الأشرفي

اَلْأَشْرَفيّ، اسم عملة ذهبية بوزن معين قدره 45 / 3 غرامات، أصبحت متداولة في العالم الإسلامي منذ أواسط القرن 9ه‍ بواسطة مماليك مصر، و انتشرت في أرجاء إيران في أوائل القرن 10ه‍ . واستـمر ضربهـا بـأوزان مختلفـة حتـى أواخـر الـعصـر القاجاري. 
و عن سبب تسمية الأشرفي و خلفيتها التاريخية، اختلفت آراء الباحثين و خبراء العملات النقدية، ففي بعض المعاجم ذُكر أن الأشرفي هو الذهب الخالص (آنندراج؛ غياث اللغات). لكن هناك فريقاً لايوافق على إطلاق هذا الاسم على الأشرفي، ذلك أن كلمة «الخالص» بمعنى ثان كانت مستعملةً قبل تداول الأشرفي وكان المقصود بها العملات الخالصة ذات العيار المطابق للمواصفات (ظ: عقيلي، 32؛ ديانت، 2 / 28). و مع كل ذلك، فإن اسم الأشرفي ــ شأنه شأن أسماء بقية العملات ــ كان في البدء اسماً خاصاً، ثم اتسع و أصبح يستعمل للعملات الذهبية، سواء كانت أشرفية، أم نوعاً آخر (ظ: قائم مقامي، 429؛ بياني، 12؛ ديانت، 2 / 22؛ رابينو، 14). 
و توجد أقوال مختلفة أيضاً بشأن تسمية الأشرفي، إذ ينسب البعض سكّ عملة الأشرفي إلى أحد الأمراء الچوبانيين المدعو بالملك الأشـرف بن الأمير تيمورتـاش و حفيد الأمير چوبـان (حك‍ 744- 759ه‍ / 1343- 1358م) (نفيسي، 2 / 221)؛ بينما لاتوجد في المصادر معلومة تقول إن الملك الأشرف قد سكّ عملة بهذا الاسم، أو أن عملة دُعيت فيما بعد باسمه بالأشرفي (ظ: ديانت، 2 / 25؛ للاطلاع على عملات عهده، ظ: لين پول، VI / 117). كما أن نسبة سك الأشرفي إلى أشرف الأفغاني (ظ: قائم مقامي، ن.ص؛ لغت نامه...)، ليست صحيحة، ذلك أن هذا النوع من العملات كان رائجاً في إيران منذ زمن تأليف حبيب السير (927ه‍ / 1521م) على الأقل (ظ: خواندمير، 3 / 511؛ ديانت، 2 / 31؛ أيضاً ظ: تتمة المقالة)، و تحدث عنه كثير من مصادر العصر الصفوي (ظ: إسكندر بيك، 1 / 116، 348؛ شاردن، 4 / 383). كما أن رأي دهخدا القائم على احتمال سك الأشرفي في مدينة أشرف (ظ: لغت نامه)، هو الآخر لايبدو صحيحاً، ذلك أن تاريخ ضرب العملة المذكورة أقدم من زمان بناء مدينة أشرف (بهشهر الحالية) على يد الشاه عباس الصفوي (ديانت، 2 / 24). و من جهة أخرى، يبدو مما كتبه شاردن أن الأشرفي كانت عملة ذهبية يُهديها الشاه إلى رجال و أعيان و أشراف الدولة فقط، في المناسبات الخاصة، ولهذا دعيت بالأشرفي، أو الأشرافي (م.ن، 2 / 27)؛ و من المؤكد أن هذا القول أيضاً غير صحيح (ظ: تتمة المقالة). 
و قد وجد الباحثون و علماء المسكوكات خلال بحثهم عن أصل اسم الأشرفي، مسكوكات كانت قد سُكّت على عصر مماليك مصـر باسم الملك الأشرف. وبرغم أن كثيراً من حكام هـذا العصر كانـوا يُلقبون بالأشـرف، فقـد عُـدّ أن اسم ضاربهـا هو الأشـرف سيف الـديـن بــرسبـاي (حك‍ 825-842ه‍( )«دائـرة ـ ‌المعارف...»، IV / 354؛ رابينو، ن.ص). 
كان برسباي خلال حكمه قد واجه معضلات اقتصادية جمّة، ذلك أنه مع اتساع نطاق العلاقات التجارية بين مصر و قبرص، وإقامة علاقات سياسية مع الحكومات التركمانية في الشمال والشمال الشرقي، و كذلك مع الدولة العثمانية و خلفاء الدولة التيمورية في إيران، كان عليه أن يسدّ النقص الحاصل في الدنانير المملوكية و عدم استقرارها (ظ: لويس، 222,223,225). و لذا فقد أوقف في 829ه‍ / 1426م تداول عملة ذهبية أوروبية تدعى فلورين ــ العملة الذهبية لمدينة فينيسيا (البندقية)، أو فلورنسه في إيطاليا ــ في المناطق الخاضعة لحكمه. و استناداً إلى ابن‌تغري بردي (تـ 874ه‍ / 1469م) فإن برسباي و بجمعه الوجهاء والتجار استشارهم بشأن إبطال التعامل بالعملة الذهبية المنقوشة ذات الصور و الشعارات الكُفْرية، و قرر إحلال مسكوكات ذهبية بطراز إسلامي محلها. و منذ ذلك الحين راجت الدنانير الأشرفية بدلاً من الدنانير الإفرنتية (الفلورينية) الفينيسية و أُمر الناس أيضاً بإعادة العملات الفلورينية إلى دار الضرب (14 / 283-284؛ أيضاً ظ: ابن‌إياس، 2 / 104؛ لويس، 225 ؛ المبيض، 212؛ بروم، 130-131). وفقاً لما ذكره ابن تغري بردي، فإن العملات الفلورينية كان قد شاع تداولها منذ حوالي 800ه‍ في أغلب البلدان الإسلامية و منها القاهرة و الشام وبلاد الروم و الحجاز و اليمن و كانت تستخدم في المعاملات التجارية و اشتهرت أيضاً بأسماء الإفرنتية والفينيسية و دراهم البنادقة، أو الدراهم البندقية (14 / 283؛ أيضاً ابن إياس، لويس، ن.صص؛ الحسيني، 1 / 113، 159؛ ديانت، 2 / 154؛ المبيض، ن.ص). 
و استناداً إلى المصادر التاريخية القريبة من عصر برسباي، فإن المسكوكات الذهبية الأشرفية التي كانت تسمى أحياناً العملات الأشرفية البرسبهية، اجتذبت الناس إليها و استخدمت بسرعة في المعاملات بدلاً من الدنانير الذهبية الفلورينية (ابن تغري بردي، ابن‌إياس، المبيض، ن.صص). وسرعان‌ما راج تداول هذه العملة في الولايات التي يقطنها التركمان في الأناضول الشرقية و شمالي سورية و بين النهرين الشمالية و التي كانت على علاقة وثيقة بالمماليك (فراغنر، 516؛ إيرانيكا، II / 797). و قد أنزل سكّ الأشرفي ضربة قاصمة بالتجار الأوروبيين ظلت آثارها قائمة لفترة طويلة (لويس، ن.ص). و من وجهة نظر البعض، فإنه يمكن أن يُعدّ رواج الأشرفي بوزن 9 / 3 غرامات في إيران، كان قد بدأ منذ عهد جهان شاه القره قويونلوي (841-872ه‍ / 1438-1467م) (فراغنر، ن.ص؛ إيرانيكا، II / 798).
و قد تحدث خواندمير عن الأشرفي ضمن الحوادث الخاصة بحروب تيمور مع إيلدرم بايزيد أواخرسنة 804ه‍ و أوائل 805ه‍ (3 / 511)، بينما يتحدث شرف الدين علي اليزدي صاحب ظفرنامه (تـ 858ه‍) عن فلورين خلال حديثه عن نفس الحوادث (2 / 342). و يرى عقيلي أن العملة الفلورينية كانت تدعى في‌عصر خواندمير (القرن 10ه‍)بالأشرفية (ص 32). وفي تلك الفترة وعلى عهد الشــاه إسماعيـل ‌الصفــوي الأول (حك‍‍ 907-930ه‍ / 1501-1524م) كانت العملة الأشرفية تضرب طبقاً للوزن السائد في العصر المملوكي بمصر، بما يعادل حوالي 4 / 3-5 / 3 و 52 / 3 غرامات (فراغنر، 563؛ بروم، 169؛ أيضاً ظ: فرح بخش، 15). و فضلاً عن ذلك كانت تضرب آنذاك سكة ربع الأشرفي الذهبية بأوزان 887 / 0و77 / 0 و نصف غرام أيضاً (فراغنر، ن.ص؛ لمعرفة أوزان وأنواع أخرى للأشرفي، ظ: فرح بخش، 12، 15؛ قا: بروم، 170، الذي يرى أن ضرب نصف الأشرفي كان قد بدأ على عهد الشاه طهماسب الأول). 
و على عهد الشاه طهماسب الأول (930-984ه‍ / 1524-1576م) كانت قيمة الأشرفي الواحد تساوي 000,1 دينار في سنة 934ه‍ (فرح بخش، 17، 20)، و في سنة 959ه‍ / 1552م أصبحت قيمته حوالي 200 دينار ( إيرانيكا، ن.ص؛ للاطلاع على الصور والعملات، ظ: بروم، ن.ص، الصور 271-273). كما راج تداول عملة الأشرفي خلال القرن 10ه‍ في بلاد ماوراء النهر (ظ: واصفي، 1 / 478، 480). 
و في أواسط القرن 10ه‍ و بينما كان البرتغاليون يحتلون جزيرة هرمز، كانت عملة الأشرفي تُضرب بما يعادل 000,2دينار و نصف الأشرفي بما يعادل 000,1 دينار هرمزي. و كان البرتغاليون يسمونها «شرافيم» (فراغنر، 564). و في الفترة التي أعقبت 1008ه‍ / 1600م احتل الأشرفي مكان ذهب التنغة بشكل كامل، وغدا منذ 1008-1150ه‍ / 1600-1737م المعيار الأصلي للعملات الذهبية الإيرانية، و قلّت أهمية عملة العباسي (م.ن، 563؛ إيرانيكا، II / 798).
و فـي أواخر العصر الصفوي كـان يُشار إلى عملة الأشرفـي بـ «كُهنـه دوبتـي»، أو «دوبتـي كهنه» (تـذكرة الملـوك، 1 / 22)، و يبدو أن مصطلح دوبتي يشير إلى عملة دوكاي (دوكاتو) الذهبية الفينيسية (مينورسكي، 112) و التي راجت مع فلورين في كافة أرجاء الشرق الأوسط (فاسمر، 140؛ فراغنر، ن.ص). واستناداً إلى مينورسكي، فإن الوزن الأصلي للأشرفي أواخر العصر الصفوي كان 5 / 4 دانق، أي ثلثي المثقال و كان قيمته أكثر ثباتاً من العملة الفضية بكثير (ص 112، 114). 
و قد أدى انتشار تداول عملة مهر أشرفي الذهبية بشكل واسع على عهد نادر شاه إلى إلغاء عملة الأشرفي الذهبية، أو ضربها بكميات قليلة، و أن تُضرب إزاء ذلك فئاتها الأصغر في دور الضرب (بروم، 176؛ فرح بخش، 62). 
أمـا نادر شاه و خلفاؤه و بشكـل خاص كريم خـان الزنـد (حك‍ 1163-1193ه‍ / 1750-1779م)، فقد ضربوا أقدم أشرفي بوزن 498 / 3 غرامات بكمية قليلة، و كان يعادل حوالي الثلث مقارنة بالمهر الأشرفي ( إيرانيكا، ن.ص؛ أيضاً ظ: فرح بخش، 65: عملات بوزني 45 / 3,47 / 3 غرامات). 
و في النصف الثاني من القرن 12ه‍ / 18م، تمّ ضرب كمية كبيرة من فئة ربع المهر الأشرفي بوزن 76 / 2غرام بما يعادل 55 / 42 قيراط، وكذلك من فئة المهر الأشرفي بوزن 04 / 11 غراماً بما يعادل 2 / 170 قيراط باسم الأشرفي الكريم خاني، أو الأشرفي العادي (ظ: م.ن، 76). لكن منذ عهد آقا محمد خان القاجاري تمّ التخلي في 1200ه‍ / 1786م عن المهر الأشرفي و فئاته و لم يُضرب إلا نادراً (ظ: م.ن، 89؛ إيرانيكا، ن.ص). و عقب ذلك الحين شاع تداول التومانات الذهبية بدلاً من الأشرفي التقليدي و المهر الأشرفي، وأطلق مصطلح الأشرفي على جميع المسكوكات الذهبية (ن.ص). 
و في أواخر عهد فتح علي شاه القاجاري راج مرة أخرى بين السنوات 1245-1250ه‍ / 1830-1834م وزن الأشرفي القديم (54 قيراط) الذي كان يعادل 000,10 دينار فضة و يساوي توماناً واحداً (ن.ص؛ أز آستارا...، 7 / 40-41؛ للاطلاع على صورة العملة، ظ: بروم، 177، الصورة 291). و في نفس الفترة شاع قليلاً تداول العملة من فئة أشرفيين و أشرفي واحد أيضاً. وكانت قيمة الأشرفيين، أي أكبر عملة ذهبية حوالي 40 قراناً، أي ما يعادل 4-5 / 4 تومانات، كما كان الأشرفي الواحد يساوي من تومانين حتى 25 قراناً، و كان يتغير ميزانها بحسب تغير أسعار العملات (جمال‌زاده، 170). 
وفي أوائل حكم ناصر الدين شاه كان يُضرب أشرفي بوزن 18 حمصة و هو ما يعادل 456 / 3 غرامات و يساوي مثقالاً شرعياً واحداً و قيمته تومان واحد. وبسبب انعدام النسبة الصحيحة لقيمته فقد ضرب في 1294ه‍ / 1877م نوعاً آخر من الأشرفي كان يزن 17 حمصة، أي مايعادل 206 / 3 غرامات، وفي نفس الفترة شاع تداول كمية من فئة «پنج هزاري» (الخمسة آلاف) ذهبية (نصف الأشرفي) واشتهرت بالأشرفي الناصري (م.ن، 172؛ ديانت، 2 / 29). 
و عقب تأسيس دار الضرب الجديدة الأوتوماتيكية الحكومية في 1294ه‍ / 1877م بطهران (رابينو، 18-19؛ أيضاً ظ: اعتماد السلطنة، 1 / 150- 151)، أصدر ناصر الدين شاه أمراً بتنظيم النقود و عيار العملات و أوزانها، و حدد وزن التومان الذهبي، أو الأشرفي بـ 87711 / 2 غرام، و كان يختلف عن الأشرفي ذي 18 حمصة (ديانت، 2 / 105-106). و على عهد مظفر الدين شاه هبطت قيمة الأشرفي أيضاً، فأصبح كل أشرفي ذي 18 حمصة يعادل تومانين (م.ن، 2 / 30). 
و منذ بداية عهد رضا‌شاه (1304ش) حلت العملة الذهبية الپهلوية الجديدة محل الأشرفي.

المصادر

 آنندراج، محمد پادشاه، طهران، 1335ش؛ ابن إياس، محمد، بدائع الزهور، تق‍ : محمد مصطفى، القاهرة، 1404ه‍ / 1984م؛ ابن تغري بردي، النجوم؛ أز آستارا تا أستارباد، تق‍ : مسيح ذبيحي و منوچهر ستوده، طهران، 1354ش؛ إسكندربيك المنشي، عالم آراي عباسي، طهران، 1350ش؛ اعتماد السلطنة، محمد حسن، المآثر و الآثار، تق‍ : إيرج أفشار، طهران، 1363ش؛ بياني، خانبابا، «سازمان كشور إيران در زمان صفويه»، آموزش و پرورش، طهران، 1321ش، س 12، عد 1-2؛ تذكرة الملوك، تق‍ : محمد دبير سياقي، طهران، 1332ش؛ جمال زاده، محمد علي، گنج شايگان، برلين، 1335ه‍ ؛ الحسيني، موسى، العقد المنير، طهران، 1382ه‍ ؛ خواندمير، غياث الدين، حبيب السير، تق‍ : محمد دبير سياقي، 1333ش؛ ديانت، أبوالحسن، فرهنگ تاريخي سنجشها و أرزشها، تبريز، 1367ش؛ شاردن، جان، سياحت نامه، تج‍‍ : محمد عباسي، طهران، 1336ش؛ شرف الدين علي اليزدي، ظفرنامه، تق‍ : محمد عباسي، طهران، 1336ش؛ عقيلي، عبد الله، «أشرفي»، آينده، طهران، 1363ش، س 10، عد1؛ غياث اللغات، غياث الدين محمد رامپوري، بومباي؛ فرح بخش، هوشنگ، راهنماي سكه‌هاي ضربي، طهران، 1354ش؛ قائم‌مقامي، عبدالوهاب، «تاريخ پيدايش پول در إيران»، أرمغان، طهران، 1340ش، س 30، عد 9؛ لغت نامۀ دهخدا؛ المبيض، سليم عرفات، النقود العربية الفلسطينية، القاهرة، 1989م؛ مينورسكي، فلاديمير، سازمان إداري حكومت صفوي، تج‍ : مسعود رجب‌نيا، طهران، 1334ش؛ نفيسي، سعيد، تاريخ اجتماعي و سياسي إيران در دورۀ معاصر، طهران، 1362ش؛ واصفي، محمود، بدايع الوقايع، تق‍ : ألكسندر بلدروف، موسكو، 1961م؛ و أيضاً:

Artuk, İ. and C. Artuk, İstanbul arkeoloji müzeleri TeŞhirdeki islâmî sikkeler kataloğu, Istanbul, 1970-1974; Broome, M., A Handbook of Islamic Coins, London, 1985; Fragner, B., «Social and Internal Economic Affairs», The Cambridge History of Iran, ed. P. Jackson, Cambridge, 1986, vol. VI; Iranica ; Lane poole, S., Catalogue of Oriental Coins in the British Museum, London, 1879-1889; Lewis, B., «Egypt and Syria», The Cambridge History of Islam, New York, 1970, vol. I(A); Rabino di Borgomale,H. L., Coins, Medals, and Seals of the Shâhs of Îrân, 1971; Türkiye dianet vakfı İslâm ansiklopedisi, Istanbul, 1994; Vasmer, R., »Zur Münzkunde der persischen Schahe«, Islamica, Leipzig, 1934, vol. VI.

جواد نيستاني / ه‍.