ابن الخطیب، أبو عبدالله
cgietitle
1442/10/29 ۱۳:۵۲:۳۳
https://cgie.org.ir/ar/article/233137
1447/1/21 ۲۳:۳۳:۱۶
نشرت
3
اِبْنُ الخَطیب، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن سعید بن عبد الله ابن سعید بن علي بن أحمد السلماني (713- مقـ 776هـ/1313-1374م)، المشهور بذي الوزارتین (رئاسة السیف والقلم أو الوزارة والكتابة) والملقب بلسان الدین، وزیر وطبیب وأدیب ومؤرخ وفقیه مالكي أندلسي. سمیت أسرته بالسلماني نسبة إلی سلمان وهو حي من مراد من عرب الیمن القحطانیین (المقري، 5/22، نقلاً عن ابن الخطیب). وبعد أن فتح المسلمون الأندلس في القرن 2هـ/8م هاجرت أسرة ابن الخطیب –التي كانت قد انتقلت إلی الشام– إلی الأندلس وأقامت هناك وعرفوا ببني الوزیر (ابن الخطیب، الإحاطة، 3/386). وكان بنو الوزیر علی الظاهر من معارضي الحكم بن هشام حاكم الأندلس الأموي لذلك هاجروا من قرطبة إلی طلیطلة في أعقاب قمع ثوار (حادثة الربض) في 202هـ/817م (ن.ص). وبعد قرابة قرن ونصف، وحینما هدد المسیحیون هذه المدینة بالخطر، دخل سعید جد ابن الخطیب الأكبر إلی لوشة (علی بعد 55 كیلومتراً غربي غرناطة: عنان، مقدمة، 1/32) وأصبح خطیباً وقاضیاً فیها وبعد ذلك اشتهر أبناؤه ببني الخطیب (ابن الخطیب، الإحاطة، 3/387).
سجن حفید سعید، الذي كان یشترك مع جده بنفس الاسم وكان جدَّ ابن الخطیب، خلال ثورة بني الطنجالي في لوشة وسافر إلی غرناطة عندما أطلق سراحه وصاهر أشرافها. وهكذا أصبحت لوالد ابن الخطیب قرابة من جهة أمه مع العائلة المالكة في غرناطة (بني نصر= بني الأحمر) (ن.م، 3/387-388). نال أبو محمد عبد الله والد ابن الخطیب الذي كان رجلاً فاضلاً منصب الوزارة في حكومة سلطان غرناطة وجری له هذا الرسم في أیام من خلفه حتی استشهد مع ابنه، الأخ الأكبر لمحمد، في أیام أبي الحجاج یوسف بن إسماعیل (حكـ 733-755هـ/1333-1354م) في حرب طریف (ن.م، 3/389، 391؛ المقري، 5/12).
ولد ابن الخطیب في لوشة (ابن حجر، 5/213)، وسافر في صباه مع أبیه إلی غرناطة وتعلم فیها العلم والأدب، وفاق أقرانه في النظم والنثر والترسل، ودخل بلاط السلطان أبي الحجاج وأخذ یعمل في دیوان الإنشاء برئاسة أبي الحسن ابن الجَیّاب (ابن خلدون، العبر، 7(3)/689؛ المقري، 5/76، نقلاً عن ابن الخطیب) ونظراً لوفاة ابن الجیّاب بالطاعون الأسود (749هـ/1348م) فقد تولی ابن الخطیب كتابة السر ووزارة أبي الحجاج (ابن خلدون، ن.م، 7/689-690)، ورغم أنه كان شاباً، تولی رئاسة الجیش وبیت المال، بالإضافة إلی الوزارة وتولی أیضاً تعیین عمال الدولة، فجمع بذلك ثروة طائلة (ن.ص). وقد أوفده السلطان مراراً سفیراً إلی السلاطین الآخرین (المقري، ن.ص).
وحینما قتل أبو الحجاج في عید الفطر 755هـ/19 تشرین الأول 1354م، وحل محله ابنه محمد الخامس، المعروف بالغني بالله، أرسل ابن الخطیب علی رأس وفد إلی أبي عنان سلطان المغرب مستنجداً به لمواجهة سلطان قَشتالة (ابن خلدون، ن.م، 7(3)/690-691). وقد سما نجاح ابن الخطیب في هذه المهمة بمنزلته لدی الغني بالله. واستمر هذا الوضع 5 سنوات حتی حدثت ثورة في قصر الحمراء بتدبیر أخي السلطان وابن عمه (28 رمضان 760) وهرب الغني بالله إلی وادي آش لاجئاً إلی سلطان المغرب أبي سالم المریني (حكـ 760-762هـ) (ابن الخطیب، اللمحة، 108-109، الإحاطة، 1/406-408، 2/26-27). وألقي القبض علی ابن الخطیب أیضاً في هذا الحادث وسجن، غیر أنه أطلق سراحه بشفاعة السلطان أبي سالم وسافر إلی المغرب (ن.م، 3/117؛ ابن خلدون، العبر، 7(3)/692).
بقي ابن الخطیب في المغرب حتی 763هـ وحظي في هذه المدة بحیاة مرفهة، ثم استأذن السلطان للتجوال في أطراف مراكش فزار في هذه الجولة سلا ومقابر السلاطین المرینیین بشالة ووقف علی قبر السلطان أبي الحسن وأنشد قصیدة رائیة یستجیر به في استرداد ضیاعه في الأندلس (ن.م، 7(3)/693؛ ابن الخطیب، نفاضة 52-54). فقبل أبو سالم هذا الطلب وأرسل إلی الأندلس من یقدّر حاجة ابن الخطیب بحیث اقترح أنه مستعد لتسدید قیمة أمواله إذا اقتضت الضرورة (ن.م، 87، 119). وبهذا استردّ ابن الخطیب ممتلكاته وأصبح ذا مال وأملاك بسلا (ن.م، 138-140؛ ابن حجر، 5/215؛ EI2) وتعرف إلی العلماء وأصحاب المناصب المغاربة أمثال ابن خلدون (التعریف، 95) وبدأ بكتابة بعض آثاره المنظومة والمنثورة (ظ: ابن الخطیب، نفاضة، 121-122، 151، 187-188). واعتبر إقامته في سلا بمثابة عمره الحقیقي (أعمال، 313). مع ذلك فإن حب الوطن ظل حیاً في نفسه وانعكس ذلك علی بعض قصائده (مثلاً نفاضة، 189-190؛ ابن الأحمر، 245؛ ابن القاضي، 311).
وفي أواخر 762 هـ وقعت له حادثتان ألیمتان أثناء إقامته في المغرب: الأولی وفاة زوجته في 6 ذي القعدة (ابن الخطیب، نفاضة، 205). والأخری مقتل حامیه السلطان أبي سالم في 20 ذي القعدة، حیث أراد ابن الخطیب بقراءة قصیدة علی قبره أن یؤدي بعض ما علیه من دَین إزاءه (الإحاطة، 1/317-318). وحین جلس الغني بالله في 20 حمادی الثانیة 763 علی العرش في غرناطة مجدداً، استدعی إلیه ابن الخطیب ثانیة (م.ن، أعمال، 310، 314، الإحاطة، 2/30-31). وبهذا بدأت الفترة الثانیة من سلطة ابن الخطیب التي استغرقت قرابة عشر سنوات. وبما أنه كان یطمح إلی سلطة مطلقة في الشؤون الحكومیة، فقد أقصی في هذه الفترة منافسیه عن الساحة (ظ: ابن خلدون، العبر، 7(3)/693-695، 710)، ذلك العمل الذي كلفه في النهایة حیاته. بحیث أن ابن الخطیب لم یعد یطیق وجود صدیقه الذائع الصیت عبدالرحمن ابن خلدون في غرناطة، لأن اهتمام الغني بالله بابن خلدون كان یقلقه (ابن خلدون، التعریف، 96). وبهذه الإجراءات أصبح ابن الخطیب المصدر الوحید لحل الأمور وعقدها في غرناطة. وقد تحدث هو نفسه عن خدماته في هذه المرحلة بأسلوب یعتدّ فیه بنفسه نوعاً ما (الإحاطة، 2/34-36). وشعر أعوان السلطان بالانكسار جرّاء استبداد ابن الخطیب وعملوا علی تشویش ذهن السلطان تجاهه، وإن كان الغني بالله لم یلتفت في البدایة إلی هذه الوشایات، غیر أن ابن الخطیب أخذ یخشی تدریجیاً من تأثر السلطان بوشایات الأعداء (ابن خلدون، العبر، 7(3)/695-696)، ورأی أن سبیل النجاة الوحید هو اللجوء إلی ثغر آمن لیقضي فیه بقیة حیاته بعیداً عن السیاسة (ابن الخطیب، أعمال، 315-317). ولهذا طلب سرّاً حمایة عبد العزیز سلطان المغرب (ن.م، 317) وبهذا التخطیط استأذن الغني بالله للتجول في الحدود الغربیة للبلاد وذهب مع ابنه علي إلی حدود جبل الفتح ومن خلال إظهار رسالة سلطان المغرب بدخل سبتة بسفینة مغربیة، من جبل طارق (الأول من الجمادی الأولی 773). ومن هذا التاریخ بدأت المرحلة الثانیة من إقامته في المغرب. وانتقل من سبتة إلی طنجة ثم إلی تلمسان ووصل إلی عبد العزیز وطلب منه إنقاذ أهله (ابن الخطیب، أعمال، 318). استقبل السلطانُ ابنَ الخطیب بحرارة، وبعد مدة جلب أهله إلی المغرب بكل احترام (ابن خلدون، العبر، 7(3)/696). وبما أن أعاء ابن الخطیب في غرناطة وجدوه بعیداً، لجأوا إلی مختلف الأسالیب لیحرضوا الغني بالله علی قتله، لأنهم كانوا یخشون أن یعیده السلطان إلی السلطة یوماً ما. وقد مثّل هذه المسرحیة اثنان ممن أحسن إلیهم ابن الخطیب، حیث أكدا علی زلّاته في فترة وزارته والأمور التي كانا ینسبانها إلیه، واعتبرا كتاباته في حق السلف من مصادیق الغیبة الحرام. واتهماه باللعب بالشریعة والاستهزاء بالكتاب والسنة واعتبرا آثاره جدیرة بالزوال والنار وأحرقاها (حول اتهاماته، ظ: المقري، 5/122-131، رسالة القاضي أبي الحسن النُباهي إلی ابن الخطیب). واعتبره أعداؤه حلولي المذهب بالاستناد إلی عبارات من كتابه روضة التعریف الذي كتب بأسلوب المتصوفة (م.ن، 7/100) وفي نهایة الأمر أفتی القاضي النباهي بزندقة ابن الخطیب وأرغم السلطان علی تأیید هذا الحكم وإصدار أمر بقتل وزیره السابق.
وكتب القاضي رسالة إلی عبد العزیز سلطان المغرب وطلب منه تنفیذ الحكم، غیر أن عبد العزیز لم یكتف بعدم قبول هذا الطلب، وإنما زاد في إكرامه لابن الخطیب أكثر من السابق (ابن خلدون، العبر، 7(3)/696-697). وبوفاة أبي فارس عبد العزیز في ربیع الثاني 744 بدأت منافسة حول خلافته انتهت بتوتر العلاقات بین المغرب وغرناطة وموت ابن الخطیب. فنصّب الوزیر أبو بكر بن غازي الابن الصغیر للسلطان المتوفى علی كرسي الحكم باسم أبي الزیان محمد الرابع (حكـ 774-776هـ/ 1372-1374م) وذهب من تلمسان إلی فاس. وانتقل ابن الخطیب حیث كان مقرباً جداً من الوزیر إلی فاس أیضاً، فبقیت مطالبة الغني بالله سلطان غرناطة في استرداده من دون نتیجة (ن.م، 7(3)/701). وأطلق سلطان غرناطة سراح عبدالرحمن بن أبي یفلوسن شیخ الغزاة الأندلسي الثائر من السجن وبعثه إلی المغرب ووحّد القوات المعارضة لدولة فاس حول بیعة أبي العباس أحمد بن أبي سالم المریني، غیر أنه اشترط علیهم قبل ذلك اعتقال ابن الخطیب وتسلیمه مقابل دعمه لهم. وقد استمرت هذه الصراعات قرابة عامین، وانتهت بانتصار أبي العباس، فجاء السلطان الجدید إلی فاس في 7 محرم 776 واضطر أبو بكر بن غازي لمبایعته (ن.م، 7/702-707). وعندما أسست دولة المغرب الجدیدة قبضوا علی ابن الخطیب، وأودعوه السجن وفشلت مساعي ابن خلدون لدی رؤساء دولة غرناطة في إطلاق سراحه (ظ: ابن خلدون، التعریف، 244). وقد بعث سلطان غرناطة، كاتبه ووزیره أبا عبد الله ابن زمرك إلی أبي العباس. فأحضروا ابن الخطیب إلی مجلس من الخواص وأهل الرأي وعرضوا علیه التهم الموجهة إلیه، ثم عذبوه بشدة وأحضروه إلی المجلس ثانیة، فتشاور أهل المجلس في قتله بموجب تلك الاتهامات وفتاوی بعض الفقهاء. ویبدو أنه لم یُتخذ في هذا المجلس قرار بهذا الشأن، غیر أن سلیمان بن داود أرسل جماعة لقتله في السجن لیلاً ودخل معهم السجن أیضاً أولئك الذین أرسلهم الغني بالله في زي خدم الوفد الذي بعثه، فخنقوا ابن الخطیب هناك ودفنوا جثته عند باب المحروق صبیحة تلك اللیلة، غیر أن جثته أخرجت في الیوم التالي من القبر وأحرقت، ثم أعیدت إلی القبر مرة أخری (م.ن، العبر، 7(3)/709). وعلی إثر هذا السلوك المشین سمّوا ابن الخطیب ذا المیتتین وذا القبرین (ابن العماد، 6/246-247). وكان في أیام امتحانه بالسجن قد أنشأ قصیدة یخاطب فیها أعداءه وهو یتكهن بفرحهم لموته (ابن خلدون، العبر، 7(3)/709-710). ویری ابن خلدون أن السبب لهذا العمل المشین بجثة ابن الخطیب هو سلیمان بن داود (ن.م، 7(3)/709) واعتبر الشوكاني أن قتل ابن الخطیب كان بسبب تطرف قضاة المالكیة الذین یریقون دماء المسلمین من دون حجة وبرهان (2/194)، غیر أن علي ابن أبي عبد الله ابن الخطیب اعتبر ابن زمرك –الذي حل محل أبیه في الكتابة والوزارة– المسبب الرئیس لقتل أبیه (المقري، 6/77، 7/145، 160، 161). وزار المقري قبر ابن الخطیب في فاس في القرن 11هـ/17م مراراً (5/156). وقد أعید الیوم بناء قبره، كما أطلق اسمه علی مستشفی یقع في جوار القبر (ناجي، «ج»). وفي 1974م أقیمت بالمغرب الذكری المئویة السادسة لوفاة ابن الخطیب (عنان، مقدمة، 2/7).
خلّف ابن الخطیب ثلاثة أبناء هم عبد الله ومحمد وعلي. وقد عمل عبد الله بالكتابة في بلاطات سلاطین الأندلس والمغرب (المقري، 7/289-290). وكان أبوه قد عهد إلیه إكمال أحد أهم آثاره الأخیرة وهو الكتیبة الكامنة (ابن الخطیب، الكتیبة، 280). ونال محمد مقامات في التصوف ولم یظهر رغبة في خدمة الملوك (المقري، 7/289). وأصبح علي الذي كان شاعر العائلة بعد أبیه، ندیم السلطان أبي العباس أحمد المستنصر –وهو الذي قُتل ابن الخطیب في عهده– ثم سافر إلی مصر وكتب هناك حاشیة علی نسخة الإحاطة الموقوفة (م.ن، 7/301-302).
كانت دراسات ابن الخطیب متنوعة جداً وكتب في كل ما تعلمه من علوم آثاراً منثورة أو منظومة. ویستنتج من نظم والد ابن الخطیب أن الطب والشعر والترسل كانت من سمات أعیان الدیوان وأن هدفه من تعلم هذه الفنون هو نیل المناصب العالیة في البلاط بما فیها منصب الحاجب (المقري، 5/16).
ولما كان ابن الخطیب من الأسر العلمیة فقد تعلم عند أشهر أساتذة عصره، ونظراً لتعدد أنواع دراسته فقد كان له أساتذة كثیرون. وقد تلقی العلم في المغرب بالإضافة إلی الأندلس علی أیدي علماء كثیرین. وذكر المقري (5/189-603) تراجم 28 من أساتذة ابن الخطیب، وأشار ابن الخطیب نفسه في مسودة قصیرة إلی أكثر من 30 من كبار أساتذته (المقري، 5/604-603) تراجم 28 من أساتذة ابن الخطیب، وأشار ابن الخطیب نفسه في مسودة قصیرة إلی أكثر من 30 من كبار أساتذته (المقري، 5/604-605، نقلاً عن الإحاطة) كما ذكر في الإحاطة مراراً الكثیر من الأشخاص بعبارة «شیخنا» و«الأستاذ» (مثلاً 1/161، 570، 2/227، 443، 3/20، 547)، حیث كان معظمهم أساتذة إجازاته (المقري، 5/604، نقلاً عن الإحاطة). ومن بین أساتذته في القراءة وعلوم القرآن أبو عبد الله بن عبد الولي العواد وأبوالحسن علي القیجاطي وأبو القاسم ابن جُزَي وأبو عبد الله ابن الفخار وأبو عبد الله ابن بكر؛ وفي الأدب أبو الحسن ابن الجیّاب؛ وفي الحدیث والروایة أبو عبد الله ابن جابر وأبو البركات ابن الحاج البلفیقي وأبو عمر بن أبي جعفر بن الزبیر وذو الوزارتین أبو بكر بن الحكیم والقاضي أبو بكر بن شبرین وأبو جعفر الطنجالي وأبو عبد الله المقّري التلمساني (الجد الأكبر للمقري المؤرخ) وأبو عبد الله ابن مرزوق وأبو عثمان ابن لون؛ وفي علوم المعقول والطب أبو زكریا ابن هذیل وأبو عبد الله ابن سالم (م.ن، 5/603-604؛ ابن الخطیب، الإحاطة، 1/213-214)؛ ویمكن الإشارة إلی أبي العباس ابن البنّا في الریاضیات (ن،م، 1/230). وكانت لابن الخطیب إجازة الروایة من الأدیب الكبیر أبي جعفر أحمد بن صفوان المالقي وقد جمع دیوانه (ن.م، 1/229-236).
لم یكن لابن الخطیب حلقة درس لیكون له تلامذة كثیرون، إلا أنه وجد من تعلم الكتابة والترسل علی یده حینما كان یعمل في دیوان إنشاء السلاطین النصریین (بني الأحمر)، وقد نال عدد إجازة الروایة منه. ولهذا السبب ربما قال المقري (7/145) كان تلامذته كثیرین. وقد ترجم المقري (7/145-228) لستة منهم، هم أبو عبد الله ابن زمرك وابن المهنّا وأبو بكر ابن جزي وأبو عبد الله الشریشي وأبو محمد عطیة بن یحیی المحاربي وأحمد بن سلیمان بن فركون. ولم تقتصر آثاره علی الشعر والترسل والطب فحسب وإنما كتب في التاریخ والسیاسة والفقه والتصوف أیضاً. وتبعث كثرة كتاباته وتنوعها علی الدهشة. وقد ذكر هو نفسه في الإحاطة أكثر من 25 عنواناً لها. وأضاف المقري إلی ذلك كتابات ما بعد الإحاطة أیضاً وبذلك ذكر حوالي 60 مؤلفاً (7/97-101).
إن نجاح ابن الخطیب في إنجاز كل هذه الآثار العلمیة، رغم مشاغله الإداریة والسیاسیة یعود في الغالب إلی قلة نومه وإلی الفترتین من لجوئه إلی المغرب وقد كتب معظم آثاره في اللیل بعد أن عجز عن علاج الأرق رغم كل تجاربه في الطب. ومن هنا أطلق علیه لقب «ذو العمرین» (م.ن، 5/80). وكتبت بعض مؤلفاته في السنوات الثلاث الأولی من إقامته بالمغرب (760-763هـ) في سلا (ظ: نفاضة، 187-368) وكتب البعض الآخر في الفترة الثانیة من حیاته بالمغرب (773-776هـ) بتلمسان وفاس. ورغم أن أسلوب كتابته لیس علی نمط واحد تماماً، فقد كتب بعض آثاره مثل نفاضة الجراب، بأسلوب مرسل، غیر أنه اختار في الغالب النثر المسجوع والمقفّی والمتكلف والمصنوع (العبادي، 12)، حیث كان ینتهي أحیاناً بالتعقید والصعوبة (ترجاني زاده، 49). وكان هذا الأسلوب المرصّع والفخم مقبولاً في ذلك الوقت ودلیلاً علی قدرة الكاتب، غیر أنه كان یسلب كثیراً من الطلاوة (فروخ، 6/506). وسلك ابن الخطیب في كثیر من كتاباته الأدبیة أسلوب أبي نصر الفتح ابن خاقان (مقـ: 529هـ/1135م) صاحب قلائد العقیان وابن بسام (تـ 543هـ/1148م) مؤلف الذخیرة (المقري، 6/220، 7/97). والجدیر بالذكر أن معظم مواضیع آثار ابن الخطیب، وخاصة في مجال الأدب (النظم والنثر) والتاریخ والتراجم تكررت بصور مختلفة في كتاباته.
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode