الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الجغرافیا / ابن ماجد /

فهرس الموضوعات

ابن ماجد

ابن ماجد

تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/5 ۱۴:۳۲:۵۴ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ ماجِد، شهاب‌الدنیا والدین أحمد بن ماجد بن محمد السعدي النجدي، ربان عربي شهیر في القرن 9هـ /15م. أطلق علیه في التصانیف اسم الشیخ ماجد و ابن أبي الرکائب أیضاً، ویبدو من اسم السعدي النجدي نسبته إلی نجد، بینما یذکر کراتشکوفسکي، أنه ولد في جلفار علی الساحل العربي من خلیج عمان («الأدب……»، 560؛ شوموفسکي، «ثلاث…»، 80). وورد في المصادر البرتغالیة أنه «موري من کجرات» (ن.ص)، و«مور» اصطلاح کان یطلقه الأوروبیون في العهود القدیمة والقرون الوسطی علی غیر المصریین في شمال إفریقیا والعرب الذین یسکنون في هذه المناطق و کذلک علی أهالي بعض الجزر العاصفة في المحیط الهندي (BSE3, XV/145)، وربما کانت هناک علاقة بین هذا الاسم ورحلاته البحریة إلی الهند و معلوماته عن هذه الدیار.

حیاته: لاتتوفر معلومات دقیقة عن سنة ولادة ابن ماجد ووفاته، ولکن یمکن أن نستنبط من تاریخ مدوناته و کتبه أنه عاش في القرن 9هـ/15م (فران، «مدخل …»، 220). وقد أشار في أحد مصنفاته إلی تجاربه في الملاحة خلال أربعین سنة، فاستنبط غابریل فران أن ولادته کانت في العقد الثالث من القرن 15م. کما ذکر کراتشکوفسکي أنها کانت في نحو 1430م («الأدب»، ن.ص). وینحدر ابن ماجد من صلب أسرة اشتغل أفرادها بقیادة السفن، فجده و أبوه کانا معلمین في الملاحة أیضاً وورد اسماهما في المصادر والأساطیر المتعلقة بالملاحة (ن.ص). فقد أخذ هذه المهنة عن آبائه وأجداده جیلاً بعد جیل (شوموفسکي، «الجزر…»، 173)، ولکنه فاق أباه وجده في هذا العمل. وقد أشار في مصنفه الشهیر: الفوائد في أصول علم البحر والقواعد باحترام إلی ثلاثة معلمین کبار في الملاحة بالعصر العباسي هم: محمد بن شاذان و سهل بن أبان و اللیث بن کهلان، و دعاهم بأسلافه و تحدث عن علمهم و تصانیفهم ضمن توجیه النقد إلیهم، ومما یؤسف له أن مصنفات هؤلاء البحارة الثلاثة مفقودة. ویبدو مما ذکره ابن ماجد أنها کانت موجودة حتی القرن 9هـ/15م. ورغم أنه کان ینظر إلیها بعین النقد غیر أنه أفاد الکثیر منها، وکان یری أنه رابع الثلاثه و أنه أفضل منهم فیقول: «وقد عظمنا علمهم وتألیفهم وجللنا قدورهم – رحمة الله علیهم – بقولنا أنا رابع الثلاثة وربما في العلم الذي اخترعناه في البحر و رقة واحدة تقیم في البلاغة والصحة و القائدة والهدایة و الدلالة بأکثر ماصنفوه… و هم مؤلفون لامجربون ولم أعلم لهم رابعاً غیري و قد و قرتهم بقولي إني رابعهم لتقدمهم في الهجرة فحسب. و سیأتي بعد موتي زمان و رجال یعرفون لکل منا منزلته … و لما أطلعت علی تألیفهم ورأیته ضعیفاً بغیر قید و لاصحة بالکلیة ولاتهذیب هذبت ماصح منه وذکرت الاختراعات التي اخترعتها و صححتها و جربتها عاماً بعد عام في نظم الأراجیز و القصائد» (فران، «عناصر…»، 197).

ویبدو مما ذکره ابن ماجد آنفاً أمران: الأول کما یقول إن لثلاثة من الملاحین في العهد العباسي مصنفات بقیت حتی القرن 9هـ، وأن ابن ماجد قرأها و درسها. والثاني أنه لم یؤلف کتبه نثراً فحسب، بل واستعمل النظم إلی حد ما، وکان أبوه شاعراً، وقد نظم تجاربه البحریة في أرجوزة طویلة باسم الأرجوزة الحجازیة. في أکثر من ألف بیت یتحدث فیها عن الملاحة علی سواحل البحر الأحمر (ن.م، 205، نقلاً عن ابن ماجد). وقد أصلح ابن ماجد ماورد في أرجوزة أبیه من معلومات خاطئة و أکملها بالاعتماد علی تجاربه (کراتشکوفسکي، ن.م، 560)، ولکنه وصف نفسه مادحاً: بناظم القبلتین، و حاج الحرمین الشریفین، و من جیل اللیوث، ومعلم العرب، و رابع الثلاثة، و اللیث الرابع (ن.م، 561؛ فران، «مدخل»، 224). وکان الملاحون في عهده یشیرون إلی صخرة تقع علی الساحل الشرقي من البحر الأحمر قریباً من جزیرة المرمی، ویسمونها «صخرة ماجد»، ذلک أن والده کان یهدي سفینته إلی تلک الصخرة ویقف عندها. وکان ماجد یُلقب بریان البرین (م.ن، «عناصر»، 205). ویروي ابن ماجد کیف حدث و أن کتبت له السلامة من الخطر في 890هـ/ 1385م حینما کان یبحر في البحر الأحمر عند ساحله الغربي، لاعتماده علی قول أبیه، إذ کان والده یدعي – خلافاً لزعم بقیة الربابنة – أنه لایوجد ممرّبین جزیرتي أسما و مسند (في جنوبي المدار 17 درجة) (کراتشکوفسکي، ن.م، 560).

وقد حفظ لنا قطب‌الدین المکي النهر والي في کتابه البرق الیماني في الفتح العثماني الذي فرغ من تألیفه في 981هـ/1573م (IA, I/197)، روایات عن ظهور البرتغالیین في المحیط الهندي و مجیئهم إلی جزیرة هرمز تتعلق بملاحة ابن ماجد. وأشار إلی أن البرتغالیین مروا من زقاق سبتة (مضیق جبل طارق) و عبروا منطقة کانت خلفهم و هي أصل نهر النیل، ووصلوا إلی الشرق في مضیق کثیر الأمواج، أحد جانبیه جبل والجانب الثاني في بحر الظلمات، وکانت سفنهم تتکسر بالأمواج، ولاینجو أحد منهم، ولایخلص أحد من طائفتهم إلی بحر الهند، إلی أن خلص منهم «غراب» (سفینة صغیرة) إلی هذا البحر (کراتشکوفسکي، ن.م، 556). وقد روی شوموفسکي ماکتبه قطب‌الدین النهروالي مع إظهار إشمئزازه الشدید من دخول البرتغالیین و عمل ابن ماجد قائلاً: من الحوادث الفوادح في القرن 10 هـ دخول البرتغالیین الشیاطین من قبائل الفرنجة الملاعین إلی دیار الهند، و کانت طائفة منهم یرکبون من مضیق سبتة (جبل طارق) ویلجون في الظلمات (المحیط الأطلسي)، و یمرون خلف جبال القُمر (مدغشقر) ووصلوا إلی مکان هو أصل نهر النیل، ولما أشاعوا طریق الشرق، وجدوا أنفسهم في مضیق قریب من الساحل، أحد جانبیه جبل والجانب الثاني في بحر الظلمات، في مکان کثیر الأمواج لاتستقر به سفائنهم و تنکسر ولاینجو منهم أحد، واستمروا علی ذلک مدظ و هم یهلکون ولایخلص من طائفتهم أحد إلی بحر الهند إلی أن خلص منهم غراب … فلا زالوا یتوصلون إلی معرفة هذا البحر إلی أن دلّهم ملاح ماهر یقال له ابن ماجد، صاحبه کبیر الفرنج الأمیلاندي، وعاشره في السکر فعلمه الطریق في حال سکره («ثلاث»، 75-76). وقد وردت کلمة الأمیلاندي في المدونات بشکل الألمندي أیضاً. ویری غابریل فران أنها الشکل العربي للفظ البرتغالي الأمیرال. والأمیرال المذکور هو فاسکودي غاما الشهیر («مرشد …»، 290). ویستنتج قطب‌الدین بعد أن یصف ماحدث: أن البرتغالیین وصلوا إلی بحرالهند ودخذوا جزیرة هرمز وصارت الإمدادات تترادف علیهم وصاروا یقطعون الطریق علی المسلمین أسراض و نهباً و عنوا وظلموا (م.ن، «مدخل»، 185-190). ویعتبر کراتشکوفسکي سکر ربان المسلمین ابن ماجد نوعاً من المزاح ویری أنه یجب طرح هذا الرأي، ذلک أن المؤلف (قطب‌الدین) أراد إیجاد تبریر لموافقة ابن ماجد علی إرشاد سفینة للفرنجة )ن.م، 557). ویری شوموفسکي أن ماورد في المصادر البرتغالیة بهذا الشأن أقرب إلی المنطق، و یعتقد بأن ابن ماجد وافق علی إرشاد سفینة فاسکودي غاما مقابل أجر کبیر («ثلاث»، 109). وقد وصف العلاقة بین ابن ماجد وفاسکودي غاما مفصلاً بالاعتماد علی المصادر البرتغالیة بقوله: حینما دار الملاحون البرتغالیون بقیادة فاسکودي غاما حول رأس الرجاء الصالح، رأوا أمامهم محیطاً آخر. فلم یجد فاسکودي غاما جرأة لعبوره و حیداً والسیر في طرق لاآخر له. فسار علی طول الساحل الشرقي لإفریقیا حتی وصل إلی ملندي فبدأ یفتش عن مرشد أجنبي، وکان ملک ملندي یعطف علی الأجانب، فدلّه علی ابن ماجد، فدعا فاسکودي غاما هذا المرشد الکبیر إلی سفینته. ویتحدث المؤرخ البرتغالي باروس في القرن 16 م، في کتابه «آسیا البرتغالیة» عما حدث فیقول أثناء إقامة فاسکودي غاما في ملندي، جاءت جماعة من کبار الهنود إلی سفینة الأمیرال بینهم «موري» من کجرات یدعی «مالموکانا» (ن.م، 74).

وذکر کراتشکوفسکي أن دخول فاسکودي غاما إلی ملندي کان في 15 آذار 1498 («الأدب»، 555). ویقول عن لفظ مالموکانا إنه جاء في بعض الروایات بشکل کاناکا أیضاً. ثم یتابع قوله بالاعتماد علی أبحاث غابریل فران إن لفظ مالمو لیس سوی تحریف للفظ «معلم» باللغة السواحلیة السائدة بإفریقیا الشرقیة. وقد دخل هذا اللفظ في الاصطلاح الملاحي وظل في شکل مالیم في لغة أهل الملایو و في جمیع بقاع المحیط الهندي. أما لفظ کاناکافه و الشکل الذي استعمل في مالابار وفي لغة التامیل مقتبساً من اللفظة السنسکریتیة گانیکا ویقصد به الحاسب والمنجم. والکاناکا بمالابار مهنتهم التنجیم (ن.ص). وقد وافق ابن ماجد علی التعاون مع جماعة فاسکودي غاما و مرافقتهم نزولاً عند رغبة ملک ملندي و أعطی فاسکودي غاما خریطة عن سواحل الهند کلها و فیها نصف النهارات و المدارات بشکل دقیق جداً، ولکن لیس فیها جهة الریاح، ورغم أن المدارات صغیرة جداً، غیر أنها تمتاز بدقة وافرة (شوموفسکي، «ثلاث»، 74). وأشار شوموفسکي ضمن ماذکره باروس إلی أن فاسکودي غاما قدم لابن ماجد أسطرلاباً کبیراً کان قد جلبه معه مع جهاز معدني لتعیین ارتفاع الشمس و الکواکب. و هنا قال ابن ماجد إن المرشدین العرب یستعملون في البحر الأحمر أدوات مثلثة الزوایا و مربعة لقیاس نقطة ارتفاع الشمس، ولاسیما نجم القطب الذي یعتبر ذا أهمیة کبیرة للملاحین. وأضاف أنه والبحارة الهنود یستعملون الوسائل المذکورة لمعرفة موضع النجوم في الشمال و الجنوب و الشرق والغرب لمتابعة الإبحار. وقدم له ابن ماجد هذه الوسیلة، وأدرک فاسکودي غاما بعد هذا الحدیث مالدی ابن ماجد من خبرة. وخشي أن یفقد مثل هذا المرشد الثمین، فطلب منه أن یعد نفسه بأسرع مایمکن للتوجه إلی الهند (ن.ص). وأورد فران بعض المعلومات بالاعتماد علی المذاکرات الیومیة لربان السفینة، التي کتبها في 1498م. وذکر ضمن إشارته إلی موافقة ابن ماجد علی مرافقة فاسکودي غاما أنه قال قبل الإبحار إلی الهند: لاتقربوا ساحل هذا المضیق [مراده ساحل إفریقیا الشرقي في شمال ملندي]، وتوغلوا في البحر. ثم عودوا [إلی ساحل الهند] فلا تنالکم الأمواج («ثلاث»، 290). ثم وصلوا إلی «گوه» علی ساحل الدکن، ثم أن البرتغالیین استولوا بعد ذلک علی هرمز و شیدوا فیها قاعدة حصینة وصاروا یقطعون الطریق علی المسلمین. و بعد عدة سنوات أرسل السلطان مظفرشاه بن محمودشاه بن محمدشاه سلطان کجرات (917-932هـ/1511-1525م) إلی السلطان أشرف الغوري (906-922هـ/1501-1516م) یستعین به علی الإفرنج (فران، «مدخل»، 185-190).

ذُکر أن إبحار سفینة فاسکودي غاما مع المرشد ابن ماجد بدأ في 24 نیسان 1498 بعد نحو شهر وعدة أیام من دخول البرتغالیین إلی ملندي، ویبدو أنهم نزلوا من السفینه في کلیکوت (من ولایة کرالا) الواقعة علی سواحل الهند الغربیة في 20 أیار من هذه السنة. وبذلک فتح طریق أوروبا إلی الشرق الأوسط الغني لأول مرة علی ید مرشد عربي. یقول شوموفسکي واصفاً دخول البرتغالیین إلی المحیط الهندي: و قد أثارت هذه الحوادث في الشرق رد فعل سلبیاً. فقد فوجئ سکان المحیط الهندي بعد قلیل بدهشة بهجمات القراصنة من الأجانب و نهب ثرواتهم بصورة وحشیة مما رافق سیطرة البرتغالیین («ثلاث»، 75).

لاتتوفر معلومات دقیقة عن سنة وفاة ابن ماجد ویظن کراتشکوفسکي بالاعتماد علی آراء فران أن إرشاد سفینة فاسکودي غاما کان من أواخر أعماله الملاحیة الکبری («الأدب»، 560).

ویمکن إدراک محبة ابن ماجد لآل النبي وللأئمة من مدوناته، منها الأرجوزة التي وردت في کتاب حاویة الاختصار في أصول علم البحار. وقد قدم ابن ماجد هذه المنظومة الفلکیة إلی «وصي رسول الله أسدالله الغالب علي بن أبي طالب (ع)» (شوموفسکي، ن.م، 78). وذکر شوموفسکي بالاعتماد علی رأي فران، اعتقاد ابن ماجد بالتشیع (ن.م، 110، ها 58). ویؤید کراتشکوفسکي هذا الاعتقاد أیضاً فیقول: «ویلوح أنه کان من الشیعة هو أمر مفهوم علی ضوء علاقته الدائمة مع الفرس» (ن.ص).

 

دراسة آثار ابن ماجد

وجد اسم أحمد بن ماجد طریقه إلی الدوائر العلمیة بأوروبا في بدایة القرن 19 م بفضل کتاب «الجغرافیة الملاحیة» للأمیرال الترکي سیدي علي رئیس. ولکن اکتشاف المتون العربیة لتآلیفه تأخر إلی 1912م (کراتشکوفسکي، ن.م، 755).

ویعود الفضل في دراسة و تحقیق کتب ابن ماجد في الدرجة الأولی إلی أبحاث العالم الفرنسي فران الذي تحدث عن ملاحین کبیرین هما ابن ماجد و سلیمان المهري و أورد معلومات عنهما في کتبه العدیدة، و منها کتاب فيمجلدین عنوانه «دراسات حول الجغرافیا العربیة و الإسلامیة» وکتاب «الرحلات و النصوص الجغرافیة العربیة و الفارسیة و الترکیة المتعلقة بالشرق الأقصی من القرن 8 إلی 18 » [المیلادي]، وکتاب «مقدمة في الملاحة الفلکیة عند العرب»، و مصنفاته الأخری. و یری کراتشکوفسکي أن کشف فران عن هذه المؤلفات لم یکن سهلاً و لاسیما تحدید شخصیة ابن ماجد فقد استدعی مناهج في البحث معقدة لاتخلو من الطرافة ولم تتحقق إلا بعد مقارنة المصادر البرتغالیة و العربیة والترکیة بعضها ببعض (ن.م، 555). وقدت تم الکشف عن آثار ابن ماجد بحادثة مثیرة إلی حدما: فبینما کان المستعرب الفرنسي المعروف غود فروا دي مومبین یبحث في محفوظات المکتبة الوطنیة بباریس، کشف عن مخطوطتین تضمان مصنفات لابن ماجد و سلیمان المهري (فران، «الرحلات …»، 485، ها 2، «مدخل»، 255، ها 1). وقد ساق الکشف عن هاتین المخطوطتین الفریدتین إلی الکشف شیئاً فشیئاً عن مخطوطات أخری و مواد مماثلة. ففي أوائل العقد الثالث من القرن 20م عرفت مخطوطة دمشق التي اجتذبت بالتالي أنظار فران (ن.م، 199-200). ثم عُلم بوجود مخطوطة أخری بجدة. وتم الکشف فیما بعد عن مصنفات أخری لابن ماجد في الموصل و بمعهد الدراسات الشرقیة بلینیغراد لاوجود لها في مجموعة باریس (کراتشکوفسکي، ن.م، 558). ومما یؤسف له أن الأجل لم یمهل فران لدراسة المکتشفات الأخیرة. ومع ذلک لابد من الإضافة أن نتائج عمله کانت دراسات واسعة وردت في «دائرة المعارف الإسلامیة» وفي کتابه «مدخل إلی علم الفک والملاحة عند العرب» الذي طبع لأول مرة بباریس في 1928م. ومخطوطة باریس تمثل نسخة مأخوذة من الأصل و ترجع إلی 984هـ/1576م. ونسخت مخطوطة دمشق بمکة في 1001هـ/1592م (کراتشکوفسکي، ن.م، 561). وتضم مخطوطة باریش 181 ورقة وتشتمل علی 19 رسالة بحریة، تختص برحلات ابن ماجد البحریة في البحر الأحمر و الخلیج الفارسي و المحیط الهندي بشکل منظوم ولاسیما «الأرجوزة» و قد أرخت رسائل هذه المخطوطة التي توجد في المکتبة الوطنیة بباریس تحت رقم 2292 بسنة 866هـ/1462م حتی عام 900هـ/ 1495م (شوموفسکي، «ثلاث»، 64).

ورأی کراتشکوفسکي مخطوطة باللغتین العربیة و الترکیة بالمتحف الآسیوي بلینینغراد. فلم یعرها اهتماماً في البدء، لأن النص العربي سيء الخط و نظم رجزاً، ولذلک رأی أنه لیس ذا فائدة وقال: «الشعر لشخص باسم احمد بن ماجد یبدو مملاً و یتعلق بالممرات البحریة حول الجزیرة العربیة» («مرشد…»، 76). وبع الحرب العالمیة الأولی وفي العقد الثالث من القرن 20 م ازدادت العلاقة من جدید بین علماء روسیا وأوروبا، وتعرف کراتشکوفسکي في هذه الأثناء إلی نشاطات فران العلمیة حول الجغرافیا البحریة في القرن 15م. وقال ضمن إشادته بهذا النشاط: لقد استطاع فران أن یصل إلی نتائج قیمة بعلمه و تضلعه من لغات الشرق الأدنی ولغة الملایو و اللغة الهندیة و لغات الشرق الأقصی وعلاقتها باللغات الأوروبیة و المصادر الشرقیة. ثم یضیف: شعرت بالخجل لعدم اهتمامي بهذه المخطوطة (ن.ص). و عقد بعد ذلک صداقة مع فران، وتبین أن الأرجوزة الموجودة في المتحف الآسیوي تشتمل علی خط الملاحة و المعولمات المتعلقظ به؛ ویتعلق قسم منها بالملاحة في البحر الأحمر، و قسم آخر بالمحیط الهندي والقسم الثالث بالسفر إلی شرقي إفریقیا و تبین أیضاً أن هذه المخطوطة غیر موجودة في المکتبة الوطنیة بباریس و أثبت ذلک جواب فران لکراتشکوفسکي. وقد بادر فران إلی دراسة هذه المخطوطة و البحث فیها، و لکن الموت عاجله قبل القیام بهذا العمل فتوفي في 31 کانون الثاني 1935. ویتابع کراتشکوفسکي کلامه حول ذلک قائلاً: وبعد هذا تولی أحد تلامذتي الذي یتصف بالدقة و الموهبة هذا الأمر المهم (ن.ص). و هو شوموفسکي الذي تابع عمل أستاذه و قام بدراسة عدة مخطوطات لابن ماجد. ویقول شوموفسکي: حینما کنت أدرس في ربیع 1937م في جامعة لینینغراد الرسمیة قمت بدراسة نقدیة حول المخطوطات العربیة تحت إشراف کراتشکوفسکي، ولفت اهتمامي منذ ذلک الحین أراجیز ابن ماجد («ثلاث»، 67). وهکذا ازدادت مساعي هذا العالم في دراسة کتب ابن ماجد واستمرت.

وکان أحد بحوثه یتعلق بالراهنامجات الثلاث المجهولة لابن ماجد مرشد فاسکودي غاما في رحلته البحریة، التي نشرت مع ترجمة و شرح قام بهما معهد الاستشراق في المجمع العلمي للاتحاد السوفیتي في موسکو و لینیغراد سنة 1957م.

 

مصادر معلومات ابن ماجد

ازداد الاهتمام بالکوزموغرافیا في القرنین 7 و 8 هـ/ 13 و 14 م رغم المصاعب السیاسیة و هجمات المغول والتتار علی الشرق، و ذلک لحاجة التجار إلی البحر لنقل بضائعهم وظهور موسوعات جدیدة في هذا المضمار. وکانت هناک أهمیة کبری لآراء أحمد بن محمد بن کثیر الفرغاني الفلکي في عهد المأمون والمتوکل العباسیین و کذلک آراء أبي عبدالله محمد بن جابر بن سنان الحراني الصابي البتاني الفلکي في القرنین 3 و 4 هـ حول الخرائط الملاحیة حتی القرن 9 هـ /15 م. کما کان الملاحون یهتمون بقصص عدد ممن سبقوهم کالتاجر سلیمان و أبي زید السیرافي و حتی بکتاب عجائب الهند لبزرگ بن شهریار الربان الرامهرمزي في القرن 4 هـ/ 10م . و کان لدی الملاحین في الخلیج الفارسي المرشدات البحریة و کانت تحوي خبرة الربابنة في جمیع المسائل الملاحیة بما في ذلک دلائل الطرق البحریة. أضف إلی هذا قصص رحلات خواشیر بن یوسف بن صلاح الأرکي و مصنفات ثلاثة مؤلفین من العصر العباسي: محمد بن شاذان و سهل بن أبان و اللیث بن کهلان. فقد أفاد ابن ماجد من جمیع هذه الآثار و المدونات المذکورة و ربمبا من کتب لانعرف عنها ذلا القلیل. (کراتشکوفسکي، «الأدب»، 552). و کان الربابنة السیرافیون ذوي شهرة کبیرة في علم الملاحة و البحریة حتی عهد آل بویه، ولکن منذ هذا الوقت ضعف دور سیراف و هاجر جمع من أهالیها إلی عمان و لاسیما بعد زلازل عام 366-367هـ/977-978م المدمرة (فران، «عناصر»، 253-257). ثم لعبت عمان دوراً رئیساً في هذا المجال و قد أفاد أحمد بن ماجد ولاشک من علم الملاحین الإیرانیین و تجاربهم إفادة کبیرة یدل علی ذلک الاصطلاحات الملاحیة التي یتعلق أکثرها باللغة الفارسیة. یقول فران: وقع بصر ابن ماجد علی «رهنامج» في مجموعة من المخطوطات یمتلکها حفید أحد الملاحین یرجع تاریخها إلی 580هـ/ 1184م (ن.م، 169-209، «مدخل»، 223). و«الرهنامج» کلمة أصلها «رهنامه» بالفارسیة وردت في التآلیف مراراً، وقد ذکر الشاعر الفارسي نظامي گنجوي بعد 7 سنوات من تدوین «الرهنامج» المذکور وجود «رهنامج بحري» في ملحمة إسکندرنامه (إقبالنامه) (ص 700).

الصفحة 1 من2

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: