أبوجعفر أحمد بن محمد بن خلف
cgietitle
1442/12/20 ۲۰:۳۹:۴۶
https://cgie.org.ir/ar/article/234772
1446/12/19 ۲۳:۲۸:۲۸
نشرت
4
أَبو جَعفَرٍ أَحمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلَف (293-352هـ/906-963م)، أمیر صفاري خلال الفترة 311-352هـ والذي استعاد النفوذ الصفاري في سجستان بعد انهیار السامانیین. و الواقع فإن الفترة الأولی من العهد الصفاري – الذي بدأ بحکم یعقوب و عمرو – قد انتهت بهزیمة محمد بن علي أمام جیش أحمد بن إسماعیل الساماني في 298هـ/911م. ورغم تمرد أهالي سجستان بزعامة عیّار یدعی مولی سندلي – والذي تمخض عن استیلاء أبي حفص عمرو بن یعقوب بن عمرو بن اللیث علی السلطة لفترة قصیرة – غیر أن السامانیین کانوا یبسطون نفوذهم علی بلاد الصفاریین الواسعة، إلی أن قُتل أحمد بن إسماعیل الساماني في 301هـ وخلفه نصر بن أحمد الذي کان طفلاً. وأخذ الضعف والاضطراب یدبّان في أوصال الدولة السامانیة مما دفع بالحکم الساماني سیمجور إلی الهروب من سجستان في رمضان من ذلک العام. واستولی خالد بن محمد والفضل بن حمید- عاملا المقتدر العباسي (حکـ 295-320هـ) في کرمان – علی سجستان بدعم من والي فارس بدر بن عبدالله الحمامي وذلک خلال الفترة 301-304هـ. فاصبحت کافة البلاد الصفاریة تحت تصرفهم بعد سرد بقایا القادة السامانیین. وإثر الاختلاف الذي حصل بین خالد وبدر و الحرب التي دارت بینهما و أسفرت عن مقتل خالد، زحف کثیر بن أحمد بن شهفور علی سجستان في ذي القعدة 304، وکان أحد أمراء خالد من العیارین، فاستولی علی بست ورُخَج (رُخَد) بعد أن دعمه ألها. إلا أنه قُتل في شوال 306 علی ید أحد أعوانه ویدعی أحمد بن قدام، الذي حکم سجستان حتی رمضان 310/ کانون الثاني 923، حیث هزمه زعیم العیارین عبدالله بن أحمد في معرکة نوقان و حمله أسیراً إلی سجستان. ولم یستمر حکم عبدالله بن أحمد طویلاً إذ ثار أهل سجستان علی عزیز بن عبدالله بن أحمد الذي ناب عن أبیه في حکم سجستان، وفوّضوا إمارة بلادهم إلی أبي جعفر الذي مازال شاباً یافعاً (تاریخ سیستان، 291-310).
ولد أبوجعفر في 25 شعبان 293 (ن.م، 278-279). وورد نسبه الکامل في تاریخ سیستان (ص 342) لدی ترجمة ابنه خلف بن أحمد: أبوجعفر [أحمد] بن أبي اللیث [محمد] بن خلف بن اللیث بن فرقد بن سلیم بن ماهان. وعلی هذا الدساس نراه ینتمي إلی الأسرة الصفاریة عن طریق أبیه محمد بن خلف بن اللیث، لاعن طریق یعقوب و عمرو مؤسسي السلالة الصفاریة، ذلک لأن نسب یعقوب و عمرو ینتهي بحاتم بن ماهان (ن.م، 269؛ القزویني، 174). و مع ذلک فإن انتسابه لمؤسسي الأسرة الصفاریة تعود إلی أمه بصورة خاصة، لأن أمه «سیدة بانو» هي بنت محمد بن عمرو بن اللیث الصفاري، ولهذا السبب بالذات یُعرف أبوجعفر بأبي جعفر بن بانویه أو ابن بانویه، و ابنه بخلف بانو. و کان محمد بن خلف ابن اللیث – والد أبي جعفر – من قادة طاهر و المقربین لیعقوب (ابني محمد بن عمرو بن اللیث)، حیث ناب في 292 هـ عن یعقوب في إمارة سجستان. و استطاع بجهوده الدائبة في تلک الفترة أن یضع حداً للعداء القدیم القائم بین طائفتي صَدَقي وسَمکي ویحول دون تقسیم سجستان (تاریخ سیستان، 278).
تولی أبوجعفر الإمارة في محرم 311 و هو مایزال یافعاً بعد أن ثار عامة أهل سجستان علی حاکمهم عزیز بن عبدالله، و عندما رأی میل الناس إلیه، راح یعمل سراً علی إسقاط خصمه القوي عبدالله بن أحمد والاستیلاء علی بست ورخج الخاضعین لنفوذه. فاستمال إلیه میهم بن رونک عامل عبدالله علی رخج وبعثه إلی بست لأخذ البیعة له، واستطاع بتلک الطریقة أن ینتزع هاتین الناحیتین من عبدالله بن أحمد. وبالتالي انکسر هذا الأخیر بعد معارک عدیدة أمام میهم بن رونک وحُمل أسیراً إلی سجستان في 13 رجب 311. وبایع أهل سجستان أبا جعفر بعد هذا النصر الذي حققه و التفّ حوله جیش من الموالي و زعماء العیارین والأحرار. ورغم سیطرته علی بلاد الصفاریین، إلا أن بست ظلت بؤرة للتمرد والعصیان، وطالما زحف إلیها مراتٍ لقمع المتمردین کزحفه نحو بست في بدایة عهده لقمع میهم الذي أعلن التمرد، کما زحف أیضاً نحوها في رجب 313 لقمع عزیز بن عبدالله، وکان یتردد بین بست و زرنگ منذ ذلک التارخی و حتی 316هـ. وفي شعبان 317/ أیلول 929 وجد الفرصة سانحة لتوسیع رقعة دولته منتهزاً اضطراب أوضاع الخلافة و صراع المقتدر مع مؤنس. ولهذا بعث جیشاً إلی کرمان بقیادة محمد بن یعقوب الرزداني فأخذ مبلغ ملیون درهم من وجهاء المدینة و عاد إلی بلاده. وزحف بعد سنتین – أي شعبان 319 – نحو بست لإخماد التمرد الذي أعلنه حمک بن نوح، ثم عاد إلی سجستان بعد أن انتهی الأمر بالصلح بین الجانبین. وفي رمضان 320 تلقی خبر تمرد أبي یزید النکي و أبي زکریا الزیدوي، و هما من الزعماء المحلیین و من قبیلة قراتکین الترکیة في بست. فاستدعی أبوجعفر أبا حفص عمر بن یعقوب، و هو من أحفاد عمرو بن اللیث و کان یعیش متنکراً في بغداد، فدخل علیه في محرم 321/ کانون الثاني 933. ویبدو أن حضوره کانمؤثراً في إنهاء الاضطراب واستسلام المتمردین و أتباعهما (ن.م، 310-314). ومنذ ذلک الحین شعر أهل تلک البلاد بالهدوء، علی حد تعبیر تاریخ سیستان (ص 315)؛ واشتهر أبوجعفر بالشجاعة واسخاء و العلم و الفضل.
ووردت في تاریخ سیستان قصة حول قوته و شجاعته تعکس بشکل ضمني طبیعة علاقته مع جیرانه لاسیما الأمیر الساماني نصر الصاني. فحسب هذه القصة: بعد حلق لحیة سفیر أبي جعفر بأمر منماکان بن کاکي، زحف أبوجعفر نحو کرمان و أسر ماکان وجاء به إلی کرمان، ثم أطلق سراحه بعد ما فعل به مثلما فعل بسفیره. و عندما سمع الأمیر نصر بذلک سرّ کثیراً لهزیمة عدوه ماکان و أقام احتفالاً بهذه المناسبة علی شرف أبي جعفر و بعث إلیه بهدایا ثمینة. کما أن الرودکي، شاعر بلاطأبي نصر، بعث إلیه قصیدة الشهیرة في وصف الخمر التي أنشدها في ذلک الحفل و مَدح أبي جعفر، فوصله أبوجعفر بـ 10,000 دینار. وأثنی الرودکي في هذه القصیدة علی طیبة قلبه وأخلاقه و شجاعته وحبه للأدب والعدل (ن.م، 315-324). ولاتوجد وثیقة تنبئ عن زمان وقوع هذه الحادثة و تاریخ إلقاء القصیدة. ولم یُشر إی حادثة «ماکان» سوی تاریخ سیستان فقط. وعدا قصیدة الرودکي، فقد انبری الشعراء الذین ینظمون بالعربیة لمدح أبي جعفر أیضاً، ولم یشر تاریخ سیستان إلی أي منهم (ظ: ص 324)، إلا أن الثعالبي أورد أبیاتاً في مدحه للخلیل بن أحمد السجزي القاضي الحنفي بسجستان (4/338-339). واشتهر أبوجعفر بالعلم و تربیة العلماء، وکان في بلاطه عدد من العلماء کأبي سلیمان السجستاني (ن.ع) الذي أوردفي کتاب صوان الحکمة آراء أبي جعفر في علم السیاسة و غیره بشکل مفصل نسبیاً وذلک ضمن شرحه لمجالس بحثه مع علماء عصره، لاسیما ماذکره من حفظه لموضوعات کثسرة من طرائف و نوادر و حکم الیونان و کافة نصائح أرسطو السیاسیة للإسکندر (ص 315-320).
وطبقاً لما أورده أبوسلیمان، فإن شخصیات کأبي حیان التوحیدي وأبي إسحاق الإسفراییني وأبي تمام النیسابوري کانت تتردد علی بلاطه ولها معه مناقشات (ص 317). وأورد الشهرزوري في نزهة الأرواح (ص 66-72) وقطبالدین محمد اللاهیجي في محبوب القلوب (ص 313-317) کل ما أورده أبوسلیمان عن أبي جعفر نصّاً. غیر أن الموضوعات المتعلقة بأبي جعفر بن بانویه قد وردت في هذین الکتابین و کذلک في صوان الحکمة (ط بدوي) خطأً تحت مادة أبي جعفر بن بابویه، و هذاما أدی بالبعض إلی الوقوع في الخطأ أیضاً مثل مؤلفي نامۀ دانشوران (7/27-31)، وحجب البعد العلمي لشخصیة أبي جعفر عن أنظار المؤلفین الآخرین (ظ: دانشنامه، 1019-1020، 1254-1255؛ إیرانیکا، I/641). وکان القزویني (ص 163، 164، 175-178) أول من بادر إلی رفع هذا الخطأ و إزاحة الستار عن بعض الجوانب الأخری من حیاته.
وفضلاً عن العلم والفلسفة، فقد کان لأبي جعفر باع في الأدب أیضاً. وقد کتب إلی النحوي والعالم الکبیر أبي سعید السیرافي علی ید أبي سلیمان المنطقي کتاباً سألفیه عن 540 مسألة في النحو و اللغة و الشعر العربي والکلام و الحدیث و القرآن (أبوحیان التوحیدي، 1/130؛ یاقوت، الأدباء، 8/180). و کان علی اتصال بأحمد بن محمد بن عبدالجلیل السجزي الریاضي و الفلکي الکبیر في القرن 4 هـ. وکتب هذا الأخیر رسالة إلهی رداً علی سؤال له في باب «انقسام خط مستقیم ذي نهایة بن صفین»، توجد في المکتبة الوطنیة بباریس (دوسلان، رقم (10)2457). وألف السجزي بعض رسائله الأخری في أحکام النجوم باسم أبي جعفر أحمد بن محمد مولی أمیر المؤمنین، و هناک احتمال قوي من أنّ المراد به أبو جعفر أحمد بن محمد بن خلف (شوری، 2/94، 95). وکان الرحالة المعروف أبودلف (ن.ع) قدمرّ بسجستان في عهده و تحدث عن مقامه العلمي و الفلسفي و الوضع الاقتصادي المزدهر الذي کانت علیه سجستان (ص 49؛ یاقوت، البلدان، 3/458).
وتضاءلت عزیمته في مواجهة الاضطرابات الناشبة في مختلف مناطق سجستان في العقد الأخیر من عهده، ففي 341هـ/ 952م أعلن قائده جیشه القوي المحبوب أبوالفتح عن تمرده علیه بعد قمعه للتمرد الکبیر الذي وقع في أوق، وانطلق نحو جروادکن، حیث بایع أبا العباس بن طاهر بن محمد بن عمرو بن اللیث بذریعة أن أبا العباس – و خلافاً لأبي جعفر – حفید مباشر لعمرو بن اللیث. وبعث أبوجعفر غلامه الرزداني مع أتراک بست لسحق تمرده، فانکسر أبوالفتح في المعرکة وولّی هارباً. ولیست لدینا معلومات عن أبي جعفر منذ ذلک الحین و حتی 352هـ. وفي ربیع الدول من هذا العام باغت الرزداني أباجعفر و قتله بتواطؤ مع أبي العباس بن طاهر بن بعمرو و مجموعة من خاصة غلمانه. وسعوا في تلک المؤامرة إلی قتل ولده الأمیر خلف أیضاً، إلا أنهم فشلوا في ذلک و في جمادی الأولی 352، و بعد خمسین یوماً من ذلک عاد الأمیر خلف إلی سجستان بدعم من حاکم بست واعتلی العرش ثمألقی القبض علی کافة قتلة أبیه وقتلهم (تاریخ سیستان، 325-327)، واستمر الأمیر خلف حاکماً علی سجستان حتی 393هـ/ 1003م حینما استولی محمود الغزنوي علیها.
أبوحیان التوحیدي، الأمتاع والمؤانسة، تقـ: أحمد أمین و أحمد الزین، القاهرة، 1939م؛ أبودلف، مسعر، الرسالة الثانیة، تقـ: بطرس بولغاکوف و أنس خالدوف، موسکو، 1960م؛ أبوسلیمان السجستاني، محمد، صوان الحکمة، تقـ: عبدالرحمان بدوي، طهران، 1974م؛ تاریخ سیستان تقـ: محمدتقي بهار، طهران، 1314ش؛ الثعالبي، یتیمة الدهر، تقـ: محمد محیيالدین عبدالحمید، بیروت، 1377هـ؛ دانشنامه؛ الشهرزوري، محمد، نزهة الأرواح، تقـ: خورشید أحمد، حیدرآبادالدکن، 1396هـ/1976م؛ شوری، المخطوطات؛ القزویني، محمد، بیست مقاله، طهران، 1332ش؛ اللاهیجي، محمد، محبوب القلوب، النسخة المصورة الموجودة في مکتبة المرکز؛ نامۀ دانشوران، قم، مؤسسة دارالفکر؛ یاقوت، الأدباء؛ م.ن، البلدان؛ وأیضاً:
De Slane; Iranica.
محمد عبدعلي/ ت.
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode