یا عزیزي یا استاذي الفقید!"

و اختتمت مراسم تودیع جثمان الدکتور آذرتاش آذرنوش في مرکز دائرة المعارف الإسلامیة الکبری بعد أداء صلوة المیّت علی جثمانه من قبل حجة الإسلام و المسلمین سیدمحمود دعائي.

أکتب رأیك
تعليقات المستخدم

عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.

تقرير

الروابط

الأخبار المرتبطة

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: