الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / ابن العلقمي /

فهرس الموضوعات

ابن العلقمي

ابن العلقمي

تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/28 ۱۴:۴۲:۴۶ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ العَلقَميّ، أبو طالب مؤید ‌الدين محمد بن محمد بن علي بن أبي طالب بن العلقمي (ح 591-656هـ/1195-1258م)، آخر وزیر عباسي، عده بعض المؤرخین إیرانیاً من قم (خواندمیر، 99)، فیما یری البناكتي أنه عربي یرجع في نسبه إلی أسد بن خزیمة (ص 73-74). وتوسع ابن الطقطقی في هذا الشأن وقال عنه إنه أسدي أصله من مدینة النیل بالعراق، وقد لقب جده بالعلقمي لأنه حفر النهر المسمی بالعلقمي بمحاذاة الفرات (ص 455).

كان ابن العلقمي سیاسیاً فاضلاً وشیعیاً متعصباً. ولد في 591هـ (الصفدي، 1/185)، قد أوردت بعض المصادر أنه توفي وله من العمر 63 أو 66 عاماً، ورجحت ضمنیاً ولادته في 590 أو 593هـ (علی سبیل المثال، ظ: الذهبي، 23/362).

اشتغل بالنحو والأدب في شبیبته بالحلة علی عمید الرؤساء ابن أیوب – من علماء الشیعة – ثم قدم بغداد فسمع الحدیث علی أبي البقاء عبد الله بن الحسین العُكبري، والتحق بعد ذلك بخاله عضد الدین أبي نصر المبارك بن الضحاك القمي وكان من أهل الفضل وكبار رجال الدولة العباسیة وأستاذ الدار لدی الخلیفة المستنصر. فأمضی فترة هناك، ثم استنابه في دیوان الأبنیة فتعلم الإنشاء ورسائل الدیوان. وعندما توفي عضد الدولة انقطع ولزم داره. وبعد فترة قصیرة استدعاه شمس ‌الدين أبو الأزهر أحمد بن الناقد عندما ولي الأستاذداریة. وظل ابن العلقمي مشرفاً علی دار التشریفات في بلاط الخلافة حتی شوال 629، حیث شارك في التآمر علی إقصاء مؤید ‌الدين القمي عن الوزارة. وفي 19 شوال 629هـ/8 آب 1232م ولي ابن الناقد الوزارة، فیما فوض الخلیفة الأستاذداریة إلی ابن العلقمي وخلع علیه (ابن الفوطي، 33-35؛ الصفدي، 1/186؛ ابن شاكر، فوات…، 3/254). واستمر في هذا المنصب لمدة طویلة، أي حتی نهایة خلافة المستنصر وبضع سنوات من خلافة المستعصم (ابن كثیر، 13/212). وبوفاة المستنصر أجلس شرف ‌الدين إقبال الشرابي وباقي أمراء الجیش المستعصم خلفاً لأبیه. وكان الوزیر ابن الناقد آنذاك مریضاً، فأذعن ابن العلقمي لذلك، مما أتاح له الاحتفاظ بمنصبه (هندوشاه، 355-356). وتوفي ابن الناقد بعد ثلاث سنوات فحل محله ابن العلقمي في 8 ربیع الأول 643هـ/3 آب 1245م. ودامت وزارة ابن العلقمي 14 عاماً، أي حتی انقراض الدولة العباسیة (ابن الجوزي، 8(2)/747؛ الغساني، 528؛ الصفدي، ن.ص؛ ابن شاكر، ن.م، 3/252).

ولم تكن فترة وزارة ابن العلقمي خالیة من الصراعات والتوترات لضعف المستعصم واضطراب الأوضاع ونزاع أصحاب المناصب. وكان أمراء الجیش وباقي كبار الشخصیات یقفون آنذاك موقف المعارض من الوزیر الذي كان علی المذهب الشیعي (وصاف الحضرة، 15). وفي 655هـ نشبت فتنة بین أهل السنة وسكان الكرخ – وهي محلة شیعیة ببغداد – وهجم أبو بكر نجل الخلیفة علی الكرخ انحیازاً لأهل السنة وارتكب مجزرة فظیعة بحق أهلها، كما قام بأسر بعض سادة بني هاشم (منهاج، 2/191؛ الذهبي 23/180؛ ابن خلدون، 5(5)/1149؛ ابن تغري بردي، 7/47-48). وعدّ خواندمیر هذا الحدث من حوادث عام 650هـ (ص 99). وحنق الوزیر من الهجوم الأموي لابن الخلیفة، لكن لم تكن بیده حیلة وغیر قادر علی مجابهته بشكل سافر. فأضمر في نفسه الغل، وكتب إلی السید تاج ‌الدين ابن صلایا الحسیني– وهو من كبار الأشراف آنذاك، وقیل إنه كان حاكماً لإربل – شارحاً له بأسی ما حدث (وصاف الحضرة، ن.ص؛ السبكي، 8/263). ولیس صحیحاً كما یبدو أن الخواجة نصیرالدین الطوسي الذي كان عند الإسماعیلیة بـ «ألَموت» بعث بقصیدة إلی المستعصم یمدحه فیها، مما حمل ابن العلقمي علی إخبار ناصر الدین المحتشم بذلك سراً، فقام بسجن الخواجة (وصاف الحضرة، 15-16؛ خواندمیر، 99-100)، لأن كلاً من ابن العلقمي والخواجة علی دین واحد ومتمسكان بالمذهب الشیعي.

وفي 654هـ قرر مجاهد ‌الدين الدواتدار الصغیر أن یخلع المستعصم عن الخلافة وینصب ولده الكبیر أبا العباس أحمد محله. وكان ابن العلقمي یعارض هذا التغییر، فأخبر الخلیفة بالأمر وأجهض المؤامرة. وقد أثارت هذه الحادثة اضطرابات في بغداد ومقتل بعض الناس، وأحمد فخر الدین الدامغاني صاحب الدیوان تلك الاضطراب (رشید الدین، 3/40-41).

وفي أیام المستعصم هاجم التتار بغداد مرات عدیدة، وكان الهجوم الأول في 643هـ، إلا أن عسكرهم كان متفرقاً ولم یقاتل تحت لواء قائد واحد، وقد فشل ذلك الهجوم علی ید شرف ‌الدين إقبال الشرابي وبتدبیر الوزیر (ابن أبي الحدید، 8/239-240). وفي ذي الحجة 655/ كانون الأول 1257 وصل هولاكو إلی ضواحي بغداد وطلب من الخلیفة أن یبعث إلیه ثلاثة من كبار رجال الدولة وهم الوزیر، وسلیمان شاه، والدواتدار، ثم یتبعهم بعد ذلك (رشید الدین، 3/54). وفي محرم 656 حاصر هولاكو بغداد، فسعی إلیه ابن العلقمي بمفرده (الجویني، 3/287؛ ابن الفوطي، 326)، فانتهز منافسوه ذلك وأشاعووا أن الوزیر یقف إلی جانب المغول وله مكاتبات معهم (رشید الدين، 3/47). ویقول وصاف الحضرة – الذي كان ینقل هذه الأحداث وهو ینظر إلی ابن العلقمي نظرة عدائیة – إن رسله كانوا یترددون علی هولاكو ویحثونه علی غزو بغداد (ص 16-17؛ أیضاً ظ: منهاج، 191؛ المقریزي، 1(2)/412). وبعد ذلك خرج الخلیفة والوزیر إلی هولاكو فقُتل الخلیفة بعد فترة یسیرة. أما ابن العلقمي فقد حظي باهتمام المغول وصارت داره مأمناً سلم فیها جماعة من سیف المغول الذي لایرحم (ابن الفوطي، 326، 329-330؛ رشید الدین، 3/58-59).

وعندما فرغ هولاكو من فتح بغداد والقضاء علی الخلافة، عین ابن العلقمي وزیراً، وفخر الدین الدامغاني صاحباً للدیوان، وعلي بهادر شحنة علی بغداد، وخرج هو من المدینة (الجویني، 3/292؛ رشید الدين، 3/63؛ ابن خلدون، 5(5)/1150). كما لایبدو صحیحاً قول وصاف الحضرة (ص 22-23) بأن هولاكو قد أقصی عنه ابن العلقمي بعد فتح بغداد، وإن ردّد بعض المؤرخین كلامه. واستمرت وزارة ابن العلقمي هذه المرة منذ 14 صفر وحتی الأول من جمادی الثانیة 656 حین وفاته (العزاوي، 1/201).

توفي ابن العلقمي في یوم الخمیس الثاني من جمادی الثانیة 656 (رشید الدين، 3/64؛ الغساني، 641؛ الأول من جمادی الثانیة)؛ فیما سجل كل من ابن الطقطقی (ص 458)، وهندوشاه (ص 360) وفاته في جمادی الأولی من العام المذكور؛ دفن في مقبرة الشیعة ببغداد (ابن كثیر، 13/213). ولیس صحیحاً ما أورده البعض (الصفدي، 1/185؛ ابن شاكر، فوات، 3/253) عن أنه توفي عام 657هـ/1259م، أو ما قیل عن هلاكه علی ید هولاكو (القلقشندي، 2/92)، أو أن أهل بغداد قطعوه إرباً إرباً (منهاج، 200)، ولم تؤید المصادر الأولی هذه الأقوال. خلف ابن العلقمي عدة أولاد منهم شرف ‌الدين أبو القاسم علي الذي حل محل أبیه وزیراً علی بغداد، وأشیر إلیه في أحداث تلك الفترة (رشید الدين، 3/62، 64؛ ابن الطقطقی، 456). وعز الدین أبو الفضل محمد وهو شاعر وكاتب وعالم، وخلف أشعاراً (الغساني، 574، 582، 588، 594)، ویبدو أنه توفي بُعید وفاة والده (الذهبي، 23/362). وأورد ابن الطقطقی اسم كمال ‌الدين أحمد بن الضحاك وهو ابن أخته، ونقل عنه أخباراً تتعلق بخاله (ص 457).

كان ابن العلقمي وزیراً خبیراً كفوءاً وذا بصیرة. حتی إن بعض مؤرخي السنة – الذین قبحوا سلوكه خلال عزو بغداد – یشیدون بكفاءته وخبرته بتدبیر الملك (ابن شاكر، ن.م، 3/252). وكان ابن العلقمي شخصیة مرنة یمیل إلی مسایرة المغول، لأنه أدرك من خلال وقوفه علی أوضاع الجند والأمراء وكبار رجال البلاط عدم مقدرتهم علی مجابهة الغزاة، ولهذا اختار الحل السلمي، ودعا الخلیفة إلی مداراة المغول تجنباً لإراقة الدماء. وهذا ماحدا بالمؤرخین إلی الاعتقاد بأن سلوكه إنما كان بوحي من أفكاره الشیعیة. وأورد بعضهم أنه كان حریصاً علی زوال الخلافة العباسیة ونقلها إلی العلویین (ابن شاكر، ن.م، 3/252-253؛ ابن العماد، 5/271-272؛ ابن تغري بردي، 7/47؛ السیوطي، 466).

وتحدث عنه بعض الكتّاب كمنهاج (ص 190 وما بعدها) بعبارات بذیئة (أیضاً ظ: وصاف الحضرة، 23)، في حین ذكره آخرون بخیر كابن الجوزي الذي توفي قبل واقعة بغداد (8(2)/747). ووصفه مؤرخو الشیعة شخصیة بارزة ومتدینة ومحبة للخیر. وبغض النظر عن آراء المؤرخین المتضاربة فیه، فقد كان دون شك متعصباً للمذهب الشیعي؛ فعمل فور وصوله إلی السلطة علی ترك الجمعات حتی بنی مدرسة للشیعة أقام فیها الجمعات (الذهبي، 23/183).

 

مكانته العلمیة

كان ابن العلقمي من فضلاء وعلماء عصره، شاعراً وأستاذاً في النثر العربي، كما كان ماهراً في الخط ومشجعاً للعلماء. وكانت له خزانة تضم 10,000 مجلد من نفائس الكتب (إقبال، 185). وحظي كل من ابن أبي الحدید شارح نهج ‌البلاغة المعروف وأخیه بدعمه. وقد صنف له هذا العالم شرح نهج البلاغة ونال منه هدایا قیمة (ابن أبي الحدید، 1/3-4؛ ابن الطقطقی، 456؛ هندوشاه، 358-359؛ آقابزرگ، 14/158-159). ولابن أبي الحدید أثر آخر یدعی السبع العلویات، وهو مجموعة قصائد أهداه إلی ابن العلقمي أیضاً (م.ن، 12/129).

وصنف رضي ‌الدين الحسن بن محمد الصغاني – العالم اللغوي آنذاك – لابن العلقمي كتابي مجمع البحرین والعباب الزاخر واللباب الفاخر (هندوشاه، 358؛ المیمني، 47-49). وكانت بینه وبین ابن طاووس العالم الشیعي المشهور صداقة (العزاوي، 1/262). وعندما ما قبض التتار علی ابن أبي الحدید وأخیه موفق ‌الدين في أحداث بغداد، وتعرضت حیاتهما للخطر، أنقذهما ابن العلقمي بصعوبة بالغة (هندوشاه، 359).

وهناك نموذجان من شعر ابن العلقمي (الصفدي، 1/185؛ ابن شاكر، فوات، 3/254، عیون…، 20/194). ویبدو من إشارة الفیض الكاشاني أن لابن العلقمي كتاباً في المناقب (4/253).

 

المصادر

آقا بزرگ، الذریعة؛ ابن أبي الحدید، عبد الحمید، شرح نهج البلاغة، تقـ: محمد أبو الفضل إبراهیم، القاهرة، 1378هـ/1959م؛ ابن تغري بردي، النجوم؛ ابن الجوزي، یوسف، مرآة الزمان، حیدرآباد الدكن، 1371هـ/1952م؛ ابن خلدون، العبر؛ ابن شاكر الكتبي، محمد، عیون التواریخ، تقـ: فیصل السامر وعبد المنعم داود، بغداد، 1400هـ/1980م؛ م.ن، فوات الوفیات، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1973م؛ ابن الطقطقی، محمد، الفخري، تقـ: هرتویغ درنبرغ، باریس، 1894م؛ ابن العماد، عبد الحي، شذرات الذهب، القاهرة، 1351هـ؛ ابن الفوطي، عبد الرزاق، الحوادث الجامعة، بغداد، 1351هـ؛ ابن كثیر، البدایة؛ إقبال، عباس، تاریخ مغول، طهران، 1364ش؛ بناكتي، داود، تاریخ، تقـ: جعفر شعار، طهران، 1348ش؛ الجویني، عطاء ملك، تاریخ جهانگشاي، تقـ: محمد قزویني، لیدن، 1355هـ/1937م؛ خواندمر، غیاث الدین، دستور الوزراء، تقـ: سعید نفیسي، طهران، 1355ش؛ الذهبي، محمد، سیر أعلام النبلاء، تقـ: بشارعواد معروف ومحیي هلال السرحان، بیروت، 1405هـ/1985م؛ رشید الدين فضل الله، جامع التواریخ، تقـ: عبد الكریم علي أوغلي علي زاده، باكو، 1957م؛ السبكي، عبد الوهاب، طبقات الشافعیة الكبری، تقـ: عبد الفتاح محمد الحلو ومحمود محمد الطناحي، القاهة، 1383هـ/1964م؛ السیوطي، تاریخ الخلفاء، تقـ: محمد محیي ‌الدين عبد الحمید، القاهرة، 1964م؛ الصفدي، خلیل، الوافي بالوفیات، تقـ: هلموت ریتر، بیروت، 1381هـ/1961م؛ العزاوي، عباس، تاریخ العراق، بغداد، 1353هـ/1935م؛ الغساني، الملك الأشرف، العسجد المسبوك، تقـ: شاكر محمود عبد المنعم، بغداد، 1395هـ/1975م؛ الفیض الكاشاني، المولی محسن، المحجة البیضاء، تقـ: علی أكبر الغفاري، قم، 1383هـ؛ القلقشندي، أحمد، مآثر الإنافة، تقـ: عبد الستار أحمد فراج، بیروت، 1383هـ/1963م؛ المقریزي، أحمد، كتاب السلوك، تقـ: محمد مصطفی زیادة، القاهرة، 1957م؛ منهاج سراج، عثمان، طبقات ناصري، تقـ: عبد الحي حبیبي، كابل، 1343ش؛ المیمني، عبد العزیز، «العباب الزاخر واللباب الفاخر»، مجلة مجمع اللغة العربیة بدمشق، 1380هـ/1961م، س 36، عد 1؛ هندوشاه بن سنجر، تجارب السلف، تقـ: عباس إقبال، طهران، 1357ش؛ وصاف الحضرة، عبد الله، تحریر تاریخ وصاف، تقـ: عبد الحمید آیتي، طهران، 1336ش.

علي آل‌داود/ت.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: