الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفلسفة / الابصار /

فهرس الموضوعات

الابصار


تاریخ آخر التحدیث : 1443/2/14 ۱۲:۵۲:۵۰ تاریخ تألیف المقالة

اَلإبصار، مصدر علی وزن إفعال من فِعل «بَصُر». و هو في الإصطلاح إحدی الحواس الخمس الظاهریة وأهمُّها (أرسطو، 3) أو واحدة من أهمها، وکان الإبصار و حصوله من المسائل التي تحدّث عنهما الفلاسفي و العلماء باعتبار مدلولاتها المختلفة. کما أن هذه المسألة لاتزال موضع بحث و دراسة في الفلسفة العامة والطبیعیات و علم النفس و المناظر و المرایا.
ورغم أن للبحث حول مسألة الإبصار جذوراً في الفلسفة الیونانیة، غیر أن الفلاسفة المسلمین و علماءهم ولاسیّما ابن سینا و ابن الهیثم لم یهتموا بالجانب النطري و المیتافیزیقي منه فقط، بل إنهم و بخاصة ابن الهیثم أبدوا أهمیة بالناحیة الفیزیائیة أیضاً، ومع ذلک انصب أکثر اهتمام الفلاسفة المتأخرین کشهاب‌الدین السهروردي وصدرالدین الشیرازي علی الناحیة المیتافیزیقیة للإبصار. و یذکر الفارابي أن لکل من الفیلسوفین الکبیرین أفلاطون و أرسطو نظریة في الإبصار أصبحت فیما بعد أساساً لنظریات أکثر الفلاسفة المسلمین. فیری أفلاطون «أن الإبصار إنما یکون بخروج شيء من البصر و ملاقاته المبصَر»، ممّا یؤدي إلی رؤیته؛ وقد أَطلق فیما بعد مفسر و أفلاطون علی هذا الشيء الذي یخرج من العین اسم «الشعاع» و سمّوا نظریته نظریة الشعاع. أما أرسطو فیعتقد بأن الإِبصار یکون بانفعال من البصر بالمبصرات و یحصل منها انطباعها في العین، ولذلک عرفت نظریة أرسطو بالإنطباع (الفارابي، 91-94). وأطلق صدرالدین الشیرازي علیها اسم نظریة «الطّبیعیین» وأشار بناء علی هذه النظریة إلی أن ظل الشيء المرئي ینطبع في الجلیدیة کما تنعکس صور الأشیاء في المرآة (4(1)/178). ویقول الفارابي (ن. ص) إن الاختلاف الذي یشاهد بین النظریتین یرجع إلی تحریف المفسرین والشراح لأقاویل أفلاطون و أرسطو و أنهما في الواقع نظریة واحدة ولکن قیلتا بعبارات و تعابیر مختلفة، ورغم هذا القول فقد نظر الفلاسفة في الفلسفة الإسلامیة إلی کلّ منهما باعتبارها مختلفة عن الأخری. و یری ابن سینا الذي یعتبر من أهم اتباع أرسطو والمدافعین عنه أن في نظریة الشعاع الأفلاطونیة مذهبین:
1. أن شعاعات متصلة تخرج من البصر بشکل مستقیم و بعد أن تلتقي المبصَر تتغیر زاویتها بسرعة یعبر عنها بـ «لافي زمان» و تصبح علی هیئة مخروط. ویطلق علی هذه النظریة، نظریة «الشعاع الخطي». والنقطة المهمة هنا أن هذه الشعاعات إن سقطت علی المرئیات بشکل مستقیم و بدون واسطة، کانت الرؤیة محدودة، ولذلک قیل أن هذه الشعاعات تلتقي سطح المرئیات بواسطة الهواء لتعلیل رویة نصف الکرة في لحظة واحدة (ابن سینا، الطبیعیات، (6)/102).
2. أن شعاعات تخرج من البصر علی هیئة مخروط یلي رأسه العین وقاعدته المبصَر و تلتقي سطوح الأجسام. و یری أنصار هذه النظریة أنالنظریة الأولی غیر صحیحة لأنه بافتراض خروج «الشعاعات الخطیة» لایمکن للعین أن تری جمیع الأجسام التي تقع في نطاق خاص، بینما إن اقترض خروج مجموعة الشعاعات مخروطیة اشکل، فعندئذ یمکن رؤیة جمیع المبصرات لاواقعة في نطاق العین مرة واحدة، وبما أنه لایوجد تأخیر زماني في إبصار تلک المبصرات فقد قیل عن حرکة تلک الشعاعات «سرعة لافي الزمان» (ن. م، (6)/102-105). ویری صدرالدین الشیرازي (4(1)/178) الذي أطلق علی نظریة الشعاع نظریة علماء الریاضیات أنه کما لایخرج شيء من سائر الحواس (ابن سینا، ن.ص) لتلتقي المحسوسات والمدرکات الحسیة و تؤدي إلی حصول الإحساس، فإنه لایخرج شعاع من العین، بل ینطبع ظل من المبصر علی جلیدیة العین، ولاشک في أن هذا الإنطباع بحد ذاته لایسبب الإبصار، بل إن صورتي المبصّر اللتین تنطبعان الجلیدیتین وتنتقلان إلی مکان تلاقي أعصاب الجلیدیة، وتتحد فیظهر شبح أو صورة واحدة حیث یتلقّاه بطن أو جوف الدماغ الداخلي (نقطة الحس المشترک) ویحوله إلی الباصرة لیتحقق الإبصار، ولذلک لایری الشيء الواحد شیئین. فالقوة الباصرة في مرحلة الإبصار فائض الحس المشترک، والحس المشترک مدبّرها (ن.م، (6)/132-134).
وینتقد أبوریحان البیروني نظریتي «الشعاع» و «الإنطباع» کلتیهما انتقاداً شدیداً، وبعد أن یعتبر «الإنطباع» نظریة فلسفیة محضة و تتصل بالمباحث النفسانیة والموهومات (ص 3)، یؤاخذ ابن سینا علی دفاعه عن أرسطو لظنه بأن نظریة «الشعاع» له أیضاً، و یشیر إلی أن الشعاع ینعکس إذا التقی جسماً صقیلاً، فکیف یمکن للعین بناءً علی أساس نظریة اشعاع رؤیة الأشیاء تحت الماء و هي شيء صقیل؟ وقد ذکر ابن سینا أن نظریة الشعاع هي لأفلاطون، وهذا النقد موجّه إلیه. واعتبر ابن سینا تبعاً للفارابط أن نظریتط الشعاع و الإنطباع متقاربتان و أشار إلی أن الهواء الشفاف الذي علی سطح الکرظ الأرضیة یتلقی ألوان و أشکال المبصَرات، و بما أن الهواء یمس الجلیدیة ففإآن رطوبتها تنفعل أیضاً، وتتلقی هذه الأشکال فیحصل الإبصار بعد طي عدة مراحل. و بناء علی هذا فإن الماء الذي هو جسم شفاف أیضاً، کالهواء لایمنعمن الإبصار (ظ: دهخدا، 56-57). وقد ذکروا شروطاً لحصول الإبصار یمکن الإشارة إلی بعضها و هي عدم البعد أو القرب الزائدین بین البصر والمبصَر و عدم الصغر المفرط للمبصَر أي الجسم المرئي و مواجهة المبصَر لجلیدیة العین، وإن یکون المبصَر مضیئاً أو مستضیئاً. وعدم الشفافیة الزائدة في المبصَر (ابن سینا، ن.م، (6)/79-81؛ الفارسي، 1/18، 19). ولابد من التنویه إلی إشکالات و شبهات طرحت علی نظریتي الشعاع والإنطباع خلال تاریخ الفلسفة الاسلامیة، وتعود بعض هذه الاشکالات إلی مسألة النور و الشعاع والسؤال عن کونها جوهراً أو عرضاً أو کیفاً أو کمّأ، ویتعلق البعض الآخر بکیفیة انطباع الأجسام الکبیرة والکواکب المتعددة «في وقت واحد» رغم بعدها عن العین (السهروردي، 2/99-103؛ ابن سینا، ن. م، (6)/103-108، 132-138؛ دهخدا، 56، 64). ویبدو أن هذه الشبهات أثارت الذهنیة التجریبیة لابن الهیثم للکشف عن الحقیقة ووضع نظریة جدیدة، فبعد أن ردَّ النظریات السابقة (نظیف بک، 1/93، 2/590-592) أیقن أنه بحاجة إلی التجربة والإستقراء لمعرفة کیفیة الإبصار (الفارسي، 1/14). ولذلک استنتج ابن الهیثم بعد الحدیث عن طبقات العین (نظیف بک، 1/205-216) و دراسة الإبصار من أوجه النظر المختلفة وبأشیاء عدیدة أن الإِبصار یتم أولاً بواسطة الجلیدیة، وأن جمیع طبقات العین تلعب دور الواسطة فقط. ثانیاً تشعمن جمیع نقاط المبصر شعاعات علی سطح القرنیة مقابل انسان العین، حیث تمر منهما و من رطوبة البیضیة وانسان العین، وتصل إلی نقطظ معینة من سطح الجلیدیة الأمامیة، وتؤدي إلی الإِبصار، وهنا لابد من الإشارة إلی أن هذه الشعاعات تلتقی کلها – بعد العبور من الطبقات التي تسبق الجلیدیة – في النقطة التي تتوجّه إلیها في الجلیدیة (الفارسي، 1/61، 82، 304؛  نظیف بک، 1/217-219). وهذه النظریة مع أنها کان یمکن لها أن تمهّد الطریق أمام العلماء والفلاسفة فیما بعد، لکن إخوان الصفا لم یقبلوا نظریة الإنطباع إلّا بالشکل الذي فسّروه بأنفسهم فقط، بل ذهبوا أیضاً إلی أن الجلیدیة ترسل صورة الجسم بعد أن تتأثّر به إلی القوة المتخیلة لیتمالإِبصار (الرسائل، 2/408-409). وبعبارة أخری فإن القوة المتخیلة هي سبب حصول الإِبصار والقوة الباصرة هي في الحقیقة آلة تمثّل دور الوسیط لاغیر. وأما نظریة شهاب‌الدین السهروردي الذي أقام أساس فلسفته علی النور والإِشراق هي أیضاً تدعو إلی التأمّل رغم الجانب المیتافیزیقي فیها، لأنه رد کلتي نظریتي الشعاع والإنطباع واعتبر الإِبصار من إشراقات النفس. فهو یری أنه کلّما و قع جسم مقابل البصر یفیض علی النفس التي هي مدبّرة الجسم إشراق حضوري یسبب الإبصار، سواء کان نوع هذا الإبصار إشراق النفس علی الأشیاء الخارجیة أو ظلّها أو صورها في المرآة أو الأجسام الصقیلة، ولذلک فهو یعتقد أن الأنبیاء والأولیاء یستطیعون عن هذا الطریق الإتصال بعالم المثل ویطّلعوا علی الغیب بواسطة النور الإِسفهبذي (ظ: 2/99-103، 134، 150-153، 211-216)، ومن الطبیعي أنه کان لهذه النظریة التي هي إشراقیة محضة أثر في آراء الفلاسفة الإِشراقیین فیما بعد. ورغم أن صدرالدین الشیرازي ردّ هذه النظریة بصراحة (4(1)/179) غیر أنه تأثر بها ایضاً. فهو یری أن حصول الإبصار یتم بإیجاد صورة شبیهة بالمبصر تظهر للنفس في عالم الملکوت بقدرة اللَّه تعالی، ولاشک في أن قیام تلک الصورة المثالیة في النفس هو کقیام الفعل بفاعله. ویقول في موضع آخر إن من شروط الإبصار الحاجة إلی الباصرة ووجود الصورة الطبیعیة [العینیة والمادیة] والوضع الخاص بین المبصر والبصر و عدم وجود حجاب بینهما، ذلک أنه بالرغم من أنوجود النفس غیر وجود الیدن، لکن الفعل والإدراکات تحتاج إلی الجسم ولذا فرغم أن النفس تحتاج في الإبصار إلی البصر غیر أن إدراک النفس البصري لایتم بالباصرة (م. ن، 3(1)/424، 425؛ قا: أحمد نگري، 1/19-21).

المصادر

ابن سینا، الشفاء، الطبیعیات، تقـ: إبراهیم مدکور، قم، 1405هـ/1985م؛ أبوریحان البیروني، محمد بن أحمد، إفراد المقال في أمر الظلال، حیدرآبادالدکن، 1367 هـ/ 1948م؛ أحمد نگري، عبدالنبي، دستورالعلماء، تقـ: قطب‌الدین حیدرآبادي، حیدرآباد الدکن، 1329-1331هـ؛ أرسطو، متافیزیک، تجـ: شرف‌الدین خراساني، طهران، 1366ش؛ دهخدا، علي‌أکبر، شرح حال نابغۀ شهیر إیران أبوریحان، طهران، 1352ش؛ رسائل إخوان الصفا، بیروت، دار صادر؛ السهروردي، شهاب‌الدین، حکمة الإشراق، طهران، تقـ: هنري کوربن، طهران، 1397هـ: صدرالدین الشیرازي، الأسفار، طهران، 1378هـ، 1958م؛ الفارابي، أبونصر، الجمع بین رأیي الحکیمین، تقـ: البرت نصري نادر، بیروت، دارالمشرق؛ الفارسي، کمال‌الدین، تنقیح المناظر، حیدآباد الدکن، 1348هـ/ 1929م؛ نظیف بک، مصطفی، الحسن بن الهیثم، القاهرة، 1361هـ/ 1942م.

جعفر سجادي
 

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: