الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / أبو مسمار /

فهرس الموضوعات

أبو مسمار

أبو مسمار

المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1443/1/12 ۱۸:۱۲:۵۶ تاریخ تألیف المقالة

أَبومِسْمار، حُمود بن محمد بن أحمد الحسني، المعروف بالشریف حمود (1170-1233هـ/ 1757-1818م)، أمیر «أبوعریش» و تهامة الیمن، ففي أواخر القرن 12هـ/ 18م تسلم أمراء من أسرة الشریف أحمد بن محمد بن خیرات من سلالة الإمام الحسن بن علي (ع) حکومة المِخلاف السلیماني الواقعة في منطقة أبوعریش، کان أشهرهم أبومسمار (الجرافي، 64؛ العمري، 128؛ حمزة، 357-358).

ولّاه إمام صنعاء الزیدي علي بن العباس، المعروف بالمنصور في 1215هـ/ 1800م حکومة المخلاف السلیماني و أبوعریش، ثم استطاع بفضل علمه بالأمور و ذکائه و شجاعته، و کذلک الضعف المتزاید لأئمة صنعاء أن یوسع من نطاق حکمه إلی مناطق أخری مثل صَبیا و ضَمَد وتوابعهما، و یشکل حکومة مستقلة (الشوکاني، البدر...، 1/240؛ ابن زبارة، 1/408-409). وفي نفس السنة شن حملة علی الداعیة الوهابي أحمد بن الحسین الفَلَقي التهامي و أتباعه، فاضطر أحمد بن الحسین للجوء إلی ابن سعود (ن.ص). وحینئذ أُرسل عبدالوهاب بن عامر الرفیدي الوهابي، المعروف بأبي نقطة من قبل ابن سعود لحکومة عسیر، حیث أدت النزاعات بینهما إلی هزیمة أبي مسمار (1217هـ)، وانعقاد معاهدة بین الطرفین کان من ضمن شروطها طاعة ابن سعود والتحالف العسکري معه ضد أئمة صنعاء الزیدیة (البطریق، 47-48؛ ابن زیارة، العمري، ن.صص). وفي المقابل مُنحت إمارة أبوعریش لأبي مسمار (الشوکاني، ن.ص؛ ابن بشر، 1/178؛ العمري، 132-133). وبعد 7 أشهر عزم أبومسمار أن ینهج سیاسة التوازن من خلال التقرب إلی إمام صنعاء. و لذلک بعث في ربیع الثاني 1218 رسالة إلی صنعاء بواسطة حسن بن خالد الحازمي من أشراف أبوعریش. وقد طُلبت في هذه الرسالة و بقیة رسائل أشراف أبوعریش الأخری من إمام صنعاء تقدیم المساعدة العاجلة للحیلولة دون انتشار الوهابیة في تهامة و التصدي لحملات قوات ابن سعود. وقد رحب إمام صنعاء بهذا الإجراء و دعاهم إلی الصمود و اعداً إیاهم بتقدیم العون مشترطاً علیهم طاعة أبي مسمار وأشراف أبوعریش له. وفي الحقیقة أن إمام صنعاء کان متردداً في تقدیم العون لهم، ذلک لأنهم أولاً لم یکونوا قبل ذلک أوفیاء بعهودهم، کما أن طلبهم الحالي للمساعدة کان نتیجة ضعفهم أمام ابن سعود، و ثانیاً لأن المشاکل الداخلیة لحکومة إمام صنعاء لم تکن تسمح له بخوض حرب شاملة مع ابن سعود في تهامة (م.ن، 129-132).

وانتهز أبومسمار الفرصة السانحة نتیجة سیاسته التوازنیة، فسیطر بسرعة علی المناطق المحاذیة لأبوعریش مثل مینائي اللحیة والحدیة ومدن الزبید و حیس و بیت الفقیه و توابعها کلها، و کانت تحت نفوذ حکومة إمام صنعاء، و وسع من نطاق حکومته. و في هذه الفترة نفسها اختط مدینة باسم الزهراء، و أقام في المدن الخاضعة له تحصینات عسکریة، و شکّل لأول مرة حکومة مستقلة و کبیرة في المخلاف السلیماني و أبوعریش لم تعهد من قبل، و أصبح من جملة أکبر أشراف المنطقة (الشوکاني، ن.م، 1/240-241؛ ابن زیارة، 1/412).

وفي 1219 و 1220 هـ بدأ أبومسمار هجوماً علی المناطق الساحلیة النائیة في الیمن، أي مرتفعات حجة في الشمال الغربي من صنعاء، وسیطر علی تلک المناطق، و هُزم الجیش الذي کان إمام صنعاء قد سیّره لمواجهته في تهامة بسبب مکائد حسن بن حسن العلفي، وزیر الإمام، وقُتل قائد الجیش مع ابنه (العمري، 133-138).

ولم تستمر انتصارات أبي مسمار طویلاً، فسرعان ماتعرض للهجوم من جانب ثلاث قوی: فمن جهة ضغط علیه إمام صنعاء المتوکل علی الله الذي کان قد استلم الحکم في 1224هـ بدلاً من أبیه الإمام المنصور، وشغله بحروب متفرقة، و من جهة أخری هجم علیه الوهابیة، والأهم من ذلک فإن قوات محمدعلي باشا الحاکم العثماني لمصر کان قد بدأت هجوماً واسعاً شمل نطاقه حکومة أبي مسمار أیضاً (ابن زیارة، ن.ص؛ EI2S).

وقد تفاقمت بشدة الاختلافات التي کانت قد اندلعت بین أبي مسمار وأبي نقطة عامل ابن سعود و قائد جیشه ‌في المنطقة، فهجم أبونقطة علی المناطق الخاضعة لحکومة أبي مسمار، واحتج الأخیر بشدة في رسالة لابن سعود علی ممارسات و اعتداءات أبي نقطة، ولم یحصل اتفاق في اجتماع التحکیم الذي انعقد مع ممثلي أبي مسمار و من بینهم ابنه في حضور ابن سعود. وبادر الأخیر الذي أب الشک في نفسه من نوایا أبي مسمار إلی استدعائه، إلا أن أبا مسمار امتنع عن تلبیة دعوته، مما دعا ابن سعود لتسییر جیش جرار بقیادة أبي نقطة تراوح عدده حسبما ذُکر من 50 إلی 100 ألف مقاتل لقتاله (1224هـ). وأما أبومسمار الذي لم تکن قواته تتجاوز 17 ألف مقاتل، فقد تکبد في نهایة الحرب هزیمة فادحة رغم مقتل أبي نقطة، وانسحب إلی أبوعریش (الشوکاني، ن.ص؛ ابن بشر، 1/178-179؛ العمري، 139-140؛ فیلبي، 113)، کما أنه لم یحقق شیئاً یذکر في حروب السنة التالیة أمام قوات ابن سعود، بل أخرج طامي بن شعیب عامل ابن سعود في عسیر، مینائي اللحیة والحدیدة من سیطرته وقام بنهبهما (ابن بشر، 1/184-185).

وبعد أن تکبد أبومسمار هذه الهزیمة بسبب ضعف قواته، عقد الصلح مع عدوه الآخر المتوکل علی الله إمام صنعاء، إلا أن هذه المعاهدة لم تدم طویلاً، ذلک لأن المتوکل بعث إلی تهامة بتحریض من ابن سعود جیشاً بقیادة وزیره عليبن إسماعیل، کما کتب رسالة إلی والي حجة یأمره فیها بالهجوم علی أبي مسمار، وقد استمر صراع أبي مسمار مع المتوکل حتی نهایة عمر الأخیر (1231هـ) (الشوکاني، ن.م، 1/241؛ العرشي، 70-71؛ العمري، 166، 172-177).

وإثر انتصار محمدعلي باشا القائد العثماني في عسیر، قبض أبومسمار علی طامي بن شعیب الذي کان قد لاذبه، وأرسله إلی محمد علي باشا مع رسالة وهدایا للتقرب منه و تشفیة لغلیله من طامي وفي الماقبل فإن محمدعلي فضلاً عن حصوله علی موافقة الباب العالي علی إبقاء حکومة أبي مسمار في أبوعریش، قد أعاد إلی أبي مسمار ذلک القسم من منطقة حکمه التي کان ابن سعود قد انتزعها منه (ابن بشر، 1/184-185، 221-222؛ أباظة، 32-33؛ حمزة، 359)؛ إلا أن العلاقات بین هذین الاثنین أیضاً لم تدم طویلاً، فقد ثار أبومسمار ضد محمدعلي استجابة لأشراف عسیر الذین استنجدوه، واشتبک في 1230هـ/ 1815م في منطقة حجیلان من مناطق عسیر مع جیش محمدعلي باشا، واستطاع أن یهزم العثمانیین، إلا أنه مرض بعد هذه الواقعة، و توفي، فدفن في الملاحة من بلادبني مالک من السراة (ابن بشر، 1/257؛ أباظة، 33؛ ابن زبارة، 1/413).

ورغم أن أبا مسمار کان في فترة حکمه منشغلاً بالحروب المختلفة مع جیرانه، إلا أنه لم یغفل عن إعمار المناطق الخاضعة لنفوذه، فقد شید في أبوعریش أبنیة کبیرة و قلاعاً شامخة و بنی حول المدن أسواراً متینة ومحکمة وأقام في بعض المدن المساجد وأوقف لها. کما اهتم بنشر العلم والأدب و تکریم طلبة العلم و العلماء الذین کانوا یفدون إلی مناطق حکمه، بل کان یراسل بعضهم و من بعضهم و من بینهم الشوکاني. و حینما وافته المنیة بکاه جمع غفیر من علماء أبوعریش و أدبائها و أهلها (الشوکاني، دیوان، 276؛ ابن زیارة، 1/410-412). وقد ألّف القاضي عبدالرحمان بن أحمد البهکلي کتاباً في سیرته سماه نفح المعود بسیرة الشریف حمود بلغ فیه إلی أحداث سنة 1225هـ، وأکمله حسن بن أحمد بن عبدالله (ابن زیارة، 1/413؛ الزرکلي، 2/282). وقد طبع هذا الکتاب في الریاض في 1402هـ/1982م.

تولی الحکم بعد أبي مسمار ابنه أحمد، إلا أنه سرعان ما أُر علی ید القوات العثمانیة في 1234هـ، وأرسل إلی مصر، وتوفي فیها بعد فترة، وبذلک انطوت صحیفة حکم أسرة أبي مسمار في منطقة عسیر والمخلاف السلیماني و تهامة (العمري، 221).

وبعدها، لم یبق ذکر لأسرة أبي مسمار إلی أن تولی الحکم في صبیا سنة 1251هـ رجل یدعی الحسین بن علي بن حیدر بن محمد السني، المعروف بالشریف حسین و الملقب بابن أبي مسمار. وفي 1256هـ ضُمّت أبوعریش أیضاً إلی حکومته، ولُقب بالباشا من قبل السلطان عبدالمجید العثماني. و بوفاته في مکظ (1273هـ/ 1856م) أفل نجم أسرة أشراف أبي مسمار (البستاني).

 

المصادر

أباظة، فاروق عثمان، الحکم العثماني في الیمن، بیروت، 1979م؛ ابن بشر، عثمان، عنوان المجد في تاریخ نجد، الریاض، 1385هـ؛ ابن زبارة، محمد، نیل الوطر، القاهرة، 1348هـ؛ البستاني؛ البطریق، عبدالحمید، من تاریخ الیمن الحدیث، القاهرة، 1969م؛ الجرافي الیمني، عبدالله، المقتط، من تاریخ الیمن، تقـ: زید بن علي الوزیر، بیروت، 1407هـ/ 1987م؛ حمزة، فؤاد، قلب جزیرة العرب، الریاض، 1388هـ/ 1968م؛ الزرکلي، الأعلام؛ الشوکاني، محمد، البدر الطالع، بیروت، دارالمعرفة؛ م.ن، دیوان، تقـ: حسین عبدالله العمري، دمشق، 1406هـ/ 1986م؛ العرشي، حسین، بلوغ المرام، تقـ: أ. م. الکرملي، بیروت، دارإحیاء التراث العربي؛ العمري، حسین عبدالله، مئة عام من تاریخ الیمن الحدیث، دمشق، 1405هـ/ 1985م؛ وأیضاً:

EI2, S; Philby, John, Saʿudi Arabia, Beirut, 1968.

علي رفیعي/ خ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: