الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الکلام و الفرق / أبو الخطاب، محمد /

فهرس الموضوعات

أبو الخطاب، محمد

أبو الخطاب، محمد

المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/27 ۱۵:۱۲:۴۴ تاریخ تألیف المقالة

أَبو الخَطّاب، محمد بن أبي زینب مِقلاص الأسدي، الملقب بـ «البرّاد الأجدع» الذي أوردته المصادر بوصفه مؤسس الفرقة الغالیة الخطابیة (ن.ع)، وینبغي أن نضعه في عداد الثوار في مطلع العصر العباسي. کما أشیر إلیه کأحد مؤسسي الإسماعیلیة أیضاً وفي عداد «الأیواب» في سلسلة المراتب المقدسة للنصیریة.

أورد المقریزي (الخطط، 2/352) اسمه: محمد بن أبي ثور أو أبي یزید، و هي تسمیة غیبر صحیحة بالتأکید. وأسماه العلامة الحلي (ص 250) زیداً اعتماداً علی استنباط خاطئ نقلاً عن ابن بابویه (قا: ابن بابویه، «المشیخة»، 535). کما أشار إلیه عدد من المصادر – فضلاً عن أبي الخطاب – بکنیتي أبي إسماعیل و أبي الطیبات (أو أبي الظبیات وأبي الظبیان) (الکشي، 290؛ ابن بسطام، 95، 138؛ الخصیبي، الورقة 125ب؛ الهفت...، 101). واستخدمت بعض المصادر مفردة «الزرّاد» (الضعفاء، 21)، بدلاً من لقب «البرّاد» الذي أشار إلیه الکشي (ن.ص، أیضاً ظ: 226؛ الأشعري، سعد، 55). ومهما یکن، فإن لقب البراد هو الأشهر (أیضاً ظ: البرقي، 20؛ قا: الطوسي، رجال، 302). وأشارت إلیه المصادر النصیریة بالکاهلي (وأحیاناً بالکابلي) (الصیبي، الورقة 117ب، 125ب، 126 ألف؛ الطبراني، 10).

کان أبوالخطاب کوفیاً و مولی لقبیلة بني أسد (البرقي، أیضاً الضعفاء، ن.صص؛ أیضاً ظ: زید النرسي، 46). ولانعرف شیئاً عن تاریخ ولادته والأعوام الأولی من حیاته، کما لانجد حدیثاً عن علاقته بالإمام الباقر (ع) (تـ114هـ). والروایة التي أوردها الصفار عن انحرافه في أیام الإمام (ع) روایة غیرصحیحة (ص 320؛ أیضاً ظ: الکلیني، 1/270). و هناک معلومات عن علاقته بالإمام الصادق (ع) قبل غلوّه: أورد الکلیني عن علي بن عقبة أن أباالخطاب کان یطرح علی الإمام الصادق (ع) أسئلة أصحاب الإمام، ثم ینقل لهم أجوبته علیها (5/150). وذکر القاضي النعمان أنه کان قبل النحرافه من کبار دعاة الإمام الصادق (ع) (1/49؛ أیضاً ظ: الکلیني، 2/418). ووردت في مصادر حدیث الإمامیة عدة أحادیث عن الإمام الصادق (ع) نقلاً عن أبي الخطاب، وأشیر في بعض تلک الروایات إلی أنها تعود للفترة التي لم ینحرف فیها أبوالخطاب بعد (ظ: الصفار، 194-195؛ الکلیني، 5/150، 8/304؛ الحلي، 24). وأکد الشیخ الطوسي في عدة الأصول (1/381-381) علی أن الإمامیة تعتمد علی روایات أبي الخطاب التي نقلها أیام استقامته، و تعمل بها. فیما أکد کتاب الضعفاء المنسوب لابن الغضائري (ن.ص) علی ترک هذا النوع من الروایات وعدم العمل به. ویستشف من بعض الروایات أن عدداً من أصحاب الإمام الصادق (ع) کانوا یعرضون علیه الأحادیث التي رواها أبوالخطاب عنه (ظ: الصفار، ن.ص، أیضاً 394-395؛ الاختصاص، 314).

وأشیر إلی جابر بن یزید الجعفي من بین مشایخ أبي الخطاب في الفترة الأولی من حیاته (ابن بسطام، 138). کما ورد في المصادر أنه قد سمع عنه أمثال زرارة بن أعین، و محمد بن مسلم، وحنّان بن سدیر، وحمران بن أعین، و هشام بن سالم، والمفضل بن عمر، وإسحاق بن عمار الساباطي، و عبد الأعلی (مولی آل سام علی مایبدو)، و علي بن عقبة، وربما یونس بن ظبیان (ظ: م.ن، 95، 137؛ الصفار، 258، 394؛ القمي، 2/426؛ الکلیني، 2/658، 5/150، 6/249، 8/246؛ الاختصاص، ن.ص؛ أیضاً السیاري، الورقة 40 ألف). کما یستشف من بعض الروایات أنه کان علی صلة بزید بن علي (مقـ 122هـ) (ظ: ابن المرتضی، 17؛ أیضاً فرات، 152).

 

نزعته نحو الغلو و حرکته السیاسیة

لم نجد في المصادر تقریراً صریحاً عن تاریخ نزعته نحو الغلو عداما جاء في نص «أم الکتاب» (ظ: الأسطر اللاحقة). وکما قیل فإن الروایة التي نقلها الصفار (ص 320) عن غلوه في أیام الإمام الباقر (ع) روایة غیرصحیحة. کما لایمکن أن تصح روایة فرات الکوفي (ن.ص) عن زمن نزعته نحو الغلو قبل استشهاد زید. و في الحکایة التي أوردها الزبیر بن بکار (ص 155-157) أشیر إلی أن أباالخطاب والمغیرة بن سعید و بیان بن سمعان ذُکروا عند أبي العباس السفاح (حکـ 132-136هـ) بوصفهم مدّعین للنبوة. ویبدو أن أباالخطاب أشیر إلیه مثل الاثنین الآخرنی بمثابة «نبيّ مصلوب» (قا: البیهقي، 96-97). غیر أن مضمون روایة الحمیري (ص 143-144) یفید بأن انحراف أبي الخطاب قد حدث في أیام طفولة الإمام الکاظم (ع)، ولما کان الإمام الکاظم (ع) قد ولد في 129، أو 128هـ، فمن المحتمل أن تکون بدایة نزعة أبي الخطاب نحو الغلو حوالي عام 135هـ.

ویستشف من المعلومات المعطاة عن حیاته أنه کان یرمي إلی تحقیق بعض الأهداف الثوریة مثل بعض الغلاة الآخرین الذین سبقوه کالمغیرة ابن سعید و بیان بن سمعان التبان، وکان یتخذ من أفکاره الغالیة فلسفةً لحرکاته الثوریة و ذریعة لتحریض أتباعه و إثارتهم علی خلق الحرکة واستمرارها.

وهناک معلومات متباینة عن طبیعة ثورته وزمانها، في حین ذکرت مختف المصادر أنه ثار مع أصحابه علی المنصور العباسي بالکوفة التي کان علیها عیسی بن موسی (132-147هـ) (ظ: البلاذري، 3/255؛ أبوحاتم، 289؛ الأشعري، علي، 11؛ البغدادي، 151)، ولیست لدینا معلومات وافیة عن الأعمال التي قاموا بها خلال تلک الثورة. غیر أن البعض أورد أن أباالخطاب خرج في جماعة من أصحابه بالکوفة (قا: فخرالدین الرازي، 508: بمکة) مهلّاً بالحج ینادي «لبیک جعفر، لبیک لبییک، لاشریک لک» - یعني جعفر بن محمد (ع) – مما أجاز للحکومة قتلهم. في حین ذکر البعض الآخر أنه نصب خیمة في کناسة الکوفة ودعا فیها أتباعه إلی عبار الإمام الصادق (ع)، غیر أن سعد بن عبدالله الأشعري الذي قدم تقریراً مفصلاً عن موتهم، لم یشر بشيء إلی هذه الأمور (ظ: مسائل الإمامة، 41؛ البغدادي، ن.ص؛ ابن حزم، 5/48؛ الدیلمي، 3؛ قا: الکلیني، 8/225-226).

وحسب روایة سعد الأشعري، لزم أبوالخطاب و أصحابه الذین کان عددهم 70 شخصاً (ص 81-82؛ أیضاً ظ: الکشي، 292-293، قا: 324) مسجد الکوفة وأشهروا التعبد (أیضاً ظ: ابن الأثیر، 8/28). ولزم کل رجل منهم أسوانة، و کانوا یدعون الناس إلی أمرهم سراً. ونقل أبوحاتم الرازي أیضاً (ن.ص) أنهم کانوا یدعون الناس إلی الإمام الصادق (ع). و علی أي حال، کما أضاف سعد الأشعري (ن.ص) فقد بلغ خبرهم والي الکوفة عیسی بن موسی، وأنهم قد أظهروا الإباحة (ظ: ابن الأثیر، ن.ص) و دعوا الناس إلی نبوة أبي الخطاب، وأنهم مجتمعون في مسجد الکوفة یرون الناس أنهم لزموه للعبادة. فبعث إلیهم عیسی بن موسی الرجال لیأخذوهم و بأتوه بهم، فامتنعوا علیهم و حاربوهم، فقُتلوا عن آخرهم وأُسر أبوالخطاب فضربت عنقه في دار الرزق علی شاطئ الفرات وصُلب مع أصحابه، ثم أحرقوا بعد مدة، فیما بُعث برؤوسهم إلی المنصور (عن کیفیة قتله في المصادر النصیریة، ظ: الخصیبي، الورقة 126ب – 127 ألف).

ولاتتوفر لدینا معلومات دقیقة عن تاریخ هذا الحدث، عدا الروایة التي نقلها الکشي والتي جاء فیها أن اثنین من أصحاب الإمام الصادق (ع) تحدثا عند الإمام في 138 هـ عن وفاة أبي الخطاب، حیث یستشف منها أنه توفي في هذا العام أیضاً (ص 296؛ أیضاً ظ: الطبراني، ن.ص). وورد في روایة سعد الأشعري (ن.ص) أن رؤوس أبي الخطاب وأصحابه قد نصبت في مدینة بغداد مدة ثلاثة أیام، ولما کانت بغداد قد شُیّدت في العقد الرابع من القرن 2هـ، فمن المحتمل أن المراد ببغداد بلدة الهاشمیة التي کانت عاصمة المنصور آنذاک.

 

عقائده و آراؤه

یجب التعامل بحذر شدید مع عقائد الغلو التي نسبتها مختلف المصادر لأبي الخطاب، لأن من الممکن أن یقف الکثیر من الدوافع خلف وضع و تحریف الأخبار المتصلة بأفکاره. و علی العموم لواعتقدنا أن القاعدة الفکریة لمختلف فرق الخطابیة مستقاة عن أبي الخطاب، فإنه کان یؤمن بحلول الروح الإلهیة في الإنسان، والتناسخ، والإباحیة (ظ: ن.د، الخطابیة). وطبقاً لما أورده سعد الأشعري، فإن أبا الخطاب کان یدعي في البدایة أن الإمام الصادق (ع) قد جعله قیّمَه ووصیه من بعده وأنه علَّمه اسم الله الأعظم. ثم تراقی إلی أن ادعی النبوة، ثم ادعی الرسالة، ثم ادعی أنه من الملائکة وأنه رسول الله إلی أهل الأرض (ص 51). وأضاف الأشعري أن هذه الدعوة الأخیرة جاءت بعد دعواه أنه الإمام الصادق (ع)، وأنه یتصور في أي صورة یشاء (ن.ص). وروایة سعد الأشعري هذا تنبئ عن أن الخطابیة الأوائل کانوا یقولون بألوهیة الإمام الصادق (ع) و أن أبا الخطاب رسول بعثه الإمام الصادق (ع) و أمر بطاعته (ن.ص). وتؤید المصادر الأخری هذه الروایة التي أوردها الأشعري بما فیها مختلف الروایات التي نقلها الکشي (مخـ). ویضیف سعد الأشعري أن الخطابیة – و یراد بهم الخطابیة الأوائل وعلی رأسهم أبوالخطاب، بطبیعة الحال – زعموا أنه لابد من رسولین في کل عصر و لاتخلو الأرض منهما: واحد ناطق وآخر صامت.فکان محمد (ص) ناطقاً وعلي (ع) صامتاً في زمانه (ن.ص)؛ و قال البغدادي إن الخطابیة لدیهم مثل هذا الاعتقاد في جمیع الأئمة (ع). ففي عصرالإمام الصادق (ع) کانوا یرون هذا الإمام ناطقاً و أبا الخطاب صامتاً، وأنه الناطق بعد الإمام الصادق (ع) (ن.ص).

وعلی أي حال، ندرک مما مضی أن الأساس الفکري لأبي الخطاب کان یقوم علی نوع من الغوفي الأئمة (ع) لاسیما الإمام الصادق (ع). وحینما طرح أبوالخطاب أفکاره الغالیة واجه معارضة شدیدة من الإمام الصادق (ع) واستناداً إلی روایات مختلفة فقد لعنه الإمام (ع) مع أتباعه في مواضع عدیدة، وأحاط أصحابه علماً بضلال أبي الخطاب (ظ: الأشعري، سعد، 51، 55؛ الکشي، 226، 228، 290، 295، 296؛ الکلیني، ن.ص؛ ابن بابویه، معاني...، 369؛ الطوسي، تهذیب ...، 2/258). وأشیر إلیه في روایات مختلفة بالفاسق، والکافر، والمشرک، وعدو الله (ظ: الصفار، 536؛ الکشي، 296؛ القاضي النعمان، 1/50؛ ابن بابویه، من لایحضره...، 1/220). وفي روایة أوردها ابن بابویه في الخصال (2/402) نقلاً عن الإمام الصادق (ع) في تأویل الآیتین 221 و 222 من سورة الشعراء، عُدّ أبوالخطاب ممّن ینزل علیهم الشیطان.

کما صرحت بعض الروایات المنسوبة إلی أهل البیت (ع) أنّ أبا الخطاب قد کذب علی الإمام الصادق (ع) (ظ: البلاذري، ن.ص؛ الکشي، 224، 228، 294، 303) و حرّف أقواله (ظ: محمد بن علي، 95؛ القاضي النعمان، 1/138-139؛ ابن بابویه معاني، ن.ص؛ الطوسي، تهذیب، 2/258-259). وجاء في بعض الروایات أن أبا الخطاب کان یحضر بعد انحرافه عند الإمام الصادق (ع) أحیاناً، إلا أن الإمام (ع) کان یطرده عنه (ظ: الکشي، 292-295). کما أن الإمام (ع) کذّب ادعاءاته في کتاب بعث به إلیه (الصفار، ن.ص؛ الکشي، 291). وهناک توقیع منسوب للإمام الغائب (ع) في لعن أبي الخطاب و أصحابه و إعلان البراءة منهم بعد نزوع فصائل من الغلاة نحو أبي الخطاب في القرنین 2 و 3هـ/8 و 9 م (ابن بابویه، کمال...، 451-452؛ الطوسي، الغیبة، 290-292).

وعلي أي حال، أدی هذا العدد الکبیر من الأحادیث والروایات في نقده، إلی النظر إلیه کشخصیة سلبیة في آثار الإمامیة (ظ: الضعفاء، 21؛ الطوسي، رجال، 302، عدة...، 1/381-382؛ القزویني، 29، 186-187؛ تبصرة العوام، 171، مخـ)، کما وجهت المصادر الإسماعیلیة العائدة للعهد الفاطمي و ماتلاه انتقادات لاذعة إلیه، واعتبرته غالباً وکافراً (ظ: القاضي النعمان، 1/49-50؛ إدریس، 4/287-292). والجدیر بالذکر أن جعفر بن منصور الیمن أورد حکایة موضوعة (ص 256-257) منسوبة إلی إسماعیل في فترة طفولته تقدح في أبي الخطاب لغلوه، في حین کان إسماعیل رجلاً عند غلوّ أبي الخطاب. هذا بینما أشار دستور المنجمین – و هو من آثار الإسماعیلیة النزاریة المهمة – إلی أبي الخطاب، ثم المفضل، ثم جابر بن حیان، ثم عبدالله بن میمون ضمن مشاهیر أصحاب الإمام الصادق (ع) (الورقة 333ب).

وتحدثت المصادر عن بعض آراء أبي الخطاب و الخطابیة و کذلک نهجه السیاسي، ومن ذلک أنه کان یأمر أصحابه أن یشهدوا علی من خالفهم بالزو في الأموال و الدماء و الفروج ضماناً لمصالحهم (ظ: ابن قتیبة، 623؛ البلاذري، ن.ص؛ الأشعري، سعد، 51؛ أیضاً ظ: أبوبکر الخوارزمي، 171، الذي عد الکذب من سجایا الخطابیة). وعلی هذا الأساس نجد أن جلّ فقهاء السنة اشترطوا العدل في قبول شهادة «أهل الأهواء»، إلا أنهم استثنوا الخطابیة بسبب إباحتهم الکذب في الشهادة (ظ: المروزي، 286؛ الطحاوي، 1/186-187؛ المرشد بالله، 2/238؛ السبکي، 2/16).

کما قیل إن أبا الخطاب کان یدعي وجوب أداء صلاة المغرب أثناء «ذهاب الحمرة المغربیة» وعند «اشتباک النجوم»، في حین أثبت بعض الروایات المنقولة عن الإمام الصادق (ع) – ضمن اعتبارها وقت المغرب عند ذهاب الحمرة المشرقیة – أبا الخطاب علی رأیه هذا (ظ: محمد بن علي، ن.ص؛ الکشي، 228، 290، 294؛ القاضي النعمان، 1/138-139؛ ابن بابویه، من لایحضره، ن.ص؛ الطوسي، تهذیب، 2/28، 33، 259).

 

أبوالخطاب و المذاهب الشیعیة المختلفة

وسوی الخطابیة الأوائل الذین کانت لهم صلة واضحة بأبي الخطاب، فقد مالت أیضاً فرق الخطابیة العدیدة إلی شخصیات أخری بعد أبي الخطاب، وکانت تطرح عادةً شخصیة أخری إلی جانب اعتقادها بأبي الخطاب، بل وحتی رفضه في بعض الأحیان (ظ: البغدادي، 151-152). وکانت هذه لافرق تطرح أحیاناً آراء خاصة حول أبي الخطاب غریبة علی آراء الخطابیة الأوائل (ظ: ن.د، الخطابیة).

وسوی الخطابیة، کان بین أصحاب محمد بن إسماعیل من ینزع إلی الغلو ویقول بمکانة خاصة لأبي الخطاب (ظ: الأشعري، سعد، 83). وکانت النصیریة تقدس کثیراً أبا الخطاب و تضعه في سلّم مراتبها المقدسة ضمن مرتبة «الباب» التي تلي مرتبتي «المعنی» و«الاسم»، وتقارن شخصیته بسلمان الفارسي دائماً. ولهذا کان من الطبیعی أن تعتبر لعن الإمام الصادق (ع) له منطلقاً من التقیة، وأن تورد عنه و عن باقي الأئمة (ع) الکثیر من لاروایات في فضائله و مناقبه (ظ: الخصیبي، الورقة 117ب- 118ب، 125ألف، 131ب، 132ب؛ الطبراني، 6، 8، 10، 147-148، 159، 202؛ الهفت، 100-102).

ویحتل أبوالخطاب موقعاً خاصاً أیضاً في «أم الکتاب» الذي یعد أحد الکتب المقدسة السریة الغالیة المنسوبة للإسماعیلیة في منطقة سهل پامیر. و ضمن التحدث عن عبدالله الصبّاح [عبدالله بن سبأ؟!] في مستهل هذا الکتاب المؤلَّف بالفارسیة، ورد أنه قد أُحرق بأمر الأئمة لإفشائه السر. کما ورد نقلاً عن الإمام الباقر (ع): «أیها المنوَّررون!... في عهد... أمیر المؤمنین علي... سجدت له المنارة في مدینة الکوفة... وإلا فإن أبا الخطاب هذا النور و البیان قال لیشهد عليّ العرب و العجم أن لیس هناک رب في 18 ألف عالم سوی علي بن أبي طالب، حتی أمر مولانا أبونا (؟) بقتل أبي الخطاب و إحراقه». ثم أضیف: «أیها المنوَّرون! الأنوار لو لم یقتل أبونا أبا الخطاب أو یحرقه، لکان قال مایجب أن یقال بعد 940 عاماً» (ص 98). وفي الوقت نفسه عُدّ أبوالخطاب في «أم الکتاب» من بین أولئک الذین یقولون الحق، إلا أنه أُحرق لإذاعته له. ویلاحظ في هذا النص قلب و تحریف للحقائق التاریخیة ذات العلاقة بموت أبي الخطاب. ویجب أن یضاف أنه طالما قرن اسم أبي الخطاب في «أم الکتاب» باسم سلمان (سلسل)، وقُدِّما علی أنهما من آل الرسول (ص) (ظ: ص 26، 43، 55، 99). وفي الجانب الآخر لجأت بعض فرق الغلاة – مثل أتباع محمد بن بشیر الذي ادعی النبوة – إلی إنکار نبوة أبي الخطاب و کل من ادعی النبوة مثله (الأشعري، سعد، 63).

ورغم أن بعض المصادر القدیمة تحدثت عن التحاق أبي الخطاب والخطابیة بالإسماعیلیة (ظ: مسائل الإمامة، 47؛ الأشعري، 80-81، 83؛ النوبختي، 57-60؛ أبوحاتم، 289؛ القاضي عبدالجبار، 20(2)/ 180)، غیر أن المصادر الإسماعیلیة الرسمیة لم تتحدث عن مثل هذه العلاقة، کما لم تتحدث أیضاً عن العلاقة بین أبي الخطاب و میمون القداح التي أشارت إلیها آثار ابن رزّام و ابن شداد الصنهاجي. وقد حاولت الآثار الأخیرة أنتظهر أنّ میمون القداح و أصحابه کانوا من أتباع أبي الخطاب، وکانوا بأسرهم إباحیین و باطنیة (ظ: ابن الندیم، 238؛ ابن الأثیر، 8/28-29؛ رشیدالدین، 9؛ الجویني، 3/152؛ النویري، 305-306؛ المقرزي، اتعاظ...، 1/48-50، المقفی، 65-66). وتصورت بعض الدراسات المعاصرة أن أبا الخطاب قد تنبأ بموقع خاص لإسماعیل بن الإمام الصادق (ع) في حرکته السیاسیة الدینیة (ظ: لویس، 42-43). ویری ماسینیون أن تلک العلاقة قویة إلی درجة أنه قال: إن کنیة أبي إسماعیل قد أُطلقت علی أبي الخطاب لأنه کان الأب الروحي و المعنوي لإسماعیل (ظ: م.ن، 39). وعلی أي حال، فهو لم یقدّم دلیلاً قاطعاً علی تلک الصلة (لمزید من الاطلاع، ظ: ن.د، إسماعیل بن جعفر).

وهناک کتب عدیدة صنفت حول أبي الخطاب: 1. الرد علی الغالیة وأبي الخطاب و أصحابه، تألیف أبي إسحاق إبراهیم بن أبي حفص الکاتب، من أصحاب الإمام العسکري (ع) (النجاشي، 19؛ الطوسي، الفهرست، 7)؛ 2. کتاب ما روي في أبي الخطاب محمد بن أبي زینب، تألیف مشترک لأحمد بن محمد بن علي بن عمر بن رباح القّلاء السوّاق وأخیه علي (النجاشي، 92، 259-260؛ الطوسي، ن.م، 26-27)؛ 3 و 4. مقتل أبي الخطاب، لأبي جعفر محمد بن عبدالله بن مهران الکرخي، و مناقب أبي الخطاب للمؤلف نفسه، الذي استخدم النجاشة بحقه عبارات: «کذاب، وغالٍ، وفاسد المذهب والحدیث» (ص 350). وانتفع الخصیبي من روایات الکرخي في الهدایة الکبری (ظ: الورقة 118ألف، 126ب).

وأجری الباحثون المعاصرون خلال دراساتهم علی صعید الملل والنحل، دراسات عن أبي الخطاب و الخطابیة ومنهم: 1. إیفانوف في «المؤسس المزعوم للإسماعیلیة» (ظ: ص 113-137، أیضاً 138 و ما بعدها)؛ 2. المؤلف نفسه في «مذکرات حول أم الکتاب» (ظ: درإسلام، XXIII/428-430) و دراسات أخری؛ 3. ماسینیون في «مصائب الحلاج» (ظ: I/246-248، مخـ) وعدة کتب و مقالات أخری؛ 4. برنارد لویس في «جذور المذهب الإسماعیلي» (ظ: ص 32-37)؛ 5. هالم في «الغنوصیة الإسلامیة» (ظ: ص 199-206، مخـ)؛ 6. دفتري في «تاریخ الإسماعیلیة و عقائدها» (ظ: ص 68, 89, 98-101).

 

المصادر

ابن الأثیر، الکامل؛ ابن بابویه، محمد، الخصال، تقـ: علی أکبر الغفاري، قم، 1403هـ/1362ش؛ م.ن، کمال‌الدین، النجف، 1389هـ/1970م؛ م.ن، «المشیخة»، ضمن ج 4 من لایحضره فقیه (همـ)؛ م.ن، معاني الأخبار، النجف، 1971م؛ م.ن، من لایحضره الفقیه، تقـ: علي أکبر الغفاري، قم، 1404هـ/1363ش؛ ابن بسطام، الحسین، طب الأئمة، النجف، 1385هـ/ 1965م؛ ابن حزم، علي، الفصل، تقـ: محمد إبراهیم نصر و عبدالرحمان عمیرة، جدة، 1402هـ/ 1982م؛ ابن قتیبة، عبدالله، المعارف، تقـ: ثروت عکاشة، القاهرة، 1388هـ/ 1969م؛ ابن المرتضی، أحمد، طبقات المعتزلة، تقـ: سوسنه دیفلد فلزرر، بیروت، 1380هـ/ 1961م؛ ابن الندیم، الفهرست؛ أبوبکر الخوارزمي، محمد، رسائل، بیروت، 1970م؛ أبوحاتم الرازي، أحمد، «الزینة»، مع الغلو و الفرق الغالیة للسامرائي، بغداد، 1392هـ/1972م؛ الاختصاص، المنسوب للشیخ المفید، تقـ: علي أکبر الغفاري، قم، نشر جامعة المدرسین؛ إدریس، عمادالدین، عیون الأخبار وفنون الآثار، تقـ: مصطفی غالب، بیروت، 1985م؛ الأشعري، سعد، المقالات و الفرق، تقـ: محمدجواد مشکور، طهران، 1361ش؛ الأشعري، علي، مقالات الإسلامیین، تقـ: هلموت ریتر، بیروت، 1400هـ/1980م؛ «أم الکتاب» تقـ: إیفانوف (ظ: ملـ، دِرإسلام، 1936م)؛ البرقي، أحمد، «الرجال»، مع الرجال لابن داود، تقـ: جلال‌الدین المحدث، طهران، 1342ش؛ البغدادي، عبدالقاهر، الفرق بین الفرق، تقـ: عزت العطار الحسیني، القاهرة، 1367هـ/1948م؛ البلاذري، أحمد، أنساب الأشراف، تقـ: عبدالعزیز الدوري، بیروت، 1398هـ/1978م؛ البیهقي، إبراهیم، المحاسن و المساوئ، بیروت، 1390هـ؛ تبصرة العوام في معرفة مقالات الأنام، المنسوب للمرتضی بن الداعي، تقــ: عبس إقبال، طهران، 1364ش؛ جعفر بن منصور الیمن، سرائر و أسرار النطقاء، تقـ: مصطفی غالب، بیروت، 1404هـ/1984م؛ الجویني،عطاملک، تاریخ جهان‌گُشا، تقـ: محمد القزویني، لیدن، 1355هـ/1937م؛ الحلي، الحسن، مختصر بصائر الدرجات، النجف، 1370هـ/ 1950م؛ الحمیري، عبدالله، قرب الإسناد، طهران، مکتبة نینوی الحدیثة؛ الخصیبي، الحسن، الهدایة الکبری، مخطوطة مکتبة آیة الله المرعشي، رقم 2973؛ دستور المنجمین، مخطوطة المکتبة الوطنیة بباریس، رقم 5968؛ الدیلمي، محمد، بیان مذهب الباطنیة وبطلانه، تقـ: رودلف شتروتمان، إستانبول، 1938م؛ رشیدالدین فضل الله، جامع التواریخ، تقـ: محمدتقي دانش پژوه و محمد مدرسي، طهران، 1356ش؛ الزبیر بن بکار، الأخبار الموفقیات، تقـ: سامي مکي العاني،بغداد، 1972م؛ زید النرسي، «أصل»، الأصول الستة عشر، قم، 1363ش؛ السبکي، عبدالوهاب، طبقات الشافعیة الکبری، تقـ: عبدالفتاح محمد الحلو ومحمود محمد الطناحي، القاهرة، 1383هـ/1964م؛ السیاري، أحمد، القراءات، مخطوطة مکتبة آیة الله المرعشي، رقم 5222؛ الصفار، محمد، بصائر الدرجات، قم، 1404هـ؛ الضعفاء، المنسوب لابن الغضائري، النسخة المصورة الموجودة في مکتبة المرکز؛ الطبراني، میمون، «مجموع الأعیاد»، تقـ: شتروتمان (ظ: ملـ، دِرإسلام، 1946م)؛ الطحاوي، أحمد، أختلاف الفقهاء، تقـ: محمدصغیر حسین معصومي، إسلام آباد، 1391هـ؛ الطوسي، محمد، تهذیب الأحکام، تقـ: حسن الموسوي الخرسان، بیروت، 1401هـ/1981م؛ م.ن، رجال، النجف، 1380هـ/1961م؛ م.ن، عدة الأصول، تقـ: محمدمهدي نجف، قم، 1403هـ/1983م؛ م.ن، الغیبة، تقـ: عبدادالله الطهراني و علي أحمد ناصح، قم، 1411هـ؛ م.ن، الفهرست، تقـ: محمدصادق بحرالعلوم؛ مکتبة المرتضوي؛ العلامة الحلي، الحسن، رجال، تقـ: محمدصادق بحرالعلوم، النجف، 1381هـ/1961م؛ فخرالدین الرازي، محمد، اعتقادات فرق المسلمین، تقـ: علی سامي النشار، القاهرة، 1356هـ/1938م؛ فرات الکوفي، تفسیر، النجف، 1354هـ؛ القاضي عبدالجبار، المغني، تقـ: عبدالحلیم محمود و آخرون، القاهرة، الدار المصریة للتألیف والترجمة؛ القاضي النعمان، دعائم الإسلام، تقـ: آصف بن علي أصغر فیضي، لاقاهرة، 1383هـ/1963م؛ القرآن الکریم؛ القزویني الرازي، عبدالجلیل، النقض، تقـ: جلال‌الدین المحدث، طهران، 1358ش؛ القمي، علي، تفسیر، تقـ: طیب الموصوي الجزائري، النجف، 1387هـ؛ الکشي، محمد، معرفة الرجال، اختیار الطوسي، تقـ: حسن المصطفوي، مشهد، 1348ش؛ الکلیني، محمد، الکافي، تقـ: علي‌أکبر الغفاري، طهران، 1367ش؛ محمدبن علي بن محبوب ، «النوادر»، ضمن مستطرفات السرائر لابن إدریس، قم، 1366ش؛ المرشد بالله، یحیی، الأمالي، بیروت، 1403هـ/1983م؛ المروزي، محمد، اختلاف العلماء، تقـ: صبحي السامرائي، بیروت، 1406هـ/1986م؛ مسائل الإمامة، المنسوب للناشئ الأکبر، تقـ: فان إس، بیروت، 1971م؛ المقریزي، أحمد، اتعاظ الحنفاء، تقـ: جمال‌الدین الشیال، القاهرة، 1367هـ/1948م؛ م.ن، الخطط، بولاق، 1270هـ؛ م.ن، المقفی الکبیر، تقـ: محمد الیعلاوي، بیروت، 1407هـ/1987م؛ النجاشي، أحمد، رجال، تقـ: موسی الشبیري الزنجاني، قم، 1407هـ؛ النوبختي، الحسن، فرق الشیعة، تقـ: هلموت ریتر، إستانبول، 1931م؛ النویري، أحمد، قسم من «نهایة الأرب»، ضمن أخبار القرامطة، تقـ: سهیل زکار، دمشق، 1402هـ/1982م؛ الهفت الشریف، المنسوب للمفضل بن عمر الجعفي، بیروت، 1977م؛ وأیضاً:

Dafrary, Farhad, The Ismāʿilis; Their History and Doctrines, Cambridge, 1990; Halm, Heinz, Die islamische Gnosis, München, 1982; Der Islam, Berlin, vol. XXIII, 1936, vo.. XXVII, 1946; Ivanow W., The Alleged Founder of Ismailism, Bombay, 1946; Lewis, Bernard, The Origins of Ismāʿilism, Cambridge, 1940; Massignon, Louis, La Passion de Husayn ibn Mansûr Hallāj, Paris, 1975.

 حسن أنصاري/ ت.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: