الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الجغرافیا / ابن الدلائي /

فهرس الموضوعات

ابن الدلائي

ابن الدلائي

المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/8 ۲۲:۰۲:۱۴ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ الدَّلائيّ، أبو العباس أحمد بن عمر بن أنس بن دَلهاث العُذري (393-478هـ/1003-1085م)، محدث وفقیه وحافظ ومؤرخ وجغرافي أندلسي. اشتهر بابن الدلائي لانتسابه إلی مدینة دلایة قرب ألمریة في الأندلس (السمعاني، 5/434)، كما اشتهر بألمريّ أیضاً لانتسابه إلی المریة (یاقوت، 4/517). كما أن اشتهاره بالعُذري كان لانتسابه إلی قبیلة عذرة، وقد صرح في كتاب ترصیع الأخبار في ملحق فصل عن إلبیرة وتوابعها، بأنه من ذریة زغیبة بن قطبة من قبیلة عذرة (عَدويّ الواردة لدی ابن حزم، 234، هي بلاشك تصحیف للعذري). وزغیبة الجد الأكبر لابن الدلائي كان من أنصار أبي أیوب ابن الخلیفة عبد الرحمن بن معاویة (تـ 172هـ/788م) من الأمراء الأمویین في الأندلس. وقام أثناء الخلاف الذي ظهر بعد وفاة عبد الرحمن بین هشام (تـ 180هـ/796م) وأخیه سلیمان، بتأیید سلیمان، ولكنه انضم فیما بعد إلی هشام وقیل إنه قتل. وكانت منازل أسرة وأجداد ابن الدلائي، دلایة (الأهواني، «ب»، 90-92) و جیّان وثغر الأندلس (ابن حزم، 400)، ویقول یاقوت (2/582) إن جده الخامس عمران كان أحد الثائرین علی الحَكم بالربض من قرطبة في 202هـ/817م.

تعلم ابن الدلائي مقدمات العلوم في مسقط رأسه، ویقول یاقوت إنه سمع الحدیث قبل سفره إلی المشرق من أبي محمد علي ابن حزم الأندلسي وأبي عمر یوسف ابن عبد البر (4/517). وفي 407هـ/1016م (ابن بشكوال، 1/66) أو في 408هـ (الذهبي، سیر، 18/567) سافر إلی المشرق مع أبیه وأمه وهو حَدَث ووصل إلی مكة المكرمة في 408هـ، فسمع من علمائها ومن جماعة غیرهم من المحدثین من أهل العراق وخراسان والشامات الواردین علی مكة. ودرس صحیح البخاري عند أبي ذر عبد بن أحمد الهروي، المعروف بالسمّاك (ابن بشكوال، 1/67) وصحیح مسلم عند أبي العباس أحمد بن الحسن بن بُندار الرازي (الذهبي، ن.ص)، ثم غادر مكة بعد أن أقام بها 8 سنوات (ن.ص) أو 9 سنوات (كراتشكوفسكي، 1/273). وذكر السمعاني أنه رحل إلی مصر أیضاً وسمع عن جماعة من علمائها (5/435)، في حین قال ابن بشكوال غیره إنه لم یسمع الحدیث بمصر عن أحد (1/67؛ یاقوت، الذهبي، ن.ص). روی ابن الدلائي بعد عودته إلی الأندلس الأحادیث ونشرها، وسمع هناك من العلماء والمحدثین الأندلسیین أمثال أبي علي الحسین ابن یعقوب البجّاني وأبي القاسم المهلب بن أبي صُفرة وغیرهما (الحمیدي، 1/299؛ ابن بشكوال، ن.ص).

وكان ابن الدلائي أكثر اهتماماً بعلم الحدیث منه بعلم التاریخ والجغرافیا، وعنایته بالحدیث تنهض في المقام الأول علی إقراء أمهات كتب الحدیث وخاصة الصحیحین، ففي تراجم الكثیر من علماء الأندلس في القرن 5هـ/11م یرد ذكر سماعهم الصحیحین علیه (الأهواني، «د»). وأشار ابن بشكوال (ن.ص) ویاقوت الحموي إلی أنه كان ثقة جلیل القدر عالي السند. وطال عمره فتتلمذ علیه الكثیرون وسمع منه كبار علماء الأندلس ورووا عنه حتی إن أمثال ابن حزم وابن عبدالبر –وكانا أستاذین له قبل سفره إلی المشرق– سمعا منه بعد عودته إلی الأندلس ورویا عنه (یاقوت، 2/582، 4/517)، ویقول الذهبي: ومن جلالته أن إمامي الأندلس ابن عبد البر وابن حزم رویا عنه (العبر، 3/290). نقل عنه ابن حزم في جمهرة أنساب العرب (ص 234) وابن عبد البر في كتاب الاستیعاب وفي غیره من تصانیفه (یاقوت، 2/582). ومن تلامذتته البارزین والمعروفین أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحمیدي (تـ 488هـ/1095م) الذي یقول: وسمعنا منه بالأندلس (1/214)، وأبو عبید البكري (تـ 487هـ) الجغرافي الأندلسي المعروف (یاقوت، 2/582) وقد رویا عنه أیضاً في كتبهما (ظ: الحمیدي، 1/213-217). فلا غرو أن یعد كتاب العذري مصدراً من المصادر الأساسیة لمصنف تلمیذه البكري في الجغرافیا (كراتشكوفسكي، 1/274). وتلمیذه الآخر هو أبو علي ابن سُكرة الصدفي (مقـ 514هـ/1120م) (الذهبي، سیر، 18/568). قال محمد بن علي بن الشبّاط (تـ 678هـ/1279م) مؤلف كتاب السمط نقلاً عن أبي حفص التوزري إن أبا علي ابن سكره قال انتهیت بالسماع من صحیح مسلم علی أبي العباس العذري في مسجد ألمریة شرقي الأندلس. وقال أبو علي ابن سكرة سمعت منه الحدیث ببلنسیة في 440هـ/1048م (الوزیر، 1(2)/398). ویتضح مما مرّ أن ابن الدلائي كان قد أقام حلقة الدرس في ألمریة وبلنسیة. وسافر أیضاً إلی سرقسطة، كما أشار هو إلی ذلك (ص 23).

 

آثاره

كان ابن الدلائي مؤلفاً دؤوباً غزیر الإنتاج، وأشار الحمیدي إلی أنه ألّف معظم آثاره في مكة (1/214). وذكر ابن خیر الأندلسي كتابیه افتضاض أبكار أوائل الأخبار فهرسة (ص 222، 431). ونسب إلیه یاقوت كتابین هما: أعلام النبوة ونظام المرجان في المسالك والممالك (2/582). ویبدو أن كتاب أعلام النبوة هو نفس دلائل النبوة الذي أشار إلیه الذهبي وغیره (سیر، 18/568؛ الیافعي، 3/122؛ ابن العماد، 3/358) وعُرف نظام المرجان بأسماء المسالك والممالك (الذهبي، ن.ص) والمسالك والممالك الشرقیة والمسالك والممالك الغربیة (الأهواني، «ز») والبلدان (الوزیر، 1(2)/398) أیضاً. وهذه الآثار مفقودة، وأثره الوحید الباقي: ترصیع الأخبار وتنویع الآثار والبستان في غرائب البلدان والمسالك إلی جمیع الممالك، وهو بالعربیة في الجغرافیا والتاریخ، توجد مخطوطته الوحیدة في مكتبة البدیري بالقدس وفي معهد المخطوطات العربیة التابع لجامعة الدول العربیة مصورة بالمكروفلم منه تضم 48 ورقة. طبع هذا الكتاب في 1965م بمدرید بتحقیق عبد العزیز الأهواني في 238 صفحة (تضمنت المقدمة، والمتن والهوامش والتعلیقات والفهارس العامة). ویقول المصحح إن هذا الكتاب هو القسم السابع من كتاب كبیر في الجغرافیا، ویؤید ذلك عبارة «السفر السابع» التي وردت علی صفحة العنوان. وهذا القسم من الكتاب في جغرافیا الأندلس وتاریخها (الأهواني، «هـ -و») ویتناول فیه المؤلف 9 مناطق من الأندلس. هي بلاد تُدمیر وبلنسیة وسرقسطة وإلبیرة وإشبیلیة ولبلة وشذونة والجزیرة وقرطبة، وورد في نهایة الكتاب قصیدة في مدح الخلیفة الناصر. وقد تحدث ابن الدلائي بأسلوب خاص في شرح جغرافیة هذه المناطق حیث ذكر أولاً اسم المنطقة أو قاعدة المنطقة ثم أسماء المدن والغرائب والعجائب والطرق والأقالیم وذكر في نهایة كل منطقة الفتن وأسماء متمردي تلك المنطقة واحداً بعد الآخر. وجاء الحدیث في هذا الكتاب أحیاناً عن القبائل المغیرة التي هاجمت تلك النواحي وتسلطت علیها أمثال قبائل مضر والیمانیة والتجیبیین وبني سلمة وحمدون. وأحیاناً عن هجمات المجوس وكذلك عن حكام المناطق المذكورة وأمرائها. ویبدو أن ابن الدلائي تناول الأحداث التاریخیة في هذا القسم من الكتاب بدءاً من الفتنة بین قبیلتي مضر والیمانیة وانتهاءً بأحداث عام 461هـ/1069م، زمن وفاة المعتضد العباد بن محمد بن العباد من حكام لبلة (ظ: ص 1-108). ویمكن تقسیم كتابه إلی قسمین: خص قسماً بالروایة عن الآخرین ویذكر في هذا القسم (ص 7) أسماء إبراهیم بن یعقوب الإسرائیلي الطرطوشي (كان حیاً في 354هـ/965م) وأبي عبد الله محمد ابن فورتش قاضي سرقسطة (ص 23) وأحمد بن محمد بن موسی الرازي (تـ 344هـ/955م) وابنه عیسی بن أحمد الرازي (تـ 379هـ/989م) وشخص مجهول یدعی الحكیم عبد الملك (ص 2، 49، 64، 87). ویشمل القسم الثاني من الكتاب انطباعاته الشخصیة ومشاهداته وحضوره في صلب الأحداث أو النقل عن أفراد شهدوها. ومنها القضایا المتعلقة بمدینة ألمریة (في معظم الصفحات) موطنه، وبني صمادح (ص 84 وما بعدها) وبالقضایا المتعلقة بحروب محمد بن أبي عامر (تـ 393هـ/1003م) في مدن الأندلس المختلفة، حیث تابعها حتی 376هـ/986م (ص 74 وما بعدها) وكذلك أحادیثه حول مجاري المیاه والینابیع والأنهار التي ذكرها في مادة بلاد تدمیر (ص 1). وبصورة عامة فإن دراسة كتابه تكشف عن میله الشدید إلی تصدیق العجائب والحرص علی إیرادها في كتابه، بحیث أنه وضع تحت مادة كل ناحیة عنواناً باسم الغرائب أوردها فیها الغرائب التي شاهدها أو رواها الآخرون (ص 89، مخـ). ویری الأهواني أن اعتماد ابن الدلائي في القضایا التاریخیة علی من سبقه من مؤرخي الأندلس أكثر من اعتماده علی مشاهداته (ص «ج»). والحقیقة فإن هذا الحكم ینطبق علی القسم الأول من الكتاب دون الثاني منه، إذا أن هذه المواضیع الیسیرة المستقاة من مشاهداته وتجاربه وانطباعاته الشخصیة قیمة جداً.

واعتبره كراتشكوفسكي متمیزاً علی ابن عبد البر ویقول إن معلوماته كذلك (1/273). ویقول الإدریسي في مقدمة نزهة المشتاق إن كتاب ابن الدلائي كان أحد مصادره (ص 5) وذكر یاقوت في معجم البلدان مادة كداء نقلاً عن ابن حزم مواضیع عن ابن الدلائي (4/241). ونقل زكریا القزویني من كتابه في آثار البلاد، ولاسیما ما یتعلق بإسبانیا وأوروبا الغربیة (ص 216) ومابعدها). وذكر حاجي خلیفة في مقدمة أثره جهان نما كتاب ابن الدلائي بوصفه واحداً من مصادره (كراتشكوفسكي، 2/632). وأفاد الجغرافیون المعاصرون من كتابه أیضاً، كخلیل إبراهیم السامرائي في كتاب الثغر الأعلی الأندلسي (ص 74 وما بعدها). ویری بعضهم أن ابن الدلائي توفي في بلنسیة (یاقوت، 4/518) وبعد أن صلی علیه ابنه أنس، دفن في مقبرة الحوض بألمریة (ابن بشكوال، 1/67).

 

المصادر

ابن بشكوال، خلف، الصلة، القاهرة، 1966م؛ ابن حزم، علي، جمهرة أنساب العرب، بیروت، 1403هـ/1983م؛ ابن خیر، محمد، فهرسة، تقـ: فرنسشكه قداره، سرقسطة، 1893م؛ ابن الدلائي، أحمد، ترصیع الأخبار وتنویع الآثار، تقـ: عبدالعزیز الأهواني، مدرید، 1964م؛ ابن العماد، عبد الحي، شذرات الذهب، القاهرة، 1350هـ/1931م؛ الإدریسي، محمد، نزهة المشتاق، تقـ: تشرولي وآخرون، روما، 1970م؛ الأهواني، عبدالعزیز، مقدمة وحواش علی ترصیع… (ظ: همـ، ابن الدلائي)؛ الحمیدي، محمد، جذوة المقتبس، تقـ: إبراهیم الأبیاري، بیروت، 1983م؛ الذهبي، محمد، سیر أعلام النبلاء، تقـ: شعب الأرنؤوط ومحمد نعیم العرقسوسي، بیروت، 1984م؛ م.ن، العبر، تقـ: فؤاد سید، الكویت، 1961م؛ السامرائي، خلیل إبراهیم، الثغر الأعلی الأندلسي، بغداد، 1976م؛ السمعاني، عبد الكریم، الأنساب، تقـ: عبد الرحمن بن یحیی المعلمي، حیدرآباد الدكن، 1385هـ/1965م؛ القزویني، زكریا، آثار البلاد، بیروت، 1404هـ/1984م؛ كراتشكوفسكي، إغناطیوس یولیانوفتش، تاریخ الأدب الجغرافي العربي، تجـ: صلاح‌ الدین عثمان هاشم، القاهرة، 1957م؛ الوزیر السراج، محمد، الحلل السندسیة، تقـ: محمد الحبیب الهیلة، تونس، 1970م؛ الیافعي، عبدالله، مرآة الجنان، حیدرآباد الدكن، 1337-1339م؛ یاقوت، البلدان.

علي رفیعي/ج.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: