الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / الأفضل بن بدر الجمالي /

فهرس الموضوعات

الأفضل بن بدر الجمالي


المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/1 ۱۰:۵۰:۱۴ تاریخ تألیف المقالة

اَلْأَفْضَلُ بْنُ بَدْرٍ الْجَماليّ، أبوالقاسم شاهنشاه (458 ـ مق‍ 515ه‍ / 1066-1121م)، وزير الفاطميين الشهير بمصر الذي كان له دور مهم في الأوضاع السياسية والعسكرية بمصر والشام في بداية الهجوم الصليبي على البلدان الإسلامية. 
ولد الأفضل في عكا (سبط ابن الجوزي، 8(1) / 105)، لكنه أمضى فترة حداثته في مصر، حيث كان أبوه، بدر الجمالي (ن.ع) يشغل منصب إمارة الجيش والوزارة في تلك الديار. واستناداً إلى الرسالة التي كتبها الخليفة الفاطمي المستنصر إلى بدر الجمالي في 478ه‍ ، فإن الأفضل الذي لم ‌يكن آنذاك قد تجاوز الحادية والعشرين من عمره عيّن نائباً للوزارة وأُورد اسمه بعد ذلك بقليل في479ه‍ في الخطب بأمر من الخليفة (ماجد، 64-66، 94-95). ولما مرض بدر الجمالي في 487ه‍، سُلمت جميع مقاليد الأمور في الوزارة إلى الأفضل ونال ألقاب ومناصب أبيه الأخرى مثل أمير الجيوش أيضاً (ظ: تتمة المقالة). وقيل إن أمين الدولة لاوون، أو الصافي، أحد الأمراء لدى المستنصر الذي كان يطالب بالوزارة، قام بتحرك حينذاك، لكنه لم يحقق شيئاً (ابن الصيرفي، 57- 58). وقد أورد ابن ميسر (2 / 31) أن بدر الجمالي لما توفي في نفس السنة (ظ: ابن تغري بردي، 5 / 139؛ قا: ابن فضل الله، 11 / 206؛ ابن الدواداري، 6 / 439) نال أمين الدولة الوزارة من خلال الرشوة واستمالة بقية الأمراء، لكن المستنصر عزله على الفور واستوزر الأفضل. وفي تلك الأيام مرض المستنصر هو الآخر، ولما كان قد جعل ابنه الاكبر نزاراً، ولياً للعهد، فقد طلب إلى الوزير أن يهيأ الظروف لمبايعة أمراء الدولة له؛ غير أن الأفضل ماطل في تنفيذ تلك المهمة إلى أن توفي الخليفة (487ه‍(. ومن بعده، أجلس على عرش الخلافة الابن الآخر للخليفة، أحمد أبا القاسم الذي كان ابن أخته نفسه ولقّبه بالمستعلي (ابن تغري بردي، 5 / 142؛ ابن الأزرق، 267- 268). 
وعن سبب عداء الأفضل لنزار، قيل إن نزار أقذع له في السباب مرة، فحقد عليه الوزير، وأخيراً جعل أمراء الدولة أيضاً بالترغيب والترهيب يؤيدونه في عزله (ابن خلكان، 1 / 407؛ سرور، سياسة ... ، 92). وفضلاً عن ذلك، فإنه يبدو أن الأفضل بنصبه المستعلي خليفة كان يريده تحت إمرته ويتسلم هو جميع مقاليد الأمور. ولذا، فإن بعض المؤرخين ذكروا أن هذا الخليفة لم ‌يكن بوجود الأفضل يملك من السلطة شيئاً (مثلاً ابن خلكان، 1 / 179). وعلى أية حال، فإن المستعلي لما تسلّم الخلافة، امتنع إخوته بادئ الأمر عن مبايعته خلافاً لأمر الوزير، حيث هرب نزار إلى الإسكندرية ونال نفوذاً هناك وأيده الأمير ناصر الدولة أفتكين والقاضي جلال الدولة ابن عمار، كما بايعه الناس. وخوفاً من عواقب الأمور، أرسل الأفضل جيشاً إلى الإسكندرية وعلى الرغم مما قيل من أنه هُزم في البدء (ظ: ابن ميسر، 2 / 35-36)، لكن يبدو أنه وبالتعاون مع فريق من أنصاره في الإسكندرية (ابن الدواداري، 6 / 446) ألحق الهزيمة بالنزاريين بعد ذلك واستولى على المدينة، وقتل أفتكين وابن عمار وأرسل نزاراً إلى القاهرة، حيث قتل هناك بأمر من الخليفة (ابن ميسر، 2 / 37؛ ابن خلكان، 1 / 407؛ قا: الحموي، 64). وقد قيل إن الحسن الصباح عندما ذهب إلى مصر كان ذلك على عهد المستنصر، كما أن الخليفة قدّم نزاراً كخليفة له. فلما حُرم نزار من الخلافة، ظل إسماعيليو إيران مؤيدين له، ولذلك سُمّوا النزارية (ابن ميسر، 2 / 27؛ ابن خلكان، 2 / 450؛ ابن فضل الله، 11 / 260-261). 
وخلال تلك الفترة التي كان فيها نفوذ الفاطمية قد قُلّص بشكل كبير في هذه المنطقة بسبب هيمنة السلاجقة والأتابكة والمرتبطين بهم وكذلك تعدد الحكام المحليين في بلاد ما بين النهرين والشام، كان الأفضل يسعى حثيثاً علّه يصدّ تقدم الأتراك في الشام وهو ما كان الفاطميون يخشونه. ولذا فقد سُرّ الأفضل عندما هاجمت أولى المجاميع الصليبية آسيا الصغرى منطلقة من القسطنطينية في 490ه‍ / 1097م وانتزعت نيقية من يد قليج أرسلان السلجوقي (الصوري، 1 / 304). وقد حاول وهو الذي لم ‌يكن قد أدرك جيداً بعد، ولم يدرك لفترة طويلة بعدها، هدف المقاتلين الصليبيين وخطرهم، إلى أن يتحالف معهم ضد السلاجقة. وفي الحقيقة، فإن الإمبراطور البيزنطي ألكسيوس الذي كان على معرفة جيدة بالخلاف بين الفاطميين والسلاجقة، كان قد أوصى الصليبيين في القسطنطينية بالاتحاد مع الفاطميين؛ ولم يدرك الصليبيون بادئ الأمر أهمية هذا الاتحاد (قا: رانسيمان، 1 / 304، ها 1، الذي أورد أن الصليبيين أرسلوا إلى مصر رسلاً من نيقية)، فانهمكوا باحتلال تلك البلاد إلى جانب أنطاكية (491ه‍ / 1098م)، فأرسل الأفضل مبعوثين إليهم تحدثوا عن الأوضاع السياسية في الشام وعن أعدائهم وطلبوا عقد اتفاقية صداقة وشجعوا الصليبيين على مواصلة حصارهم لأنطاكية (الصوري، 1 / 304-305) وحرضوهم على احتلال الشام بحسب رواية ابن الأثير (10 / 273). و قبل ذلك بعدة أشهر أيضاً أرسل الأفضل جيشاً إلى الشام واحتل صور وقتل الكثيرين (ابن ميسر، 2 / 38؛ ابن الأثير، 10 / 264). كما ذكر أن المصريين اقترحوا على الإفرنج أن يتقاسموا معهم المناطق الخاضعة للسلاجقة. وكان الأفضل الذي عَدّ الصليبيين مجموعة من المرتزقة للإمبراطور البيزنطي، يتصور أن هذا الاقتراح سيلقى القبول لديهم، لكن الصليبيين على الرغم من أنهم استقبلوا مبعوثيه، ثم أرسلوا أيضاً بهدايا وممثلين إلى مصر، لم يعقدوا أية معاهدة (رانسيمان، 1 / 303، 349). ومع كل هذا، فقد قرر الأفضل أن يستفيد من القتال بين السلاجقة والإفرنج في الشام، خاصة وأن سقوط أنطاكية أدى إلى ضعف وهلع السلاجقة والحكام من صنائعهم؛ ثم وفي 491ه‍ (قا: ابن الأثير، 10 / 383: سنة 489ه‍ ؛ أيضاً ظ: ابن خلكان، 1 / 179، الذي أورد رواية أخرى) توجه نحو القدس وطلب إلى سكمان وإيلغازي الحاكمين الأرتقيين (ظ: ن.د، الأرتقيون) أن يسلما المدينة، ولما امتنعا لجأ إلى محاصرتها، ثم استولى عليها (ابن ميسر، ن.ص)، لكنه أكرم الأرتقيين وأطلق سراحهما. ثم ذهب هو إلى مصر (ابن القلانسي، 135) وفي رواية إلى عسقلان (ابن ميسر، ن.ص). وقيل إنه احتل المدن الأخرى في فلسطين حتى نهر الكلب في شمال بيروت (رانسيمان، 1 / 350). 
وبعد عدة أشهر، حيث توجه الإفرنج إلى القدس، عُرف هدفهم، لكن الحاكم الذي كان الأفضل قد عيّنه هناك لم يقوَ على المقاومة، فسلّم المدينة. وقيل إن الأفضل ندم بعد ذلك على احتلال القدس و طرد الأرتقيين (ن.ع) منها؛ لأنه كان يأمل قبل ذلك أن يحتل الإفرنج المدن الساحلية فحسب، فيحولوا دون توغل الأتراك في مصر (ابن ظافر، 82؛ ابن خلكان، ن.ص؛ قا: سرور، النفوذ ... ، 66-67: كان الأفضل قبل ذلك قد طلب إلى الإفرنج أن لايهاجموا القدس، لكنهم يمكنهم متى شاؤوا أن يدخلوها للزيارة بدون أسلحة ويؤدوا طقوسهم بحرية) ومهما يكن، فإن سقوط القدس أرعب الأفضل، فقاد جيشاً إلى فلسطين وذهب إلى عسقلان (14 رمضان 492)، فسبقه الصليبيون وهاجموها، فأجبروه إلى الهرب وحاصروا هم عسقلان. ولم يحقق الأفضل شيئاً وغنم الإفرنج الكثير من الغنائم وعاد هو إلى مصر (ابن ميسر، 2 / 39؛ ابن الأثير، 10 / 286؛ رانسيمان، 1 / 387-389). وعقب ذلك وعلى الرغم من أنه كان يرسل على الدوام جيوشاً لحرب الإفرنج، لكنه لم يذهب لحربهم على الإطلاق. ويستفاد من رواية ابن ميسر (ن.ص) أنه وبسبب انعدام قائد قوي بين أمراء الشام وظهور الخلافات بينهم، فإن الإفرنج لم يُواجهوا في طريقهم بمقاومة تذكر، فواصلوا تقدمهم حتى إن الكثير من سكان الشام الذين كانوا قد فروا من أمامهم ذهبوا إلى مصر في 493ه‍. 
وفي 494ه‍ أيضاً، أرسل الأفضل جيشاً إلى الشام، وقد هُزم المصريون بادئ الأمر، لكنهم دحروا الإفرنج بعد ذلك (م.ن، 2 / 40). وخلال ذلك توفي الخليفة المستعلي وعيّن الأفضل ابنه الصبيّ، أبا علي المنصور خليفة بلقب الآمر بأحكام الله (صفر 495)، فسيطر الأفضل على مقاليد الأمور دون منازع (ابن الصيرفي، 60-61؛ ابن ميسر، 2 / 40، 42؛ ابن ظافر، 87). 
وفي تلك الفترة أيضاً، تواصلت معارك الأفضل ضد الصليبيين، لكن بعض الروايات الخاصة بتلك الحروب وسنوات نشوبها وردت باختلاف في المصادر. فقد قيل إنه أرسل في 495ه‍ إليهم جيشاً بقيادة سعد الدولة الطواشي (الطواسي)، الذي ألحق الهزيمة بالإفرنج؛ كما توجه شرف المعالي، نجل الأفضل نحو عسقلان التي كانت تحت حصار الإفرنج واضطرهم إلى التراجع عنها (ابن ميسر، 2 / 40-41؛ قا: ابن القلانسي، 141، الذي لم يذكر هذين الاثنين). وتدل رواية ابن الأثير (10 / 364-365) على أن سعد الدولة ذهب لحرب الصليبيين في 496ه‍ ، لكنه هُزم أمام بالدوين بين الرملة ويافا وقُتل. وبعد ذلك، قام الأفضل بإرسال شرف المعالي مع جيش كبير للحرب، فهزم الصليبيين قرب الرملة شر هزيمة، وهرب بالدوين، لكن خلافاً وقع بين المصريين بشأن التقدم نحو القدس ويافا. لهذا وجد بالدوين الفرصة سانحة، فألحق الهزيمة بشرف المعالي. ويعتقد رانسيمان (2 / 89-91) أن المسلمين لو كانوا هاجموا القدس مباشرة بعد الانتصار في الرملة وهروب بالدوين، لتمكنوا من محاصرتها بسهولة، لكن شرف المعالي الضعيف الإرادة لم يتمكن من قيادة قواته نحوها، فعاد إلى مصر. وفي السنة التالية، انتزع الإفرنج حصن عكا الذي كان يتمتع بموقع عسكري ممتاز من عامل الأفضل، زهر الدولة الجيوشي على الرغم من صموده الباسل (ابن الأثير، 10 / 373). و في 498ه‍ ، قاد سماءُ الملك حسين، الابن الآخر للأفضل جيشاً إلى الشام وذهب نائب المصريين في عسقلان لنصرته وطلبا العون من طغتكين أتابك دمشق أيضاً، فجاء هو الآخر بجيش وفي المعركة التي دارت رحاها بينهم وبين الإفرنج وعلى الرغم من مقتل عدد كبير من الجانبين، لم يحقق أي منهما انتصاراً (م.ن، 10 / 394-395؛ قا: ابن ميسر، 2 / 41). 
ومنذ سنة 500ه‍ وحتى أواخر حياة الأفضل، ظل المصريون يواصلون هجماتهم لقتال الصليبيين، بل إنهم تقدموا مرة، فوصلوا قريباً من سور القدس لكنهم لم يحققوا شيئاً (رانسيمان، 2 / 104)، وسيطر الإفرنج على كثير من المدن الساحلية والقلاع المهمة في الشام ومنها أفامية. وفي 501ه‍ حاصروا صيدا، لكنهم تراجعوا بعد وصول الأسطول المصري، ثم احتلوا بيروت وطرابلس وبانياس وجبيل في 503ه‍ ، و صيدا وأثارب وزردنا في 504ه‍ . وفي تلك السنة تصالح شمس الخلافة أمير عسقلان سراً مع بالدوين، ثم ثار على الأفضل بشكل علني، لكن أهل عسقلان ألقوا عليه القبض وقتلوه (ابن الأثير، 10 / 408، 475-476، 479-482؛ ابن القلانسي، 172). وقد انتهى تقدم الإفرنج إلى أن يتوجه بالدوين نحو مصر في 511ه‍ ويحتل فرما ويضرم النار في مساجدها ويتوجه بعد ذلك إلى العريش، لكنه مات في الطريق (ابن خلكان، 5 / 301؛ المقريزي، المقفى... ، 2 / 440). وقد أدى هذا الهجوم بالأفضل إلى أن يحاول ــ خلافاً لسياسته و رغبته ــ التحالف بشكل جاد مع الأمراء الأتراك في الشام ضد الصليبيين. لذا فإنه وبعد هجوم بالدوين على مصر، أرسل جيشاً إلى عسقلان ودعا طغتكين إلى نصرته. وقد بقي الجيش المؤلف من تحالف المصريين والدمشقيين في عسقلان مدة شهرين، لكن لم يأت أحد من الإفرنج. وأخيراً عاد طغتكين إلى دمشق بسبب هجوم الصليبيين على بعض قلاع رقعة حكمه (ابن الأثير، 10 / 543-544؛ رانسيمان، 2 / 168).
ويجدر القول إن من بين أسباب إخفاق الأفضل في حروبه مع الصليبيين، كان انعدام وجود قوات عسكرية منسجمة ومتحدة من المسلمين، وتعدد الدول المستقلة وشبه المستقلة المنافسة في الشام وسواحل البحر الأبيض المتوسط، والتنافس والعداء بين أمراء مصر، بحيث إن الأفضل جهّز أسطولاً وأرسله إلى يافا وأرسل أيضاً جيشاً إلى عسقلان لم يتقدم تاج العجم، قائد هذا الجيش أكثر من عسقلان بسبب عدائه لقائد الأسطول المصري، ابن قادوس، لذلك لم ينجز المصريون شيئاً وعاد ابن قادوس إلى مصر (ابن الأثير، 10 / 365). كما كان ضعف الخلافة الفاطمية وفساد الخلفاء من العوامل المهمة في هذا الإخفاق. ذلك أن الأفضل سعى لسنوات إلى أن يمنع الآمر بأحكام الله الخليفة الشاب الظالم الفاجر والمتجاهر بالفسق من ارتكاب الفواحش، وأخيراً دفع حياته أيضاً ثمناً لذلك (ابن تغري بردي، 5 / 170، 222؛ ابن خلكـان، 2 / 450). وفي الحقيقـة أيضاً، فإن الأفضـل ــ و على الرغم من كونه يقود مصر و رقعة الخلافة نحو الأمن والرفاه في تلك الفترة المملوئة بالاضطرابات ــ كان قد حدّ كثيراً من سلطة الخلفاء ولم ‌تكن لهم أية سلطة بإزاء سلطته (الذهبي، العبر، 2 / 405). وعلى أية حال، فيبدو أن الآمر كان قد وعد أبا عبد الله محمد بن فاتك البطائحي الذي كان يوماً من عيون الأفضل في العراق (ابن فضل الله، 11 / 208) بالوزارة وطلب إليه تدبير قتل الوزير. واستناداً إلى رواية، فإن هذا العمل تم بإشارة وتخطيط من ابن عم الخليفة، أبي الميمون عبد المجيد الذي أصبح خليفة فيما بعد (ابن الأثير، 10 / 589-590)، حيث جعل جماعة من الباطنية يصيبونه بجراح في اليوم السابق لعيد الفطر سنة 515ه‍ مات على أثرها (ابن خلكان، 2 / 450-451، 5 / 299؛ الذهبي، ن.ص). وتقول رواية أخرى إن الأفضل حاول قتل الخليفة عدة مرات (ظ: ابن تغري بردي، 5 / 222). عاش الأفضل 58 سنة أمضى 28 سنة منها وزيراً بشكل رسمي (الذهبي، سير ... ، 19 / 508). ومن بعده استولى الآمر على الثروة الطائلة للوزير المقتول وأمضى أربعين يوماً في بيته مع الكتّاب في تقديرها ونقلها، ويمكن أن نذكر من بينها 600 مليون دينار ذهب (ابن خلكان، 2 / 451؛ ابن الوردي، 2 / 46؛ ابن الأثير، 10 / 589-590). 
وقد امتدح أغلب الكتّاب الأفضل بسداد الرأى والتدبير والعدل وحسن السيرة والكرم والشجاعة (ابن خلكان، 2 / 450؛ سبط ابن الجوزي، 8(1) / 105؛ الذهبي، ن.م، 19 / 509). وكان فضلاً عن الوزارة، يشغل منصب إمارة الجيش (ابن ميسر، 2 / 42؛ ابن الأزرق، 267؛ ابن خلكان، 1 / 179)، وكما يستشف من رسالة للمستعلي، فقد كان يشغل منصب قاضي القضاة وإمام الدعاة الإسماعيلية أيضاً (العيني، 163؛ ظ: سرور، سياسة، 93). وعلى الرغم من كل ذلك، لم‌يكن يوادّ الإسماعيلية، بل إنه أغلق دار‌الحكمة بالقاهرة التي كانت مركزاً للتجمع و نشر الدعوة السرية، والتي كانت قد تحولت آنذاك إلى مقر للمجادلات الإسماعيلية المذهبية (عنان، 292). وقبل ذلك أيضاً وعندما استولى على الإسكندرية، قتل جميع الإسماعيلية المؤيدين لنزار وأقام على جماجمهم مسجداً (ابن الدواداري، 6 / 444). 
عدّه بعض الكتّاب بشكل صريح مائلاً إلى التسنّن، و قالوا إنه كان يمنح الناس الحرية في إظهار معتقداتهم المذهبية وقضى على شعار الدعوة الباطنية ولهذا كان الباطنية يعادونه (الذهبي، العبر، أيضاً سير، ن.صص؛ ابن الأثير، 10 / 590). وقد قدم ابن أبي رندقة (ن.ع)، الفقيه المالكي الأندلسي إلى الإسكندرية على عهد الأفضل كما قال هو نفسه: في المدينة التي أدى قتل وإيذاء فقهاء أهل السنة على أيدي الفاطميين إلى إخلاء مدارسها ومساجدها من الدرس والصلاة أتيت لأهديهم (ظ: ابن فرحون، 278)؛ وهو الذي ألف للأفضل سراج الملوك، حيث يبين آراءه السياسية والاجتماعية (ظ: المقريزي، المقفى، 7 / 410). وفيما عداه، ألف علي ابن منجب الصيرفي من مشاهير كتّاب عصره للأفضل كتاب منائح القرائح (ابن سعيد، 252-253)، كما ألف ابن بركات كتاب الإيجاز في معرفة ما في القرآن من منسوخ وناسخ باسمه (المقريزي، ن.م، 5 / 431). كما كان بعض الشعراء من بين مادحيه وهم: القاضي أحمد بن القاسم الصقلي (سبط ابن الجوزي، ن.ص)، ابن النوبي (ابن ميسر، 2 / 40) ومحمد بن محمد الأفطسي (المقريزي، ن.م، 7 / 98). 
ومن بين الأعمال العمرانية الكبرى للأفضل، يمكن أن يشار إلى حفره بحيرة «أبو المنجا» وشق ترعة من النيل إليها (ابن دقماق، 2 / 46؛ القلقشندي، 3 / 301-302؛ قا: سبط ابن الجوزي، 8(1) / 106). وشيد أيضاً مسجداً في الإسكندرية (النويري، 4 / 40)، وبنى عدة أبواب لمدينة القاهرة (القلقشندي، 3 / 349). وشرع ببناء جامع القبلة، أو جامع النيل، لكنه لم يتمه (ابن خلكان، 5 / 302؛ المقريزي، ن.م، 7 / 97). وفي 501ه‍ ، ألغى الإقطاعات وبادر إلى إعادة مسح الأراضي وتقييم الأملاك والعقارات وأعاد تنظيمها، وحدد الإقطاعات بفترة معينة (م.ن، الخطط، 2 / 5-6؛ زيادة، 2(1) / 146)، وأنشأ ديوان التحقيق الذي كانت مهمته مقابلة الدواوين وتنظيمها والنظر في أعمالها والذي كان قد زال (ابن ميسر، 2 / 42؛ مشرفه، 228). كما أن بناء المرصد الكبير في القاهرة هو من أعماله والذي قام به في 513ه‍ بتشجيع من عدد من الفلكيين وذلك بسبب الاختلاف في الأرصاد والتقاويم، وأنفق عليه مبالغ طائلة، لكن العمل به لم‌ يكن قد أُنجز بعد حين قُتل (المقريزي، ن.م، 2 / 168-174). 

المصادر

ابن الأثير، الكامل؛ ابن الأزرق، أحمد، تاريخ الفارقي، تق‍ : بدوي عوض، بيروت، دار الكتاب اللبناني؛ ابن تغري بردي، النجوم؛ ابن خلكان، وفيات؛ ابن دقماق، إبراهيم، الانتصار، بيروت، دار الآفاق الجديدة؛ ابن الدواداري، أبو بكر، كنز الدرر، تق‍ : صلاح الدين المنجد، القاهرة، 1380ه‍ / 1961م؛ ابن سعيد المغربي، علي، النجوم الزاهرة، تق‍ : حسين نصار، القاهرة، 1970م؛ ابن الصيرفي، علي، الإشارة إلى من نال الوزارة، تق‍ : عبد الله مخلص، القاهرة، 1924م؛ ابن ظافر، علي، أخبار الدول المنقطعة، تق‍ : أندري فيري، القاهرة، 1972م؛ ابن فرحون، إبراهيم، الديباج المذهـب، القاهرة، 1351ه‍ / 1932م؛ ابن فضل الله العمري، أحمد، مسالك الأبصـار، ط مصورة، تق‍ : فؤاد سزگين، فرانكفورت، 1408ه‍‍ / 1988م؛ ابن القلانسي، حمزة، ذيل تاريخ دمشق، بيروت، 1908م؛ ابن ميسر، محمد، أخبار مصر، تق‍ : هنري ماسيه، القاهـرة، 1919م؛ ابـن الوردي، زيـن الدين، تتمـة المختصر فـي أخبار البشـر، تق‍ : أحمد رفعت البدراوي، بيروت، 1389ه‍ / 1970م؛ الحموي، محمد، التاريخ المنصوري، ط مصورة، تق‍ : پ. غريازنوفيتش، موسكو، 1960م؛ الذهبي، محمد، سيـر أعلام النبـلاء، تق‍ : شعيب الأرنـؤوط، بيـروت، 1405ه‍ / 1984م؛ م.ن، العبـر، تق‍ : محمد السعيد بن بسيوني زغلول، بيروت، 1405ه‍ / 1985م؛ رانسيمان، ستيون، تاريخ جنگهاي صليبـي، تج‍ : منوچهر كاشف، طهران، 1351ش؛ زيادة، محمد مصطفى، تعليقات على السلوك للمقريزي، القاهرة، 1376ه‍ ؛ سبط ابن الجوزي، يوسف، مرآة الزمان، حيدرآباد الدكن، 1370ه‍ / 1951م؛ سرور، محمد، سياسة الفاطميين الخارجية، القاهرة، 1386ه‍ / 1967م؛ م.ن، النفوذ الفاطمي في بلاد الشام والعراق، القاهرة، 1959م؛ الصوري، وليم، الحروب الصليبية، تج‍ : حسن حبشي، القاهرة، 1379ه‍ ؛ عنان، محمد عبد الله، الحاكم بأمر الله وأسرار الدعوة الفاطمية، القاهـرة، 1379ه‍ / 1959م؛ العينـي، محمود، السيف المهند فـي سيرة الملك المؤيـد، تق‍ : فهيم محمد شلتوت، القاهرة، 1967م؛ القلقشندي، أحمد، صبح الأعشى، القاهرة، وزارة الثقافة والإرشاد القومي؛ ماجد، عبدالمنعم، السجلات المستنصرية، القاهرة، 1954م؛ مشرفه، عطيه مصطفى، نظم الحكم بمصر في عصـر الفاطميين، القاهرة، 1367ه‍ ؛ المقريزي ، أحمد، الخطط، تق‍ : غاستون ويت، القاهرة، 1911م؛ م.ن، المقفى الكبير، تق‍ : محمد يعلاوي، بيروت، 1991م ؛ النويـري، محمد، الإلمـام، تق‍ : عـزيزسوريـال عطية، حيدرآباد الدكن، 1390ه‍ / 1970م.

صادق سجادي / م


 

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: