الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / الأعشی /

فهرس الموضوعات

الأعشی


تاریخ آخر التحدیث : 1442/10/18 ۱۱:۳۸:۰۶ تاریخ تألیف المقالة

وتبعاً لهذه الدراسة، فإنه يرى أن 52 قصيدة ومقطعة منحولة (ط غاير، الأرقام 2، 4، 5، 13، 14، 20، 24، 25، 31، 33، 35-37، 39، 41-59، 60-65، 67، 69، 71، 72، 74-82). أما الباقي، فهو 24 قصيدة يثق بخمسة منها فحسب ثقة كاملة (الأرقام 1، 6، 11، 29، 34؛ ظ: ضيف، 342-347).
و من مجموع الروايات الواردة في المصادر القديمة وبشكل خاص في الأغاني يمكن تجسيد قصة حياة الأعشى الشبيهة بالأسطورة على النحو التالي: لانعلم شيئاً عن أبيه قيس بن جندل المعروف بقتيل الجوع الذي مات في غار (ابن قتيبة، 44؛ أبوالفرج، 9 / 108؛ البغدادي، 1 / 175). خاله كان الشاعر المعروف، المسيب زهير بن علس الذي يحتمل أن يكون قد علّم ابن أخته الشعر (ابن حزم، 292؛ المرزباني، 325). كان له راوية مسيحي يدعى يحيى بن متى من عبّاد الحيرة والطاعنين في السن، الذي قال إن الأعشى كان قَدَريّ المذهب وإنه كان قد تعلم هذا المذهب من مسيحي الحيرة (أبو الفرج، 9 / 112-113؛ قا: الأعشى، القصيدة رقم 35، البيت 2). كانت له زوجة من قبيلة عنزة طلّقها (أبوالفرج، 9 / 121-122). كما كانت له ابنة ترافقه في فترة عماه في سوق عكاظ (م.ن، 9 / 111؛ ظ: الأعشى، القصيدة رقم 4، الأبيات 51-53). مُنح لقب صنّاجة العرب (أبوالفرج، 9 / 109؛ المرزباني، ن.ص). ويبدو أنه مُنح هذا اللقب لأن شعره كان يُغنى. وكشاعر جاهلي كان له أيضاً شيطان اسمه مِسحَل يلهمه المعاني الشعرية (ظ: أبو زيد القرشي، 43؛ قا: الأعشى، القصيدة رقم 33، البيت 32). ويقال إنه كان يتكسب من الشعر (المرزباني، أبوالفرج، ن.صص). وبطبيعة الحال، فإن الجميع كانوا يفعلون ذلك، لكنه كان «يتجر» بالشعر بحسب رأي ابن رشيق (1 / 81). و قد توفي أخيراً في منفوحة إحدى قرى اليمامة والتي كانت مسقط رأسه أيضاً. وفيما بعد كان والي اليمامة قد رأى قبره رطباً مما كان يصبه شاربو الخمر عليه (أبو الفرج، 9 / 126-127). واستناداً إلى الروايات، فإن وفاته كانت في 8ه‍ / 629م (بلاشير، «تاريخ»، ن.ص؛ زيدان، 1 / 118؛ شيخو، 2 / 357).
و في خضم هذه الحياة التي يكتنفها الغموض، لايمكن تحديد أي من الحوادث التي نسبت إلى الأعشى بتاريخ. فالرحلات التي تجاذبته إلى هذا الموضع وذاك بحثاً عن الممدوحين والصلات كثيرة ومبالغ فيها. والأبيات التي ورد فيها ذكر هذه الرحلات منحولة دون شك (القصيدة رقم 4، الأبيات 55 و ما بعدها، أيضاً 63): فقد ذهب من الحيرة التي كانت موطنه الأصلي إلى اليمن وكندة وحضرموت ونجران وعكاظ (الحجاز) وعمان وإيران وحمص وأورشليم وحتى إلى النجاشي في الحبشة (ظ: ابن بليهد، 1 / 12؛ ضيف، 336). و قد حدثت في بعض هذه الأماكن أساطير كان هو بطلها: 
كان يذهب إلى سوق عكاظ كل سنة، و في إحدى تلك الرحلات، حدثت قضية المحلق. ففي هذه الحكاية أدت أشعاره إلى أن تتزوج بنات المحلق الثمان (أبو الفرج، 9 / 113-115، قا: 9 / 115-117، الرواية الثانية: 3 بنات والحادثة وقعت في الموضع الذي تسكنه قبيلة المحلق). 
نُسجت الرواية الثانية حول قصيدتي هجاء بحق علقمة بن علاثة وعامر بن الطفيل وقصيدة مدح في علقمة. وفضلاً عن ذلك ورد اسم الأسود العنسي الذي بدأ تمرده بعد حجة الوداع، وبادعائه النبوة، استولى على مناطق واسعة وبشكل خاص في اليمن: يمتدح الأعشى بادئ الأمر الأسودَ (لايوجد مدح كهذا في موضع ما، وحتى إن وجد، فقد أودعه الرواة المسلمون زوايا النسيان)، ويحصل على مال وفير؛ يلتجأ بذلك المال إلى علقمة، لكنه وعلى إثر حوار مفعم بالملاحظات ومشحون بالألفاظ العذبة يهرع لاجئاً إلى ابن عمه عامر بن الطفيل. وأخيراً وحين يخشى على حياته ينبري لنظم قصيدة في الاعتذار يهديها إلى علقمة (القصيدة رقم 81؛ أيضاً ظ: ابن قتيبة، 45؛ أبو الفرج، 9 / 120-121؛ البغدادي، 3 / 398-400).
والقصة الثالثة التي يبدو أنها تخلو من أية واقعية، هي عن السموأل بن‌عادياء صاحب حصن الأبلق التي أصبحت تضحياته في المحافظة على دروع امرئ القيس، الملك الضليل، مضرب الأمثال (ظ: أبوالفرج، 22 / 118). أما الأعشى الذي أصبح أسيراً لدى الكلبيين فقد وقعت عينه على شريح، نجل السموأل، أو حفيده وأنشد قصيدة في مدحه (القصيدة رقم 25). إن هذه القصة وهذا الشعر الذي لفت أنظار القدماء إليه، لاشك في أنه منحول (ظ: ابن‌ قتيبة، 46؛ أبو الفرج، 9 / 118، 22 / 117؛ ياقوت، مادة الأبلق). 
القصة الرابعة و هي أشهر القصص، فهي تدور حول وفاته فضلاً عن أنها جعلت له حرمة لدى الكتّاب المسلمين. قيل إنه في أواخر حياته وعندما سمع بخبر النبي (ص) ودينه الجديد، نظم قصيدة في مدحه (ص) وتوجه نحو الحجاز، فهرع إليه في أطراف مكة القريشيون الذين كانوا يعلمون أن مدحه لشخص، أوهجاءه إياه يؤدي إلى الرفعة، أو المهانة محذِّرين إياه أن ارجعْ، فهذا النبي قد حرّم القمار والزنى والخمر و هي الأمور التي تحبها. وبحسب ابن قتيبة (ص 44)، فإن هذه الواقعة حدثت خلال صلح الحديبية. وأخيراً جمع أبو سفيان 100 ناقة حمراء ووهبها له ليؤجل مدح النبي (ص) و ربما اعتناقه الإسلام أيضاً إلى السنة التالية. فعاد الأعشى إلى اليمامة وهناك سقط عن ناقته ومات (أبوزيد القرشي، 67؛ ابن هشام، 2 / 25- 28؛ أبوالفرج، 9 / 125-126؛ البغدادي، 1 / 176، ومواضعَ كثيرة أُخر).
ويبدو أن هذه القصة التي كان مصدرها ابن إسحاق (ص 375-379)، كانت أيضاً موضع شك من بعض الجوانب أحياناً. ففي القرن 6ه‍ / 12م، أظهر السهيلي في الروض الأنف (3 / 378-380) أن ابن هشام أخطأ بهذا الشأن، ذلك أن آية تحريم الخمر (المائدة / 5 / 90) نزلت في المدينة وليس في مكة (أيضاً ظ: السقا، 2 / 28؛ مهدوي، 1 / 376). وتسويغ كلام السهيلي هو: بعد هجرة النبي (ص) إلى المدينة، لماذا يذهب الأعشى إلى مكة وليس إلى المدينة؟ و من جهة أخرى، فإن نزول سورة المائدة كان متأخراً، وربما لم‌تكن آيات التحريم قد نزلت بعد سنة 6ه‍ و هو تاريخ وصول الأعشى إلى مكة.
والقصيدة التي قيل إنه مدح النبي (ص) فيها (رقم 17، وتقع في 24 بيتاً) هي موضع شك كبير. فالأبيات الخمسة الأولى منها والتي تشتمل على التشبيب و من ثم الحكمة الجاهلية، مفعمة بالجمال، ولهذا ذاع صيتها؛ لكن بقية الأبيات ضعيفة المضامين وعديمة القيمة ولاتضم سوى مضامين المدح المكررة. وفضلاً عن ذلك، فإن مجموعة أخرى من الأبيات (بشكل خاص 17-24) متأثرة بشدة بالتعاليم القرآنية مثل تحريم أكل الميتة والدم؛ والألفاظ والتراكيب القرآنية دخيلة عليها بحذافيرها. كل ذلك أدى إلى أن يشك، أغلب المستشرقين وكذلك طه حسين (1 / 241-242) وشوقي ضيف (ص 341-342) في صحتها بأسرها، بينما شك محمد محمد حسين، محققُ الديوان في صحة قسم منها (ص 184). 
و قد لفت دين الأعشى انتباه الباحثين المعاصرين إليه. فقد عدّه بلاشير بشكل جازم نصرانياً، لكن ضعيف العقيدة وعاشقاً ولهاناً وشارباً للخمر، ورأى أن رحلاته المفترضة لم‌ تكن لأجل كسب المال فحسب، بل اتجه في الغالب نحو كبار الموحدين. فقد مدح الأسود الأمير المسيحيَّ للحيرة وزعماء القبائل النصرانية في حوض الفرات واليمامة، وحفيد السموأل، الزعيم اليهودي في تيماء، وأخيراً نبيَّ الإسلام (ص)؛ و في آخر حياته أبدى اهتماماً أكبر بالدين وذهب إلى مسيحيي نجران، وخلال ذلك يوجد استثناء هو مدحه لزعيم قبيلة بني كلاب، أي علقمة بن علاثة («تاريخ»، II / 322)؛ و قد بحث هو نفسه («الأعشى»، 256-257) الموضوع بمزيد من الدقة وجاء بشواهد من شعر الأعشى وروايات تدعم آراءه. إلا أن شوقي ضيف يرى جميع الأبيات التي تشير إلى المسيحية في ديوانه، منحولة، ويعدّه عابد أصنام متعصباً بسبب حبه للنساء والخمر والقمار (ص 338-339؛ أيضاً ظ: حتي، 24). 

شعره

استرعى تنوع شعر الأعشى، سواء من حيث الشكل، أو من حيث المضمون، الانتباه دوماً. ولما كان ينظم الشعر في كل وزن وقافية، فقد فُضِّل على الجميع (الأصمعي، 12؛ أبوزيد القرشي، 67؛ أبو الفرج، 9 / 110). كما أن ابن سلام الذي كرر رأي أهل الكوفة (ص 52) كان مندهشاً من تنوع شعره (ص 65). وكان يونس النحوي يراه الأفضل في الطرب فحسب (أبو الفرج، 9 / 108). ومهما يكن، وعلى الرغم من أن الأصمعي (ص 11) لايعتقد بكونه فحلاً، إلا أن نقاد الشعر القدماء متى ما انبروا لتقييم الشعراء، وضعوا الأعشى في الصف الأول (ظ: البغدادي، 1 / 175-176). و قد سعى البعض إلى أن يقصروا أفضليته على موضوع محدد كالمدح والخمريات وكثرة الشعر مثلاً (أبو زيد القرشي، 67، نقلاً عن أبي عمرو ابن العلاء)، أو الغزل والشعر الملحمي وشعر المجون (أبو الفرج، 9 / 112، نقلاً عن الشعبي). 
ومجموعة الأشعار المنسوبة للأعشى كثيرة الإشكالات وغير منسجمة. و قد حاول بلاشير (ن.م، 266) أن يتعرف فيها إلى مدرستين، إحداهما المدرسة البدوية الصحراوية والأخرى المدرسة الحضرية في الحيرة؛ لكن المدح شكل أساس شعره، أما بقية الأغراض الشعرية، فهي غالباً ملحقات، أو ذرائع للمدح. ونادراً ما يتخلى في أوصاف ممدوحه عن المعاني الجاهلية السائدة (السخاء، الشجاعة، الأصالة، إكرام الضيف...). وقبل أن ينبري الشاعر للمدح يبدأ قصيدته بالنسيب شأنه شأن جميع الشعراء الجاهليين ويبكي على ديار المحبوب؛ ثم يتحدث عن غرامياته بلغة مجونية أحياناً وعندها يبادر إلى وصف الصحراء وناقته، ويمتدح نفسه أحياناً (يفخر) بحسب مقتضى مضمون الشعر. أما موضوع الاتجاه إلى المدح بذاته في شعر الأعشى، فقد انتهى به إلى أسفار بعيدة وطويلة؛ و قد جال به ناحلو الروايات من البلاط الساساني حتى الشام والحبشة، ونسبوا إليه بهذا الشأن أحياناً حكايات عجيبة وأشعاراً ضعيفة لاقيمة لها، إلا أن الخمرة والخمريات، فإنها ميّزت الأعشى من كثير من الآخرين. صحيح أنه لم‌تكن لديه قصيدة خاصة بالخمر و لم يؤسس مدرسة خاصة بالخمريات، لكن قلما خلت له قصيدة من هذا الغرض. و قد بلغ شعره من الرصانة والجمال أحياناً حداً جعل حتى الأخطل يعترف بائساً بتفوقه (أبوالفرج، 9 / 123-124). و لم تؤثر خمريات الأعشى في الأخطل فحسب، بل في أبي نواس أيضاً بعد ذلك بقرن. فقد ضمن هذا الأخير قصائده من شعر الأعشى. كما أثّر الأعشى في الشعر الفارسي وبشكل خاص شعر المنوچهري. وأجمل وأشهر دلالات هذا التأثير، بيتان من الخمريات ضُمنا في بائية المنوچهري (القصيدة رقم 3، البيتان 10و11). 
ويدور الشعر الحِكمي للأعشى بميول توحيدية مسيحية وأحياناً يهودية وحتى إسلامية ــ و هو موضع شك شديـد ــ في الغالب حول محور أساسي واحد؛ أشار الأعشى بكثرة إلى شخصيات التاريخ العظيمة طالباً من مستمعه أن يتعظ بفنائهم و أن لايتعلق بالدنيا الغادرة (لبحث مضامين الشعر المنسوب إلى الأعشى، ظ: بلاشير، ن.م، 265-276؛ أيضاً ظ: البستاني، 21-24؛ ضيف، 348-365). وربما لايمكن لجميع هذه الأشعار أن تُعدّ منحولة لمجرد كون المضامين الدينية قد وجدت طريقها إليها؛ ذلك أن الذي لاشك فيه هو أن الكثير من هذه المعاني كان منتشراً بين العرب في القرن 6م بواسطة الموحدين والحنفاء، ويجد طريقه إلى الأشعار بشكل معانٍ جاهزة مكررة. 
والموضوع الآخر الذي زاد من مكانة الأعشى هو أن أغلب الرواة القدماء وضعوا اسمه في عداد شعراء المعلقات. فنحن نعلم بطبيعة الحال أن الرواية التي وصلت في القرن 5ه‍ / 11م إلى الزوزني والخطيب التبريزي (يحتمل أن تكون رواية أحمد بن محمد النحاس المتوفى سنة 338ه‍( لم تذكر اسم الأعشى ضمن الشعراء السبعة الأوائل، إلا أن الخطيب التبريزي ذكر بعدهم أسماء 3 شعراء آخرين ومنهم الأعشى وأوصل عدد المعلقات السبع إلى عشر (ص 417 و مابعدها؛ عن عدد المعلقات وتواريخها ورواياتهـا، ظ: بلاشير، 177- 178). وكما أن هناك اختلافاً في عدد المعلقات، فإنه يبرز أحياناً اختلاف في الرأي أيضاً حول معلقات بعض هؤلاء الشعراء. فمعلقة الأعشى بحسب الرواية الأشهر، بدءاً من أحمد بن محمد النحاس (2 / 129 و ما بعدها) وأبي الفرج (9 / 113، 152و مابعدها) وإلى الخطيب التبريزي (ن.ص)، هي اللامية المعروفة «ودّعْ هُريرةَ...» ( الديـوان، رقم 6). و قد أشار أبو الفرج إلى هريرة وأختها خُليدة (القينتين) (9 / 113)، كما أشار إلى الصراعات القبلية الشديدة التي أدت إلى نظم القصيدة (9 / 154-155)، لكن بحسب رواية أبي زيد القرشي (ص 119)، فـإن معلقته هـي قصيدة أخرى تبـدأ بـ «ما بكاء الكبيـر...» ( ديوان، رقم 1). 

ديوان الأعشى

استناداً إلى رواية الأغاني، فقد كان للأعشى راوية نصراني ظل حياً حتى عصر معاوية وروى شعره بأسره، لكن بعد حوالي قرنين، تمّ تدوين أشعاره وبشكل خاص في البصرة. واستناداً إلى ابن النديم (ص 178)، فإن الأصمعي جمع أولاً ديوان الأعشى، بينما أكمله فريق آخر. ثم و في نهاية القرن 3ه‍ / 9م، أعدّ ثعلب وأبو بكر ابن الأنباري مجموعتين أخريين. لكنـه لم يبقَ من كل هذه الروايات ــ ولأسبـاب خافيـة علينـا ــ سوى رواية ثعلب. وهذه الرواية المحفوظة في الإسكوريال (ESC2، رقم 303) هي التي اتخذها غاير أساساً لعمله وقام بعد 50 عاماً من البحث ومقارنة رواية ثعلب ببقية المخطوطات المبثوثة في العالم، بطبع ديوان ضخم (لندن، 1928م). ولهذا الديوان أيضاً ملحقان: الأول مجموعة الأشعار المنسوبة إلى الأعشى في كتب الأدب والمفقودة من ديوانه، والثاني شعر 22 شاعراً كلهم يحمل اسم الأعشى. و قد طبع محمد حسين أصل هذا الديوان (من غير ملاحق) بالقاهرة في 1950م (عن مخطوطات الديوان وطبعاته، ظ: بلاشير، «الأعشى»، 246-249).

ديوان الأعشى وإيران

كتب ابن قتيبة يقول إن الأعشى كان يتردد على ملوك إيران ولهذا وجدت كلمات فارسية طريقها إلى شعره بوفرة (ص 44؛ أيضاً ظ: البغدادي، 1 / 176). ثم أورد 4 أبيات له تحتوي على 5 كلمات فارسية (ص 45)، و من المصادفات أنها غير مذكورة في ديوانه الأصلي. وكان ابن قتيبة من بين أوائل الذين شككوا في صحة نسبة عدة قصائد إليه، و مع كل هذا، فهو لايتورع عن وضع الأعشى في بلاط كسرى وإجباره على إنشاد الشعر (ن.ص). 
و لاشـك فـي أن أهـم وأوسـع القصص العربيـة ـ الإيرانيـة الخاصة بالأعشى هي معركة ذي قار التي اهتم بها الكتّاب العرب كثيراً (ظ: أبو عبيدة، 2 / 643-646؛ الطبري، 2 / 193 و مابعدها؛ أبوالفرج، 24 / 53-81؛ ابن عبد ربه، 5 / 262- 268؛ ابن الأثير، 1 / 482-490؛ ياقوت، 4 / 10-12؛ عن بحث حول معركة ذي قار، ظ: روتشتاين، 120-125؛EI2,I / 690 ؛ علي، 3 / 293 و ما بعدها؛ آذرنوش، 184-186).
وتوجد في ديوان الأعشى القصيدة ارتبطت بمعركة ذي قار، بحيث لايمكن فهم جزء عظيم من هذه القصائد من غير الاطلاع على الواقعة؛ كما أنه من خلال دراسة تلك الروايات وهذه الأشعار يتضح جانب من التاريخ والثقافة الإيرانية في العصر الساساني: ذوقار موضع بين الكوفة وواسط و إن المعركة التي دارت رحاها بين مجموعة من الجند الإيرانيين ومجموعة من القبائل العربية هناك اشتهرت بيوم ذي قار. و لايتضح في الروايات، الزمن الدقيق لهذه المعركة، إذ يقال إنها وقعت إما بعد البعثة النبوية بقليل (الطبري، 2 / 207- 208؛ ابن عبد ربه، 5 / 262)، أو بعد غزوة بدر بعدة أشهر (أبوالفرج، 24 / 76؛ ياقوت، 4 / 11). وقد خمن المستشرقون تاريخها بين 604-610م (ظ: آذرنوش، 185).

الكلمات الفارسية (أو الكلمات ذات الأصل الفارسي) في ديوان الأعشى

إبريق، أبلج بمعنى المضيء والأبيض، أرجوان، أرندج بمعنى الجلد المدبوغ، إستار، باطية، بربط، بستان، بقَّم، بنفسج، تاج، جُل، جُلّسان، جُند، جوذر، خزّ، خسرواني، خندق، خورنق، خيري، خيم، دَخارص، درمك، درهم، دشت (أو دست)، دهقان، دوسر (دوسرة)، ديابوذ و هو نوع من القماش، ديباج بمعنى قماش الحرير المزخرف، ديسق بمعنى الصينية الفضية، رزق، زنجبيل، زور بمعنى الكذب والبهتان، زير و هو اسم أدق أوتار الآلات الوترية، ساسا (ساسان)، سراب؛ سراج، سرادق بمعنى الخيمة والستائر التي تعلق أمامها، سربال بمعنى اللباس، أو القميص وكذلك السروال، سمسار (= سفسير)، سوسن، سيسنبر وهو نبات عطري شبيه بالسعتر، شاحرد (يجب أن تُصحح إلى شاجرد)، شاهسفرم، شاهسفرن (= الريحان السلطاني)، شهنشاه، صنج و هو قطع نحاسية مدورة تربط على الأصابع وتُضرب ببعضها، أيضاً چنك، طنبور، فارسي، فدن بمعنى البناء الكبير وكذلك الحصان والجمل الضخم، فصفصة بمعنى البرسيم، فيل، كافور، كسرى، كناز بمعنى المدَّخَر، مرجانة، مرزجوش (مرزجش) (= مرزنجوش)، مستق و هو اسم نغم، مسك، ملاب بمعنى عطر، مهرق بمعنى لوح صقيل للكتابة، ناي نرم و هو نوع من الآلات الموسيقية. نرجس، نمرق وجمعه نمارق بمعنى مخدّة، أو دوشك، هامـرز و هو اسم قائد إيراني، هنزمـن بمعنى جمعية، وَرْد بمعنـى الزهـور، وَنّ و هـو آلـة موسيقية يبـدو أنهـا كانـت تشبـه الصنج، يارق (ياره، أو إياره)، ياسمين (ظ: آذرنوش، 127 وما بعدها). 
ويبقى البحث مفتوحاً فيما يتعلق بالكلمات التالية، ذلك أنها يمكن أن تكون قد دخلت العربية عن طريق الفارسية وليس بشكل مباشر من لغتها الأصلية: آس، ترياق، خرج (خراج)، خيزران، شهباء (اسم كتيبة عسكرية)، طرجهاره (فنجان)، طوفان، قباب، كأس، لجام، هندي، هندواني. 

المصادر

آذرنوش، آذرتاش، راههاي نفوذ فارسي در فرهنگ و زبان عرب جاهلي، طهران، 1374ش؛ ابن الأثير، الكامل؛ ابن إسحاق، محمد، سيرت رسول الله، تج‍ : رفيع الدين الهمداني، تق‍ : أصغر مهدوي، طهران، 1361ش؛ ابن بليهد النجدي، محمـد، صحيح الأخبـار، تق‍ : محمد محيـي الديـن عبـد الحميـد، 1392ه‍ / 1972م؛ ابن حزم، علي، جمهرة أنساب العرب، بيروت، 1403ه‍ / 1983م؛ ابن رشيق، الحسن، العمدة، تق‍ : محمد محيي الدين عبد الحميد، بيروت، 1401ه‍ / 1981م؛ ابن سلام الجمحي، محمد، طبقات فحول الشعـراء، تق‍ : محمود محمد شاكـر، القاهرة، 1394ه‍ / 1974م؛ ابن عبد ربه، أحمد، العقد الفريد، تق‍ ‍‌: أحمد أمين وآخرون، بيروت، 1402ه‍ / 1982م؛ ابـن قتيبة، عبـد الله، الشعـر والشعراء، بيـروت، 1404ه‍ / 1984م؛ ابن النديم، الفهرست؛ ابن هشام، عبد الملك، السيـرة النبوية، تق‍ : مصطـفى السقا وآخرون، القاهرة، 1355ه‍ / 1936م؛ أبوزيد القرشي، محمد، جمهرة أشعار العرب، بيـروت، 1383ه‍ / 1963م؛ أبوعبيـدة، معمـر، النقـائض (نقـائض جريـر والفـرزدق)، تق‍ : بيفان، ليدن، 1908-1909م؛ أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني، القاهرة، 1963م؛ الأصمعي، عبدالملك، فحولة الشعـراء، تق‍ : ش. تـوري، بيروت،1400ه‍ / 1980م؛ الأعشى، ميمون، الصبح المنير (ديوان)، تق‍ : رودولف غاير، لندن، 1928م؛ البستاني، فؤاد أفرام، الأعشى الكبيـر، بيروت، 1963م؛ البغدادي، عبدالقادر، خزانـة الأدب، تق‍ : عبد السلام محمد هارون ، القاهرة، 1979م؛ بلاشير، ريجيس، تاريخ الأدب العربي، تج‍ : إبراهيم الكيلاني، دمشق، 1404ه‍ / 1984م؛ حتى، حنا نصر، مقدمة شرح ديوان الأعشى الكبير، بيروت، 1412ه‍ / 1992م؛ حسين، طه، من تاريخ الأدب العربي، بيروت، 1981م؛ حسين، محمد محمد، تعليقات على ديوان الأعشى، بيروت، 1403ه‍ / 1983م؛ الخطيب التبريزي، يحيى، شرح القصائد العشر، تق‍ : فخر الدين قباوة، بيروت، 1400ه‍ / 1980م؛ زيدان، جرجي، تاريخ آداب اللغة العربية، القاهرة، 1957م؛ السقـا، مصطفـى، تعليقـات علـى السيـرة النبويـة (ظ: هم‍ ، ابـن هشـام)؛ السهيلـي، عبد الرحمان، الروض الأنف، تق‍ : عبد الرحمان الوكيل، القاهرة، دار الكتب الحديثة؛ شيخو، لويس، شعراء النصرانية، بيروت، 1890م؛ ضيف، شوقي، العصر الجاهلي، القاهرة، 1960م؛ الطبري، تاريخ؛ علي، جواد، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، بغداد / بيروت، دار العلم للملايين؛ القرآن الكريم؛ المرزباني، محمد، معجم الشعراء، تق‍ : عبد الستار أحمد فراج، القاهرة، 1379ه‍ / 1960م؛ المنوچهري الدامغاني، أحمد، ديوان، تق‍ : محمد دبير سياقي، طهران، 1356ش؛ مهدوي، أصغر، تعليقات على سيرت رسول الله (ظ: هم‍ ، ابن إسحاق)؛ النحاس، أحمد، شرح القصائد المشهورات الموسومة بالمعلقات، بيروت، 1405ه‍ / 1985م؛ ياقوت، البلدان؛ وأيضاً:

Blachère, R., Histoire de la littérature arabe, Paris, 1964; id, «Un Problème d’histoire littéraire: Aʿšâ Maymūn et son oeuvre», Analecta, Damascus, 1975; EI2; ESC2; Rothstein, G., Die Dynastie der LaƄmiden in al-Ḥîra, Hildesheim, 1968.

آذرتاش آذرنوش / ه‍.

الصفحة 1 من2

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: