إسْماعيلُ بْنُ سَبُكْتَكين (تـ‍ بعد 389ه‍/ 999م)، أخو‌محمود الغزنوي و منافسه في بداية الحكم، حيث حكم غزنة لفترة بعد وفاة أبيه.

معلوماتنا عن حياة إسماعيل محدودة بفترة قصيرة تمتد من موت سبكتكين حتى مابعد حرب محمود مع السامانيين. و استناداً إلى الشبانكاره‌إي (ظ: نفيسي، 1/36) الذي استند على الأرجح إلى آثار أبي‌الفضل البيهقي المفقودة، فعندما توفي سبكتكين في شعبان 387 في حوالي غزنة، كان إسماعيل هو وحده الحاضر من بين أبنائه، حيث نقل جثمان أبيه إلى غزنة و دفنه؛ و لكن روايات المؤرخين حول وصية سبكتكين بشأن الاستخلاف غير متفقة مع بعضها فاستناداً إلى الرواية الصريحة للعتبي (ص 152، 158)، المؤرخ المعروف في العصر الغزنوي، فقد استخلف سبكتكين قبيل موته، بدلاً من ابنه الأكبر محمود، قائد خراسان المعروف، أخاه الأصغر، إسماعيل الشاب النزق. كما صرح ابن بابه (ظ: ذيل سلاطين غزنة؛ أيضاً ظ: بازورث، «الغزنويون المتأخرون»، 136) أن سبكتكين أوكل قبيل موته، أمور مملكته إلى إسماعيل، وقال يكفي محموداً قيادة جيش خراسان، في حين أن أباالفضل البيهقي (ص 330) نقل عن السلطان محمود أن سبكتكين كان قد قال عندما حضره الموت لعبدالله: من المقرر أن يحفظ محمود ملك غزنة، لأن إسماعيل ليس أهلاً له كما توجد عبارة شبيهة بهذا المضمون في مجمع الأنساب اعتبر فيها سبكتكين محموداً أكثر أبنائه كفاءة و صرح بما أنه كلفه بمسؤولية كبيرة ــ السيطرة على رقعة حكم السامانيين ــ و لكي لايحدث خلل في مملكته أوكل إليه «عرش غزنين و الهند» و أوصى بعد ذلك إسماعيل بأن لايعصي أمر محمود، و إن أوكل إليه إمارة غزنين أن يعتبرها منة عليه. كما جاء في مخطوطة من مجمع الأنساب (ظ: نفيسي، ن.ص) أن وجهاء غزنة منعوا بعد موت سبكتكين إسماعيل من اطاعة محمود، و أفسدوا مابينهما. و قد اعتبر محمود نفسه خليفة أبيه في رسالة كتبها بعد موت أبيه إلى أمراء الدولة و وزرائها، وقال إن والده اختاره لولاية العهد و هو في سن السابعة (الشبانكاره‌إى، ن.ص)؛ و في آخر أيام حياته و بسبب بعد المسافة و مخافة الآفة و الضرر و تفرق الجمع و لأن محموداً كان غائباً أوصى إسماعيل وصية و استناداً إلى ماذكر الشبانكاره‌إي، فقد ذكّر إسماعيل بآخر وصية لأبيه، و اعتبر نفسه أهلاً للخلافة، واستشهد جميع أركان الدولة (ظ: نفيسي، 1/37).

و ربما كان سبكتكين يريد من خلال استخلاف إسماعيل في غزنة أن يستمر الحكم الذي كان قد أقامه، عن طريق إسماعيل الذي كانت والدته ابنة البتكين سيد سبكتكين و مخدومه و والي غزنة السابق ــ (ظ: حمد الله، 390). و يرى بازورث في مقالة له («التقليد التركي...»، 237-238؛ أيضاً ظ: م.ن، 44) أن تعيين إسماعيل خلافاً للقاعدة كخليفة لسبكتكين و كذلك اختيار محمـد ــ بدلاً من أخيه الأكبر مسعود ــ كوارث لتاج محمود و عرشه في جيل لاحق، كان يمثل تقليداً تركياً ـ مغولياً مطابقاً لتقليد نقل الإرث إلى الابن الأصغر بين المغول الأوائل. و لكنه لم‌يصر فيما بعد كثيراً في أحد آثاره (ظ: «الغزنويون المتأخرون»، 146) على صحة هذا لرأي، و رأى أن ذلك كان يمثل التقليد المحلي للمغول و لم‌يعرف، إلا في الفترات المتأخره كثيراً.

و على أي حال، و استناداً إلى العتبي فقد طمع وجهاء غزنة في الخزانة في مقابل طاعة إسماعيل فمنحهم إسماعيل مالاً كثيراً لكسب تأييدهم على حساب خلو خزانة الدولة. و من جهة أخرى، فقد طلب محمود من إسماعيل في رسالة بعثها إليه أن يمنحه ولاية غزنة و أن يتولى حكمها في مقابل حكم بلخ، أو إمارة جيش خراسان، و لكن إسماعيل رفض، و لم‌تتمخض وساطة والي جوزجان عن نتيجة (أيضاً ظ: ميرخواند، 4/93-94؛ خواندمير، 2/373-374؛ فرشته، 1/22). و يبدو أن العتبي (ص 160) ذهب بنفسه إلى الأمير إسماعيل لهذا الغرض، و لكنه لم‌يستطع أن يدفعه إلى طاعة محمود. و أخيراً هجم محمود على غزنة، و انضم إليه في الطريق، أخوه نصر، حاكم بوست و عمه بغراجق، والي هراة، و امتثلا لطاعته. كما بعث أمراء الدولة و أركانها الرسائل إلى محمود من غزنة و اتحدوا معه. و بعد معركة شديدة حدثت بين الأخوين في حوالي غزنين (ربيع الأول 388)، هزم إسماعيل بعد مقاومة قصيرة و لجاء إلى قلعة غزنين. و حاصر محمود القلعة واضطر إسماعيل إلى الاستسلام بعد أشهر من الحكم (ظ: م.ن، 161-165، 169؛ أيضاً ظ: الگرديزي، 376؛ ابن الأثير، 9/130-131؛ ناظم، 39-40).و يرى ابن الأثير (ن.ص) أن محموداً أشرك أسماعيل في أدارة أمور المملكة بعد الانتصار عليه. و استناداً إلى قول العتبي (ص173- 178)، فقد اشترك إسماعيل مع أخيه نصر أشار ابن‌بابه (2/374) أيضاً إلى مشاركة إسماعيل في هذه الحرب. وبناء على ذلك فإن قول بازورث استناداً إلى رواية بعض من المصادر الأكثر تأخراً مثل خواندمير (2/374) و الذي قال إن إسماعيل سجن بعد هزيمته أمام محمود مباشرة، أو نفي، و ابن بابه الذي خلط بينه و بين أخيه الآخر نصر (ظ: بازورث، «الغزنويون المتأخرون»، 146-147)، ليس صحيحاً.

و يبدو من روايات بعض المصادر الأكثر تأخراً أن إسماعيل ونوشتكين، أحد مماليك محمود، تآمرا ضد السلطان الغزنوي، ولكن محموداً علم بما حدث، و أمر في الفور بقتل نوشتكين. ثم نفى إسماعيل مع أفراد أسرته إلى قلعة في جوزجان (جوزجان، تم تصحيفها في معظم المصادر إلى جرجان) و أمر بتوفير أسباب راحته في الحبس. و بقي إسماعيل هناك حتى موته ــ الذي لانعلم تاريخـه ــ (ظ: حمدالله، ن.ص؛ ميرخواند، 4/123؛ قا: فصيح، 2/103؛ خواندمير، فرشته، ن.صص).قيل إن إسماعيل كانت له يد أيضاً في الكتابة و نظم الشعر. وقد نسب إليه علي بن زيد البيهقي (ص 70) أبياتاً و رسائل (أيضاً ظ: ابن الأثير، 9/131). و قيل إنه كان أحياناً يقرأ الخطبة بنفسه في صلاة الجمعة (ن.ص).

المصادر

ابن الأثير، الكامل؛ ابن بابه، أحمد، رأس مال النديم، مخطوطة مكتبة نـور عثمانية بأنقـرة، رقم 3296؛ بازورث، ك. أ.، تاريـخ غزنويـان، تج‍‌: حسن أنوشه، طهران، 1362ش؛ البيهقي، أبوالفضل، تاريخ، تق‍ : علي أكبر فياض، مشهد، 1350ش؛ البيهقي، علي، تاريخ بيهق، تق‍ : أحمد بهمنيار، طهران، 1308ش؛ حمدالله المستوفي، تاريخ گزيده، تق‍ : عبدالحسين نوايي، طهران، 1362ش، خواندمير، غياث‌الدين، حبيب السير، تق‍‌ : محمود دبيرسياقي، طهران، 1353ش؛ الشبانكاره‌إي، محمد، مجمع الأنساب، تق‍‌ : هاشم محدث، طهران، 1363ش؛ العتبي، محمد، تاريخ يميني، تج‍ : ناصح جرفادقاني، تق‍ : جعفر شعار، طهران، 1357ش؛ فرشته، محمد قاسـم، تاريخ، كانپـور، 1290ه‍/1874م؛ فصيح خوافـي، أحمـد، مجمـل فصيـحي، تق‍ : محمود فرخ، مشهد، 1341ش؛ الگرديزي، عبدالحي، تاريخ، تق‍ : عبدالحي حبيبي، طهران، 1363ش؛ ميرخواند، محمد، روضة الصفا، طهران، 1339ش؛ نفيسي، سعيد، درپيرامون تاريخ بيهقي، طهران، 1352ش؛ و أيضاً:

Bosworth, C.E., The Later Ghaznavids : Splendour and Decay, New York, 1977; id, «A Turco-Mongol Practice Amongst the Early Ghaznavids?», Central Asiatic Journal, Wiesbaden, 1962, vol. VII; Nāԭim, M., The Life and Times of Sultān Maħmūd of Ghazna, Lahore, 1973.

أبوالفضل خطيبي/خ.