ابن أبي الفیاض
cgietitle
1443/3/27 ۱۱:۲۰:۵۲
https://cgie.org.ir/ar/article/232578
1447/1/17 ۲۱:۵۵:۲۱
نشرت
2
اِبنُ أَبِي الفَیّاض، أبوبکر، أحمدبن سعید بن محمدبن أبي الفیّاض، الشهیر بابن الغَشّاء (ح 379-459هـ/989-1067م)، فقیه ومؤرخ في أواخر العصر الأموي وأوائل فترة ملوک الطوائف بالأندلس. لاتتوفّر معلومات دقیقة عن حیاته، وکل مالدینا أنه ولد في إستِجّة بجنوب غربي قرطبة، ودرس في شبابه علی یوسف بن عمروس الاستجي، ثم ذهب إلی المَریّة فسمع عدداً من الأساتذة کأبي عمر الطَلَمَنکي وأبي عمربن عَفیف والمهلّب بن أبي صُفرة وغیرهم (ابن بشکوال، 1/60؛ مورالس، 31) وکان أکثرهم فقهاء أو قضاة (ظ: م. ن، 32-31)، فوصل علی أیدیهم إلی مرتبة القضاء والفقاهة. وقد وصفه النُباهي (ص 80) وبعده ابن العذاري (2/128) بالفقیه والقاضي (قا: مورالس، 32). ومعذلک فإن شهرة ابن أبي الفیاض تعود علی الأغلب إلی ما ألّفه في التاریخ والجغرافیة. وقد أدّی دوره الکبیر في تدوین تاریخ الأندلس إلی جعله مدار بحث في القرنین الأخیرین.عاش ابن دبي الفیاض في عصر مضطرب موّاج، فقد کان یبلغ من العمر 24 عاماً حینما حلّت فترة الفتنة وانهار حکم الأسرة العامریة، وسقطت الخلافة المرکزیة، وبدأت الفترة المعروفة بملوک الطوائف في تاریخ الأندلس. وقد شاهد بنفسه جمیع هذه الفتن والاضطرابات وروها. وکان علی صلة برجلٍ کبیرٍ کابن حزم وربّما بابن حیّان والعذري أیضاً. یؤکد صلته بابن حزم و مجالسته له مارواه عنه مباشرة حول المنصور بن أبي عامر وإن کان من غیر الجلي زمان و مکان هذه الصلة (ابن الخطیب، أعمال، 77-78؛ النباهي، 81؛ قا: مورالس، 32-33). ولیس من المؤکد علاقته المباشرة مع ابن حیّان والعُذري، ولکن قیل أن ابن أبي الفیاض قضی فترة من حیاته في المریّة، ونحن نعلم أن الجغرافي المعروف العُذري کان من أهل هذه المدینة، ولذلک من المحتمل تعرفه علی العذري وهو الذی کان له باع في الجغرافیا أیضاً (قا: مؤنس، 107)، غیر أنه لاتوجد وثیقة تؤید ذلک. ومع هذا فقد أکد مورالس (ص 32) علی صلته بالعذري وابن حیّان واعتبر أنها کانت ذات تأثیر في تکوین شخصیته العلمیة.أهم آثار ابن أبي الفیاض کتاب تاریخي یدعی العبر، وهو مفقود حالیاً، ولکنه لفت أنظار المستشرقین في القرنین الأخیرین لأسباب سنذکرها فیما بعد. وکان میخائیل الغزیري (1710-1791م) أول من لاحظ وجود نص تاریخي في ثلاث ورقات اندرجت في مخطوطة من الحلّة السیراء، أثناء إعداده فهرساً للمخطوطات في مکتبة الإسکوریال. وقد وردت في أول ورقة عبارة «قال أحمد» فظنّ خطأً أن النص للمؤرخ الأندلسي أحمد الرازي (274-344هـ) (ظ: ESC1, II/319-320؛ قا: ابن أبي الفیاض، 44-45)، هذا بارغم من أن تتمة هذه العبارة کانت «قال أحمدبن أبي الفیاض» (ظ: م. ن، 52). ویبدو أن الغزیري لم ینتبه إلی أن الرازي توفي في النصف الأول من القرن 4 هـ فکیف استطاع أن یتحدّث مثلاً عن فترة الفتنة أو «أیام المنذر بن یحیي التجیبي»، أي عن حوادث القرن الخامس الهجري (ظ: م. ن، 46؛ قا: موالس، 34). وعلی کل حال فقد نشر الغزیري أقساماً من نص الأوراق الثلاث هذه التي کانت بالخط المغربي والمندرجة في المخطوطة رقم 1654 بمکتبة الإسکوریال، مع ترجمتها اللاتینیة، دون أن یقف علی هویة المؤلف الحقیقیة (ظ: ESC1, II/319-326). وفي مطلع القرن 19م أشار المؤرخ الإسباني کنده إلی وجود اسم أحمدبن أبي الفیاض في هذه الأوراق (ظ: مورالس، 35-34). غیر أن دوزي کان أول من لاحظ هذا الخطأ (ص24-23) وأشار إلی خطأ رأي الغزیري، وذهب إلی احتمال أن النص المذکور من تاریخ ابن أبي الفیاض أو کتاب ألف بعده، ونقل فیه عن ابن أبي الفیاض (قا: مورالس، ESC2, III/188-189; 35). وبعد فترة أشار غایانغوس (ص 10) وعدد من الباحثین الآخرین منهم جنثالث پالنثیا (ص 212) وحسین مؤنس (ص 106) إلی خطأ الغزیزي وذکروا أن النص المذکور جزء من کتاب العبر لابن أبي الفیاض (قا: مورالس، 35). و نتقد ملتشور أنطونیا في بحثه، مختلف الآراء التي وردت حول ذلک و منها رأي دوزي، وترجم النص المذکور إلی الإسبانیة (ظ: ESC2, III/189؛ مورالس، 36-35).وکان مورالس آخر عالم بادر إلی البحث حول ابن أبي الفیاض وجمع آثاره، وأدرج النص الذي ورد في الأوراق الثلاث في القطع المتفرقة التي عثر علیها في المصادر المختلفة من العبر، ونشرها مع ترجمتها الکاملة بالإسبانیة مع مقدمة وحواش في مجلة «کراسات تاریخ الإسلام» (ص 127-29). والقضیة الثانیة موضوع کتاب العبر و بعبارة أصح تحدید الإطار التاریخي والجغرافي المطروح فیه. ولکن من غیر الممکن تحدید موضوعه بدقة لأن الکتاب مفقود ولا تتوفّر منه سوی روایات و أجزاء متفرقة، فابن بشکوال (1/60) لم یذکر سوی أن ابن أبي الفیاض ألّف کتاباً في «الخبر والتاریخ». وأشار المراکشي (ص 372) إلی أنه ألّفکتاباً في التاریخ موضوعه «أخبار قرطبة». وذکر ابن الأبار (2/10) والمقّري (3/182) أنه ألّف کتاب العبر، کما ذکر له ابن أبي زرع کتاب النیر والذي هو کما یبدو تصحیف لکلمة العبر (قا: دوزي، 76؛ ظ: ابن أبي الفیاض، 62). واقتصرت بقیة المصادر إما علی ذکر «کتاب» له دون ذکر اسمه أو موضوعه أو روت عنه بذکر «قال ابن أبي الفیاض» دون إشارة إلی کتابه. وبناء علی هذا لم یذکر الإِطار التاریخي والجغرافي لحدود مواضیع هذا الکتاب بصراحة سوی المراکشي الذي أشار إلی أن موضوع العبر هو «أخبار قرطبة». ولاشک في أن هذه المعلومات المختصرة التي أوردها الکتّاب القریبون من عهد ابن أبي الفیاض والذین کان من المفروض أن یعرفوا کتاب العبر حق المعرفة، تدفع إلی احتمال أن أصل هذا الکتاب فُقد بسرعة، ولم یستطع مؤرخو ذلک العصر أن یرووا منه إلا بصورة غیرمباشرة (ظ: مورالس، 36). ومع ذلک ربّما أمکن الیوم وضع الإِطار التاریخي والجغرافي لحدود مواضیعه بصورة تقریبیة و ذلک بدراسة الأجزاء التي عثر علیها منه. وقد بادر مورالس الذي نشر البقایا المنقحة من العبر، إلی تقسیم 30 قطعة قصیرة وطویلة وردت فیه إلی أربعة أقسام حسب الموضوع تتفق مع 4 فترات من تاریخ الأندلس: القسم الأول، و یشتمل علی 12 قطعة، تتضمن مقدمة تاریخیة وأسطوریة عن الأندلس وفتح المسلمین لها و فترة الولاة (96-138هـ/715-755م) (ظ: ابن أبي الفیاض، 40-52)، وقد وردت المعلومات المذکورظ في الأوراق الثلاث المتعلقة بمکتبة الإسکوریال في هذا القسم أیضاً (ن. ص). القسم الثاني، ویشتمل علی 6 قطع، وتدور حول فترة الإمارات (138-316هـ/ 755-928م) (ظ: م. ن، 53-56). القسم الثالث، ویشتمل علی 10 قطع، ویتعلّق بفترة الخلاقة وعصر العامریین (316-422هـ/928-1031م) (ظ: م. ن، 56-65). القسم الرابع، ویشتمل علی قطعتین، ویدور حول فترة ملوک الطوائف في شرق الأندلس واشبیلیة (422-484هـ/1031-1091م) (ظ: م. ن، 65-67). فإذا اعتبرنا هذه القطع عامة نموذجاً تخطیطیاً لأصل الکتاب أمکن الاستنتاج أن موضوع کتاب العبر هو تاریخ الأندلس منذ أوائل فتح المسلمین لها في أواخر القرن الأول الهجري حتی أواسط العصر الأول لفترة ملوک الطوائف في القرن الـ 5 هـ، أي أواخر حیاة ابن أبي الفیاض. وقد أبدی المستشرقون الذین أدرکوا هذه النقطة نفس هذا الرأي تقریباً. فذکر دوزي (76-75) وبعده بونس بویغس(ظ: مورالس، 37-36) أن العبر یشتمل علی تاریخ الأمویین والقرن الـ 5 هـ/ 11م في الأندلس، أما سانتشز آلبورنوز (ظ: م. ن، 37) فقد استنتج مندراساته أن الحدود التاریخیة لمواضیع هذا الکتاب کان منذ أوائل فتح الأندلس حتی النصف الثاني من القرن الـ 5 هـ. ولم یعرف من مصادر ابن أبي الفیاض سوی عبدالملک بن حبیب (ظ: ابن أبي الفیاض، 48) وابن قوطیة (ظ: مورالس، 37) وابن حزم (ظ: ابن أبي الفیاض، 58، 60)، کما یستند في بعض المواضع أیضاً الیروایة أفراد یشیر إلیهم بـ «بعض من رویتُ عنه» (ظ: م. ن، 59) و «أحد إخواني» (ظ: م. ن، 64). وهذا یدلّ علی أنه کان یورد حوادث عصر کان یعیش فیه أي أواخر فترة الخلافة وأائل فترة ملوک الطوائف، إما مباشرة أو روایة عمّن شاهد هذه الحوادث (قا: مورالس، 37).وإضافة إلیأن کتاب العبر لابن أبي الفیاض کان مصدراً للکثیر من المؤرخین و المؤلفین بعده کالمراکشي (ص 372) و ابن الأثیر (9/286) وابن الأبار (1/217-218، 2/10-12، 312-313) وابن خلّکان (6/145) وابن شبّاط (ظ: ابن أبي الفیاض، 40-44) وابن العذاري (2/128، 129) وابن أبي زرع (ص 94، 115) وابن الخطیب (الاحاطة، 1/486-487، 3/280، أعمال، 7-8، 77-78، 193-194)، والنُّباهي (ص 80-83) والمقّري (2/10-11)، فق ساعدت القطع التي عثر علیها منه في الأوراق الثلاث المؤخین والباحثین المعاصرین أیضاً في دراساتهم، ککندة وساآڤدرا و دوزي (ظ: مورالس، 39).وأثر ابن أبي الفیاض الآخر المفقود والذي کان موضع بحث ومناقشة کأثره الأول، هو کتاب جغرافي یدور حول «المسالک والممالک» لم یشر إلیه سوی المراکشي (ص 346). ورغم أن بعض الباحثین کدوزي (ص 76) وبونس و سانتشز آلبورنوز (ظ: مورالس، 33) وجنثالث پالنثیا (ص 212) أیّدوا قوله، غیر أن حسین مؤنس (ص 106-107) استنتج من عبارة «تمّ الجزء الأول» التي وردت في هامش أول ورقة من مخطوطة الإسکوریال (ظ: ابن أبي الفیاض، 45) أن القسم الأول من کتاب العبر الذي ختم بهذه العبارة هو نفس الکتاب الجغرافي الذي أشار إلیه المراکشي ویعدّ في الحقیقة مقدمة العبر الجغرافیة، وهي مفقودة حالیاً ولکن لابد من النظر في هذا الرأي، ذلک أن العبارة السالفة لاتشیر بدقة إلی جزء بعینه ولا إلی محتویاته أیضاً. کما أن السطور التي قبلها وبعدها تحدّثت عن الوقائع التاریخیة المتعلقة بفتح المسلمین للأندلس 0ظ: مورالس، 33).
ابن الأبار، محمدبن عبدالله، الحلّة السیراء، تقـ: حسین مؤنس، القاهرة، 1963م؛ ابن أبي زرع، علي بن عبدالله، الأنیس المطرب بروض القرطاس، الرباط، 1972م؛ ابن أبي الفیاض، أحمدبن سعید، أجزاء من العبر (ظ: ما، مورالس)؛ ابن الأثیر، الکامل؛ ابن بشکوال، خلف بن عبدالملک، الصلة، القاهرة، 1966م؛ ابن الخطیب، محمد ابن عبدالله، الإحاطة، تقـ: محمدعبدالله عنان، القاهره، 1375-1395هـ/ 1955-1975م؛ م. ن، أعمال الأعلام، تقـ: لیفي بروفنسال، بیروت، 1956م؛ ابن خلّکان، وفیات؛ ابن العذاري، أحمد بن محمد، البیان المُغرب، تقـ: کولن و لیفي بروفنسال، لیدن، 1951م؛ جنثالث پالنثیا، آنخل، تاریخ الفکر الأندلسي، تجـ: حسین مونس، القاهرة، 1955م؛ المراکشي، عبدالواحد، المُعجب، تقـ: محمدسعید العریان ومحمد العربي العلمي، القاهرة، 1949م؛ المقّري التلمساني، أحمد بن محمد، نفح الطیب، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1388هـ/1968م؛ مؤنس، حسین، تاریخ الجغرافیة والجغرافیین في الأندلس، مدرید، 1386هـ/1967م؛ النُّباهي، علي بن عبدالله، تاریخ قضاة الأندلس، تقـ: لیفي بروفنسال، القاهرة، 1948م؛ وأیضاً:
Dozy, R. P.A., introd. Al-Bayano’l-Mogrib, Leiden, 1848-1851; ESC1; ESC2; Gayangos, Pascual, Memoria, Madrid, 1852; Morales, C. A., «Aproximacion a la Figura de Ibn Abī-l-FayyāĐ y su obra historica», Cuadernos de historia del Islam, Granada, 1978-1979, vol. IX.مهران أرزنده
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode