الأقصر

اَلْأُقْصُر، مدينة أثرية في مصر العليا (الصعيد) على الضفة الشرقية للنيل، ومن أشهر المناطق السياحية في مصر، وهو ما يطلق اليوم على مدينة وقرية في محافظة قنا على بعد 450 ميلاً من القاهرة (كشف أسماء ... ، 397- 398؛ IA,XIII / 21). ويرجع تاريـخ الأقصر إلى عصر الفراعنة، وكما هو حال الكَرنَـك ــ وهي ناحية في شمالها ــ فإنها تقع في موضع جزء من مدينة طيوة (طيبة) القديمة. ويطلق هذان الاسمان اليوم على القسمين الجنوبي والشمالي من طيبة، وأهم الآثار الباقية من الأقصر هي أطلال معبد الأقصر الكبير (ظ: القلقشندي، 3 / 380) الذي كان قد بني على عهد أمنحوتب الثالث من فراعنة مصر معبداً لعبادة الإلٰه أمون (دايرة المعارف ... ، 1 / 195، 2 / 2205، مادة كرنك؛ بريتانيكا، مكرو، VI / 405، ماكرو، VI / 474-475). وفي الفترات اللاحقة أُكمل تشييد هذا المعبد ثم هُدم إثر فيضان نهر النيل وأخيراً أعيد بناؤه على يد الإسكندر المقدوني وتحول إلى كنيسة في العصور المسيحية الأولى (عن أهمية هذا المعبد من حيث تاريخ الفن والدراسات الأثرية، ظ: راولنسن، 217-218؛ IA، ن.ص؛ بريتانيكا، ماكرو، XVIII / 261-265؛ فخري، 3-4). 
ضبط اسم هذه المدينة في المصادر الإسلامية بشكل الأَقصُر أيضاً (ياقوت، 1 / 338؛ أبو الفداء، 110)، وفي حوالي القرن 8ه‍ ذكر أيضاً بشكل مثنى (الأقصرين) (ابن دقماق، 2 / 30؛ القلقشندي، ن.ص). وقد حاول البعض وبسبب آثار القصور التي كانت هناك أن يبحثوا عن اشتقاق عربي لهذا الاسم (ياقوت، ن.ص؛ أوليا چلبي، X / 822). واتباعاً منهم لجغرافية بطلميوس عدّ الجغرافيون المسلمون الأقصر من الإقليم الثاني (الخوارزمي، 8-9؛ أبو الفداء، ن.ص). 
وفي زمن غير معلوم هدمت الأقصر الأثرية وظهرت إلى الشمال منها مدينة قوص واكتسبت أهمية (اليعقوبي، 333-334؛ EI2,V / 514). ومع ذلك نشأت قربها قرية بنفس اسم الأقصر (القلقشندي، ن.ص)، والتي ذكرها ابن خرداذبه فيما بعد في عداد كور مصر (ص 81؛ ياقوت، ن.ص). وفي 241ه‍ ولّى الخليفة المتوكل منصبَ مَعاوِن (عن المعاون، ظ: ن.د، الأحداث؛ أيضاً دوزي، II / 192) كور من الصعيد ومنها الأقصر، إلى محمد بن عبدالله القمي (الطبري، 9 / 204؛ ابن الأثير، 7 / 77-79). وكانت الأقصر خلال القرون 7-9ه‍ من الكور التابعة لمدينة قوص الكبيرة والعامرة مقر ولاة صعيد مصر وذات 4-5 قرى (الدمشقي، 232؛ المقريزي، 1 / 72). وكانت تحظى بأهمية نسبية. 
وكان ابن بطوطة الذي زار الأقصر خلال رحلته مرتين، قد اعتبرها مدينة صغيرة وحسنة وبها قبر الصالح العابد، أبي الحجاج يوسف بن عبد الرحيم الأقصري (تـ 642ه‍( وعليه زاوية (ص 70، 294؛ أيضاً القلقشندي، ن.ص). وكان الناس يعدّونه صاحب كرامات ومصدراً للبركات، وكانوا يأتون لزيارته من أطراف المنطقة (ابن دقماق، 2 / 31؛ الأدفوي، 722-724). وقبر الأقصري مازال قائماً إلى اليوم في قلب معبد الكرنك وهو عبارة عن مسجد ريفـي جميل مطلـي بالجص (حـرب، 70، ها 123). وكانـت تصنـع في هذه المدينة الصغيرة أوان خزفية فاخرة وجميلـة وتحمل إلى بقية المدن (الدمشقي، 233؛ ابن دقماق، ن.ص). 
وفي عصر ابن دقماق (تـ 809ه‍ ( كان للأقصر خراج يعادل 000,9 دينار، ومساحة تبلغ 901,16 فدان، وكانت في عداد إقطاعيات أمراء الجيش؛ وكان فيها مدرسة لطلبة العلم وكان الصنمان المعروفان بشامة وطامة قائمين هناك. وكانت الأقصر ذات مزارع وبساتين نخيل وكان يزرع فيها العنب الممتاز. وعلى بعد مرحلة واحدة إلى الجنوب، كانت تقع كورة أَرمَنت، كما كانت المسافة بين الأقصر وقوص مرحلة واحدة (م.ن، 2 / 30-31؛ أبوالفداء، 111؛ ابن ظهيرة، 68). وبعد فترة، ذكر المقريزي الأقصر بصفتها إحدى المدن الكبيرة في الصعيد كان مجموعة من الأقباط الذين يدعون المَريس يشكلون سكانها بحسب قوله (1 / 128، 203؛ قا: EI2,VI / 574). 
قدم أوليا چلبي خلال زيارته للأقصر في 1083ه‍ وصفاً لهذه المدينة. وبحسب قوله كان هناك 200 جندي لحراستها ولم ‌يكن فيها مفتٍ ونقيب وأعيان. وكان يعيش فيها وعلى شاطئ النيل 200,1 أسرة في الأبنية الكبيرة للمدينة القديمة. وقد بقيت أبنية عالية وشاهقة منها حتى اليوم. وكانت أعمدة مسجد سليمانية بإستانبول ــ شأنها شأن أبنية مصر ــ يؤتى بها من هذا المكان. ولم ‌تكن المدينة عامرة كثيراً، لكن كان فيها مسجد ودكاكين كثيرة يقع بعضها بجوار مسجد أبي الحجاج في السوق وكان هناك خان وحمام وعدد كبير جداً من الزوايا العامرة والكتّاب والسبيل ومقهى. وللأقصر مناخ ممتاز، لكن سكانها كانوا فقراء X / 820,822-823). 
وبحسب الوثائق المنشورة في 1374ه‍ / 1955م فقد كانت حاضرة الأقصر ذات 21 منطقة منها الأقصر والكرنك (كشف أسماء، 397- 398). وفي 1332ه‍ / 1914م كان عدد سكان الأقصر 000,3 نسمة (IA,XIII / 21-22)، لكن هذا العدد كان قد ارتفع حوالـي سنـة 1400ه‍ / 1980م إلـى مـا يزيـد على 000 ,18 نسمـة ( الموسوعة ... ، 184). وغالباً ما يزور السياح هذه المدينة في فصل الشتاء. وهناك خط سكة حديد طوله 451 ميلاً يربط الأقصر بالقاهرة (IA، ن.ص). ويوجد طريق معبّد يربط المدينة بالقصير على شاطئ البحر الأحمر ( الموسوعة، ن.ص). 

المصادر

ابـن الأثيـر، الكامل؛ ابن بطوطـة، رحلة، تق‍ : طلال حرب، بيـروت، 1407ه‍ / 1987م؛ ابن خرداذبه، عبيدالله، المسالك والممالك، تق‍ : دي خويه، ليدن، 1889م؛ ابن دقماق، إبراهيم، الانتصار، بيروت، 1310ه‍ / 1893م؛ ابن ظهيرة، الفضائل الباهرة، تق‍ : مصطفى السقا وكامل المهندس، القاهرة، 1969م؛ أبوالفداء، تقويم البلـدان، تق‍ : رينو ودوسـلان، بـاريس، 1840م؛ الأدفـوي، جعفر، الطالع السعيـد، تق‍ : سعـد محمد حسن، القاهرة، 1966م؛ حـرب، طلال، شروح وحـواش علـى رحلة (ظ: هم‍ ، ابن بطوطة)؛ الخوارزمي، محمـد، صورة الأرض، تق‍ : هانس فون مجيك، فيينا، 1345ه‍ / 1926م؛ دايرة المعارف فارسي؛ الدمشقي، محمد، نخبة الدهر، تق‍ : مهرن، لايبزك، 1923م؛ الطبري، تاريخ؛ فخري، أحمد، مقدمة لترجمة الحضارة المصرية، تأليف ج. ويلسون، القاهرة، 1955م؛ القلقشندي، أحمد، صبح الأعشى، القاهرة، 1383ه‍ / 1963م؛ كشف أسماء المدن والنواحي ... ، القاهرة، 1955م؛ المقريـزي، أحمـد، الخطط، بيروت، دارصادر؛ الموسوعـة العربية الميسرة، بيـروت، 1401ه‍ / 1981م؛ ياقوت، البلدان؛ اليعقوبي، أحمـد، «البلدان»، مع الأعلاق النفيسة لابن رسته، تق‍ : دي‌خويه، ليدن، 1892م؛ وأيضاً:

Britannica, 1978; Dozy, R., Supplément aux dictionnaires arabes, Beirut, 1968; EI²; Evliya Çelebi, Seyahatname, Istanbul, 1938; IA; Rawlinson, G., Ancient Egypt, London, 1886.

محمد رضا ناجي / م